أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - جدلُ الركودِ والتحرك في الحب عشوائيات في الحب – العشوائية 27














المزيد.....

جدلُ الركودِ والتحرك في الحب عشوائيات في الحب – العشوائية 27


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 22:53
المحور: الادب والفن
    


جدلُ الركودِ والتحرك في الحب
عشوائيات في الحب – العشوائية 27
بعد أن سمَحَت خليَّة إدارة أزمة الكورونا في الاردن ، للمصارف خدمة الجمهور لساعات يوميا ، كنتُ مع الظهرالامس ، بعد سير على الأقدام لربع ساعة ، واحدا في صف طويل من المراجعين ، في الشارع خارج البنك الذي أتعامل معه .
قبل أن يحين دوري في الدخول لصرف شيك أحمله . جاءَتْ وحَيَّتْ وقالَت : وأنا أناور لإيقاف سيارتي أمام مستودع الأدوية المُلاصق للبنك حيث اعمل ، لمَحْتُكَ تَتَوَكَّأُ مُتثاقلا على عصاك . أشفقتُ عليك من انتظار طويل . فقررتُ قبل أن أدلفَ إلى مكتبي ، أن أدعوك لتناول قهوتنا سوية . وأضافت وهي تبتسم ، لا تخش ضياع دورك . سأكلف زميلا بقضاء حاجتك في البنك .
رافقتها ممتنا ، فهي زوجة صديق بعمرأولادي . صيدلانية متخرجة من الهند . تعمل وهي في منتصف الأربعين من عمرها ، مديرةً للتزويد والامداد ، ومشرفةً على وحدة ضبط الجودة في مستودع الأدوية والمصنع التابع له .
بعد أن جلَسَتْ قبالتي في صالون مكتبها . اوصت احد مساعديها انجاز غرضي في البنك . ونحن نحتسي القهوة ، وبحكم صداقتي ووساطتي الدائمة بينها وبين زوجها ، المغترب في بلاد الحجاز ، سألتها عنه وعن أحوالهما . كمن لسعتها أفعى أم جرس ، قالت بعد أنْ وضعت فنجالها جانبا : صاحبُك قد شطَّبْ يا شيخنا ، لم يبق عنده طاقه ولا حيل ، تصحَّرَ وتشقَّق ، لقد أفلسَ في كلِّ شيء .
فعاجلتها وأنا ألتقط فنجال قهوتي بالقول وأنا أعلم بحكم صداقتي لهما ووسيط بينهما ، بعض المسكوت عنه في طيات قذائفها الكلامية : حتى وَلَوْ يا دكتوره !!!! فكلُّ ما قُلتِ ولَمْ تقولي ، لا يعني أنه قد صارَ سيِّئا ، حتى وإنْ صار مريضا . علَّمَتني الحياة ، إنِ أرتطمت بشخص كان لطيفا صبورا ، وبات فجأة عصبيا ضيق الخلق ، أو انسحابيا في الكثير من النقاشات ، أو حتى من بعض علاقات تربطه بمن حوله أو بشريكته ، أن لا أصرخ في وجهه ولا حتى همسا : ما بك قد تغيرت !!! فمثل هذا ، ليس من حقي ولا مبررا ، لأنه حتى وإن صح موجع ، يصب زيتا على نارٍ مُسْتَفَزَّة.
وعلَّمَتني الحياة ، أنّ بعضَ الرتابة حين يُعلنُ عن وجوده ، ليس من الضروري أن يكون تنكرا لشريك ولا للمشترك معه . بل لما يكون قد وصل اليه حالهم مع قوس قزح المشترك ، وما أفضت إليه محاولاتهم لتحريره ، من قبضة القيود والروتين ، المُفضي بالحتم إلى الملل . بعض المَلل يا سيدتي ، محاولاتٌ فاشلةٌ لصد بعض ما يستجد من حواجز ، وبحثٌ عن تجديد يكسر بعض المألوف في مستنقع الواجب وخدمة العلم ، التي يموت في لججها ألفُ حُبٍّ . وتنطفي في دهاليزها ألف شهية وشهية .
وعلمتني الحياة أيضا ، أن الشراكة المشبعة بالحب أو بالمصلحة ، ليست إيقافا لِلَحظة البدء ، لتبقى كما بدأت إلى الابد . إنها نهرٌ جارٍ ، من نبع دافق وسواقي نقية ، تغذي مجرى حياة نشطة ، الثابت الوحيد والقانون المطلق فيها ، حركة دؤوبة التَّحوُّل ، لا تستأذن أحدا في شيء .
يُبْتلى الشركاء بهذه المشكلة ، ذات المسربين المتعاكسين ، ليسير كل منهما في واحدة منها ، لاستحالة السير في الطريقين في آن واحد ، إما طمأنينة راكدة ، أو قلق ناضج . وهذا هو لب ما تُعيِّري به صديقي . ضَنكُ عيشٍ بعد بحبوحة ، ومرض السكر بعد عافية وشباب متجدد ، غزاه بقسوة مع الديون ، وامتص الطازج من حيويته .
طأطأت رأسَها ، أناخته بين كفيها ، صَمَتُّ تَعمُّدا واحتراما لوجعها، تركتها ترتوي بالبكاء ، حتى رفعت رأسها وهي تسأل : ما العمل ، فأنا ما زلت أحبه وأريد أن أكمل حياتي معه ؟
قلت بشي من الاشفاق والفرح : أتمنى عليك يا سيدتي ، أنْ تعلمي أن الذي يعيش حياة مُتحركة ، ليس كَمَنْ يعيش في حبٍّ راكدٍ مُستقر . وأعلمي أنَّ الحب المُتحركَ لا يقدِّمُ طمانينةً ولا راحةَ بالٍ ، كالتي يحصل عليها من هو في علاقة راكدة . الحب الثابت قد يحمي من فقر العزوبية ، ولكنه يمنع الشراكة من الغنى المتنوع . في الحب المتحرك مشكلة كل يوم ، لا تنتهي واحدة حتى تلد أخرى . أصحابه في ركض مُتصل ، وحركة لا تهدأ ليلَ نَهار . يترتطمون ويهمهمون بشكاوى غامضة ، ولكنهم مستمرون . أما في الراكد من الحب ، فلا داع للهلع .
ليس من حق الناضجين الأوفياء ، إذا ما غزاهم مللٌ أو داهمتهم نِصالُ الحياة ، التغيُّرَ والتَّذمُّر أو تكرارَ الشكوى . دون إنكار لحقهم بالتوجع والتشاكي ، إنْ رأوا أنَّ أمكنتهم قد تغيَّرَت في قلوب من يحبون أو من يعرفون . ولكن ، قبل هذا وذاك ، من حقهم عليكم ، أن تتعرفوا على ما بات يحيط بهم من ظروف ، أفْرَغَت بطارياتهم من الصبر ، وغيَّرَتهم بالنتيجة . فهم على الأغلب الأعم ، لم يصلوا إلى هذه المرحلة ، إلا بعد أن اسْتُنفِذَت طاقاتهم على الصبر . فتعبوا وتشبَّعوا مللا .
لاحظتُ شبح ابتسامةٍ حزينة مُتردِّدَةٍ تغزوا مَبْسمَها ، فأكملتْ ناصِحا : صبراً جميلا راضِيا يا دكتورة , فلَعلَّها ولَعلَّها ولعلَّ منْ خلقَ الصبرَ يحلَّها .
الاردن – 16/4/2020



