مكامن التمرد ومنابع الثورة


حارث رسمي الهيتي
2021 / 3 / 31 - 15:19     

يتحدث عالم الانثروبولوجيا الأمريكي وأحد أهم شخصيات حركة (احتلوا وول ستريت) ديفيد غريبر في كتابه (مشروع الديمقراطية... التاريخ، الأزمة، الحركة) عن استنتاج توصل اليه خبراء مكافحة التمرد في الولايات المتحدة الامريكية، ويؤكد الاستنتاج على إن كثرة عدد السكان العاطلين عن العمل وانتشار ظاهرة الفقر والعوز بين "فئة" خريجي الكليات هي الأساس في أغلب تلك الحركات، معللاً ذلك بالطاقات الكبيرة التي يتوافر عليها هؤلاء، اضافة الى الوقت الكبير غير المشغول لديهم، ومن خلال مراجعة ما جرى ويجري منذ شرارة محمد البو عزيزي في سيدي بو زيد/تونس فمن الممكن أن نضيف إن لهؤلاء القدرة ايضاً على متابعات مجريات العالم ككل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشطون عليها وتشغل غالبية وقتهم تقريباً اضافة الى اعتباره منظماً لجهودهم واطاراً لتفكيرهم. وتعد كل الاسباب اعلاه ما يمكن اعتبارها دوافعاً أساسية للغضب.
كل هذه المحرّكات وغيرها، كانت وستبقى فاعلاً ومؤثراً في عقول من لا يملكون فرصة للعمل، ومصدراً للدخل، يضاف لها بالتأكيد تداعيات هذا وباء كورونا الذي زادهم أكثر من غيرهم خنقاً، في العراق تعد هذه الشريحة – العاطلين عن العمل – الشريحة الأكبر، فبحسب تصريح النائب جمال الفتلاوي عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية والهجرة والمهجرين للصحيفة الرسمية قبل أيام يقدّر عدد هؤلاء بــ (15) مليون عاطل عن العمل وأخطر ما يحمله هذا الموضوع هو إن غالبية هذا العدد الكبير جداً هم من الشباب!
أقول، إن كل التحديات التي من الممكن أن يواجهها أي نظام سياسي قائم قد تكون غير منطقية من وجهة نظر مواطن بسيط لا يستطيع أن يؤمن قوت يومه، وبالتالي هو عاجز ايضاً عن رسم خطوات لمستقبله لاحقاً، والأخيرة بحد ذاتها تمثّل خطراً لا يمكن تصوّر نتائجه، واحدة من تلك النتائج هي اليأس، ولنا أن نتخيّل ما الذي يفعله اليأس بالشعوب؟!!