أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - علي الجنابي - نريدُ إسلام كما يريدُهُ صدام














المزيد.....

نريدُ إسلام كما يريدُهُ صدام


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6830 - 2021 / 3 / 3 - 15:12
المحور: حقوق الانسان
    


وريقة من وريقاتِ سالفِ الأيام ..

في منتصفِ التسعينياتِ حيث أصفادُ حصارٍ إمبريالي صيّرتِ الرغيفَ طريداً، حصارٌ على البلدِ غاشمٌ، صفَّدَ ثواني العُمُرِ وباتت تُهدَرُ فيه تبديداً، وأضحت عجلةُ الحياةِ صدأةً متهالكةً، كأن لم تك ذات يومٍ قِطراً أو حديدا.

يومئذٍ كنتُ أشاغلُ الفكرَ بنهمِ المطالعاتِ، أو بتأملاتٍ بما في الآفاقِ من تلالٍ وأخاديد، فلا أطيقُ فكراً يركنُ في دجى السكونِ باهتاً وقعيداً.
كما وكنتُ قد إثاقلتُ من حملِ كُتيبٍ لمواقيت الصلواةِ كان يقيد الجيبَ تقييداً. كتيبٌ من إثنتا عشر صفحة لأوقاتِها ممددٌّ بالأرقامِ تمديداً. فقلتُ: لأختزلنَّ الكتيبَ في ورقةٍ واحدةٍ كورقةِ (دولارِ) تحديداً، ولأبَيننَّ فيها ٦مواقيت، وكل ميقاتٍ ٤ أرقامٍ مضروبةً ب٣٠يومٍ ل ١٢ شهرٍ فتكونُ ٨,٦٤٠ رقماً وليداً، ولأعَيننَّ في الورقةِ تقويماً هجرياً وآخرَ(نصرانياً) يصلحُا لجميعِ السنينَ تأبيداً. ولأزيننَّ الورقةَ بثلاثِ صورٍ: كعبةٍ فروضةٍ فأقصى تباركاً وتمجيداً. ثمّ لأعَيننَّ سبلَ إستعمالها في عباراتِ دلالةٍ لحاملها وتيسيراً رشيداً.

تمَّ ليَ ما إبتغيتُ، وماكانَ آنئذٍ لا (موبايلَ) ولا (نت) يختزن العلوم تنضيداً. وكلَّ رقمٍ أوردتهُ في الورقةِ بوضوحٍ توريداً، وجميلاً ومستقلاً وكأنه مجسّداَ تجسيدا.
فكادتِ الورقةُ أن تكونَ هديةً لكل مسلمٍ، خفيفٌ حملها، غزيرٌ علمها، وسيكونُ حاملها بها سعيداً. عرضتُها على من حوليَ من بشرٍ شتى، وكلٌّ يعلنُ إعجاباً وتأييداً ، فما كان إستعمالُها عسيرَ فهمٍ ولا طلسماً ولا تعقيداً. وقال شيخُ مسجدٍ ذو علمٍ جليلٍ لمّا رآها: ” إركب معيَ ياصاحبي الى حيث وزارةَ الأوقافِ لنحشِّدَ مطابعَها لها تحشيداً، فما أرى ورقتك إلا عابرةً لحدودنا ومحلقةً في فضاءِ تونس ودمشقَ وصنعاءِ ومغردةً في سماءِ إندنوسيا تغريداً”.
رددتُ عليهِ:” مهلاً عليَّ ياشيخ! فقد مهّدتُ لك بحسناتِها تمهيداً، بيد أنّي كتمتُ سوآتٍ فيها سهّدتني تسهيداً. ذاك أنّ فكرةَ التقويم بُنيَت على متواليةٍ رياضيةٍ يَحكمُها شَكلٌ هندسيٌّ حُكماً صارماً شديداً، أبى هذا الشَّكلُ مواقيتَ رمتنا بها وزارتكم لعقودٍ خلون، وبانت عوراتُ المواقيت، وكأن الوزارةَ ثردَتها ثريداً. لكنِ الشكلُ تهلّلَ وتذلّلَ لتقويمٍِ “للشيخ عبد الوهاب السامرائي” ويُطبعُ على ظهر أعداد مجلتهِ “التربية الإسلامية” ومارضيَ إلا به توقيتاً سديداً؟ توقيتٌ أعَدَّتهُ أوقافِ بدايات قرنٍ مضى لمّا كان الإسلامُ في أفئدة أهلهِ مجيدا،

ردَّنيَ صاحبي الشيخُ مذهولاً: ” قد جئتَ بها، وحقيقٌ على ألّا أخفي عن خليلٍ مثلك سرّاً في البوحِ كان عنيداً: إذ كنّتُ ذات صباحٍ قاعداً في مؤتمر ظننتُهُ مؤتَلِفاً حميداً، إذ تناولَ سُبُلَ ردمِ حفرةِ الخلافِ في توقيت مدفع الأفطارِ بين الطائفتين إبتغاءَ توطيدِ الأخوة توطيداً ، وإذ كنّا ثمانية عمائم في صفين (سنيةٍ وشيعيةٍ) متقابلينِ متحاورين حواراً عتيداً، أو لعله كان مراءً رعديدا . كنّا مأمورين، بل كنّا عبيداً، وماكان أحدٌ منّا بمنصبهِ زاهداً أو زهيداً، وإذ كنّا نتمارى في تأويلِ آيات المواقيت وكلُّ فريقٍ يُسَمِّدُ طاولةَ المؤتمرِ بسمادهِ تسميداً، إذ برئيس المؤتمرِ(وهو نائب رئيس الجمهورية) يغرّدُ بمقترحٍ قسَّمَ به لحظةَ غروبِ الشمسِ لحسمِ جدالِنا تكميداً:

