الديكتاتورية الدينية في ( إلجام العوام عن علم الكلام ).


صادق العلي
2020 / 7 / 11 - 02:46     

تعريفات لابد منها:
اللجام : قطة من الحديد توضع في فم الخيل للسيطرة عليها والتحكم بها طبعاً تُصنع بطريقة خاصة تتناسب مع حركة الخيل .
العوام : هم عامة الناس او الرعاع .
علم الكلام : هو علم اصول الدين او علم التوحيد .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
مؤلف الكتاب هو حجة الاسلام ابو حامد الغزالي 1058 الطوسي م -1111م , ولد في مدينة طوس الايرانية ويعتبر من اهم الشخصيات السنية عبر التاريخ .
هو شافعي المذهب اشعري العقيدة , اسهم بشكل كبير بتغيير شكل العالم الاسلامي من المذهب الشيعي الى المذهب السني بدعم ومساعد نظام الملك الوزير السلجوقي السني ومؤسس المدرسة النظامية في بغداد الذي قام بتعيين ابو حامد الغزالي فيها .
كان اغلب العالم الاسلامي شيعياً قبل الغزالي , فالدولة الفاطمية والادريسية كذلك الاسماعيلية في السلمية وفي العراق كان هناك الشيعة الامامية او الاثنى عشرية كما في اقصى الشرق الاسلامي , ايضاً هناك الدولة البويهية والدولة النزارية .
تناول الغزالي افكار الدين الاسلامي بطريقة تقليدية جداً ولكنها جعلت منه فيلسوفاً تارة ومتصوفة تارة اخرى وفقيها وغيرها الكثير من الالقاب .
كتاب او ( كتيب ) إلجام العوام عن علم الكلام يعتبر اخر كتب الغزالي إذ انجزه قبل موته بقليل ولكنه اصبح مرجعاً للسلطات الحاكمة ( السياسية والدينية ) فيما بعد وهذا متأت من فحوى الكتاب بكيفية قيادة الرعاع من الناس .
يؤكد الغزالي في هذا الكتاب على عدم السماح لعامة الناس بالحديث عن مواضيع الدين الكبيرة او حتى سماع احاديث العلماء عندما يتناولون مسائل مختلف عليها مثل قدم العالم او الظاهر من ايات القرآن او التأويل او التجسيم وغيرها من المسائل التي يعتقد الغزالي انها تشوش على عقول هؤلاء العامة من الناس وبالتالي ابعادهم عنها هو افضل الحلول بل هو الحل الواجب اتباعه مع اقناعهم بفكرة انهم اناس بسطاء لا يفهمون ولا يفقهون ما يُقال من هؤلاء العلماء وبناء على هذه القاعدة الفقهية فلقد اصبح الجزء الاكبر من المسلمين جهلة لا يفكرون الا ببطونهم وبأعضائهم التناسلية ولكنه الجهل المقدس والجهل المؤسس 1*
طبعا الموضوع لا يقتصر عن ابعادهم فقط وانما تجريم من يتناولها هذه الاحاديث لذلك نجد مصطلح متداول عند المذهب السني وهو ( السمع والطاعة ) بمعنى هر على المسلم ان يسمع فقط ويطيع ولا يحق له ان يناقش او يفهم حقيقة الاوامر التي تصدرها السلطة فهذا يعتبر من الكبائر او انه خارج عن الملة .*
لقد قام الغزالي بكتابه هذا بالتاسيس لديكتاتورية دينية , ايضاً قام بالتأسيس للطبقية الدينية بمعنى اخر ان السلطة ( السياسية او الدينية ربما مجتمعة ) هي الوحيدة التي تقوم بتحديد اسماء رجال الدين الذين يكونوا بالضرورة من عائلات احترفت هذا العمل الديني بالوراثة وهذا موجود في اغلب الدول الاسلامية على اختلاف مذاهبها *, ماذا يعني هذا ؟: يعني وجود عائلات متخصصة بالعمل الديني وتمسك بزمام الامور من مساجد واضرحة الكبيرة منها والمصطنعة ايضاً تقوم بتعيين من تراه مناسباً على ان لا يعبر الخطوط الحمراء المرسومة له من قبلها طبعا بموافقة السلطة السياسية الحاكمة لانها تمثل الدين امامها وتكون مسؤولة عن اخضاع عامة الناس لها من خلال الفتاوى وحكايات الملائكة وغيرها .
كان التكفير سلاح ابو حامد الغزالي الاكثر استخداماً والاسرع اتجاه مخالفيه ولكنه سلاح خائب وغير فعال مع اصحاب العقول الكبيرة مثل الفارابي وابن سينا بشكل خاص وبعدهم الفيلسوف العربي الكندي 2 ,كما قلت لم يشكل تكفيرهم اي عائق لمسيرتهم الفكرية التي اجدها ويجدها غير الكثير انها اضافت الكثير للعقل العربي ( المقصود هنا الاجيال اللاحقة لحد هذه اللحظة فلقد عاشوا قبله ) .
ولكن سلاح التكفير كان فعالاً وقوياً للبسطاء من الناس او الدهماء كما يرى الغزالي ومن بعده السلطة الحاكمة , فهو سلاح رادع لهم لهؤلاء الرعاع كي لا يفكروا مجرد تفكير بطرح اي سؤال وترك مهمة تفسير وتأويل القرآن واتخاذ القرارات المناسبة لهم ولمسيرة حياتهم فهم لا يستطيعوا حتى اتخاذ القرارت الخاصة بهم دون الرجوع الى ممثلي الرب على الارض .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, هوامش
1مصطلح الجهل المقدس والجهل المؤسس اطلقه محمد اركون .
2قام الغزالي بتكفيرهم في كتابه ( تهافت الفلاسفة ) سأتناوله فيما بعد .
*يشترك زعماء الشيعة والسنة بقيادة اتباعهم بذات الالية .