أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - إحياء ذكرى الهولوكوست في اسرائيل















المزيد.....

إحياء ذكرى الهولوكوست في اسرائيل


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 6471 - 2020 / 1 / 23 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إحياء ذكرى الهولوكوست في إسرائيل
" لن أستغرب إن طالب المحتفلون بذكرى الهلوكوست غداً بأن يدفع العرب والفلسطينيون تعويضات مالية وأراض واسعة تكفيراً عن دور أمين الحسيني ودورهم عموماً في قتل الهيود. "
ربما أن كارثة قد وقعت وأحرق فيها ملايين اليهود الألمان. وربما أن ذلك لم يحدث بالشكل الشائع. ومن المرجح أن يهوداً كثراً قد ذهبوا ضحية لجنون النازية. ولكن الأرقام المقترحة من قبل الصهيونية وأصدقائها هي أرقام مبالغ بها جداً، ولا يوجد أدلة مادية تسندها.
ما قلناه أعلاه قد يبدو للبعض كلاماً متوازناً. ولكنه ليس كذلك. ولو كتبته في فيلادلفيا/بنسلفانيا (حيث كنت أدرس قبل سنوات) لما نشره أحد. وإذا حدث ونشر، فإنه كان سيجر على الناشر والمؤلف تهمة معاداة السامية والجلب للعدالة. لماذا؟ لأن هذه إحدى المقدسات العظمى التي تختبئ وراءها إسرائيل لكي ترتفع فوق مستوى النقد والمحاسبة. إنها شيء يشبه المقدسات الأخرى وقد يزيد عنها قوة. بمعنى أننا في مواجهة شكل من الإيمان مثل الإيمان المسيحي بقيامة يسوع من الأموات، أو الإيمان الإسلامي بالحياة بعد الموت، أو الإيمان الإسلامي/الشيعي بعودة المهدي...الخ. لهذا لا يجوز مناقشة الواقعة كما لو كانت حدثاً سياسياً أو تاريخياً عادياً. وقد جرب مؤرخون يعدون على اصابع اليد أن يتحدوا رواية الهولوكوست فكانت النتيجة التكفير والتخوين والتجريم والطرد والسجن والحرمان ...الخ. ولهذه الغاية تم اختراع مصطلح "اليهودي الكاره لنفسه" لوصف أي مفكر يهودي يناقش تاريخ المحرقة على أسس علمية دون الالتفات إلى طابعها المتلفع بالقداسة.
ستحتفل إسرائيل إذن بالذكرى الماسية لتحرير "أوشفيتز" بحضور بوتين ومايك بنس، ونانسي بيلوسي وماكرون وكوشنر، في سياق "المنتدى العالمي لإحياء ذكرى تحرير اوشفيتز" يوم غد الخميس. وقد وصل بالفعل إلى "البلاد" رؤساء بلغاريا ورومانيا وفنلندا وجورجيا وقبرص والبوسنة وآخرين. وسوف يصل لاحقاً قادة الاتحاد الأوروبي كلهم إضافة إلى الأمير تشارلز في تجمع هائل لم تشهد له إسرائيل مثيلاً. (ترى هل نعد هذا الحشد جزءاً من نجاح الديبلوماسية الفلسطينية الذي نسمع عنه كل يوم؟!)
سيلتقي عدد من الضيوف بنتنياهو وغانتس على السواء. ولكن جزءاً من هذا العدد سيذهب إلى رام الله ويقابل الرئيس الفلسطيني ومنهم ماكرون وبوتين. ويقال إن رئيس بلدية القدس سيدعو الضيوف جميعاً إلى حفلة كبيرة في القدس الغربية. بالطبع هذه ربما أول مرة يشارك فيها قادة بهذا العدد في احتفال في مدنية القدس، ولن يوفر السياسي الإسرائيلي الفرصة لتثبيت واقعة أن القدس هي عاصمة إسرائيل إلى الأبد.
” حثت اليونسكو على نشر ذكرى المحرقة وتعليمها على نطاق واسع في سياق مشاركتها في التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست “
حددت الأمم المتحدة يوم 27 كانون ثاني الذي يصادف ذكرى تحرير الجيش السوفييتي لمعسكر أوشفتز يوما لإحياء الهولوكوست. وقد حثت اليونسكو على نشر ذكرى المحرقة وتعليمها على نطاق واسع في سياق مشاركتها في "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" الذي يمثل هيئات دولية حكومية هدفه حشد الدعم من القادة السياسيين والاجتماعيين لفكرة تعليم الهولوكوست وتذكّره على الصعيدين الوطني والدولي. وقد ولد هذا التحالف في العام 1998 على يد رئيس الوزراء السويدي غوران بيرسون، وانطلق بصفة رسمية بمناسبة المنتدى الدولي بشأن الهولوكوست الذي عُقد في استكهولم في كانون الثاني من العام 2000. ولعل هذه الانطلاقة "الحيادية" من بلد "نزيه" مثل السويد من الأمور التي لا تفتر همة إسرائيل عن تذكيرنا بها.
