أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - العراق مستودع أزمات















المزيد.....

العراق مستودع أزمات


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6718 - 2020 / 10 / 29 - 08:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما إنفك العراق منذ تأسيس دولته الحديثة في مطلع القرن العشرين وحتى يومنا هذا , يواجه دوامة أزمات لا تنتهي, لعل ما يعرف بالقضية الكردية أبرز هذه الأزمات وأكثرها تعقيدا وهدرا للمال العام ونزفا للدماء العراقية . فعند تأسيس المملكة العراقية عام 1921 ,قاد الشيخ محمود الحفيد البرزنجي سلسلة من الانتفاضات المسلحة ضد السلطة العراقية في وقت الاحتلال البريطاني , ولاحقًا ضد الانتداب البريطاني على العراق. سُجن الحفيد بعد محاولة تمرده الأولى في مايس من العام 1919 ونفي للهند لمدة سنة واحدة وعند عودته تم تعيينه محافظا , لكنه ثار مجددًا بعد وقتٍ قصير معلنًا نفسه حاكمًا لمملكة كردستان. استمرت مملكته من أيلول 1922 حتى تموز 1924. عارض شيخ كردي آخر هو أحمد البرزاني بقوة, الحكم المركزي في العراق الانتدابي خلال عقد العشرينيات . بدأت أولى ثورات البارزاني في العام 1931، التي خسرها وأصبح بعدها لاجئا في تركيا. كانت محاولة الانفصال الكردية التالية تحت قيادة مصطفى البرزاني الأخ الأصغر لأحمد البارزاني في 1943، لكنها قمعت كسابقاتها، وتسببت في نفي مصطفى إلى إيران، حيث شارك هناك في محاولة انفصال الأكراد تحت لواء جمهورية مهاباد التي تم القضاء عليها هي الأخرى.
لم تمارس الحكومات العراقية المتعاقبة في العهد الملكي أية سياسات عنصرية ضد الأكراد , بل كان حالهم حال المواطنين الآخرين سواء بسواء, وكان منهم قادة مدنيين وعسكريين ووزراء في الدولة العراقية , وقد شغل البعض منهم منصب رئيس الوزراء, وكان منهم قادة بارزين في أحزاب المعارضة العراقية المناوئة للنظام الملكي, وبخاصة الحزب الشيوعي العراقي الذي تزعمه أكثر من مرة شيوعي كردي.
وبعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز وتأسيس نظام الحكم الجمهوري عام 1958 , أقر دستور الجمهورية المؤقت ولأول مرة بتاريخ العراق أن العرب والأكراد شركاء في الوطن.وسمح بعودة الملا مصطفى البرزاني من منفاه في الأتحاد السوفيتي وسط ترحيب حكومة الثورة عام 1958, ليشارك في الحياة السياسية عبر حزبه , الحزب الديمقراطي الكردستاني.إلاّ ان ذلك لم يحد من النزعة الإنفصالية المتأصلة لدى القادة الأكراد , إذ سرعان ما أعلن الملا مصطفى تمردا واسعاعام 1961 ضد حكومة الثورة, ومشاركته بمؤامرة أسقاطها عام 1963, لتعقبها سلسلة إنتفاضات مسلحة طوال عقد الستينيات. توقفت بعدها هذه الإنتفاضات لمدة قصيرة , بصدور ما عرف ببيان آذار عام 1970, بعد الإتفاق المبرم بين الحكومة العراقية والقادة الأكراد . إعتبر البيان اللغة الكردية لغة رسمية دستوريا في المحافظات ذات الغالبية الكردية,والتدريس باللغة الكردية في تلك المحافظات, ومنحهم حكما ذاتيا في المحافظات ذات الغالبية السكانية الكردية ,التي تشمل السليمانية وأربيل ودهوك المستحدثة عام 1969 ,وعلى أن يتم حسم موضوع محافظة كركوك وبعض المناطق المتعددة القوميات في غضون خمس سنوات بعد تطبيع أوضاعها .أعلنت الحكومة العراقية عن تشكيل منطقة كردستان للحكم الذاتي عام 1974.
