أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الصور والتشكيل في ديوان -منسي على الرف- عامر بدران














المزيد.....

الصور والتشكيل في ديوان -منسي على الرف- عامر بدران


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6873 - 2021 / 4 / 19 - 18:41
المحور: الادب والفن
    


الصور والتشكيل في ديوان
"منسي على الرف"
عامر بدران
الجميل في الأدب أنه يقدم التعب/اليأس بصور جميلة، وهذا الجمال يمتع القارئ مع إيصال فكرة الألم له، اللافت في هذا الديوان قدرة الشاعر على الرسم والتشكيل والخروج على ما هو مألوف، فهو يخترع حركات وأفعال ومشاهد مدهشة، فعلى سبيل المثل يقوم في قصيدة "لو كنت أقدر":
" لو كنت أقدر أن أحرك وحدتي
لجررتها، من مكتبي، نحو السرير
ونمت مخمورا علي،
وما انتبهت إلى الجهات" ص11، إذا ما توقفنا عن هذه الصورة سنجد أن الوحدة مؤنث، وهو يريدها للمذكر/للسرير، لكنه هو الرجل/الذكر لا يقدر عليها، فبدت الأنثى/الوحدة متمردة على الشاعر وأيضا هو أعجز من تطويعها.
ونلاحظ أنها موجودة في مكان مذكر/مكتبي، ومكان تطويعها أيضا جاء من خلال مذكر/السرير، لكن مفهوم المكتب محتشم، بينما السرير فاحش، فبدت الأنثى/الوحدة أقوى من كل الذكور المحيطين بها، ومن ضمنهم الشاعر.
وهذا العجز لا يقتصر على الحركة بل يطال مشاعر الشاعر وأحاسيسه، يقول في قصيدة أقترب الآن من الخمسين":
"...
ما طعم الحب،
وهل في القلب مكان لامرأة أخرى؟
وماذا أفعل إن جاءت،
وأنارت في القلب عماه؟
وكيف أجيب إذا نادتني:
"عماه" ص18،
نلاحظ أن الشاعر مهتم بالأنثى/بالمرأة، لهذا يذكرها، أليست هي أهم عناصر الفرح/التخفيف التي يلجأ إليها وقت الضيق؟، لهذا أقرنها ب"وأنارت"، لكن مشاعره تحول دون الوصول إليها، ونلاحظ أن الشاعر يضع المرأة في مكان مذكر/القلب، بمعنى ما زال يعيش حالة الذكورة وما تحمله من سطوة وقوة، لكن عجز مشاعره تحول دون الوصول إليها، ففي الصورة الأولى كان عجزه (حركيا)، وفي الثانية (تفسيا)، وهذا ما يعمق جراحه أكثر.
حالة اليأس تتفاقم أكثر عند الشاعر، حتى أنه يبدو كسيح لا يقوى على الحركة، يقول في قصيدة "أكسل مني":
ليل لا يبصر ما أبصر.
لا يسمع فرقعة الخيبة في رأسي
لا يمتد لأغفو.
لا يقصر،
كي أخرج ممتنا لصباح آخر،
أو يأكلني الندم
ليل أكسل مني،
يصحب جسدي فيه الألم" ص22، القسوة في هذا المقطع لا تقتصر على الفكرة فحسب، بل تطال الألفاظ أيضا وتكرار حرف "لا" أربع مرات، كما أن طغيان ذكورية الألفاظ فيه:" ليل (مكرر)، رأسي، يمتد، يقصر، أخرج، يأكلني، الندم، يصحب، جسدي" فهيمنة ألفاظ المذكر السلبية انعكست على المؤنث "فرقعة، الخيبة" لتكون مثلته في الشدة والقسوة.
حالة العجز الجسدي يقدمها الشاعر بطريقة مذهلة ولافتة في قصيدة "وطواط":
"مقلوبا مثل الوطواط
على سقف مغارته
مقلوب،
وأفكر بمهارته،
الأرض سمائي،
لكن
لا يمطر للأعلى مائي" ص23، الإيحاء الجسدي يكمن في الفظ المؤنث "مغارته" والذي يعجز الشاعر عن سقيه/ا "بمائي/ه"، وإذا ما توقفنا عند الألفاظ المذكر: "مقلوبا، الوطواط، سقف، مقلوب، يمطر، مائي" سنجدها تتفوق بعددها على المؤنث، الذي اقتصر حورها على: "الأرض، سمائي" لكن هناك جمع/تزاوج بين المذكر والمؤنث في "مغارته، بمهارته" وهذا يشير ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى رغبته بالجماع ـ لكن يفاجئنا الشاعر بعجزه، عجز مائه على الإمطار.
وإذا ما توقفنا عند ألفاظ المقطع سنجده غارق في السواد والقاتمة: " مقلوبا، الوطواط، مغارته، مقلوب، لا" وهذا ما يعزز فكرة السواد/العجز التي يمر بها الشاعر.
