أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مهند عبد الحميد - فكر نوال السعداوي التحرري لا ينطفىء















المزيد.....

فكر نوال السعداوي التحرري لا ينطفىء


مهند عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 6854 - 2021 / 3 / 30 - 14:02
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ال السعداوي أشهر من نار على علم، كانت حاضرة طوال سبعين عاماً على جبهة الانعتاق والتحرر، تقدمت الصفوف كمقاتلة ملهمة وداعمة للضحايا. ولم يفتَّ من عضدها هجوم السلطات السياسية والدينية وجموع المضللين الشعبويين. قاتلت بفكرها التحرري بشجاعة لا تعرف الانكسار، رغم الاختلال الفادح في ميزان القوى. نوال السعداوي الطبيبة التي كانت تنصت ملياً للنساء وتتعرف على جروحهن الروحية والمعنوية والجسدية وتعمل على تضميدها ومعالجتها بصبر وروية. جمعت بين الطب والكتابة، مقتحمة المسكوت عنه في تابوهات الجهل المقدس، كاشفة الاضطهاد في أبشع صوره، داعية الى التمرد والثورة بدءاً بإزالة القيود المعطلة للعقل، ذلك هو الحل الحقيقي الذي سيأتي بالحرية والكرامة والعدالة ويصون الحقوق.
كانت نوال أول المتمردات والثائرات فكراً وممارسة.. ولم يكن صدفة اعتراف العديد من النساء الآن بأنهن اعتمدن كتب ومحاضرات السعداوي في عملية انعتاقهن. رحيل السعداوي لم يضع نهاية لمسار طويل من صراع الحرية والعدالة، بل أشعل النزاع بين دعاة التحرر الاجتماعي السياسي من جهة ومعسكر الهيمنة الرجعي الذكوري من الجهة الاخرى، وأعاد المفكرة الراحلة الى مركز المشهد. وهذا يؤكد أن فكرها التحرري لا ينطفئ بغيابها بل سيستمر ويحفز الكثيرين على الانغماس في عملية التحرر الذي لا بديل عنه. المفارقة التي أعاد رحيل السعداوي تقديمها، هي انتشار فكرها عالمياً من خلال ترجمة كتبها بعشرات اللغات، وتضمين بعضها في مقررات الدراسة في العديد من الجامعات في اوروبا واميركا، وحصولها على العديد من الجوائز في تلك البلدان وهو ما لم يحدث في الدول العربية التي راوح موقفها بين مطاردة المفكرة واتهامها بالردة والزندقة، أو بتجاهلها ومنع كتبها. لم تدخل كتب نوال السعداوي الى مقررات المدارس والجامعات العربية. وفي الوقت الذي حاضرت فيه السعداوي في اهم الجامعات الأوروبية والاميركية، حرمت من ممارسة التدريس في الجامعات العربية، بل جرى حظرها من العمل كطبيبة في بلدها. إن رحيل المفكرة نوال السعداوي أعاد الأهمية لاعمالها الفكرية وإنجازاتها وسط أجيال جديدة، وبدأ السؤال عن كتبها وزخرت وسائل التواصل الاجتماعي بندواتها وسجالاتها.
لا مناص من الاعتراف بأن نوال السعداوي قامت بمهمة تاريخية عظيمة هي إغناء الفكر الاجتماعي التحرري، من خلال الواقع المأساوي الذي عاشته والسواد الأعظم من نساء بلدها. تفاعلت مع هذا الواقع المرير، بالتشخيص العلمي الموضوعي عبر 35 كتاباً وبحثاً. أرادت السعداوي تفسير الواقع والشروع في تغييره كهدف لا لبس ولا غموض فيه. لم تكن اول من بدأ لكن فكرها شَكّل إضافة مهمة وكبيرة لفكر النهضويين والحداثيين السابقين امثال قاسم أمين ومي زيادة.
الركيزة الأولى في فكر السعداوي كانت تحرير العقل من القيود والانتصار للعلم في مواجهة الجهل والهرطقة، وتصدت لذلك النوع من الجهل الذي يروج لمعلومات خاطئة متناقضة مع العلم، نازعة بذلك كل تبرير للتخلف والتمييز ضد النساء. في كتابها (المرأة والجنس) فككت مقولة تفوق الرجال على النساء عقلياً، ونقدت الثقافة التي تتعامل مع الجسد الأنثوي كمصدر للاثم والخطيئة وانفلات الغرائز خارج السيطرة القيمية والاخلاقية، وتوقفت عند تجسيدات تلك الثقافة التي أفرزت ظاهرة الختان كشكل للسيطرة والتحكم بالنساء. في كتابها (المرأة والصراع النفسي) بينت فيه حالة العصاب النفسي للبنات المتأتية من التمييز بينهن وبين الاولاد من أشقائهن، ومن عدم الثقة بالبنات كقاعدة تقييم مسلم بها، ووضعن في قبضة من التحكم والسيطرة والرقابة والتعاليم الصارمة، وعدم الاعتراف بتفاني النساء داخل أسرهن، واعتبار كل ما يقمن به من تضحيات هو واجب لا غير وجزء من تقسيم العمل الجائر المقبول من المجتمع، ما يؤسس لأمراض نفسية تكبح الطاقات الإنسانية والقدرة على الحب، وتحول دون تطور المجتمع. ويترتب على الكبح أشكال من الاستلاب والعصاب والاكتئاب والفوبيا والانتحار والخمول. ترى سعداوي أن السبيل الى تجاوز ذلك يكون بالمقاومة وبالانتصار للقيم الايجابية.
أقرن فكر السعداوي حقوق النساء بحقوق الانسان وحقوق الرجال دون تجزيء أو انتقاص. وربط بين تحرر الوطن وخروجه من علاقات الاستبداد والتبعية بتحرر الانسان وتحرر المرأة. واكتمل فكر السعداوي التحرري بنقد الفكر الديني التعصبي الذي شكل غطاء للاضطهاد والتمييز والفساد ولتكريس النظام المستبد، وشكل غطاء لعلاقات التبعية الاقتصادية والسياسية. ذلك الفكر الذي كرس ثقافة تجمع بين التخلف واستلاب النساء والقمع والسلطوي وترهيب المؤسسة الدينية وهيمنة السلطة الذكورية.
لا غضاضة في القول إن فكر سعداوي هو فكر تحرري صريح لا مكان فيه لالتباس أو تلعثم. وقد أعطى للتحرر الاجتماعي وتحرر النساء بخاصة اهمية كبيرة. لهذا السبب شكل هذا الفكر خطراً على علاقات السيطرة التي يعاني الفقراء والنساء من هيلمانها، وتعرضت صاحبة هذا الفكر لحرب ضروس كاد يودي بحياتها، في الوقت الذي استبعد فيه الفكر الآخر، القتلة واللصوص والفاسدين والتابعين من المساءلة والنقد. وهذا يطرح سؤالاً إشكالياً مفاده، لماذا لم يحدث اللقاء بين فكر سعداوي والحركات النسوية والقوى السياسية الداعية للتغيير الديمقراطي، بمثل ما حدث اللقاء بين فكر السعداوي مع شابات ونساء وبعض الحراكات الاجتماعية؟ ربما يفسر عدم اللقاء، غياب هدف التحرر الاجتماعي عن برامج واستراتيجيات المنظمات النسوية، الناجم عن عدم استقلال المنظمات النسوية عن القوى السياسية التي أجلت التحرر الاجتماعي وقبلت التعايش مع الفكر الاستبدادي والرجعي وفي أحيان أخرى تماهت معه. ولكن من المؤسف تقاطع المنظمات النسوية مع الحكومات والمؤسسات الدينية في تجاهل او مقاطعة الفكر التحرري الذي قدمته المفكرة نوال السعداوي خلال أكثر من نصف قرن.
لم تنكسر نوال السعداوي أمام سياسات الترهيب والعقاب والتشويه. استمرت في رفع راية الحرية عالياً. مقدمة نموذجاً فذاً في الدفاع عن قيم التحرر وحرية البشر وحقوقهم الإنسانية. وقد أتى فكرها وكفاحها البطولي ببعض أُكله، عندما خرج الى النور قانون الدولة المصرية الذي يحرم ختان الإناث. وثمة مشروع قانون في طريقه للإقرار يحرم زواج الطفلات والقاصرات. وكانت نوال السعداوي أول من فتح معركة الختان وزواج الطفلات، وقد فندت كل مبرراتها، وحذرت من مخاطرهما على النساء وعلى المجتمع في آن. كان من المؤسف ان لا تكرم هذه الإنسانة المفكرة المدافعة عن المضطهدات من النساء في بلدها الذي أحبته ولم ترتضِ عنه بديلاً رغم اضطرارها للجوء عنه بعض الوقت. غير ان التكريم الحقيقي يكون بإعادة الاعتبار لفكرها التحرري بجمعه ودراسته وتعميمه، ونقده أيضاً.



#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسكوت عنه في تقارير الشفافية الدولية والمحلية
- بندر يعلن الحرب على فلسطين
- ماذا يعني تفوق البنات الدراسي ؟
- مسلسلات في خدمة صفقة القرن
- العمالة الفلسطينية بين مطرقة الاحتلال وسندان القطاع الخاص
- النظام العالمي في زمن الكورونا
- لماذا ترجح كفة كبح التحرر على كفة دعمه؟
- الحلقة المفقودة في الموقف من التطبيع
- مغزى الحرب على «سيداو»
- فلسطين والبحث عن حليف
- لحظة احتدام اقليمي بدون حرب
- مديح لنساء العائلة/ قراءة سوسيولوجية للرواية
- الثالوث غير المقدس يعيد بناء جدار الخوف
- كانت تسمى رام الله ..صارت تسمى رام الله
- فصل مدرسة العلوم في رام الله بتهمة شرح نظرية داروين
- خطاب ديني : النساء فيه عدو أول
- بين فيروز وبتهوفن
- هل هزمت المرأة السعودية ؟
- ضد العدوانين الداخلي والخارجي في سورية
- عار التبرع بالدم لجيش يقتل شعبه


المزيد.....




- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مهند عبد الحميد - فكر نوال السعداوي التحرري لا ينطفىء