أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - أريد وطن















المزيد.....

أريد وطن


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6452 - 2020 / 1 / 1 - 10:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعل شعار " أريد وطن " هو أجمل ما رددوه المتظاهرون في تظاهراتهم التي إندلعت في الأول من تشرين الأول عام 2019 في بغداد ومدن محافظات وسط العراق وجنوبه و ما زالت مستمرة حتى اليوم . حققت الإنتفاضة بعض النتائج المهمة التي نؤمل أن تسفر بتطوير النظام السياسي القائم حاليا في العراق, ولو بصورة جزئية ربما تشكل إنفراجا في الأفق السياسي المغلق حاليا, يمكن أن يكون مدخلا لإصلاح سياسي حقيقي في بنية النظام السياسي المعتمد منذ غزو العراق وإحتلاله عام 2003 ,القائم على أساس المحاصصة الطائفية والأثنية , تمهيدا لتأسيس نظام سياسي بديل,نظام ديمقراطي مدني حر على أساس المواطنة وتكافؤ الفرص لجميع العراقيين , في ضوء قانون إنتخابات مجلس النواب الجديد الذي يؤمل أن يحد من سطوة أحزاب الإسلام السياسي وربما بدرجة أقل من سطوة الأحزاب الإثنية.
ومعنى الوطن كما جاء في قاموس المعجم الوسيط وقاموس المحيط وقواميس أخرى كثيرة : "مكانُ إِقامةِ الإِنسان وَمقَرُّه ، وإليه انتماؤه ، وُلد به أَو لم يولد".وتعرف موسوعة ويكيبيديا الوطن ,بأنه : "المكان الذي يرتبط به الشعب ارتباطا تاريخيا طويلا, وتولدت فيه هويته الوطنية". وهناك تعاريف أخرى كثيرة أوردها باحثون ومفكرون كثر , تدور في ذات المعنى بشيئ من التفصيلات . لذا فإن فقدان الوطن يعني الضياع وفقدان الهوية .مما يتطلب تضافر الجهود الخيرة لحفظ الوطن وصون كرامته من كل عابث , فكرامة الوطن من كرامة شعبه وكرامة شعبه من كرامة الوطن , ولا ينبغي التفريط بأي منهما وضياع أي منهما يعني ضياع الآخر , ولا يستحق الحياة من لا وطن له , لذا يجب أن نضع الوطن في حدقات العيون وحنايا الضلوع ليبقى عزيزا شامخا أبد الدهر مهما عصفت به الرياح الصفراء وأثخنت جراحه الفئات المارقة القادمة من خارج الحدود . يبقى العراق ويرحل المارقون بإذن الله .
المقصود بشعار " أريد وطن " على ما أعتقد : إستعادة وطن حر ومستقل , إذ ما قيمة وطن لا يعيش فيه الناس أحرارا كما ولدتهم أمهاتهم , وطن لا يملك فيه الإنسان شروى نقير في بلاد حباها الله بالثروات الهائلة التي يحسدها عليها الكثيرون ,والشعب يعيش في بؤس وفقر مدقع, بينما حكامهم سادرين بغيهم وغير مكترثين لأحوال رعيتهم التي أوصلتهم لسدة الحكم وجعلت منهم أسياد البلاد والعباد , وإذا بهم يتحولوا بين ليلة وضحاها من عراة حفاة إلى طغاة عتاة يعيثون في الأرض فسادا وبأكلون المال السحت الحرام ,بتقاضيهم الرشى ونهب المال العام جهارا نهارا دون وازع من ضمير ودون رقيب أو حسيب , ودون مخافة الله الذي يدعون بأنهم جاءوا لنشر العدل بين الناس على وفق مبادئ الدين الإسلامي الحنيف . وهنا نستحضر مقولة سيد البلغاء الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام حين يصف "الفقر في الوطن غربة , والغنى في الغربة وطن" , أي أن الفقير في وطنه غريب أي لا وطن له , ويقول في موضع آخر لو كان "الفقر رجلا لقتلته" . ولا عجب أن يهب الفقراء الذين كانوا دوما وعلى مر التاريخ وقود الثورات وشرارتها , بإنتفاضة شعبية عارمة للإطاحة برموز الفساد الذين لم يعرف العراق مثيلا لهم في تاريخه الحديث.