تكرار صور العجز تشير إلى وصوله حالة القنوط، يقول في قصيدة " عود ثقاب":
"أنا عود ثقاب
أحتك بخصرك ثانيتين،
فتولد نار من رأسي.
وحين أرى أثري يتبدد
مثل سراب،
أتراجع
كي أحرق نفسي" ص45، يظهر لنا الإيحاء جسدي من خلال تشبه الشاعر نفسه بمذكر "بعود ثقاب"، الذي يشتعل بسرعة وينتهي بسرعة، كما أن استخدامه ل"أحتك بخصرك" يشير إلى العلاقة الجسدية، والتي تنتهي بسرعة، "ثانيتين/ يتبدد"، وتختفي تماما/سراب، وهذا ما يجعله يتقهقر/يتراجع ليقدم على فعل ينهي فيه وجوده وعجزه: أحرق نفسي".
قبل مغادرة المقطع، تستوقفنا بدايته: "أنا عود ثقاب" ونهايته "أحرق نفسي" فبدا الشاعر وكأنه ليس كائن بشري، بل "عود ثقاب، وهذا ما أكده عندما أعطا نفسه فعل العود "أحتك، نار" فهو يتماثلا تماما مع عود ثقاب، لكنه يفاجئنا بخروجه على "عود ثقاب" حينما قال: "أحرق نفسي"، فعود الثقاب" يحرق نفسه بواسطة الآخرين، لكن الشاعر يحرقه لنفسه بنفسه، كرد فعل/احتجاج/رفض/تمرد على واقعه العاجز.
ونلاحظ هيمنة الفاظ المذكر: "عود، ثقاب، أرى، أثري، يتبدد، سراب، أتراجع، أحرق" وتفوقها على المؤنث: "بخصرك، ثانيتين، نار" وهذا ما جعل المقطع أكثر قسوة وسواد، فضعف حضور المؤنث/المرأة جعل عالم الشاعر يخلوا من النعومة/الهدوء فبدا المقطع سوداوي بامتياز.
تماثل أدوات/كلمات الشاعر مع الفكرة، يشير إلى قدرته على الابداع وتجاوز ما هو مطروح، يقول في مقطع "ساق":
"مثل مالك الحزين
أقف على ساق واحدة للحب.
إن تعبت طرت" ص123، فرغم أن الفكرة عميقة، إلا أن المسافة بين الكلمات قليلة، وتخدم فكرة الذهاب السريع والمفاجئ/طرت، كما أن فكرة الوحدة حاضرة في: "حزين، أقف، ساق، واحدة، تعب، طرت"، فنجد علاقة بين هذه الألفاظ التي تخدم فكرة الوحدة/الحزن.
وإذا ما قسمنا المقطع إلى المذكر "مالك، الحزين، أقف، تعبت، طرت" والمؤنث "ساق واحدة" نجد هيمنة المذكر، والذي دائما ينهي المقطع بقسوة وألم، مما يبرئ المؤنث ويجعله بعيدا عن السواد والألم.
أما طريقة تقديم الشاعر المؤنث فنجدها في "ذاكرة":
"قالت:
سأنسيك نساءك"
ومن يومها امتلأت ذاكرتي برجالها" ص81، الجميل في هذه المقطع العلاقة بين فكرة الفراغ في "سأنسيك"، وفكرة الامتلاء "برجالها"، فهيمنة الذكور على الإناث انعكست على خاتمة المقطع القاسية، بحيث تم (تشويه) ذاكرت/ه بالرجال وقسوتهم ووجودهم، فكل البياض الذي جاءت من خلال: "قالت، نساءك، امتلأت، ذاكرتي" تشوه وأمسى سوادا.
الديوان من منشورات وزارة الثقافة الفلسطينية، الطبعة الأولى2020.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوت المرأة في رواية -أنثى- ديانا الشناوي
- التناسق في قصيدة - أدرّب القلب - جراح علاونة-
- اللغة في ديوان -صيحة الحنظل- سليمان الحزين
- شجاع الصفدي زلة منام
- قصة -قراءة من وراء الزجاج- نزهة الرملاوي
- عز الدين المناصرة ديوان قمر جرش كان حزينا
- رواية اجتياح أسامة المغربي
- تنظيم الفكرة في قصيدة -في الظلّ نسوني- كميل أبو حنيش
- الروح الأدبية في كتاب -الإصحاح الأول لحرف الفاء-
- وجية مسعود رمل وطريق الحرير
- رواية يس أحمد أبو سليم
- تركيب الألفاظ والمعنى في قصيدة -حائكة من طراز خاص- علاء حامد
- مجموعة الجرح الشمالي محمود الريماوي
- أحمد كركوتلي والحزن
- مفلح أسعد قصيدة يا أيها الإنسان
- وجيه مسعود اربعة تموزيات
- مجموعة -وما زال القطار يسير- عبد السلام العابد
- سعادة ابو عراق قصة (معركة الكرامة)
- من أدب الرسائل رسالة الفرح رسالة -أسامة الأشقر-
- الأم والبياض عند عبد السلام عطاري


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الصور والتشكيل في ديوان -منسي على الرف- عامر بدران