أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - رحلة الهجرة، إصرار وواقع.














المزيد.....

رحلة الهجرة، إصرار وواقع.


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 6634 - 2020 / 8 / 2 - 16:05
المحور: الادب والفن
    


كان قرار لا رجعة فيه، بداية مخيفة ونهاية مختلفة لمشوار حيّاتي طويل، وجدت نفسي في مطار أثينا، على متن طائرة متجهة إلى عالم آخر، كوّنتُ عنه صورة في خيالي فقط، أستراليا، حيث شاءت الظروف أن أبدأ حياة جديدة أسّستها بيديّ بعد رحلة العمر الصعب في الشرق الأوسط.
انطوت المسافات عبر الريح، جلستُ على جناح طائرة حملت عشرات الأنفس، تعقّبتُ خارطة للكون التي أرشدتني إلى الأماكن التي تخطّتها المسافرة بهديرها غير المسموع، وبألقها المخيف.
اجتازت الطائرة عقارب الساعات فاجتزت معها أعلى تصوراتي، خضت وحدي مغامرة الاكتشاف، لا أحد يستطيع أن يطفيءَ حرائِقهُ إلا بالحرائق، فتحتُ النار على أبواب الوجود بعمق، وجسّدتُ رحلتي في لحظات صدق، كانت رحلة عمري، لم تشبه رحلاتي السابقة.

العالم ظلام دامس، حدّقت فيه بينما كنتُ سجينة نافذة مستديرة وصغيرة، عكست وجهي الشاحب ونظراتي الخائفة.
مرّت الساعات الطويلة ونظراتي معلّقة على خارطة الإرشاد، عيّنت الأماكن التي مررنا بها، تركيا، أرمينيا، أذربيجان، داغستان، عدت بذاكرتي عند الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف عندما قال:
- " يخرج المسافر في سَفر، ماذا يحمل معه؟ احمل معك أغنيتك، فحملها ليس بالثقيل".

لا تزال أستراليا بعيدة الهدف، قلتُ في سرّي.
فتحتُ دفتر ألحاني، بحثتُ في مدونتي عن صفحة بيضاء، الدفتر الذي كان أحمره في جيبي، أجده فقط في محطات التوقف.
قال لي الجالس قربي: هذا أحمر، قلت: هذا دفتري، ردّد آخر: هذا أخضر اُعبر. ضاع مني الدفتر، وما زلت أبحث عن دفتر يشبه نفسي!

أخذتني أسئلة كثيرة من حيث أتت بي الريح، وإلى حيثُ سوف ترميني، لم يكن مني سوى الصمت والانتظار، انتظار الساعة الحادية عشر ليلا، حتى أستمر في رحلتي نحو القارة الجنوبية.
طرتُ من سماء هونغ كونغ، استمرارا فوق مانيلا، بابوا غينيا الجديدة، المحيط الهاديء، حتى وصلت كوينزلاند.

في اللحظات الأخيرة، وقبل الوصول، سألتُ نفسي السؤال الصعب:
- أخطأ هو أن أكون بعيدة عن الوطن، وهل سأتوه في الغربة، وأسئلة أخرى كثيرة لا حصر لها، في لحظة ما، رغبت في العودة، قلت لنفسي مراوغة:
- أجهلُ طريق العودة!

يوم ونصف من الانطلاق، وبعد غفوة خاطفة أحببتُ أن تطول، أيقذني ضجيج العالم حولي، صفّق الرّكاب فرحين بوصولهم بالسلامة، لم أسمع هذيانات نفسي، سقطت فجأة في ذهني ذاكرة المشي عندما شاهدت سحر المكان الجديد من الجوّ، حطّت بنا الطائرة سالمين في مطار (بريزبن) الدولي، ومن هنا بدأت الحكاية.

حملت حقيبتي على كتفي وخطوت معية المسافرين إلى قاعة الاستقبال، أحاطتني كلاب مدرّبة حطّت الرعب في قلبي، توسلتها عيناي، ونهتها إلى عدم الاقتراب، تبخترت الكلاب على رسلها وتقدمتني ببطء، شمشمتني وأشيائي ومتعلقاتي، جابت بأنوفها المفطسة ثنايا ملابسي وما حملته في حقيبتي، عادة مشروعة ومتّبعة في جميع مطارات أستراليا.

التقطتُ أشيائي وتدرجتُ نحو باب الخروج، استوقفني أحدهم، استرجل حتى انفلق حاجبيه، وداهمني بأسئلة وشروحات رمى بها فوق رأسي، وحدي أجبته عن تساؤولاته الكثيرة، وإذ به يريد مساعدتي، أرشدني إلى موقف سيارات الأجرة، وساق حقائبي، تعلمت الدرس الأول، ألا أسحب معي عادات وأفكار بلادي إلى هنا، فكل شيء مختلف، حتى ابتسامات الرجال، ذوي الوجوه الخشنة في القارة الخشنة والجميلة.

شكرت نفسي لاحقا على الخطأ الجميل، إن سمي خطأ!



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملت البومة الأمنيات
- رحلة إلى شلالات هوكا - نيوزيلاندا
- الساعة المقدسة
- الأقصر وأسوان وحِكَم أحيقار - سقطة برديات يمكنها أن تغيّر ال ...
- أقاوم النّوم بالنّعاس
- زِند طائِر البوم
- دينا سليم حَنحَن.. هجرة أسترالية فجّرت ينابيع الأدب
- كورونا عصر وزمان - نَبتَ الضّحك وخرج من قيده.
- بتعرفوا شو ؟
- جيل ضائع بين أهل الكهف والمجرات.
- حكاية البئر والراعي
- الطريق إلى حيث نريد ولا نريد – تايلاند.
- طفلة أيلول 1948 قصة حقيقة من قصص النكبة
- فضة - حكاية تراث من السّلط
- شهادة إيميل وديع أبو منّه
- إراقة أول قطرة من دماء المسيح
- طابور الفرسان الأسترالي في بئر السبع - فلسطين.
- حلمي أبيض بنقاء جبال (بولير) فكتوريا
- رحلة صيد
- بُربارة ومعمودية


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - رحلة الهجرة، إصرار وواقع.