أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسن عطا الرضيع - دور البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي














المزيد.....

دور البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي


حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)


الحوار المتمدن-العدد: 6662 - 2020 / 8 / 30 - 14:46
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لقد تغيرات العوامل المحددة للنمو الاقتصادي وارتبط ذلك بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العالم وعلى نحو خاص في الفترة ما بعد تسعينات القرن العشرين, حيث تفجرت ثورة الإنترنت وأضحى للمعلومة دور بارز في تنمية المجتمعات, وأصبح امتلاك دولة ما للبيانات كنواة أساسية لتطور المعرفة إحدى مصادر القوة وخلقت مجالاً واسعاً للتنافس الاقتصادي بين كبرى الاقتصاديات ومنها الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان وروسيا.
فقوة الدولة من الناحية الاقتصادية لا تتحدد من خلال ما تمتلكه من معادن ثمينة كالذهب والفضة كما تحدثت أفكار مدرسة التجاريين في القرن السادس عشر, وليس بما تمتلكه من نواتج ضخمة للإنتاج الزراعي ومحاصيل الأرض, وليس بما تمتلكه من إنتاج للسلع والخدمات؛ بقدر ما أصبحت قوة الدولة تتحدد بما تمتلكه من البيانات والتي ساهمت في تطور المعارف وصولاً لعصر الذكاء الاصطناعي, وهو العصر الذي يفوق في تطوره وأهميته للبشرية جمعاء جميع العصور التي سبقته , وأضعاف ما أنتجته الثورات الصناعية خلال القرون الماضية.
فالأثر الاقتصادي والتنموي لتوفر البيانات وخصوصاً الضخمة منها يفوق الأثر الاقتصادي والمالي لاختراع الآلة البخارية عام 1784 باعتبارها المخُرج الأهم للثورة الصناعية الأولى , وكذلك يفوق أثر استخدام الطاقة الكهربائية ( الثورة الصناعية الثانية) وانتشار الحاسوب وإرسال رسائل عبر الإنترنت وتوظيفها في قطاعات الاتصالات والتعليم (الثورة الصناعية الثالثة) في العام 1969.
لا يخفى على أحد دور البيانات في خلق وظائف جديدة لم تكن قائمة بالأساس, ولذلك أهمية من الناحية الاقتصادية تتمثل في توفر مصادر نمو مستدامة للدخل القومي, وعلى الصعيد الآخر فإن لتطور البيانات دور بارز في إطلاق العنان للثورة الصناعية الرابعة واستحواذ تقنيات الذكاء الاصطناعي ومنها الأنسنة ( الروبوتات ) على الإنتاج الصناعي وممارسة أنشطة كانت لفترة طويلة من الزمن حكراً على البشر, وهذا بدوره سيؤسس لمزيدً من التراجع في الإنتاج وذلك من خلال تفاقم البطالة بين صفوف العاملين, حيث تشير التقديرات أنه بحلول العام 2030 ستختفي نحو 50% من الوظائف التقليدية وستعتمد الشركات على الأتمتة بشكل غير مسبوق, وفي مقابل اختفاء ملايين فرص العمل هناك تقديرات بأن الفوائد الاقتصادية لتطور الأنسنة كشكل من أشكال تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي ستبلغ 15.7 تريليون دولار في العام 2030 وبنسبة مساهمة 18.6% من إجمالي الناتج العالمي.
ورغم المكاسب المالية التي تحققها الشركات من استخدام الأتمتة إلا إن ذلك يؤدي إلى تعميق الفجوة بين الشرائح المجتمعية ويؤدي لاتساع الهوة بين المجتمعات من حيث الدخل والثروة, وتلاشي الكثير من الأنشطة الإنسانية لصالح الآلة والتي قد تُستخدم في تدمير الكوكب من خلال استخداماتها اللا مسئولة حيث يمكن استخدامها في حروب نووية أو قصف مواقع مدنية وتجارية واقتصادية وإحداث إغلاق كبير في حال تم التعرض لشبكات الاتصال والإنترنت.
ومع اشتداد الجدل الدائر بين الاقتصاديين حول دور البيانات في خلق النمو من عدمه, يمكن القول أن قدرة البيانات على إحداث تحول في الاقتصاد وذلك من خلال نمو الناتج يُعتبر أمراً مهماً ومحموداً , ومقبولاً ويمكن أن يُشكل عامل بناء واستمرار لحالة من الاستقرار للجنس البشري على الكوكب بشرط ألا يؤدي استخدام البيانات إلى خلق مجتمعات فقيرة تعاني من اختلالات هيكلية في بناها الاقتصادية والاجتماعية بفعل عدم استغلال أمثل للأنسنة, فنمو الناتج هدف مركزي تسعى البلدان كافة لتحقيقه, لكن يتوجب أن يشعر الأفراد بتحسن مادي ملحوظ , وإلا فإن النمو يبقى عابراً , وسرعان ما يُكبح جماحه بفعل الركود الكبير المتوقع حدوثه بفعل انخفاض معدل النمو السنوي لإجمالي الطلب الكلي في السوق العالمي بشقيه الاستهلاكي والاستثماري, حيث يُعتبر الطلب الكلي أهم عامل من عوامل بقاء واستمرار وتعايش الرأسمالية في الوقت الراهن, فاستمرار النظام الرأسمالي ورغم ما عشرات الأزمات المالية والاقتصادية التي عانى منها العالم في العقود الأخيرة, إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة فقدان النظام لمصادر قوته وأهمها السعي الدائم لخلق حالة من الطلب الكلي الفعال حتى وإن كان على حساب رفاهية الشعوب وخلق المزيد من الحروب والصراعات وذلك بهدف التخلص من الفائض في الإنتاج والذي يحتاج لعملية تصدير للأسواق بأي شكل من الأشكال .
ختاماً فإن البيانات أحد أهم الاختراعات التي تُحسب للإنسان , ففي القدم اخترع النار واستخدمها في طهي الطعام , ثم تطور الاختراعات وابتكر العجلات والتي وفرت الوقت والجهد والتكلفة ونقلت الاقتصاد إلى درجة متقدمة مقارنة بما قبل وجود العجلات, ولم يتوقف إبداع الإنسان فأنتج الباخرة والحاسوب , وعند النظر للبيانات فيمكن اعتبارها بأنها المنُجز البشري الأهم, حيث استطاعت الانتقال بالعالم من مرحلة الاعتماد على الآلات والجهد العضلي والذهني للعمالة إلى عالم يعتمد بشكل شبه كامل على البيانات والآلة والتي تعاظم دورها مقارنة بالإنسان والذي كان مصدر النمو الرئيسي في كل الأفكار الاقتصادية القديمة والمعاصرة.
وعليه فإن هناك ضرورة لإعادة النظر بمحددات نمو الاقتصاد وحساب المساهمة الحقيقية للبيانات ومجالاتها لكي يتمكن الباحثون من الحصول على معرفة أكبر, ويكون لديهم الإمكانيات المتاحة للتنبؤ بدور البيانات في اقتصاديات الذكاء الاصطناعي, وهل يمكن استغلال البيانات في عمارة الكون والتخفيف من المشكلات التي رافقت تطور الرأسمالية, أم أن البيانات ستُعمق الفجوة بين الشعوب وستزيد من الطين بلة كما يُقال بالأمثلة العربية القديمة.
يبقى تنظيم سوق البيانات وإخضاعها لقوانين أخلاقية أمراً مهماً لتثمير المنافع منها لتشكل آلية من آليات إصلاح النظام الاقتصادي على أسس من العدالة وتوزيع ثمار المعرفة على الشعوب كافة .