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل القلب والعقل عشوائيات في الحب - العشوائية 26 إ
- يا أمة تضحك منْ جهلها الامم إنه الله ، يا عشاق الحياة
- الحب الصاخب عشوائيات في الحب – العشوائية 25
- البشرية بين مَوتٍ وبائيٍّ ، وأنانيةٍ أعقد يا أمة تضحك من ج ...
- رب ضارة نافعة يا امة تضحك من جهلها الامم
- تورُّمُ الشَّراكات عشوائيات في الحب – الثالثة والعشرون
- بعضُ الحب مُؤذٍ عشوائيات في الحب – العشوائية 22
- سَلَفِيَّةٌ في الحب عشوائيات في الحب - العشوائية 21
- وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون
- إبْحَثْ عنِ امرأة عشوائيات في الحب - العشوائية 19
- حكاية بِرٍّ
- وحْدَها تَعْرِفُ ... ! عشوائيات في الحب – العشوائية 17
- إنها صَفعةُ القرن ، يا أمة تضحك من جهلها الأمم
- نَحْلُ الحب وذُبابه عشوائيات في الحب - العشوائية 17
- لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها يا امة تضحك من جهلها كل ا ...


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - جدلُ الركودِ والتحرك في الحب عشوائيات في الحب – العشوائية 27