الآخر.. لايحملُ سكيناً


حارث رسمي الهيتي
2021 / 3 / 17 - 23:04     

رغم ما تحمله التعددية الحزبية في العراق من تشويه كبير لحق بها بحكم الكثير من العوامل، ذاتية تخص القائمين على قيادة وتأسيس هذه الأحزاب مروراً بخطابها وبرامجها، وأخرى موضوعية يلعب فيها الوقت من حيث قصر التجربة وعدم نضوجها لعبته، الا انها لا تكاد تخلو من أمرٍ مهم، لم يزل بحاجة الى مزيد من البحث وتسليط الضوء.
فمنذ إسقاط نظام صدام حسين وبعض التحليلات والكتابات تذهب باتجاه تقسيم يراد منه أن يكون هو الحقيقة الوحيدة للمجتمع في ساحة الصراعات هذه/العراق، تقسيم قائم على الأساس الطائفي – سنة وشيعة – وتقسيم يقوم على أساس أثني – عرب وكرد وتركمان – وهذا له مغذياته ويجرى تزويده بجرعات كبيرة كي لا ينتهي، ولعب زعماء كل مكوّن من هذه المكوّنات دوراً في ديمومة هذا الانقسام من خلال ترسيخ الخوف لدى أتباعه أو من يمثلهم من الآخر، فجرى الى حد ما اقناع الكرد بسيناريو إن أي حكومة مركزية قوية ستقف بالضد من حقوقهم وتطلعاتهم إن لم يذهب الى الحد البعيد في القول إن أي حكومة قوية هي عودة لنظام صدام حسين بهذا الشكل أو ذاك. كذلك جرى تصوير السنة على اعتبارهم يشكلون الخطر الأبرز على هذا النظام الجديد، ويعملون ما استطاعوا في سبيل اعادة النظام كما كان عليه، نظام لا يقبل بالتشارك السياسي للمكونات الأخرى، ويقف بوجه حقوق الشيعة سواء كان هذا على صعيد التمثيل السياسي والتشارك أو حتى لمنع الطقوس التي يحترمها ويمارسها شركائهم في العيش. ولم يتوقف الأمر عند هذا، بل كل ما تم ترسيخه الى حد كبير في مخّيال المكوّن السني إن عصراً دموياً سيعيشونه لا لشئ سوى إنهم يتّبعون هذا المذهب.
المهم في التعديدية الحزبية الآن، هو غياب احتكار تمثيل أي من المكوّنات أعلاه على زعماءه وقادته التقليديين مثل ما كان الحال قبل عشر سنوات على الأقل، ولهذا سببه الذي اعتقده انه السبب الرئيس، إن الوقت الذي قطعناه وبحكم التجربة قد ولّد قناعات لدى الناس غير تلك التي كانت، فلم يعد الآخر بعبعاً يحمل سكيناً وينتظرنا في الشارع!!
.
.
نشر في جريدة الصباح العراقية هذا اليوم
17/3/2021