أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - جدلية العلاقة..بين الإبداع والمعاناة..!















المزيد.....

جدلية العلاقة..بين الإبداع والمعاناة..!


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6862 - 2021 / 4 / 7 - 02:45
المحور: الادب والفن
    


تصدير:
“إذا لم تكن لديك رغبة في القراءة، فأنت لم تحصل على الكتاب الصحيح”
هكذا تقول الكاتبة البريطانية ج.ك.رولينغ، وكأنها ترمي على أن الكُتاب ينبغي عليهم درس نفسية القارئ..
"أنا أتألمُ بينما أنتم تَمدحونَ كتاباتي"... كافكا
وأنا أقول:
سنظل نكتب بحضور الفكر والضمير أيضا،وسنظل كذلك على استعداد للشهادة من أجل ما نعتقد أنه الحق.ورغم -أنهم-حرموا علينا حتى حق الإستشهاد،واحتكروا لأنفسهم "بطولة الرأي الواح" التي سنبقى نرفضها..ولو لم نجد غير أظفارنا،وجدران المقابر أدوات للكتابة والنشر..
قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ إن الكتابة تسكن الكاتب،فتصبح وجوده الذي يتحرك، وكيانه الذي يتماهى، فيغدو الكاتب مفتونا بالكتابة مهووسا بها. وحينما يعمد إلى الكتابة فإنه يجد متعة ولذة منقطعتي النظير،لا يحس بهما غيره،وذلك لأن ما يكتبه ليس شيئا منفصلا عن ذاته وكيانه، بل إن ما يكتبه متصل بذاته الإنسانية، وبعواطفه،وبمشاعره وأحاسيسه،بمعنى أن الكتابة تشكل بالنسبة للكاتب الكل في الكل،فهي ليست فقط وسيلته لمحاكاة الواقع والأحاسيس،ولكنها أيضا غايته المنشودة وهدفه الأسمى.ومن ثمة فهناك قوة دفينة ومحرك لا مرئي يدفع الكاتب نحو بحر الكتابة،ألا وهو الشغف والحب والهوس بالكتابة.
وهنا أضيف:
إن الكاتب يحرص دوما على مراعاة الجانب الجمالي في كتاباته،وهذا الجانب الجمالي يتحقق بمجموعة من العناصر والخصيصات، على رأسها الفكرة؛ فالنص أو الكتاب أو المقال لا يمكن أن يجذب القارئ إلا إذا كان ذا فكرة هادفة، والكاتب البارع هو الذي يتناول الأفكار الهادفة ويعرضها في يسر وسهولة، لأنها الأساس الذي لا يستقيم النص إلا بوجوده وتواجده، وكل نص لا ينطوي على فكرة هادفة يكون مصيره الهجر والنسيان.
ولكن..
الأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع:
أنكتبُ لأنفسنا أم للآخرين؟ أندافعُ بكتاباتنا عن بؤسِ العالم وبؤس الوطن أم أنَّ الأمر برمته لا يعدو كونه تسريبات لمعركة النفس الداخلية؟
ترى أيستحقُ العالم من الأساس أن يُفني أحدهم العمر من أجل الكتابة عنه وعن بؤسه اللامتناهي؟
أيستحق العالم كتابات ماركيز وبن نبي ودستوفيسكي وبيجوفيتش وكامو وكونديرا وغيرهم؟ اقرأ العالم يوماً صفحة واحدة مما كتبوه بعقل الواعي المتدبر الباحث عن الحقيقة وعن التغيير؟ ولماذا نكتب من الأساس إذا كان وقع الواقع ووطأته أكبر من حجم كلماتنا؟
وما وسعُ اللغة أن تفعله أمام سيلٍ من تدفقات الحياة اليومية التي لا تنتهي إلا بنهايتنا؟
وهنا أذكّر القارئ الكريم والقارئة الفاضلة بما قاله ديستوفيسكي في كتابه المراهق: "إن شفيعي الوحيد في ما أفعله الآن هو أن الذي يحدوني إلى الكتابة ليس ما يحدو إليها سائر الناس :إنني لا أكتب بغية الحصول على إعجاب القارئ و مديحه،إنما تدفعني لذلك حاجة داخلية، واستخراج ما تنطوي عليه نفسي من الأمور المعيبة و الوضيعة ".
