أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات المحسن - من أكل الطلي الهرفي















المزيد.....

من أكل الطلي الهرفي


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 6511 - 2020 / 3 / 11 - 18:34
المحور: الادب والفن
    


أتفق تاجر أغنام من أهالي كركوك مع أحد رعاة الماشية ،على صفقة يتم فيها نقل خراف المالك الكركوكلي إلى بغداد. تم الاتفاق على مبلغ محدد للتوصيلة دفع مقدما للراعي، وبالوقت ذاته تم عد رؤوس الغنم فكان عددها 100 رأس بالتمام والكمال، على أن يتم تسليمها لمالكها في بغداد بعد مضي أسبوع من انطلاقها من كركوك مع الراعي، وأن يتم التسليم عند منطقة محددة تقع في العاصمة بغداد وبالقرب من بوابة التاجي المفضية إلى مدينة الكاظمية.
تحرك الراعي يهش بعصاه على الغنم ليبعدها عن الطريق العام، واتخذ في مسيرته منحدرات الوديان والسهول المليئة بالعشب والماء وظلال الشجر. وكان بين يوم وأخر يقف ليستريح ويريح القطيع، ويجعل الحيوانات ترتوي وتأكل الكلأ، والكلأ لمن لا يعرفه هو العشب الأخضر أو اليابس في بعض المناطق. وأحيانا يكون وفي هذا الزمان بقايا المزابل من الجرائد والخبز والصمون اليابس ومخلفات المطاعم والخيوط وما فاض عن حاجة البشر.في يومه الثالث وبعد أن شح عنده الطعام أختار الراعي طليا هرفيا متبتب الليه، وشواه على االحطب وأخذ يأكل التكة والمعلاك لثلاثة أيام متتاليات.
كان مالك الأغنام رجلا سخيا كريما شهما، و أريحيا يحب الكيف والأفراح ويستطيب الليالي الملاح، وله في هذا هشاشة روح ورقة قلب، يعاقر الخمر ويسهر الليالي في ربوع ومضارب بنات الهوى، وما يسمى بالكيوليه وهذه تحريف لكلمة الكيف وليه، أي الطرب ولي الأرداف وهز النهود على أصوات وقرع الدفوف والصناجات، وبرفقة أصوات طرب لرجال بحت حناجرهم لكثرة معاقرة العرق المغشوش.
حانت نهاية الأسبوع فركب مالك الأغنام سيارة التورن، وهي سيارة بجسد خشبي ومقدمة بدي وماكينة حديدية، كانت متجهة تلهب الأرض صوب بغداد . عند اقتراب التورن من العاصمة وقبل مسافة من بوابة التاجي، صرخ مالك الأغنام بصوت عال أيقظ به جميع من أخذته هنيهة نوم:
ــ دريول، فدوه، بدون زحمه أريد أنزل قبل البوابة رحمه لذا الأب المات وما ضايك ببسي.
نظر السائق في المرآة الأمامية وتملى شكل الرجل المهيب المرتدي عباية الجاسبي والعقال اللوي العريض المائل قليلا نحو الخلف، والشفطة أي الكوفية المسماة اليشماغ كان أبيضا ناصعا منقطا بالأحمر. وكان الرجل المهيوب المربوع جالسا وسط السيارة بصدره العريض كالطود الشامخ ليضفي على المكان وقارا وهيبة .
ــ تدلل شيخنا العزيز، يم البوابة، مايصير خاطرك إله طيب ، تنزل محروس بأهل البيت برأس البوابة مو بغيره، وأعذرنا التقصير عمي.
ــ شكرا وليدي توصلون بالسلامة.
تلقى هبة التراب المتطاير الذي خلفته حركة إطارات السيارة، فأشاح وجهه وغطى أنفه بطرف يشماغه. راح ينظر في الجوار لعله يجد مكان أغنامه والراعي. تملى الأفق البعيد وما خلف البوابة أيضا، فلم يلحظ شيئا. عندها بدأت تراوده الأفكار السيئة المشؤومة وما أكثرها تلك اللحظات. لعل أحدها يعني ضياع المال والحلال، أي الصاية والصرماية، على يد قطاع الطرق،أو الذئاب وباقي الحيوانات، وربما سولت للراعي نفسه الأمارة بالسوء وطمع بالخراف وأصبحن غنيمته وما كانت ملامح وجهه لتدل على غير ذلك الخبث.
شعر بالألم يعتصر صدره، خاصة وانه أضاع الكثير من مدخراته في الأسبوع الفائت، عند من خلعن لبه بغنجهن وميوعتهن وأجسادهن البضة، وسقي عندهن ذاك المذاق المر المنعش الذي يقدمه سقاة تلك المضارب خارج مدينة كركوك.وقبل أن تخور قواه ويسقط مغشيا على الأرض جراء مشاعر الانكسار والخيبة سمع صوت ينادي باسمه من بعيد:
ــ شيخنه، حجينه، تعال ليجاي أنه وغنماتك يم الساتر الترابي وراك.
التفت بسرعة وحيوية، وكأنه استيقظ من حلم مفزع، و نط واثب مثل من يخرج من بركة ماء عميقة كان ممكن في لحظة خاطفة أن يكون غريقها. ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة، وفتح قدميه بخطوات متسارعة وصل فيها عند الساتر الترابي، وهو مرتفع ترابي يحيط بالجانب الأيسر للبوابة، ويمتد حتى البساتين القريبة من طريق التاجيات، وشيد كساتر للتحصن واعتراض الهجوم الأمريكي أن تقدم بجيوشه من جهة منطقة التاجي، ولكن هذا الساتر وقبل أن يأتي الأمريكان، بات مرفقا عاما لمن يريد قضاء حاجته. تسلق التاجر الساتر الترابي ووقف عند مكان يسمح له بمشاهدة مساحة ليست بالصغيرة من مرتع مخضر تجمع فيها القطيع وكان بعضه يضطجع متسردحا في قيلولة بعد شبع.
أستقبله الراعي بالترحاب الحار وقدم له سيجارة كان قد برمها بيده قبل قليل. جلس الاثنان يتحادثان عن ظروف السفر ويتبادلان المديح بخصال بعضهما، بعدها أخذ مالك الخراف يعد خرافه ليستلمها من الراعي، كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة صباحًا وبدأت الشمس تتوسط السماء ولهيبها يغل وهجه الحاد في صدر الأرض ورؤوس البشر.
ــ هذه 99 رأس غنم فقط.
هكذا قال المالك.
ــ نعم أنها 99 رأس.
قال الراعي .
ــ ولكني سلمتك واتفقت معك على إيصال 100 رأس .
ــ نعم سلمتني واتفقنا على إيصال 100 رأس.
ــ ولكن هذه 99 وليس مائة.
ــ نعم 99 وليس مائة.
ــ ولكني اتفقت معك على إيصالها سالمة وكانت 100 رأس غنم.
ــ نعم اتفقت على إيصال 100 رأس غنم.
ــ ولكنها الآن 99 فقط.
ــ نعم 99 فقط .
ولكني سلمتك 100 رأس غنم.
ــ نعم سلمتني 100 رأس غنم.
ــ ولكن هذه فقط 99 رأس .
ــ نعم 99 رأسا.
ــ واتفاقنا أن تسلمني 100 رأس .
ــ نعم مثلما اتفقنا أن أسلمك 100 رأس.
ــ ولكنها 99 رأس غنم
استمر الحديث بينهما على هذا المنوال حتى اقتربت الساعة الرابعة عصرا، حينها شعر المالك وكأن جبده بط وقلبه فطر وبح صوته وتيبس حلقه ولم يعد يملك من حيلة مع هذا الراعي اللعين. فضرب الأرض بقدمه بقلب ملئه الوجع وضعف الحيلة، ومزق جيب رداءه وصرخ بلهجة لاعنة شاتمه،أنعل أبو ذيج الساعة العرفتني بيك، وساعة السودة الشفت خلقتك وصدكَت بيك، أذهب فأنت ملعون حتى يوم القيامة وسقوطك الأخلاقي أبتلع العهد والوعد والهرفي.