{على ‘السنيّ’ أن يؤخرَ إفطارَهُ دقائقَ خمساً وللخلافِ عليه أن يكيدَ ، وعلى ‘الشيعي’ أن يُقَدِّمَ إفطارَهُ مثلَ ذلكَ وعليه ألّا يشذَّ عن الجمعِ أو يحيدَ، فيلتقيَ النقيضان في منتصف الحبلِ ولن تكون عليكم شمسُ الله يومَ التغابنِ شهيداً}.

مانفعَ ماغرَّدَ بهِ “النائبُ” -بحماقةِ معهودةٍ عُرِفَ بها- وبطراوةٍ تغريداً، ثم إذ به بعد هنيهاتٍ يضربُ الطاولة بقبضته تنكيدا، معلناً نهاية الحوار بجملة لاغير تهديداً لهم وتوكيداً : إتفقوا خيراً لكم، فلا تطرفاً ولا تصعيداً، وخذوها منّي واحدةً ولن أزيدَ: “(نحن نريدُ إسلاماً كما يريدُهُ صدامُ)”.إنتهى.
نِعمَ الزعيمُ زعيمنا، إنه كان صنديداً رشيداً.

ومرّتِ الأيامُ..
ثمّ أنّيَ إلتقيتُ بعد حولين بالشيخ المستنير بنور الله المرحوم (السامرائي)، وكلٌّ إمرؤٍ منّا يطمعُ في جليسِ نورٍمع أهلِ الله ليستزيدَ، في مقر مجلّتهِ في “المنصور”،وذاك حيٌّ راقٍ إتخذَتهُ عرائسُ “بغدادَ” منسكاً لطواف مواكبِ زفافهنَّ والزغاريد! ولكن لمَ المنصورُ حصراً! لن أبحثَ عن جوابٍ لا سَمنَ فيهِ ولا مَنَّ ولن يفيدَ.

ثم إني حينئذٍ جَلَّيتُ للشيخِ متواليتي، وحَلَّيتُ له أنسَ مواقيتهِ، فما إنفكَ جدولُهُ صامداً وتليداً، وفَلَّيتُ عندهُ بؤسَ ما أتى بعدهُ من جدولٍ مابرحَ هامداً وكان عن الحقِّ بعيداً، وعن أمرِ المؤتمر وكيف تقيسُ العمائمَ الأهلةَ قياساً بليداً، بيدَ أني ما تخَلَّيتُ عن السرِّ، وما كنتُ لأفشِيَ سرّاً إستؤمنتُ عليهِ، كان عند حاملهِ مدلّلاً بيد أنه ليس عنيداً، لكنه في جعبتي يكون مطموراً في غورٍ ومصفّداً وعنيداً.

ردَّ عليّ الشيخُ بوقارٍ السبعينَ وبهدوءٍ لكنهُ بغصةٍ : ” وماعسانا -ياولدي- فاعلين إلّا النظر صمتاً وعن بعد ؟”.

مازال وجداني بعطرِ لحيةِ وبسكينةِ جلسةِ ذاك الشيخُ مستَلِذّاً وعقيداً.
رحمهُ الرحمن من شيخٍ ، ومَنَّ عليهِ بعفوه ووهبهُ عيشاً في جنانهِ رغيداً.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شَيّءٌ مِنَ الأُف
- الصمتُ الناطق
- هجاءُ الأخِلّاء
- زفرةٌ معَ أبي العَتاهية
- تَفصيلٌ‮ لرحلَتي‮ حَجٍّ‮ غَيرِ مبرورٍ
- طُرفةُ صَديقتي الخَالة
- * إتيكيتُ ذي السيجارةِ *
- القُدسُ!
- أَفَحقاً يَتَعامَلُ الإلهُ بالآجل؟
- ( رأسُ الشهرةِ : فسحةُ شاشةٍ )
- (نصف سي سي)
- *القصفُ : سَأَلَنِي فطَأطَأتُ بِلا جَوَاب! *
- أفحقّاً يتعاملُ إلهُنا ب (الرِّشوة) !
- *وإذ نحنُ حَولَ مائِدَتِنا قُعودٌ*
- كيلا تَخلُوَ الأكمامُ مِن ثَمَراتِها
- (وَكُلٌّ مُغرَمٌ بِلَيلَاهُ يَاحَمدَانَ)!
- *حقائق الخطى*
- ** حدقة السعادة **
- -خدودُ البرتقالةِ المفقودة-
- المسيو-ماكرون- وجدّتي المُدام:-نونة-


المزيد.....




- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - علي الجنابي - نريدُ إسلام كما يريدُهُ صدام