أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عامر صالح - قراءة سيكولوجية سريعة للقاء بنت الدكتاتور العراقي















المزيد.....

قراءة سيكولوجية سريعة للقاء بنت الدكتاتور العراقي


عامر صالح
(Amer Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 6818 - 2021 / 2 / 19 - 21:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قد يكون ليس من المفيد الأنشغال بما قالتة بنت الرئيس العراقي السابق صدام حسين في مقابلة لها عبر حلقات متتالية في قناة العربية التي تمولها وتملكها المملكة العربية السعودية, وهي مقابلة في مجملها تعكس عن ضحالة الفكر والتحليل لدى بنت الدكتاتور صدام حسين للأحداث التي مر بها العراق بعد وقبل سقوط النظام وتعبر اجاباتها عن ثقافة اقطاعية ـ ابوية استمدتها من ثقافة والدها الذي تشبعت خطاباته انذاك بلغة الانشاء الردئ او بأقتباسات لا يعرف معناها حين يستخدمها, ولكن الأعلام الرسمي والصحافة الصفراء سوقت خطاباته كرؤوس اقلام ترسم ملامح مستقبل افضل للعراق, كما عكفت الجامعات العراقية في زمنه الى استخدام العلم لمصلحة الدكتاتور واصبحت خطبه موضوعات للدكتاتوراه والماجستير تنال شرف الأمتياز عن اللاشيئ.

كما عكست قناة العربية وتبنيها لتلك المقابلة والأعداد لها من خلال الأسئلة ومظاهر الحفاوة والتكريم والاعتزاز ببنت الرئيس" رغد صدام حسين " المقبور أن هناك رسالة خاصة جدا تريد السعودية والاعلام الموالي لها ايصالها الى المعنين بالشأن العراقي اليوم والى الخصم المستفحل المتمثل بأيران وحلفائها في المنطقة, وكعادة البراغماتية السعودية فهي تجيد اللعب على الحبال في قدرات استثنائية لأظهار التعاطف والحب والمودة للشعب الذي يكتوى بالصراعات الأقليمية والطائفية ولكن في اجندتها لامانع من ابادته ارضاء لأجندتها الخاصة كما يحصل في اليمن في صراعها الأقليمي مع ايران بشكل خاص, والطرف الايراني هو الآخر لا مانع لديه من حرق دول مستقرة وزجها في آتون اجندتها العقائدية المتخيلة بالحق الآلهي المطلق.

القناة العربية استخدمت التفاهة في صراعها مع اعدائها الأقليمين وحلفائهم في الداخل, وبالتالي سوقت مقابلة بنت الرئيس وهي الأضعف حلقة من حيث المحتوى والأداء وافتعال الكبرياء والأبهة لمن تقابلهم لأشاعة جو من القناعة لدى المتلقي أن ما تتحدث به بنت الرئيس سوف يلقى آذانا صاغية لدى المتلقي العراقي وتهديدا خفيا للطرف الاقليمي, ولكن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية ويشدد من قبضة الكراهية للسعودية, لأن اختيارها لبنت شخصية كان يتمنى السعوديون زوالها بل ووقفوا مع الامريكان لأسقاطه, كما صدرت فتاوى سعودية بتكفيره, وبالتالي فنحن امام نموذج متحايل للتعامل مع الحقائق والمواقف السياسية عبر توظيفها بطريقة تافه على مستوى محتوى المقابلة ام استثمارها في الزمان وأمكنة الصراع المحددة. ولا ننسى احتجاج الكويت التي احتلها الرئيس السابق على قناة العربية وعلى بنت صدام حسين, حيث صادفت المقابلة بعد ايام من تحرير الكويت, وكانت اجابات بنت صدام تسويفية لأدانة احتلال الكويت.

المقابلة أثارت أزمة على المستوى الداخلي، فيما يحتمل أن تُحدث تصريحات رغد بشأن إيران ودورها الخبيث في بلادها أزمة بين ثلاث دول هي العراق والسعودية والأردن، حيث طالب رئيس لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين عبد الإله النائلي، وزارة الخارجية، عبر خطاب رسمي، باستدعاء سفيري مملكتي الأردن والسعودية لتسليمهم مذكرة احتجاج، على هذا اللقاء. اللجنة في خطابها علقت على تصريحات رغد بأنها "تجاوز سافر على الشعب العراقي، وتضحياته في مقارعته لحزب البعث"، فيما أشار النائلي إلى أن استدعاء السفير السعودي نتيجة أن القناة التي خرجت منها رغد هي قناة سعودية وتخضع لإملاءات القيادة السياسية هناك، أما استدعاء سفير الأردن فلكون بلاده هي من تستضيف رغد وعائلتها منذ سنوات طويلة.