#حسن_عطا_الرضيع (هاشتاغ)       Hasan_Atta_Al_Radee#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة الإنسانية في قطاع غزة : بين استغلال التجار ودور جهات ...
- تأثير انخفاض عدد ساعات الكهرباء على القطاعات الإنسانية والخد ...
- متى نُصبح أولاد كلب !
- الإعلام الرقمي وتعزيز قيم التعايش السلمي في قطاع غزة: جيش ال ...
- الأسراب الثلاثة للغول الاقتصادي
- ترامب وسياسة فرض الإتاوة بالعصا
- ترامب عتريس القرن الحادي والعشرين
- وهم العملات المُشفرة
- مدونة الطير نقد اقتصادي وسياسي
- مبادرة الخُنفشار لإنهاء الانقسام الفلسطيني
- حكومة الفدائيين في الأراضي الفلسطينية المُحتلة .
- نظرة عامة للوضع الاقتصادي في قطاع غزة خلال العام 2018.
- كرتونة بيض والتيه الفلسطيني !
- ماذا لو سألك الله عن تعثر مليوني فلسطيني!
- متى كانت العقوبات سياسات علاجية !
- التداعيات الاقتصادية والتنموية لإصدار عملة وطنية فلسطينية
- البطالة والفقر ( توأم السوء ) في قطاع غزة : الأسباب والتداعي ...
- ضريبة القيمة المضافة : هل بقي مُتسع لحلب النملة الفقيرة؟!
- التعليم الحميري !!
- عرض للكتب ( اقتصاد الأزمات, الفقراء الجدد, يوميات حائر من غز ...


المزيد.....




- حاول اختطافه من والدته فجاءه الرد سريعًا من والد الطفل.. كام ...
- تصرف إنساني لرئيس الإمارات مع سيدة تونسية يثير تفاعلا (فيديو ...
- مياه الفلتر المنزلي ومياه الصنبور، أيهما أفضل؟
- عدد من أهالي القطاع يصطفون للحصول على الخبز من مخبز أعيد افت ...
- انتخابات الهند.. قلق العلمانيين والمسلمين من -دولة ثيوقراطية ...
- طبيبة أسنان يمنية زارعة بسمة على شفاه أطفال مهمشين
- صورة جديدة لـ-الأمير النائم- تثير تفاعلا
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 50 مسيرة أوكرانية فوق 8 مقاطعات
- مسؤول أمني عراقي: الهجوم على قاعدة كالسو تم بقصف صاروخي وليس ...
- واشنطن تتوصل إلى اتفاق مع نيامي لسحب قواتها من النيجر


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسن عطا الرضيع - دور البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي