أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد درير - -حياة وردية-.. المُلهِمة















المزيد.....

-حياة وردية-.. المُلهِمة


سعاد درير
كاتبة وشاعرة وناقدة


الحوار المتمدن-العدد: 6579 - 2020 / 5 / 31 - 23:42
المحور: الادب والفن
    


كأنها قطعة المورفين التي تُخْمِدُ ثورةَ الألم
في غياب الشعور باللذة هل تتصور أن أي ممارسة حياتية قد تطيب لك؟!
هل من الضروري ألا تقترن اللذةُ بالألم؟!
أليس ضربا من المازوشية أن تتلذذ بآلامك كما يَحْدثُ أن تتلذذ بآلام الآخرين، أو لِنَقُلْ (على وجه التدقيق) كما يحدث أن تتلذذ بتعذيب الآخرين لك؟!
نتحدث عن اللذة الموسيقية التي لم نَعُدْ نَصِل إليها في جُلّ ممارساتنا الإنصاتية التي أَضْحَتْ تُتْعِبُنا أكثر مما يفترض فيها أن تُريحَنا.
نتحدث عن مُحَرِّك الإنصات الذي (إن أنتَ أحسنتَ انتقاء ما تُنصِت إليه) يَقودك إلى ذروة الاستمتاع..
فهل من فَرْطِ الحنين إلى كأس اللذة تُغازلها: «هاتها من يد الرضى»؟!
أم أنك هروبا من ذيل الزمن القاسي تعاقر ما يُخْمِدُ جرعات المرارة في فنجان حياتك تَوَّاقا إلى رَفيف الأمس البعيد: «ألا فارْوِني»؟!
عشاق الزمن الجميل لا يخونهم ذوقُهم الرفيع في انتقاء ما يَطربون له ويترنمون به. لذلك لا غرابة أن ينجذبوا انجذابا إلى سِحر النغم الحالِم الذي ترقص له الأذن الموسيقية، فما بالك إن كان هذا النغم في مستوى إبداع «LA VIE EN ROSE (حياة وردية)»!
«حياة وردية» (لإيديث بياف ÉDITH PIAF) قطعة فنية فرنسية راقية تُلْهِبُ سمعَك حلاوةً كما تُلْهِبُ حاسَّتَك الذوقية قطعةُ حلوى ملفوفة في حرير من الشوكولا والكاراميل.. فكلاهما (النغمُ وحريرُ الشوكولا والكاراميل) يُذيبُك ذوبانا من فرط اللذة..
عندما تَحزن أشدّ ما يكون الحُزْن، وتكتبُ تلقائيا على صفحاتِ محياكَ قصيدةَ دموع، ستجد لسانَك يُرَدِّدُ في صمتٍ نغما حزينا.. هكذا تجد نفسك ترتمي في أحضان رائعة أخرى من روائع الأغنيات الخالدة في ذاكرتك الهادرة بمواويل رحلة شتاء العمر..
أمّا النَّغَم الْمُهَيِّج للدموع، فإنه يتسلل إليك في لحظات الذروة من الانكسار التي تختلي فيها إلى نفسك على امتداد شارع الليل الطويل، شارع تفتقد فيه الضوء كليا لولا ما يُمْلِيه عليك شمعُ الذاكرة الذي يُحرِق أكثر مما يُضيء..
كلمات أغنية بعينها تُباغتك بإيقاعها الذي ينكأ الجرح، فيدندنُ قلبُك مستعرضا أقوى لحظات ضعفه انتصاره عبر شريط الذاكرة:
«DES YEUX QUI FONT BAISSER LES MIENS
عينان تخجل منهما عيناي
UN RIRE QUI SE PERD SUR SA BOUCHE
ضحكة تَضيع على شفتيه
VOILÀ LE PORTRAIT SANS RETOUCHE
هذه هي الصورة الخالصة
DE L›HOMME AUQUEL J›APPARTIENS
للرجل الذي أنتمي إليه..
QUAND IL ME PREND DANS SES BRAS
عندما يأخذني بين ذراعيه