ولكن نعتقد ان الاعتراض الرسمي العراقي على مقابلة بنت المقبور هو اسوء من المقابلة ذاتها, فهي يعطي تضخيما للحدث اكبر مما تستحقه المقابلة نفسها, وبالتالي يعكس الخوف المتنامي لدى القوى السياسية العراقية الطائفية وجبهتها الداخلية المتصدعة في احتوائها للتصريحات والانتقادات للأوضاع الحالية في العراق. تحدثت بنت صدام عن سوء الاوضاع اليوم في العراق وهذا صحيح للقاصي والداني, ولكنها اخفت كوارث نظام والدها وحروبه العبثية واستنزاف موارد البلاد في العسكرة والعدوان ثم الحصارات المفروضة بفعل تلك السياسبات التي زرعت الفقر والفاقة والتدهور القيمي والاخلاقي وانهيار البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية والتي تمادى بخرابها نظام بعد 2003 بالفساد وسرقة المال العام والخراب الشامل.

اما على مستوى السياسية ورغبة بنت المقبور بممارسة دور سياسي ما في العراق, فقد اثار هذا غضبا لدى قوى السلطة, وكان يفترض عكس ذلك تماما استنادا ان هناك قاعدة جماهيرية تحمي النظام الديمقراطي من البعث وشظاياه, ولكن بالتأكيد ان ازمة النظام المحصصاتي اصبحت على درجة من الحساسية والخوف وتستفزها ابسط التصريحات وفي مقدمتها بنت صدام التي لا علاقة لها بالسياسة حسب قولها. والأمر هنا فيه عودة مجددة الى فوبيا البعث التي طالما زرعت الأرق في نظام المحاصصة.

والتعقيد هنا ناتج من أن خبرة البعث السابقة في إدارة الدولة وخباياها بطريقة رجل " منظمة المافيا السرية " الذي يحيا ويموت على عدم الثقة بالآخر, وعلى الانقلاب من داخله وخارجه, مكنت الكثير من كوادره وقياداته أن تشكل خلايا أخطبوطية, سياسية وأخلاقية داخل الدولة والأحزاب الحاكمة, ناهيك عن وجودها المستقل علنا والمعلن بعدائه للعملية السياسية.


وقد سهلت التركيبة الطائفية لأحزاب الإسلام السياسي باحتماء الكثير من عناصر البعث ذات الطبيعة الإجرامية,فقد اندست في صفوفه إما " بلحية قصيرة وخاتم " أو " بلحية طويلة وسروال أو دشداشة قصيرة", وبذلك اختلطت الانتماءات بين شيعي تقي ومؤمن, و شيعي ـ بعثي مجرما, أو بين سني يخاف الله ورسوله, وسني ـ بعثي قاتل. وعلى هذا الأساس تم تشويه صورة الصراع الاجتماعي , وإضفاء الصبغة الدينية عليه, والذي بطبيعته لا صبغة دينية له, وهكذا أيضا بدأت تتشكل ملامح سياسة " مساواة الجلاد بالضحية ", أو وضع الظالم والمظلوم في سلة واحدة وفي الحزب الواحد, وبذلك تحولت الأحزاب التي تدعي المظلومية إلى أحزاب هجينة وبلون رمادي قاتم لاهوية سياسية لها,وبفعل ذلك أيضا فقد أصبحت بعض من أحزاب الإسلام السياسي مصدرا لحماية البعث والكثير من عناصره الدموية, وتشكل هذه العناصر بنفس الوقت جزء لايستهان به من قاعدة تلك الأحزاب " الجماهيرية " سنية أم شيعية.


ونؤكد هنا إن قواعد هذه الأحزاب لا ترغب مطلقا بعودة النظام السابق بأي شكل من الأشكال ولا يرغب بعض منها حتى الحوار مع بعض عناصره, طبعا ليست من منطلق العداء له أو العداء للقديم البالي المتهالك, ولكن هؤلاء يستطيعون العبث بالأمن والاستقرار وممارسة الابتزاز والسلب والنهب وخلق الفوضى والاستئثار بالسلطة بما لا استطاعوا فعله في ظل النظام السابق, حيث كانت تجري الأشياء هناك على قاعدة إن الجاني والمجني عليه كانوا معروفين تماما للجميع, أما الآن فالعلم عند الله. إن هذا التعقيد والتداخل في قواعد هذه الأحزاب يضعنا أمام مهمات عسيرة وتساؤل كبير لا تسهل الإجابة عليه آبدا, وهو: " من يجتث من ", وتلك هي إحدى الصعوبات المفصلية التي ألقت بظلالها منذ البداية على هيئة اجتثاث البعث,وأصبح الحديث عن الاجتثاث أول ما يثير قلق عناصر قوى سياسية تحت قبة البرلمان ويمتد هذا القلق ليشمل قيادات إدارية وحزبية وكوادر في مختلف مستويات الهرم الإداري في مختلف المحافظات, وعلى ما يبدوا فأن العملية ليست ببساطة "جرة القلم " كما تصورها الذين اندفعوا للوهلة الأولى. ولعل اختزال الأرقام المفترض اجتثاثها من عدة آلاف إلى عدة مئات يعكس بعض من صعوبات الواقع في هذا المجال.

