ملاحظات على هامش دعوة بعض قيادات حركة النهضة الاسلاموية مليشياتها لمعاضدة رجال الأمن خلال الاحتجاجات... !


عمران مختار حاضري
2021 / 1 / 24 - 14:18     

ملاحظات على هامش دعوة بعض قيادات حركة النهضة الاسلاموية مليشياتها " لمعاضدة رجال الأمن خلال الاحتجاجات"...!!!
1/ حركة النهضة ككل حركات الإسلام السياسي ظاهرة انتحارية كشفت في وقت قياسي عن طبيعتها الاستبدادية التسلطية الغنائمية من موقعها الجديد في السلطة (بدعم خارجي امريكي/قطري/ تركي أساساً عبر الإسراع بالعملية الانتخابية و كسر إرادة الشعب المنتفض في مراكمة وعيه و تنظيم تحركاته و استكمال ثورته بنسق تصاعدي و مستمر...) و هي أعجز من أن تربك الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في الآونة الأخيرة بمناسبة مرور عشر سنوات على إندلاع الثورة في تونس ... و مهما تلونت و حاولت تلميع صورتها و ادعت "اعتدالها" تظل مشدودة على الدوام إلى عقائدها الراسخة في ممارسة كافة أشكال العنف و ازدواجية الخطاب من أجل فرض مشروعها الماضوي المدمر... كان القفز إلى السلطة بالنسبة لها و أتباعها بمثابة " نهاية التاريخ"...! و كانت محكومة بأسلوب " التمكين" إذ تصورت أنه لمجرد الوصول إلى سدة الحكم قد أدركت المرحلة التي تخول لها بسط هيمنتها على أجهزة الدولة و إخضاعها لتحقيق مشروعها القروسطي و فرض نموذجها المجتمعي بشتى الطرق و الغاية تبرر الوسيلة...!
خارجيا ، وطدت علاقاتها مع الغرب الإمبريالي بخاصة الولايات المتحدة الأمريكية و مسحت عنها شبهة "الإمبريالية" و الرغبة في الهيمنة على الشعوب و السيطرة على ثرواتها الطبيعة و السعي إلى التحالف معها بل الالتحاق بسياساتها العدوانية برغم سقوط الادعاء القديم المتجدد بأن تلك "ضرورة لمواجهة الشيوعية و معسكرها السوفييتي الرهيب"...! كما أسقطت "عداوتها " التظليلية المزعومة عن الكيان الصهيوني الفاشستي بل اندفعت حركة النهضة كسائر حركات الإسلام السياسي عامة إلى كسب ود قادة هذا الكيان الغاصب من خلال تعهد رئيسها أمام " ايباك" المنظمة الصهيونية الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية ليتم إسقاط بند يجرم كافة أشكال التطبيع في الدستور الجديد لما كانت حركة النهضة تحوز على أغلبية في المجلس الوطني التأسيسي ، كما استقبلت أثناء فترة حكمها جون ماكين و كذلك رئيس "فريدوم هاوس" و ذكرت أيضا بعض وسائل الإعلام أن رئيس حركة النهضة حضر أمام صهر ترامب في "ايباك" إلى جانب وليد جنبلاط و بعض القادة العرب يوم الإعلان عما يسمى ب"صفقة القرن" العدوانية...!!! أما داخلياً كرست الاستبداد بكافة أشكاله بإسم"شرعية صندوق انتخابي" مطعون فيها أصلا ...! و تنكرت لوعودها الانتخابوية و حافظت على نفس الخيارات القديمة المتازمة التي ثار ضدها الشعب و منذ وصولها إلى السلطة انتشرت "الجمعيات الخيرية" ( 246 جمعية حسب بعض المصادر الإعلامية) و البنوك الإسلامية و تدريس مادة المالية الإسلامية و الرياض القرآنية و غيرها من مظاهر " أخونة المجتمع"... ! كما تعددت العمليات الإرهابية و الإغتيالات السياسية و " الشرطة الشرعية" و هيئات " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"... إلى جانب "الجهاز السري" و " الأمن الموازي" و عمليات تسفير الإرهابيين إلى سوريا و ليبيا ... كما أطلقت" ميليشياتها في 9 افريل و 4 ديسمبر من سنة 2012 للاعتداء على المتظاهرين و الاتحاد العام التونسي للشغل... و ها هي اليوم تستكثر على الشعب حراكه الثوري و تعادي الثورة التي بفضلها وصلوا إلى ما هم فيه من رغد العيش و ثراء لافت و فضائل الحكم رغم عدم مشاركتهم فيها ها هي تجيش ميليشياتها للاعتداء على المحتجين بذريعة" حماية الأملاك العامة و الخاصة و معاضدة رجال الأمن " في