أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - قراءة في كتاب جمهرة الألفاظ العامية العراقية للباحث والمترجم صلاح السعيد















المزيد.....

قراءة في كتاب جمهرة الألفاظ العامية العراقية للباحث والمترجم صلاح السعيد


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 6800 - 2021 / 1 / 27 - 15:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


صدر عن دار الفرات في مدينة الحلة بالاشتراك مع دار سما للكاتب والباحث والمترجم صلاح السعيد كتابه الموسوم (جمهرة الألفاظ العامية العراقية) الطبعة الرابعة مزيدة ومنقحة، الكتاب تضمن 352 صفحة من الحجم المتوسط ذات غلاف وطباعة جيدة، وقد تمت فهرست المفردات حسب الحروف الأبجدية مع الإهداء والمقدمة وما كتبه الكتاب حول الكتاب من اعجاب واستحسان، ويعد الكتاب مرجعاً مهماً للمفردات والألفاظ العامية العراقية. وقد اضاف السعيد لهذه الطبعة 765 مفردة عامية جديدة إضافة للمفردات السابقة ليصبح الكتاب يحتوي على 1930 مفردة عامية عراقية مستخدمة في الوسط الاجتماعي. والكتاب ممتع وقد تضمن الكثير ومن الأمثال الشعبية وأبيات الشعر الشعبي العراقي.
الكاتب والمترجم صلاح مهدي السعيد الحلي تولد مدينة الحلة عام 1945م، حاصل على شهادة البكالوريوس في كلية الآداب قسم اللغة الانكليزية، عمل مدرساً داخل وخارج العراق، وهو عضو نقابة الصحفيين العراقيين وعضو جمعية المترجمين العراقيين ورئس اتحاد أدباء وكتاب بابل، وقد ترجم الكثر من المقالات وصدر له أكثر من (20) مؤلف بين الترجمة والبحث والتأليف، وحائز على الجائزة الأولى لوزارة الثقافة العراقية لعام 2022م في مجال بحوث العقائد والانثرولوجيا عن كتابه الموسوم (طقوس وعقائد).
تمكن الباحث من جمع الكثير من المفردات العامية العراقية وتعتبر هذه المفردات مدخلاً لديباجة المعجم اللساني العراقي، وقد سلط الضوء الباحث على المفردات التي تطورّت وتشعّبت ونمت وتنقّلت وتبدّلت، وكأنها تحاكي روحاً وحالة عضوية قائمة، بما يوحي لنا بأن ما نقله ووثقّه السعيد هو علم يُعتّد به، ويُفخر بمكوثه. وهي مفردات نتداولها من خلال الاسترسال التراكمي من الحراك اللساني الممتد في عمق التاريخ، بعض أصول المفردات الماكثة من ألسنة لعدوّ أو محتّل سابق أو لاحق بصيغ مركبّة أو محرّفة أو مختزلة، لا تشكّل انتقاصاً من تاريخنا، لكن التوثيق يؤكد بعدم سلامة لهجاتنا من العجمة، ويمكن أن نقتبس بعض المفردات ليس للحصر مثل، أوجاغ، آهين، جادّة، جغان، عافرم، جطل، جشمجي... الخ. ونقرّ هنا أنه لا توجد لغة في الدنيا خالية من الاستعارات والتلاقحات حتى النائية منها، فالمفردات حُبلى بكلمات اللغات القريبة والبعيدة، وحتى من مصادر اللغات العراقية القديمة والعربية.
نجد إن اللغة العراقية الحالية منجم لغوي يمكن من خلاله الوصول إلى كثير من خفايا التاريخ اللساني البشري، وأن خامته تشرَئب إلى السومرية والأكدية، أو ربما أبعد من ذلك حتى اللغات الفراتية الأولى.