تدهورت العلاقات ثانية بين الحكومة والقادة الأكراد عام 1974 بسبب عدم الإتفاق على عائدية محافظة كركوك , ليندلع بعدها تمردا كرديا واسعا بمساعدة إيران وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الذي كلف العراق خسائر كبيرة , لم تتمكن الحكومة العراقية من إخماده , إلاّ بعد توقيعها مرغمة لما عرف بإتفاقية الجزائر التي إضطرت فيها الحكومة العراقية , التنازل لإيران عن نصف مجرى شط العرب الذي إستولت عليه قسرا وخلافا للقانون الدولي عام 1969, لتضع حدا للدعم الإيراني للتمرد الكردي الذي سرعان ما تلاشى فور تنفيذ الإتفاقية .وبإنتهاء التمرد عام 1975 قامت الحكومة العراقية بإنشاء منطقة كردستان للحكم الذاتي , التي شملت محافظات السليمانية وأربيل ودهوك , متخذة من أربيل عاصمة لها . تمتعت المنطقة بصلاحيات معينة لإدارة شؤونها الداخلية وفق ما تقرره حكومتها المحلية في إطار سياسة الحكومة العراقية.
وبإندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 تحركت بعض المجاميع المسلحة الكردية بمساعدة ودعم الحكومة الإيرانية في بعض قرى ومناطق كردستان الجبلية النائية ببعض العمليات المسلحة دون تحقيق نتيجة تذكر لصالحها. تأتي بعدها حرب تحرير الكويت عام 1991 وما أعقبها من تمرد واسع ضد الحكومة العراقية في وسط وجنوب العراق ومحافظات كردستان , أدت إلى قيام الولايات المتحدة الأمريكية ,إجبار الحكومة العراقية بإخراج موظفيها وقواتها المسلحة من منطقة كردستان , وعدم السماح لها بالتدخل بشؤونها بأي شكل من الأشكال , وجعلها تحت حمايتها بوصفها ملاذا آمنا للأكراد , وتسليم إدارتها إلى الحزبين الكرديين الرئيسين , الحزب الديمقراطي الكردستاني وقواته المسلحة المعروفة بقوات البشمركة , ومركز نفوذها الرئيسي محافظتي أربيل ودهوك , وحزب الإتحاد الديمقراطي الكردستاني وقواته المسلحة المعروفة هي الأخرى بقوات البشمركة المتمركزة في محافظة السليمانية , لتندلع حرب بينهما عام 1996 تستولي فيها قوات بشمركة السليمانية على مدينة أربيل , الأمر الذي إضطر فيه مسعود البرزاني حاكم أربيل الإستعانة بصدام حسين لإخراج هذه القوات من أربيل وتسليم مفاتيح حكمها له ثانية , فكان له ما أراد , حيث قامت قوات الجيش العراقي بإخراج قوات البشمركة من أربيل في غضون أيام وتسليمها ثانية إلى مسعود البرزاني.
وبعد غزو العراق وإحتلاله عام 2003 الذي لعبت فيه الأحزاب الكردية دورا أساسيا بمساندة القوات الغازية التي مكنتها من بسط نفوذها دون منازع في محافظات الحكم الذاتي , وجعلت منها أشبه ما تكون دولة مستقلة قائمة بذاتها , تشارك بقية محافظات العراق بثرواتها لتمويل بناء دولتها, وتتحكم كثيرا في قرارات الحكومة العراقية , إذ لا يمكن تشكيل حكومة عراقية أو إتخاذ أي قرار أو إصدار أي قانون أبدا دون إستحصال موافقتها , والعكس ليس صحيحا إذ لا يمكن للحكومة العراقية التدخل بأي من شؤون المحافظات الكردية , كما لا تخضع هذه المحافظات للقوانين العراقية إذ لها قوانينها الخاصة ودستورها وعلمها , فهذه المحافظات أشبه ما تكون بدولة مجاورة ذات نفوذ واسع في العراق , وليس جزءا من العراق . إستحدثت حكومة كردستان محافظة حلبجة وبعض الوحدات الإدارية دون الرجوع للحكومة العراقية التي هي وحدها من يحق له إستحداث المحافظات والوحدات الإدارية .تتصرف حكومة الإقليم على هواها بثروات الإقليم وتعقد الإتفاقات مع الدول الأجنبية بمعزل عن الحكومة العراقية , ولها قواتها العسكرية والأمنية الخاصة بها , وتسمح بإقامة القواعد العسكرية الأجنبية والتحالف معها بما يضمن مصالحها .
وبرغم كل ذلك ما إنفك القادة الأكراد يهددون بمناسبة أو بدونها بإنفصالهم عن العراق وكأنهم متفضلين على العراق ببقائهم ضمن الدولة العراقية . ويسعى القادة الكرد لضم مناطق سكانية مختلطة القوميات في محافظات واسط وديالى وصلاح الدين ونينوى وكركوك إلى منطقة حكمهم الحالية بدعوى عائديتها وبخاصة محافظة كركوك التي تتناقل الأنباء عن سعيهم الحثيثة لتغيير تركيبتها السكانية بتهجير الكثير من سكانها العرب تحت هذه الذريعة أو تلك وجلب عوائل كردية من السليمانية وغيرها بهدف تكريد المحافظة , دون أن تحرك الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العام 2003 ساكنا. أن وضعا شاذا كهذا مستمرا منذ سنين ويتفاقم عاما بعد آخر ينبغي وضع حدا له بإتخاذ إجراءات قانونية سليمة تضمن لجميع العراقيين حقوقهم , وهذا يتطلب الآتي :
