أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - احمد طلال عبد الحميد - معوقات الاصلاح التشريعي















المزيد.....

معوقات الاصلاح التشريعي


احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)


الحوار المتمدن-العدد: 6821 - 2021 / 2 / 22 - 22:49
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


هنالك عده معوقات تلعب دوراً سلبياً في عملية الاصلاح التشريعي ورسم سياسة تشريعية رشيدة وسنحاول في هذا المقال ان نتناول اهم المعوقات فيما يأتي :
1. ظاهرة الفساد : تلعب ظاهرة الفساد بكل أنواعه دوراً كبيراً في تقييد الإرادة السياسية وايقاف وعرقلة محاولات الاصلاح السياسية والاقتصادية والتشريعية، حيث يعتبر الفساد السياسي من أهم الأسباب الرئيسة المعرقلة لحركات الاصلاح التشريعي وخصوصاً في الدول النامية، إذ أن هيمنة السياسة والسياسيين الفاسدين على مختلف نواحي الحياة ساهم في انتشار ما يعرف بحالات الفساد الثقيل (Top heavy Corruption)، فغياب الإرادة السياسية أو ضعفها في اتخاذ قرارات الاصلاح ومكافحة الفساد ترجع لانضمام هذه القيادات أو بعض اطرافها في عملية الفساد، وبالتالي فإن أصلاح التشريعات وتفعيل اجراءات الوقاية من الفساد وتعميق ثقافة النزاهة وسيادة القانون من شأنه المساس بمصالح هؤلاء السياسيين وإزالة الحصانة التي توفرها بعض القوانين لكبار الموظفين ورجال السياسة وتحميهم من الملاحقة والخضوع للمساءلة، ولذلك نجد ان كبار السياسيين والموظفين يدفعون نحو عدم اجراء أي تغييرات في القوانين التي توفر مزايا مالية وادارية ومنافع غير مشروعة حتى وإن كانت تعسفية وتثير الحيرة والارباك وتدفع المخاطبين بها لتجاوزها والتحايل عليها وعدم احترامها واختراقها باستمرار، كما يؤدي سرية عمل الادارات وعدم شفافية القوانين وضعف النظام الرقابي إلى تكريس حالات الفساد والمنتفعين منها وهذه تشكل قوة ضغط للوراء لمنع أو كبح أي محاولة للاصلاح واتخاذ قرار سياسي بالاصلاح فسيطرة النخب الإدارية والسياسية الفاسدة على مقدرات البلاد من شأنه تحريف المحتوى الحقيقي للنشاط السياسي الفعال والنزيه الذي يمكن ان يطور المجتمع من خلال تطوير عمل المؤسسات الحكومية والممارسات الإدارية النزيهة، كما تعمل هذه الفئات على فرض طوق من السرية وعدم تسريب أية معلومات عن طبيعة عمل المؤسسات الحكومية الامر الذي يحول هذه المؤسسات إلى أنظمة مغلقة لا تفيد المجتمع وتسهم في أهدار المال العام وتعقيد اجراءات الرقابة الخارجية وتعطيل المساءلة القانونية للسياسيين والموظفين الفاسدين ، فالقرار السياسي في بعض الحالات يتدخل ليؤمن الغطاء والحماية لكبار المسؤولين والموظفين من المساءلة مع دفع صغار الموظفين للخضوع لاجراءات المساءلة والمثول أمام القضاء لتضليل الرأي العام وامتصاص النقمة الشعبية .
2. المحاصصة السياسية : تلعب المحاصصة السياسية في شغل المناصب والادارات العامة دوراً كبيراً في تعويق القرار السياسي الذي ينشد الاصلاح فأقتران القيادات السياسية والإدارية بالاحزاب الحاكمة وتداخل المصالح يؤدي إلى الاضرار بحسن سير الإدارة التي يكون ولاء قياداتها للحزب أعلى من ولائها للإدارة المؤسسية الحكومية وما يترتب على ذلك من تعيينات في مراكز دون اعتبارات الكفاءة والخبرة وهذا من شأنه ان يخلق فجوة بين الادارة والمواطن الذي بات يعتقد ان الإدارة ليست في خدمته وانما في خدمة النظام الحاكم ، فسرعة دوران القيادات الإدارية والسياسية يولد الرغبة لدى شاغلي هذه القيادة في استغلال المنصب بشكل سريع وبالتالي فهي تنشغل في مكاسب الوظيفة ولا تنشغل باصلاح القوانين التي توفر لهم مكنة الانتفاع من هذه المناصب ، وعلى النقيض من ظاهرة (سرعة دوران القيادات) نجد أن ظاهرة (ترهل القيادات السياسية والإدارية) وبقاءها لفترات طويلة على رأس الوزارات والمؤسسات من أهم العوامل المؤثرة في إرادة التغيير السياسية، إذ أن البقاء في هذه المناصب لفترات طويلة من شأنه ان يخلق شبكات للمصالح والعلاقات والتي تمتد لتشمل الابناء والاقارب إلى جانب غياب النموذج والقدوة، فهذه القيادات تعتبر من أهم مواطن الفساد واكثر القوى المقاومة لأي حركة أصلاحية من شأنها تقويض مصالحها الشخصية أو تعريضهم للمساءلة أو الاستغناء عن خدماتهم .
3. الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي والتحديات الخارجية، أو التبعية السياسية وخضوع القيادات السياسية لدوائر التأثيرات الاقليمية أو الدولية بحيث تكون عاجزة عن اتخاذ أي قرار سياسي بمعزل عن هذه الدوائر.
4. أو قد يكون سبب غياب الإرادة السياسية للاصلاح هو عدم أدراك القيادة السياسية أهمية مراجعة التشريعات واحداث نقلة نوعية في السياسة التشريعية واصلاح النظام القانوني ومواكبة التشريعات الدولية والعولمة التشريعية.