فإن دور الباحث السعيد في تدوين الألفاظ العامية العراقية سمّة لبيبة، يخشى البعض عن ضياعها وكذلك الباحث، وكم أنا ممتن للأستاذ صلاح السعيد للريادة التي قام بها في معجمه هذا (جمهرة الألفاظ العامة العراقية) التي تم اصدارها بأربع طبعات. لكن اليوم هناك مفردات دخيلة دخلت على المفردات العراقية العامية لم يسمع بها جيلي من قبل ولا الباحث صلاح السعيد ومنها : علاس، خمط، نگري، حواسم، دفتر، بوري. فقد حدثت انقلابات جذرية في مفردات العامية العراقية، فالطبقة الحاكمة اليوم لا تأتي بعاداتها وتقاليدها فحسب، بل تأتي بلغتها ولهجتها وألقابها أيضاً، وتفرضها على المجتمع بمرور الوقت حتى يصبح الشارع صدى كلام هذه الطبقات، وثمّة من يسخر من هذه وتلك، فيحصل خلط وعجب عجاب، كما هو حاصل اليوم. فقبل عام 2003م كان الحاكم البدوي قد حوّل الشارع العراقي إلى ثكنة عسكرية ترطن بمفردات الصحراء والسلاح، واليوم جاء الفلاح بكل ترسّبات الريف، وألقى حمولته اللغوية بلهجتها الثقيلة والصادمة في الطريق. حيث يقال اليوم في الشارع العراقي للمرأة الجميلة (صاكة)، وهي مفردة عامية تطلق على الأشياء المسبوكة جيداً، و(صكه) أي صفّاه جسدياً، و(المصكوك) المغتال أو القتيل. فضرورة تدوين كل تلك التخرّصات والشطحات لتشكّل سمة مرحلة تفيد الدارسين مستقبلاً. ودراسة الكلمات تصّب في فهم سمات الناس وطبيعة زمانهم وخصوصيتهم العقيلة.
وأخيراً نقول كثرة المفردات العامية التي جمعها الباحث صلاح السعيد لرمزية ثرائها وتراكم تجاربها وما اضاف لها من أمثال وقصائد شعبية تشكل متعة للقارئ والمتابع. وفي السابق نجد كلمة (حريشي) المتداولة في الجنوب العراقي تعني بالآرامية (السكوت أو الخرس) وتعدّ من الشتائم كدعوة للخرس، ونجد إحدى عشائر الجنوب (الحريشية) التي تعني الخرسان. وما زلت أتفحص باستغراب وفضول المفردات والأمثال التي ذكرها الاستاذ السعيد أجد بعضها سومري أو آرامي أو مندائي أو تركي أو فارسي، وحري القول بأن للكلمات روحاً ومدىً، مثلما هي الكائنات، فإن كُتب لها البقاء، فهي ماكثة، وإن وهنت، فهي فانية وبائدة، ووراء ذلك أسباب تتعلق بالجهد البشري. وتمكث المفردات رهينة يُبذَل من طرف أهلها، ولا يمكن لها أن تُعين نفسها بنفسها، وتقف شامخة دون تدخل بشري.
وقد ذكر الباحث في ص17 من الكتاب قائلاً: "اللهجات الدارجة نجدها في كل لغات العالم تقريباً"، وهذا ما نجده في اللغات الأخرى من التركية والانكليزية والالمانية والدنماركية والسويدية، فهناك اللغة الفصحى وهناك اللغة الدارجة كما هي في اللهجات العراقية العامية.
وثمة من يجد في الاختلاف بين اللهجة والفصحى مثلبة، وأنا أجدها مكرمة، أولها أن العامية حافظت على الموروث، والثانية أنها تضطلع على اسلوبين للتفكير يساعدنّ على تطوير ملكات العقل، كما هو حال من يتعلم لغتين، أو يعرف ثقافتين، بالرغم من أن الفرق فيما بينهما بسيط، وعن المثقفين يقلّ حتماَ، حتى تتطابق عند البعض، وهنا نقرّ أنه لا توجد لغة في الدنيا إلى صنفين إحداهما مثقفة والأخرى عامية، لذا فمن يتعلم إحداهما يفهم الأخرى.
لكن هناك بعض الملاحظات على بعض المفردات العامية التي استخدمها العراقيون في حياتهم اليومية، وقد شرحها الباحث صلاح السعيد بغير ما هي معروفة لدى الآخرين ومنها: أستكان وهي لفظة انكليزية وتعود إلى الانكليز والهنود ومع الاحتلال البريطاني للعراق وما زالت بعض المناطق شمنال العراق تسمي الاستكان (بيالة)، لكن بعض الجنود الانكليز كانوا يتناولون الشاي بالكوب، وهو الفنجان الزجاجي الكبير، وتميزاً لقدح الشاي الهندي (البيالة) عن الكوب الانكليزي اطلق هؤلاء على القدح اسم استكان، وهذا ما اكده د. علي ثويني في كتابة (الألسنة العراقية) ص 318.
كما اعتقد أن الباحث فد ترك سهواً بعض المفردات استخدمت في الالفاظ العامية العراقية مثال ذلك مفردات (أيجّات) وهي بمعنى الخيول المعمرة في سباق الخيول (الريسز) و(أيجه) تُطلق على المرأة التي تجاوزت فترة الشباب كذلك. فضلاً عن مفردات من الممكن إضافتها للكتاب منها: أطرقجي (بائع السجاد)، بازهر (طارد السم) وهي كلمة فارسية، بخّ بمعنى الذبح، برجم وهي كلمة تركية بمعنى (المسامير الحديدية المقببة، برداغ أي بمعنى كوب الماء وهي من لغات الشرق القديم، بلشتي (الحيلة) وقد اشتقّت من كلمة بلشفي، بلشه (ورطة)، بنجرجي، تنباك وهي لفظة هندية تلفظ على النحاس وفي التركية تعني تبغ النرجيلة، توثية (عصا)، جام كلمة تركية بمعنى الزجاج وكذلك هي كلمة من لغات البلقان، جراويّة أي غطاء الرأس وقد استعملها السوريين، جرخجي أي الحارس، جفجير، جفيان، جلاق، جلبي، جلّت أي بمعنى كلّت أو اكتفت، جمالة، جيب، جيجان بمعنى الشيشان الذين جاؤوا إلى العراق أيام الاحتلال العثماني، حايط انصيص، حبنتري، حسوه من الحساء، حمامجي، حسجة، الحرمدان أي حقيبة السفر، الجزدان كلمة تركية، البازبند وهي كلمة فارسية، خاتون وهي السيدة من اصل تركي ومغولي، خازوق من اصل تركي ويعني الوتد، خاصكي أي حاشية السلطان، خراب البصرة، خرگة ويقال للرجل خرگة وخنيوة وخنجة، خوجة أو خواجة، خنده وهي فارسية بمعنى السيد، دامرجي، داية ، الدربند فرسة بمعنى سنبلة من الحديد، درو فارسية بمعنى الألم، وهكذا هناك الكثير من المفردات بالإمكان للباحث اضافتها للكتاب ليعتبر معجم للألفاظ العامية العراقية.
مع كل ما ذكرت سابقاً أنا اشكر الباحث صلاح السعيد لهذا الجهد الذاتي الذي بذله لإخراج هذا الكتاب الذي يضم مفردات عامية قد تندثر ويطويها الزمان على النسيان.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفولة واللسان والفطرة
- طقوس الحب المقدس
- تاريخ الديانة المسيحية في الموصل
- الزواج والعلاقات الاجتماعية عبرَّ التاريخ
- غالب العميدي وصدور مذكراته (حُلوٌ ومُر من سنواتِ العُمْر)
- صدور كتابي الموسوم (البْابِية والبَهائية في العِرّاقُ ... در ...
- بذور الفكر الصهيوني في العراق
- هادي جبارة الحلي رائد المسرح الشعري الشعبي في العراق
- الدكتور رشيد معتوق طبيب الإنسانية
- عبد الله الدلوي الإنسان الذي ترك ذكراً طيباً
- قراءة في كتاب المعبد في وادي الرافدين للدكتور نصير الحسيني
- هادي شاكر أبو دية... وسيرة مناضل أممي
- مدينة الديوانية وما تحمله الذاكرة عن الخطاط ملا علي
- عصمت طه كتاني ممثل العراق في الأمم المتحدة سابقاً
- جعفر الخليلي شاعراً وأديباً وروائياً وصحفياً
- باسم عبد الحميد حمودي ناقداً وباحثاً فولكلورياً
- فاضل سلطان القيادي في الانتفاضة الشعبية في الديوانية عام 199 ...
- الفنان التشكيلي المبدع والمخرج عماد عبد الهادي
- نجيب علوان الأسدي عرفته انساناً شيوعياً صلباً
- الدكتورة ماهي كجه جي... شخصية عالقة في ذاكرة مدينة الديوانية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل عبد الأمير الربيعي - قراءة في كتاب جمهرة الألفاظ العامية العراقية للباحث والمترجم صلاح السعيد