ونشير هنا أيضا إلى انسلال جزء كبير من عناصر وقيادات وكوادر البعث السابق إلى مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان المختلفة وغيرها من المنظمات ذات الطابع غير الحكومي, والتي تلعب دورا مهما في بلورة والتأثير على الرأي العام في القضايا الكبرى, كقضية الحرية والديمقراطية والمساواة وغيرها, واغلب هؤلاء من العناصر التكنوقراط وذوي الاختصاصات والكفاءات المختلفة من تعليم وإدارة وإعلام واقتصاد وسياسة, وقد شغل الكثير منهم مراكز القرار في المؤسسات الإعلامية والثقافية والتعليمية ومؤسسات الدولة بصورة عامة, وعدد غير قليل منهم من أساتذة الجامعات.وهذه الفئة تقع ضمن تعداد المليونين من " النظام السابق " من حملة الخبرات المختلفة والاختصاصات المتنوعة, وتشكل هذه العناصر احتياطي شعبنا ومجتمعنا لمختلف التخصصات, وهم جزء من بنيته التحتية الاقتصادية والاجتماعية, ولا يجوز وضع هذه الفئة على قدم المساواة مع " ذوي الشهادات المزورة".

وبالمناسبة ومن تابع حلقات مقابلة بنت صدام والتعليقات عليها من قبل وسائل التواصل سيجد حجم السخرية منها والشجب والأدانة والتهكم عليها وعلى والدها والسب والشتم والتصدي لها بعكس الأحزاب الأسلاموية الخائفة, فالشعب يعي حقيقة المؤامرة على مستقبله ومن هم حلفائه واعدائه, وبالتالي شكلت انتفاضته احدى الخيارات الاساسية للخلاص من المحاصصة, وليست من خلال مشروع بنت الرئيس السابق الذي اقدم على قتل زوجها وتيتيم اطفالها وهي تقول انه رجل رحيم !!!.



#عامر_صالح (هاشتاغ)       Amer_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تسبح - البطة - عكس التيار
- العراق: من صدمة الدكتاتورية الى صدمة المحاصصة الطائفية والعر ...
- توأمة الفساد والأرهاب في العراق تريق الدماء البريئة
- الترامبية بين الثقافة الديمراطية وثقافة القطيع
- الفساد الأداري والمالي بين مزدوجي الجنسية وأحادي - الجنسية ا ...
- عام 2020 وداعا ولعله بدون عودة
- بين ترميم -البيت الصغير- وخراب البيت الأكبر
- ناصرية العراق بين سيكولوجيا الترهيب وغياب الدولة
- المفارقات السايكومعرفية والعقلية في أدانة فعل الأرهاب
- في سيكولوجيا التشبث والبقاء في السلطة
- نظام المحاصصة والعبث في منظومة التعليم العالي والبحث العلمي ...
- المناظرة الرئاسية الأمريكية الأخيرة ودلالتها في سيكولوجيا ال ...
- هل الأمومة العراقية في انتكاسة كما يتصورها البعض !!!
- نتائج الأمتحانات العامة للسادس الأعدادي بين ضغوطات كورونا وأ ...
- مناظرة الرئاسة الأمريكية الأنتخابية من منظور سيكولوجيا الأتص ...
- الحوار مع من لا يؤمن بالديمقراطية والتعددية هو حوار أصم
- سجاد العراقي ومشروعية القلق على جهاز مكافحة الأرهاب
- رئيس الوزراء العراقي يتصارع مع -الدولة- وتصارعه
- الدولة العراقية بين هيبتها وتآكلها
- ماكرون وسيكولوجيا الحنين( النوستالجيا )


المزيد.....




- مصرع 10 أشخاص عل الأقل في ثوران بركاني في إندونيسيا
- فيضانات فالنسيا: احتجاجات عارمة تستقبل الملك فيليبي السادس أ ...
- بايرن في مواجهة نارية مع باير في كأس ألمانيا
- داعيا مجلس الأمن لحماية آثار لبنان.. ميقاتي: إسرائيل انقلبت ...
- أعراض مرض الحثل العضلي الدوشيني
- عينات -أبولو 16- تكشف عن فصول جديدة من تاريخ القمر!
- روسيا.. تطوير مستحضرات ميكروبيولوجية لاستخراج المعادن من اله ...
- ثغرات تتيح التلاعب
- صعق الدماغ لمحاربة الإدمان!
- حكومة غزة: شهر على بدء حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على شم ...


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عامر صالح - قراءة سيكولوجية سريعة للقاء بنت الدكتاتور العراقي