تجاوز صارخ للدستور والقانون ...! لكنها تبقى أعجز من أن تربك الحراك الثوري و أعجز من أن تواجه إرادة الجماهير المنتفضة و لن تقدر على إخماد الغضب الشعبي المتصاعد و الصراع المحتدم ضد منظومة الحكم النيوليبرالية العدوانية الحاكمة بشقيها الاسلاموي الظلامي و الحداثوي الشكلاني الزائف هذه المنظومة التي تردت في مأزق حقيقي فلا رواد الاسلام السياسي و لا شركاؤهم في الحكم يملكون الحلول لمطالب الشعب المنتفض و لن يكون هناك استقرار يذكر ولن يهدأ الشعب إلا بتحقيق مطالبه الاقتصادية والاجتماعية أساساً...! لقد دخل الشعب في عقد من الحراك الثوري و كان الحفاظ على نفس الخيارات القديمة المتازمة التي ثار ضدها الشعب و كذلك عدم جاهزية العامل الذاتي لاقتناص اللحظة التاريخية شكلا السبب الذي أعاد إنتاج النظام ذاته بالمصالح الطبقية التي تمثلها و بأشكال جديدة لكن ما لم يستوعبه اغبياء السياسة في الحكم و خارجه أن الواقع الموضوعي لا يسمح للجماهير التي تمردت أن تهدأ و تستكين دون تحقيق التغيير الضروري المنشود مهما تعثر المسار الثوري و مهما كانت الصعوبات و الاعتقالات و القمع البوليسي و الميليشيوي الذي تهدد به حركة النهضة الاسلاموية لأن الشعب المنتفض لم يعد يتقبل أوضاعه المعيشية المزرية و لم يعد يحتمل التعايش مع هكذا أزمة طاحنة و بالتالي لا خيار أمام الشعب غير مواصلة الحراك الثوري و تنظيم تحركاته و مراكمة وعيه و لا خيار أمام الأطياف التقدمية الوطنية الناهضة و الديموقراطية الثورية المنتصرة للشعب و انتظاراته و الوطن و سيادته غير تجهيز نفسها و توحيد طاقاتها الذاتية و حماية الحراك الثوري و تاطيره و مركزته و الاستعداد الفكري و السياسي و التنظيمي لتوجيه طاقة الاحتجاجات الشعبية صوب التغيير الجذري المنشود شعبيا الذي يطال كلية المنظومة العدوانية الغنائمية و منوالها التنموي التبعي الريعي الخدمي البنكي الرث...
2/..." و حتى لا نتوه في كثرة الأمثلة و الوقائع حول الإسلام السياسي بصفة عامة، نكتفي بالاشارة إلى وجود الكثير من الملامح المشتركة بين الحركة الصهيونية و الحركة الإخوانية الاسلاموية عامة حيث هناك عدة عناصر تشابه في المنطلقات و أسلوب النشاط و تكديس الأموال و توظيفها سياسيا و الأجهزة السرية و استعمال العنف و استعداء الخصوم... من أجل إدراك الأهداف و الغايات...ولا عجب في ذلك لأنهما بالمحصلة تعبيرة من تعبيرات النظام الرأسمالي العالمي و ليس من قبيل الصدفة أن تتشابه ملامح التكوين و النشأة بين الحركتين مهما اختلفت الشعارات و المصطلحات و زوايا النظر...! يجب على المختصين دراسة هذه الظاهرة و إبراز الصفحات المطموسة بين الحركتين"...!
3/ إذا أردت أن تدمر أمة و تقطع أوصال شعب و تنسف وحدته و تمزق نسيجه المجتمعي و تدوس على مكاسبه و تدنس حضارته... فلا حاجة إلى حرب عدوانية أو ترسانة أسلحة نووية ...فقط مكن عصابات الإسلام السياسي من الحكم فأينما حلوا يحل معهم الخراب و الدمار...! و مع ذلك تجد أدعياء الحداثة المشوهة الزائفة لا يجدون خرجا في صياغة التوافقات معهم و يوفرون لهم الغطاء السياسي و يسوقون عبثا "لاعتدالهم" و يتقاسمون معهم غنيمة الحكم حفاظا على الخيارات القديمة و علاقات الإنتاج القائمة على التبعية للمركز الإمبريالي و خدمة مصالحهم و مصالح أقلية كمبرادورية رثة...
أعتقد أن المشروع الاسلاموي في تهاوي مستمر و إن بقي تأثيره موجوداً ، لقد اندحر في السودان و في مصر وانتحر على أسوار دمشق و انكشف على حقيقته بوصفه امتداداً لمشروع تجديد الهيمنة الأمريكية و الغربية على المنطقة و ربما من أعظم افضالهم لما قفزوا إلى الحكم أنهم انجزوا مهمة انكشافهم على حقيقتهم بسرعة قياسية ساهمت بدرجة كبيرة في زوال سحرهم الخادع عن عقول البسطاء... !
23/1/2021