IL ME PARLE TOUT BAS
يُحَدِّثُني هَمْسا
JE VOIS LA VIE EN ROSE
أرى الحياةَ وردية..
IL ME DIT DES MOTS D›AMOUR
يقول لي من كلمات الحُبّ
DES MOTS DE TOUS LES JOURS
كلمات كل يوم
ET ÇA ME FAIT QUELQUE CHOSE
وهذا يجعلني أشعر بشيء ما يتركه بداخلي..
IL EST ENTRÉ DANS MON CŒUR
لقد تسلل إلى قلبي
UNE PART DE BONHEUR
كجزء من السعادة
DONT JE CONNAIS LA CAUSE
التي أعرف أن له الفضل فيها..
C›EST LUI POUR MOI MOI POUR LUI DANS LA VIE
هو لي وأنا له في هذه الحياة
IL ME L›A DIT، L›A JURÉ POUR LA VIE
لقد قال لي هذا ووعدني به مدى الحياة..
ET DÈS QUE JE L›APERÇOIS
وأنا ما أن أراه
ALORS JE SENS EN MOI
حتى أشعر داخلي
MON CŒUR QUI BAT
بقلبي ينبض..
DES NUITS D›AMOUR À NE PLUS EN FINIR
ليالي الحُبّ التي لا تنتهي
UN GRAND BONHEUR QUI PREND SA PLACE
تملأ القلب سعادة
DES ENNUIS، DES CHAGRINS، S›EFFACENT
تَمْسَح الصعاب والأحزان
HEUREUX، HEUREUX À EN MOURIR
لنكون سعيدين إلى آخر العمر..».
بنبرات صوتها الشجي تَكتب إيديث بياف مَرْثيةَ الوقتِ، حِبْرُها ماءُ الورد والريحان باحثة عن إعادة الاعتبار لمعنى الإنسان المغترب في ظل استنزاف ثرواتِه الباطنية/ آبار الحُبّ التي تَرْقد في قعر القلب..
بصوتها المذبوح الذي يَهْتَاجُ كبحر العاطفة، ولا يُخْطئه الألمُ، تُحَلِّقُ إيديث في سماء الروح كملاك يَلُوذُ إلى عُشّ الحُبّ الدافئ الذي يُلَوِّن زمنَك بالوردي ويَفْرشُ لقدميك الوردَ..
لكن مهلا، فلن تبلغ من رِقَّةِ الورد وَرَقَةً دون أن تسبقها لَدْغَةُ شوكةٍ..
هل كانت إيديث تُصَدِّقُ حقيقةً الجانبَ الوردي الخفي من الحياة؟
هل كذبَتْ إيديث لما آمنتْ بتورُّد خدود الحياة وصَدَّقَتْ كذبتَها الكبيرة وجعلتنا نُصَدِّقها؟
مسارُها كان حافلا بالسقوط والبؤس والخذلان والحرمان.. ومع ذلك تسللت إلى قلوبنا، فكانت بمثابة قطعة السُّكَّر في الفَمِ الْمُرّ..
ليس مِنا مَن يُنْكر أنه وهو يُنصت إلى حياتها الوردية (إيديث) يَهيم هياما في كوكب الحُبّ الذي تدفعنا إلى التعلق بحباله عَلَّهُ ينتشلنا من جحيم الأرض..
الأرض دالية يمتد عذابها عناقيد مُرٌّ عِنَبُها.. لكن إيديث تَنْفخ فيه سِحرا لِتُحْلِيَ لنا عنبَ الأيام.. وأنتَ تُوغل في التجاوب مع الحُبّ الكبير الذي تعتصره لك إيديث حرفا حرفا لا شك في أنك سَتَرْكَعُ للحُبّ مهما جَلَدَكَ..
الحُبّ زيتونة مُرَّة، طيبةٌ نواتُها..
حُقَّ لصُنَّاع السينما أن يلتفتوا إلى حكاية إيديث ليُصَوِّرُوا أيقونةَ الحزنِ أو ثمرةَ الليلِ أو وجهَ الحُبّ المغلَّف بالدموع..
إيديث البرتقالة الْمُرَّة التي زَهد فيها فَمُ الحياة..
إيديث قطعة البلور التي أنهكَتْها النكباتُ كَسرا..
إيديث الحسناء التي أقعَدَتْها الحياةُ.. لم تتقاعدْ عن الحُبّ وتقاعدت عن الحياة..