يضم التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست حالياً 31 بلداً عضواً، و11 بلداً مراقباً و7 شركاء دوليين دائمين، يعملون معاً لتعزيز تنفيذ السياسات والبرامج الوطنية دعماً لتعليم الهولوكوست، وتذكّره، ورعاية الأبحاث المتصلة به. وتتولى تمثيل الدول الأعضاء وفود وطنية مؤلفة من دبلوماسيين، وموظفي وزارات التربية والتعليم وخبراء يمثلون المنظمات المعنية بالهولوكوست. وتشمل مجالات التركيز في أنشطتها على أمور حيوية من قبيل جرائم إنكار الهولوكوست ومعاداة السامية.
أصدر التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست وثيقتين رئيسيّتين هما "تعريف مؤقت لمعاداة السامية"، الذي اُعتمد خلال الجلسة العامة للتحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست في أيار 2016، ويوفر إرشادات في تعريف معاداة السامية، و"تعريف مؤقت لإنكار الهولوكوست وتشويهه"، الذي اعتمده التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست في جلسته العامة في تورونتو في تشرين الأول 2013. وبالإضافة إلى ذلك، يوفر الكتاب المرجعي الذي أصدره هذا التحالف في العام 2017 تحت عنوان "بحوث في التدريس والتعليم بشأن الهولوكوست" أداة بارزة للعاملين في مجال التعليم بشأن الهولوكوست في أنحاء العالم المختلفة.
” هذا الاتجاه على أن الهولوكوست "صناعة" استخدمت من قبل الصهيونية من أجل ابتزاز مليارات الدولارات من المانيا وأوروبا “
بالطبع هناك اتجاه أقلوي مثلما أشرنا آنفاً يشكك في أساطير الهولوكوست المنتشرة من ناحية، ويحلل توظيفها الايديولوجي والسياسي الصهيوني من ناحية أخرى. ومن هؤلاء المؤرخ أيرفنج وكذلك المفكر الأمريكي اليهودي فنكلشتين. ويؤكد هذا الاتجاه على أن الهولوكوست "صناعة" استخدمت من قبل الصهيونية من أجل ابتزاز مليارات الدولارات من المانيا وأوروبا، وكذلك من أجل خنق أية اتجاهات تريد توجيه النقد للصهيونية أو إسرائيل بسبب جرائمها بحق الفلسطينيين خصوصاً والعرب المشرقيين عموماً.
وفي هذا السياق تبرز الوقائع التاريخية الصلبة التي تشير إلى دفن الولايات المتحدة لقصة الهولوكوست بعد الحرب العالمية الثانية حتى العام 1967 بسبب ضرورات بناء التحالف مع ألمانيا ضد الاتحاد السوفييتي. ولكن حرب حزيران وما تلاها من تحالف جديد ومتين بين أمريكا وإسرائيل سمح بأن يتم نشر الأساطير الصهيونية المتصلة بالهولوكوست في الولايات المتحدة. وهنا فإن الأمر لا يتصل بداهة بإقرار أن جريمة أو جرائم إبادة قد وقعت في سياق حرب ألمانيا النازية ضد جيرانها الأوروبيين. بالعكس هناك ما يكفي من الأدلة لإثبات أن النازيين قد قتلوا أعداداً بالملايين وعشرات الملايين من الاتحاد السوفييتي وبولندا ومن اليهود والغجر وغيرهم. لكن الأمر المهم هنا هو أن هذا كله يأخذ موقعه التاريخي العادي فيما يتصل بالجميع ما عدا اليهود.
مثلاً لم تدفع ألمانيا أية تعويضات لروسيا أو بولندا، ولم تدفع اليابان أي شيء لتعويض الصين عن جرائم الإبادة الوحشية والاغتصاب والتنكيل الذي قامت به قواتها في السياق ذاته. فقط تم تحويل الجرائم المتصلة باليهود إلى علامة مسجلة تحمل اسماً أصبح مخصصاً وحصرياً هو "الهولوكوست"، وهذا الهولوكوست دون الجرائم كلها يشكل حدثاً مأساوياً له قدسية خاصة تجعل منه "طابو" لا يجوز أن ُيمس أو ُيفحص أو ُيعرض للبحث.