وهاي مثل سالفة الشعب العراقي مع أحزاب السلطة.
الشعب يطالب بالديمقراطية والحريات، الأحزاب كله تحجي بالديمقراطية والعدالة والحريات.
الشعب يطالب بمحاكمة الفاسدين وسراق المال العام، يطلع المالكي وصالح المطلك والحكيم وأبو مازن وأياد علاوي والزاملي والسامرائي والحلبوسي وو رافعين شعار محاكمة الفاسدين.
الشعب يريد الإصلاح، جميع الأحزاب ترفع شعار المطالبة بالإصلاح .
فما معنى السقوط الأخلاقي والنفاق السياسي .
ومن هو الذي أكل الطلي الهرفي يا أبناء قراد الخيل.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهام ليست بالسهلة ولكنها ليست مستحيلة
- هل هناك تحولات مرتقبة للانتفاضة العراقية
- الأكاديمي حين يخطئ
- ما آل أليه حال سائرون
- مطاردة الأشباح
- وحدة قوى التيار الديمقراطي هل من مرتجى؟
- الإطاحة بعمر أحمد البشير كان طبخة سعودية
- هل السيد عادل عبد المهدي رجل مجموعة مستقبل العراق؟
- شعار الصداقة بين الشعوب بين النظرية والمآل.
- شعار الصداقة بين الشعوب، بين النظرية والمآل.
- يقال تمخض الجبل فولد فارا
- الولاء والحراك الجماهيري
- ضباع مجالس المحافظات
- خرج أو صرة أو خزائن السيد حيدر العبادي
- هل قرأ المكتب الاستشاري للحزب الشيوعي العراقي اللوحة جيدا؟
- تركيبة الحشد الشعبي، هل تؤهله أن يكون ظهيرا للقوات المسلحة ا ...
- شارع المتنبي تغتاله بسطات الكتب
- فضائح انتخابات الخارج تتكرر دون حياء
- صالات قمار الانتخابات البرلمانية
- لا حظوظ لأحلام العصافير في العراق


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات المحسن - من أكل الطلي الهرفي