إيديث الطفلة الكبيرة النائمة عارية في شارع الحُبّ المهجور..
نعم، إنها إيديث بياف.. قطار الحزن الذي يُغَيِّبُكَ قسرا في غير اتجاه خَطّ الرجعة!
إيديث بياف تتراءى لك في صورة قارورةِ حُزْن.. قارورة الحزن هذه نَفِدَ محتواها برحيل إيديث، لكن رائحةَ الحزن مازالت نَفَّاذَةً تفعل بك ما يفعل الزيتُ الطيار مُلامِسا قطعة من جسدك..
إيديث تصور لك في «حياة وردية» وجهَ الحُلم الذي سُرِقَ منها كعنقود حُبٍّ اختطفَتْه يدُ القَدَر قبل أن تَصِلَه أناملها (إيديث).
سيدةُ «LA VIE EN ROSE» كابَدَتْ في دنياها ما جعل منها وريقةَ إحساسٍ تتلاعب بها ريحُ القَدَر في حياةٍ عبثَتْ بها كما تَعبثُ أمواجُ تسونامي بمدينةٍ نائمة على كَفِّ البحر..
أرهقَتْها حروبُ الحياة، وأرهقَها الحُبُّ الذي اشتعل في قلبها كالبركان وتَمَدَّدَ على بساط «حياة وردية» (التعليق الموازي لِنَصّ العشق)..
لم يكن يكفي أن يكون الرجلُ الذي أَحَّبَتْه بجنون متزوجا وأباً لِتَنْعَرِجَ لَذَّتُها ويَتَقَطَّر الفرحُ من قِرْبَةِ حُبِّها، وإنما كانت صفارةُ القَدَر وهي تُشْهِرُ الورقةَ الحمراء في وجه حبيبها الملاكِم كافيةً لإعفائه من دوره في ملعب الحياة بعد أن تحطمَتْ به الطائرة..
ضربة في الصميم لقلبِ طفلة تَكونُها إيديث، ويستمر مسلسل السقوط..
إيديث بياف تُضْرِبُ عن حُبّ الحياة رغم الحُبّ الكبير الذي تَسقينا منه كأسَ «حياة وردية» العَبِقَة بتفاصيل حكاية الحنين..
ايديث بياف الأسطورةُ التي تجاوَزَتْ عَصْرَها..
إيديث بياف كأنها قطعة المورفين التي تُخْمِدُ ثورةَ أَلَمِ نسبةٍ من الفرنسيين وغير الفرنسيين..
ايديث بياف.. المرأة المعذَّبة بإحساسها!
إيديث بياف.. مُلْهِمَةُ الإحساس!
ما أرقّها إيديث!
ما أرقّ العالَم الحالِم الذي تنقلنا إليه على أجنحة الحُبّ!
حين يكون الفَقْدُ عنوانا والحُزْن فستانا والسقوط مظلَّة والشارع ملاذا والصرخة بَوْصَلَة مشروخة، فَكِّرْ في إيديث بياف وغَنِّ للحُبِّ.. الجنِين النائمِ.



#سعاد_درير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فَلْتَذُبْ كَلِماتُكِ بين شَفَتَيْكِ
- أصابع الموت تُغازِل روح إدغار
- فاكهة التجلّي
- الرحلة الأخيرة إلى الكأس
- مِن أين لجواد الحُبّ أن يَعبر؟
- أصابع تستعد للقاء
- ذوبان ساعات الحياة.. عند عتبة سلفادور دالي
- وهم
- أقمرت في ليلي لِمَ؟!!!
- الطريق إلى العروبة، شقرة الشعر وزرقة العينين والمدينة الجديد ...
- خيانة
- الكتابة المتملقة والكاتب المغرور
- المرأة والكتابة
- على هامش يوميات منسي، السيد حافظ بين سندان الثقافة ومطرقة ال ...
- السيد حافظ رسالة إلى المثقف العربي الناشئ
- أحضان
- المرأة والعنف


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد درير - -حياة وردية-.. المُلهِمة