ولا بد أن هذا "الطوطم" يجب أن يراعى تماماً عند مناقشة أي شيء يتصل بإسرائيل التي أقامت علاقة تماهي بينها وبين ضحايا الهولوكوست وصولاً إلى الزعم بأن أي تهديد لها أو لاحتلالها لفلسطين والأرض العربية الأخرى هو نوع من الخطر الذي يشبه الهولوكوست. وهكذا تم تدشين جملة من القوانين في الغرب مع جوقات من المنشدين المساندين للفكرة تجرم أي تشكيك في الهولوكوست أو حتى أية محاولات لمحاسبة إسرائيل أو مقاضاتها..الخ بوصف ذلك نوعاً من معاداة السامية.
ندرك بالطبع ان الزعماء الذين يحضرون اليوم في تظاهرة ضخمة لم تشهد لها إسرائيل مثيلاً من قبل، قد لا يؤمنون ضرورة بأي من طقوس الصهيونية حول الهولوكوست ومعاداة السامية ...الخ، لكن ذلك أمر جانبي بطبيعة الحال. المهم أنهم جاءوا ليشاركوا في الاحتفاء بالذكرى وتخليدها في سياقها الإسرائيلي/الصهيوني المستعار وليس في سياقها الأوروبي الأصلي في يوغسلافيا أو بولندا أو روسيا أو المانيا ذاتها.
” صعدت الجزء اليهودي من الضحايا إلى مستوى المقدس لتوظفه سياساً واقتصادياً وأيديولوجياً في خدمة الدولة الصهيونية ومآربها التي تتقاطع مع مصالح اليهود وتتعارض معها بحسب الظرف والسياق والزمان والمكان “
إذن لقد سطت دولة إسرائيل الصهيونية التي لم تكن قد ولدت أيام الحرب الأوروبية في أربعينيات القرن العشرين، على تراث المذابح وإرث الضحايا في تلك الحرب الكبرى، وصعدت الجزء اليهودي من الضحايا إلى مستوى المقدس لتوظفه سياساً واقتصادياً وأيديولوجياً في خدمة الدولة الصهيونية ومآربها التي تتقاطع مع مصالح اليهود وتتعارض معها بحسب الظرف والسياق والزمان والمكان. لكنها في الأحوال كلها أصبحت الوكيل الحصري والوريث الشرعي الوحيد لحقوق الضحايا الذين يطلبون عدالة وتعويضاً مستمراً لوريثهم الشرعي إسرائيل ويطلبون انتقاماً وقصاصاً مستمراً من ورثة معذبيهم في ألمانيا وأوروبا مع إسقاط متضمن بشكل إيحائي يضع العرب والفلسطينيين في خانة المجرمين اعتماداً على صياغة أوهام تتصل بعلاقة الحاج أمين الحسيني أو غيره بألمانيا النازية.
في هذا السياق قام نتانياهو قبل أربع سنوات بتقديم "أدلة" على أن إدولف هتلر قد تأثر على الأرجح بالحاج أمين الحسيني في موضوع العداء لليهود والتوجه نحو اضطهادهم وقتلهم. بالطبع إذا صح ذلك الافتراض، وليس من المحال إثباته إذا قرر الأمريكيون مساعدة نتنياهو في ذلكن فقد نشهد دعوات في الاحتفال المزمع هذا العام لأن يبدأ العرب وعلى رأسهم السلطة الفلسطينية في دفع تعويضات لإسرائيل عن ضحايا الهولوكوست، وقد يتوسع المرء باتجاه أن تقدم أراض عربية أخرى تعويضاَ عن أرواح شهداء الهولوكوست الذين كنا السبب الرئيس في قتلهم.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفراح -العرب المتأسلمين- بانتصارات أمريكا
- استهداف الصين بالأقليات الدينية
- المرأة بين سيداو وعشائر الخليل
- الشيوعيون والبرجوازية المحلية
- الإنتاج المعرفي في ظل التمويل والاحتلال
- ألعاب الصدر وملهاة الفوضى العراقية المأساوية
- كيف نفهم ما يجري في بلادنا؟
- الجزيرة والتحول الديمقراطي العربي
- من بوليفيا إلى إيران وصولاً إلى فلسطين ولبنان
- لبنان بين التحركات الغاضبة وفرص الثورة الفعلية
- موراليس/بوليفيا وأكذوبة الديمقراطية
- انتهينا من احتفالية وعد بلفور
- ماهية الثورة الممكنة في لبنان
- بين حزب الله الرجعي واليسار التقدمي
- فساد حزب الله
- حماس تضع بيضها في سلة اردوغان
- قراءة في الغزو التركي لشمال سوريا
- أمريكا وزمن الهبوط
- لماذا فشلت أنظمة الدفاع في حماية السعودية؟
- ما الذي يحدث في مصر الآن؟


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - إحياء ذكرى الهولوكوست في اسرائيل