|
يوميات ساخرة 6 : قنوات الصرف الصحي وعصير -الحامض- !
ميمون الواليدي
الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 22:47
المحور:
الادب والفن
يوميات ساخرة ( 6 ) قنوات الصرف الصحي و عصير " الحامض " ! خلال شهر رمضان ، بقدر ما تمطر السماء إيمانا ، و تمتلئ المساجد سراقا ، بقدر ما يزداد الإقبال أيضا على مشاهدة قنوات التلفزة ، حتى يمكن القول أن التسمر خلف الشاشات يعتبر النشاط الأول للمغاربة خلال شهر الصيام . و مع كثرة التظاهرات الرياضية العالمية فإن الكثيرين لن يفعلوا شيئا غير الحملقة في أجهزة التلفاز ليل نهار . ومع كل رمضان ، يبدأ الحديث عن البرامج التي ستقدمها قنواتنا العمومية ، و عن حجم الأموال التي صرفت لإنتاج ما سيقدم في رمضان ، بدء من الإشهار ومرورا بالمسلسلات " الكوميدية " و انتهاء بالسهرات الفنية . ولان الكثير من المواطنين المغاربة متعودون على متابعة القنوات العالمية فغنهم قادرون على تمييز الغث من السمين و الحكم على جودة ما يقدم . في غياب لتحرير الإعلام ، و مع استمرار سيطرة الدولة على هذا القطاع ، فإن إمكانية حدوث اختراق في العقلية السائدة على القائمين على السمعي البصري المغربي أمر بعيد المنال . ورغم فصل الإعلام رسميا عن وزارة الداخلية إلا أن بروبغندا النظام تبقى المتحكم في كل شيء . قنواتنا التلفزية ، استحقت لقب " قنوات الصرف الصحي " عن جدارة ، فلا شيء فيها يوحي أنها تقدم خدمة عمومية محترمة لدافعي الضرائب الذين يمولونها . طيلة عقود ، و منذ أيام " إثم فاجتنبوه لعلكم تفلحون " ، لم تعرف القنوات التلفزية المغربية أي تغيير يمس المضمون أو الإبداع ، الشيء الوحيد الذي تغير هو التخفيض من الوقت المخصص " للطرب الأندلسي " و شقيقه " الملحون " . و اغلب المغاربة يفقدون شهيتهم عند آذان المغرب بسبب رؤية المتجلببين من أصحاب الطرابيش الحمراء و هو يرددون تلك اللازمة المشروخة : " هلالا هلالا و هلالا .... " .وبينما تنتفخ أوداج الصويري أو باجدوب ، وتتدلى بطنيهما الممتلئتان بالبسطيلة و الخليع ، فإن كادحي الوطن يفطرون بالخبز الحافي و هم يتساءلون عن سر ملازمة هذا الضجيج المنظم لوقت الإفطار ؟ بالإضافة للأندلسي ، فإن قنوات الرباط والدار البيضاء ومؤخرا فرانكفونية طنجة ، تعج " بسيتكومات " أقل ما يقال عنها أنها تثير الغثيان . نفس الوجوه الصدئة ، و نفس النكات " الحامضة " ، و نفس السيناريوهات المفلسة التي يمكن " لحلايقيي " جامع الفنا كتابة أفضل منها مجانا . و " ممثلون " يغيرون لكناتهم عشر مرات في الحلقة الواحدة ، و يغيرون ملامح وجوههم المرعبة أصلا ، و " كايفيبريو " يمينا و شمالا عل و عسى يستخرجون ابتسامة " صفراء " من فم المغربي المهموم . يضاف إلى ذلك التصوير الرديء والإخراج الأسوء وموسيقى تزعج حتى الحيطان . العجيب هو أن ألاف المغاربة يتابعونها رغم ذلك ، و لا اعرف صراحة كيف يمكنهم أن يتحملوا حجم التفاهة التي تصدر عن قنوات " الواد الحار " تلك ؟ و بالأخص في شهر الصيام و ارتفاع درجة الحرارة . مغاربة آخرون ، قاطعوا هراء دار البريهي و عفن عين السبع منذ سنوات طوال . و هرولوا نحو القنوات العالمية التي تعوضهم عن حجم المهانة التي يحسون بها وهم يرون أموالهم تصرف على ملء جيوب " الحامضين و الحامضات " بينما يتم إهمال المبدعين الحقيقيين لأسباب يعلمها الجميع . عندما تسمع أن " ممثلا " ما تقاضى " 300 مليون سنتيم مقابل إعلان تلفزيوني تتساءل عن سبب غلاء التفاهة و الميوعة ؟ و لكن إذا تفطن المرء إلى أن هؤلاء يقدمون للنظام خدمة لا تقدر على تقديمها حتى الأحزاب المنظمة و المجهزة ، فإن العجب يبطل في حينه . فكل ما يقدمه الإعلام المغربي ، ليس من باب الأمية و الغباء أو انعدام الكفاءة . أبدا ، إنه أمر مقصود و مخطط له . فمن المؤكد أن أبناء مسئولي التلفزات و أبناء صحفييها و أبناء من يظهرون عليها في رمضان ، لا يشاهدونها ، لا بد أنهم يشاهدون تي إف 1 و إم 6 و فرانس 2 و غيرها . لان المنتوج الوطني موجه " لتدحيش " و " استحمار " كحل الراس . القنوات التلفزية مثلها مثل المدرسة و باقي المؤسسات التي يسيطر عليها النظام ويوجهها ، موجهة لتغييب الوعي الحقيقي و تشكيل وعي مزيف يحول المواطن إلى آلة للضحك والتصفيق و التطبيل و ترديد عبارة " العام زين " .
#ميمون_الواليدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات ساخرة 1 : ليبرالي الليل وليبرالي النهار
-
إنتقال
-
حمار دولة -المهرجانات والزوايا- وقف في العقبة
-
فصل المقال.... فيما بين الانتهازي والنضال من انفصال !
-
حركة 20 فبراير: الشعب يريد، أم الانتهازية تريد؟
-
في التربية والدين
-
المقامة المنشارية
-
يوميات السعدية البجعدية 1
-
مقاربة مونتيسوري في البداغوجيا، حصان طروادة في يد سماسرة الت
...
-
المقامة المايصية
-
المقامة المخيطيرية
-
المقامة الفرشازية
-
سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة البنفيرانية
-
سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة الأخناتوشية
-
من انفكو الى يت عبدي........اين الثوار
المزيد.....
-
الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب
...
-
كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي
...
-
وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
-
-نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال
...
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|