فديستوفيسكي يجد في الكتابة تنفيساً عن معاناته الداخلية،وصراعه الداخلي،وهذا هو دور الكتابة وفق تصوره..
قبل ستة عقود كتب ألبير كامو «إن دور الكاتب لا يخلو من المهام الصعبة. ولا يستطيع أن يضع نفسه اليوم في خدمة أولئك الذين يصنعون التاريخ، فهو في خدمة أولئك الذين يعانون من التاريخ.»
يرى كامو في الكتابة ليس فقط مواساة لحظية أو شخصية لمن يعانون في لحظة ما،بل إنه يرى فيها مواساة للتاريخ،تاريخ المهمشين والضعفاء،تصبح الكتابة هنا صوت من لا صوت له، صوت لأولئك الذين عانوا ويعانون من سويداء قلوبهم ولم يسمع بهم أحد. الكتابة بهذا التصور هى صوت المنسيين. ضحايا التاريخ الذي لا يحترم إلا الأقوياء.
وهنا يطرَح السؤال التالي الذي ورد على لسان الدالاي لاما:
هل على الإنسان أن يكون حزيناً أو مرهقاً أو محبطاً كي يترجم معاناته على شكل إبداع معين؟ أم أن السعادة هي التي تعطي الطاقة اللازمة للإبداع؟
في محاضرة ألقاها بجامعة إيموري بولاية جورجيا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2010،تحدث الدالاي لاما وهو القائد الديني الأعلى للبوذيين التيبتيين،عن رحلة الإبداع والروحانية ومدى علاقتها بالحالة النفسية، فهل على الإنسان أن يكون حزيناً أو مرهقاً أو محبطاً كي يترجم معاناته على شكل إبداع معين؟ أم أن السعادة هي التي تعطي الطاقة اللازمة للإبداع؟
ووفق اقتباس تنقله الكاتبة شارون سالزبرغ عن الدالاي لاما،فإنه يعتبر بأن "الناس في الغرب يميلون عموماً للاعتقاد بأن الإبداع يتولّد من العذاب، في حين تسود اعتقادات مخالفة في الشرق حول علاقة الفن العظيم بدرجة التوازن والوعي داخل الإنسان"
وهنا يتوضح التمايز بين مفهومين مختلفين سائدين فعلاً في عالمنا: فهناك أشخاص يتشبثون بالتعاسة والمعاناة اعتقاداً بأنها ميزة تتيح لهم الإبداع أكثر،وبأن السعادة مجرد إحساس ممل لا يحفّز على الإنتاج؛وآخرون يميلون للتفكير بأن السعادة والراحة هما مصدر الطاقة والعطاء والإبداع،فالإحباط لا يترك أي مجال للتعبير والعمل على إحداث أي تغيير مهما كان بسيطاً.
حين تولد الكتابة من رحم الألم:
يرى البعض أن الكتابة تراجيديا،لا يميزها عن تراجيديا صاحبها «شيء»،بالنظر إلى طبيعة شخصيته ومزاجه وفلسفته في الحياة.
الكتابة تصير مرادفة للألم،هنا،مادامت تطابق شخصية مؤلفها،بما يسكنها من قلق (وجودي)، ورفض وتمرد وتوق إلى المغامرة والمخاطرة (بالنفس حتى).الكتابة تضحى،بصيغة مجازية، «إشرافا من أعلى الحافة».والنموذج الأوضح-في تقديري-هو أبو العلاء المعري،الذي يصعب على الدارس التمييز بين سيرة شخصه وسيرة قصيدته.وتبدو «داليته»،في رثاء أبي حمزة، أكثر تعبيرا عن شخصيته،وسوء ظنه بالإنسان والحياة عامة..
غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي
نوح باكٍ ولا ترنم شاد
وشبيهٌ صوت النعيّ
إذا قِيـس بصوت البشير في كلّ ناد
أبَكَت تلكم الحمامة
أم غـنّت على فِرْعِ غُصنٍها الميّاد
ختاماً،التصور السابق للمعاناة كمحرك أساسي للكتابة،لا يعني بالضرورة أنّ المعاناة هي السبب الأوحد الذي يدفعنا للكتابة،وأنه لا توجد أسباب أخرى نكتب من أجلها.
فللكتابة أسباب مختلفة،وللكُتابِ هيئات وأحوال شتى يكتبون فيها،فمنهم من يكتب عند الفرح، وعند السعادة،منهم من يكتب على صوت الموسيقى وغيرها من الهيئات.
لكن ما أريد أن أوضحه وأقرره في هذا المجال.أن تلك الكتابة التي تنبع من رحم المعاناة هي الأجدر على البقاء،وأجدر على أن يتلقاها القارئ بقلبه قبل أن يعيها بعقله.
وأخيرا؛الكُتاب هم أكثر الناس عرضة للإكتئاب،فالكاتب يعيش القصة في لحظة التفكير،وأثناء الكتابة،ووقت المراجعة.
الكاتب يلجأ إلى الكتابة ليفرغ ما يحزنه غير أن لا شيء يحزنه سوى الكتابة،فيستمر في نهجها وكأنه يداوي الداء بالداء”.
ولكن..
الوصول لحالة من الإبداع، مهما كان مجاله،يتطلب توافر العديد من الظروف الذاتية والموضوعية،أولها الموهبة الحقيقية التي لا مناص من تواجدها،ومن ثم الفرص المؤاتية للتطور والعمل،والبيئة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية المستقرة،وظروف الحياة التي تبعث على الاطمئنان والراحة.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يومض برق القصيدة..ننخرط مع الشاعر التونسي القدير جلال با ...
- الكاتب التونسي القديرد-طاهر مشي..يبحر عبر الكلمات (حين ...
- قراءة متعجلة في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي (حيث ...
- اشراقات الأحاسيس الوطنية في قصيدة :- أيها العابرون - للشاعر ...
- على هامش الانتخابات البرلمانية في إسرائيل
- رسمتك قصيدة..على جدران قلبي (رائعة من روائع الشاعر التونسي ا ...
- هي ذي تونس..وكافر من يردّد قول المسيح..ليس بالخبز وحده يحيا ...
- هاجس الموت في قصيدة - تقترب منٌي الساعة..الآن- للشاعر التونس ...
- التصعيد الدرامي ،تجليات الأسلوب السردي وإخراج المسكوت عنه من ...
- إصدار شعري جديد لمؤسسة الوجدان الثقافية (تونس)
- المشهد العربي..في ظل التحوّلات الدولية
- البنوك و الحرفاء :أيّة علاقة يريدها الحريف..؟! (تحقيق صحفي)
- الأستاذ محمد بن رمضان رئيس القائمة الإنتخابية عدد 32 - الأحر ...
- على هامش الإنتخابات التشريعية بتونس:تصاعد..لحماوة الانتخابات ...
- قراءة في قصيدة..عاشق السافرة للشاعرة التونسية هادية آمنة
- شاب تونسي مقيم بفرنسا يقول:- :- نحن نعمل اليوم بجهد جهيد.. م ...
- لماذا يعزف الشباب التونسي عن الإنتخابات ..؟!
- تموقعات المرأة..في ظل راهن عربي مترجرج (الناشطة السياسية الت ...
- أهمية دور المرأة في صنع القرار السياسي..الفتاة التونسية ايما ...
- قراءة متعجلة في قصيدة-أنثى الماء..في ثوبها الأفعواني- للشاعر ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - جدلية العلاقة..بين الإبداع والمعاناة..!