1. تحديد منطقة كردستان على وفق الغالبية السكانية في كل محافظة على وفق التعداد السكاني لعام 1957 كما هو مثبت في السجلات الرسمية , وعدم السماح بالتلاعب بالوحدات الإدارية في كل محافظة, إذ أنه أمر طبيعي أن تكون هناك محافظات ومدن متعددة القوميات في الكثير من دول العالم , ولا يصح تهجير السكان على أساس التطهير العرقي.
2. إجراء إستفتاء عام لتحديد مصير منطقة كردستان , كدولة مستقلة بذاتها عن العراق , أو بقائها ضمن الدولة العراقية في إطار نظام الحكم الفيدرالي المتعارف عليها عالميا الذي يمنح الأقاليم والولايات حكما ذاتيا لإدارة شؤونها الداخلية فقط , وتتولى الحكومة المركزية شؤون البلاد الخارجية والأمنية والعسكرية بحيث لا يكون هناك تعارض أو تداخل في الصلاحيات.
3. حسم موضوع ما يعرف بالمناطق المتنازع عليها , إذ يفترض أن لا وجود لمناطق متنازع عليها بين الدولة وأي جزء منها , فجميعها تعود للدولة .
4. إدراك جميع العراقيين أنه لا يمكن قيام دولة كردية مستقلة على أرض العراق , دون موافقة العراقيين أولا , ودول جوار العراق ثانيا , إذ أن منطقة كردستان منطقة داخلية مقفلة لا يمكنها التواصل مع العالم الخارجي دون منفذ بري أو بحري , وهو أمر لا يمكن تحقيقة إلاّ عبر أحد دول الجوار. ولعل الإستفتاء الأخير الفاشل الذي أجرته حكومة الإقليم لإستعراض قوتها , إلاّ دليلا ساطعا على صحة ذلك .
5. إدراك أبعاد قيام دولة كردية , إنما يعني إعادة رسم خرائط المنطقة برمتها , فهناك مناطق عراقية واسعة ضمت إلى إيران , كما أن كل من إيران وتركيا بلدان متعددة القوميات مما يهددها بخطر تقسيمها وشرذمتها على أساس قومي, وأستحدثت دول لم يكن لها وجود سابقا , مما يهدد بفوضى عارمة في المنطقة التي تعاني حاليا من عدم الإستقرار.
ولتحقيق هذا الهدف السامي الذي يخدم العراقيين بمختلف قومياتهم , فأنه يستلزم بناء جسور الثقة بين جميع الفرقاء من منطلق المصلحة الوطنية وبعيدا عن المناورات السياسية والنظرة المصلحية الضيقة والإتكاء على القوى الأجنبية , وتهيئة الظروف المناسبة لإجراء التعداد السكاني في عموم محافظات العراق للوقوف على حقيقة تركيبته السكانية وكثافتها . وأخيرا نقول يتوهم كثيرا من يراهن على الزمن الذي يأمل أنه يعمل لصالحه بعد أن دب الوهن والضعف في جسد العراق المتهالك حاليا جراء الفساد ونهب المال العام وسوء الإدارة وتردي الأخلاق والقيم , نقول سينهض العراق إن عاجلا أو آجلا من كبوته قريبا إن شاء الله.
سنتناول بإذن الله في مقالاتنا القادمة بعض أزمات العراق التي باتت تبدو أنها أزمات مستعصية .



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات جائحة فيروس كوفد- 19 المستجد ... على قطاعي التربية و ...
- ألأمن ... ركيزة التنمية الشاملة
- الإنتماء الصادق للعراق ... معيار الوطنية
- ملاحظات عابرة في التطبيع الخليجي الصهيوني
- لمصلحة من إثارة الهرطقات الطائفية ؟
- حديث في تسييس الطفولة
- أما آن لليل العراق أن ينجلي
- حديث في المراهقة السياسية
- حديث ذي شجون في الإنقلابات العسكرية
- واسفاه على هوان العراق
- نظرة في ثلاثية الدين والقومية والوطنية
- إشكالية العقائد السياسية الكونية والولاء الوطني
- السيادة العراقية وحرية القرار السياسي
- هل بات العراق دوامة أزمات ؟
- لا تحدث العاقل بما لا يليق
- مصطلحات نشاز ما زالت قيد التداول
- نكون شعبا أو لا نكون ...ولكن لسنا مكونات
- كيف لا نحب العراق ؟
- العراق يتهاوى ... هل من منقذ ؟
- لماذا إنحسر دور اليسار العراقي... في الإنتفاضات الشعبية


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - العراق مستودع أزمات