5. مركزيه القيادات الإدارية في اتخاذ القرارات ومنع وصول مقترحات المرؤوسين أو الدوائر المختصة أي القيادات السياسية مما يؤدي إلى بقاء التشريعات قاصرة وقديمة ولا تلبي سنة التطور التشريعي بسبب احجام هذه الإدارات عن المبادرة والجرأة في تحديد مواطن الخلل والقصور بالتشريعات باعتبارها الجهات المطبقة للقانون، مما يؤدي ذلك بقاء التشريعات القديمة وصدور تعديلات متعددة وتضخم تشريعي وتضارب في القوانين ويخلق حالة من الفوضى التشريعية .
6. جودة الانظمة الانتخابية : لا شك أن مستقبل أي نظام ديمقراطي يعتمد في بعدهِ القانوني والمؤسساتي – إلى حد بعيد – على المسائل المرتبطة بالعملية الإنتخابية لانها العملية التي تؤدي وتعكس التحولات الاجتماعية والسياسية في بلد ما، لارتباط اختيار قادة الشعب وممثليه بالنظام الإنتخابي المتبنى – ففي الديمقراطيات الناشئة، كثيراً ما يتم تحديد الأطر القانونية للعمليات الإنتخابية في الدساتير مما يزيد الصعوبة في تعديل النظام الإنتخابي، وحتى حين يحتاج تعديل الاخير إلى وضع قوانين جديدة دون الحاجة لتعديل دستوري فإنه يكون من السهل على الأغلبية المحسوبة على النظام الحاكم تعديله، وبالتالي فأن مثل هذه الديمقراطيات التي يشرف على عملية التحول فيها أنظمة أحادية فأن الحزب الواحد يبقى هو المهيمن على الحياة السياسية ومن هنا تظهر أهمية تعديل أو تغيير النظام الإنتخابي في قياس رغبة التغيير الفعلية نحو مؤسسات الحكم الديمقراطي، فالاصلاح السياسي في مجال الأنظمة الإنتخابية جاء ليعكس إرادة سياسية حقيقية نحو الاصلاح في كل جوانبه، أما كيفية اختيار النظام الإنتخابي المناسب فهو أمر يختلف حسب الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتاريخي ومن الصعوبة نمذجة النظم الإنتخابية في قالب واحد حتى تتناسب مع متطلبات الديمقراطية دون أن ننفي وجود علاقة تراتبية بين النظام الإنتخابي ومستوى الديمقراطية في بلد، حيث يذهب الاستاذ موريس دوفورجيه (M. Dauverger) إلى أن نظام التمثيل النسبي يضعف الديمقراطية بينما نظام الاغلبية يعمل على تقويتها، أما ليبهارت (A . Lijphart) فيذهب إلى أن نظام التمثيل النسبي اكثر كفاءة للديمقراطية ومبادئها لانه يتضمن تمثيل الاقلية والتعبير بفعالية اكبر عن خيارات المواطنين، أما بيبا نوريس (Pipa norris) فمن خلال تحليلها لنقاط القوة والضعف في النظامين، توصلت إلى ان كفاءة الديمقراطية ليست مرتبطة بنظام بعينه، وان لكل نظام قيمته ومزاياه المرتبطة فيه، فالقيمة المرتبطة بنظام الاغلبية تتمثل (بالاستقرار)، أي بناء مؤسسات قوية وحكومة فعالة بصلاحيات واسعة وبرلمان أحادي لتفادي الانشقاقات، أما القيمة المرتبطة بنظام التمثيل النسبي فتتمثل (بالتمثيل)، أي التعبير عن خيارات المواطنين وتضمين آراء الجميع حتى وأن كانت أقلية، ولكن أي نظام ديمقراطي يجب أن يتضمن الحد الادنى من متطلبات الديمقراطية والتي تتمثل في عدة متطلبات لتجاوز ما يعرف بديمقراطيات (الواجهة الهشة) وهذه المتطلبات تتمثل في وجود برلمان ذي صفة تمثيلية وشمولية قادرة على ترجمة أصوات الناخبين ومقاعد تمثيلية غير اقصائية، مع ضرورة تكريس التعددية الحزبية، ولضمان قيام أحزاب فاعلة قادرة على استيعاب فكرة التداول السلمي للسلطة، مع ضمان التنافسية في العملية الإنتخابية وان يكون النظام الإنتخابي قادراً على توفير حوافز للمصالحة وعدم دفع بعض الأقليات في المجتمع للدفاع عن نفسها وخصوصياتها خارج إطار العمل المؤسسي بوسائل غير مشروعة أو حتى عنيفة، ومن المهم جداً إخضاع المنتخبين (النواب) للمساءلة في حال عدم وفائهم بوعودهم الإنتخابية، مع تحفيز قوة الرأي الآخر، فالنظم الإنتخابية التي تقلل من دور المعارضة فإنها تفقدها القدرة على القيام بدور الرقيب على السلطة، فقاعدة (الفائز يأخذ كل شيء) في نظام الأغلبية المطلقة من شأنه إقصاء كل الأصوات الأخرى داخل البرلمان وهذا يتنافى مع مقومات وركائز العمل الديمقراطي، خلاصة ما تقدم ان وضع نظام إنتخابي ما ومن ثم تقنينه يعكس في الواقع مدى صدق الأنظمة السياسية في الاصلاح، فالاصلاح التشريعي عملية مرتبطة بشكل أساسي بإرادة سياسية حقيقية وفي برلمان منتخب بطريقة ديمقراطية قادر على تلبية متطلبات الاصلاح التشريعي لذا فإن جودة انتقاء النظم الإنتخابية مؤشر لقياس الديمقراطية لانه يعكس رغبة الاصلاح لدى القادة السياسيين ولكونه يمثل الخطوة الأولى في وجود برلمان يشرع القوانين وفقاً لمتطلبات الديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون.
7. ومن وجهة نظرنا المتواضعة نرى أن عملية الاصلاح التشريعي لا يمكن ان يكتب لها النجاح وتحقيق أهدافها إلاّ بعد اجراء عملية أصلاح سياسي شاملة يكون الجانب التشريعي من ضمن فقرات الاصلاح وتوجه الإرادة السياسية بكل فاعلية لتخطيط استراتيجيات الاصلاح التشريعي ورسم سياساتها وتنفيذها ومتابعة تنفيذها، والسبب يرجع إلى أرتباط السياسات التشريعية بالرؤى والتوجهات السياسية والنوايا الجدية في مكافحة الفساد بكل أنواعه وفي مقدمة أنواع الفساد هو الفساد السياسي د.احمد طلال البدري.



#احمد_طلال_عبد_الحميد (هاشتاغ)       Ahmed_Talal_Albadri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقود الحكومية في ضوء اعمال الارهاب وجائحة كورونا وشحة التخ ...
- تعدد درجات التقاضي ودوره في تحقيق العدالة الادارية
- حريه الملبس في مرفق التعليم
- نظام مفوضي الدولة واثره في جودة وسرعه احكام القضاء الاداري
- التحقيق الإداري الاليكتروني
- ضوابط التحريات الشخصية واثرها في الحد من الاستبعاد غير المشر ...
- التظلم الاداري الاليكتروني
- استقلال ديوان الرقابة المالية الاتحادي في ضوء الدستور والقان ...
- التناقض في قرارات المحكمة الادارية العليا واثره على مبدأ الا ...
- استقلال هيئة النزاهة في ضوء الدستور والقانون وقرارات المحكمة ...
- نحو دور قضائي لديوان الرقابة المالية الاتحادي في مجال المخال ...
- تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (89/اتحادية/2019 ...
- تحديات تنظيم الوظائف العليا في العراق
- المشرع وفكرة التوقع المشروع
- اهمية دراسات قياس اثر التشريع
- المبادىء التي تحكم عمل اللجان التحقيقية في قانون انضباط موظف ...
- لجنة المراجعة والمصادقة ومهامها في تعليمات تنفيذ العقود الحك ...
- مجلس الخدمة الاتحادي وتحديات تدريب الموظفين في العراق
- حوكمة تشريعات الرواتب والامتيازات المالية للموظفين
- ااستراتيجية الحوكمة التشريعية المؤسسية


المزيد.....




- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون
- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - احمد طلال عبد الحميد - معوقات الاصلاح التشريعي