هكذا يجب أن نفهم أن جوهر الإنتفاضة التشرينية , ما هي إلاّ ثورة جياع ومحرومين مطالبين بأبسط حقوقهم بالعيش الكريم في وطن حر يؤويهم من خوف ويطعمهم من جوع , وإجتثاث كل بؤر الفساد والإفساد , والدعوة لإقامة الحكم الرشيد العادل الذي يضمن لكل ذي حق حقه في إطار القانون , ومحاسبة كل من تسبب بسرقة أو هدر المال العام , وبذلك نكون قد إستعدنا وطننا العراق , مهد الحضارات ومهبط الرسالات.ولا ننكر أن هناك قوى سياسية مناوئة للنظام السياسي الحاكم ودول إقليمية وأجنبية تلعب دورا بتحريك الإنتفاضية وتحاول توجيهها بما يخدم مصالحها, وهذا أمر طبيعي في كل الإنتفاضات والثورات وإن إنطلقت بدياتها مطلبية , أن تكون هناك فيما بعد تداخلات وخلط أوراق سياسية , لتفرز فيما بعد الجماعات الأكثر قوة ونفوذا وقدرة على إدارة دفة أمورها . ومن هنا يجب أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر من أن تنزلق الأمور إلى مهاوي الفوضى والإحتراب الداخلي لا سامح الله.
والوطن الذي نسعى لبنائه , وطن يضم جميع العراقيين بمختلف ألوانهم وأشكالهم وأديانهم وطوائفهم ومعتقداتهم وقومياتهم , ينعمون بثرواته كل حسب عطائه وإستحقاقه, وطن تسوده العدالة وتعامل الرعية بالسوية بموجب القانون , وطن خال من كل أشكال العنف والخوف والإرهاب الفكري والمادي , وطن يوفر الضمان الصحي والإجتماعي والحد من كل أشكال الفقر والعوز في جميع مراحل الحياة , وطن لا تهدر فيه كرامات الناس لأي سبب كان , وطن تسوده المحبة والتسامح بين الناس ونبذ كل أشكال العنف والكراهية تحت أي مسمى أو أية ذريعة , وطن خال من كل أشكال الزيف والشعوذة والتدليس , وطن يلامس روح العصر ويتناغم مع الحضارة الإنسانية المعاصرة وكل إفرازاتها, وتوظيف معطيات الثورة العلمية المعاصرة ويتفاعل معها , وطن يعتمد الأساليب العلمية منهجا ويوظف مستجدات العلوم الحديثة والتقنيات المستندة إليها في حل المعضلات التي تواجهها مؤسساته الإنتاجية المختلفة في إطار ستراتيجية تنمية مستدامة لضمان العيش الكريم لجميع مواطنيه. وبذلك يكون قد إستعاد العراقيون وطنهم المستباح من القراصنة والأفاكين الذين إستولوا على زمام الأمور في غفلة من الزمن.
ونرى أنه واجب على كل من أحب ويحب العراق حقا بالفعل لا بالقول , أن يتسامى فوق كل أشكال الحقد والكراهية , والكف عن بث كل سموم التفرقة الطائفية والأثنية عبر وسائل التواصل الإجتماعي وغيرها , وأن لا يكون وسطا ناقلا ومروجا لها بقصد أو بدونه , وأن لا يكون وسطا ناقلا للأخبار والإشاعات المفبركة دون التأكد من صحتها وهوية مصادرها ومروجيها وأهدافها ,وذلك تجسيدا للآية الكريمة : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة" .
وأعجب حقا أن أرى بعض العراقيين وبعضهم من المتعلمين والمثقفين , يشيدون بمنجزات دول أجنبية ويمجدون ويتباهون بعظمة قادتها بصورة ربما تفوق إشادة مواطني تلك البلدان بهم , ويقللون في الوقت نفسه من شأن بلدهم العراق بحق أو بدونه . فمنهم من يتغنى بأمجاد تركيا وسلطانها الجديد أوردكان الذي حرمت بلاده العراق من حصصه المائية , وما زالت قواته تحتل بعض الأراضي العراقية في الشمال , وتقصف طائراته بعض القرى والمدن الشمالية بين الحين والآخر بدعوى محاربة قوات حزب العمال الكردي , أحد الأحزاب التركية المعارضة. وفوق هذا وذاك كانت تركيا الملاذ الآمن الذي تدفق منه آلاف الإرهابيين إلى العراق لتأسيس ما يعرف بدولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام التي تسببت بإزهاق أرواح آلاف العراقيين وتدمير ممتلكاتهم وبعض معالم العراق التاريخية والحضرية , كما أنها كانت أبرز الدول التي أسهمت بتدمير الدولة السورية وإحتلالها أراض سورية جديدة لتضيفها إلى مدينة الأسكندرونة التي إحتلتها مطلع تشكيل الجمهورية السورية الفتية عقب إستقلالها من الإنتداب الفرنسي في عقد الأربعينيات من القرن المنصرم .
وينطبق الحال على فريق آخر من العراقيين الذين يتغنون بإمجاد إيران ويصفونها بأنها الحامي والمنقذ للعراق , وينشرون صور رموز قادتها في كل مكان في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني عبثهم بأمن وإستقرار العراق بما يتوافق ومصالحهم التي لا تبت البتة لمصلحة العراق , ويتخذون منه ساحة للمواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الإقليمية لتصفية حساباتها , فضلا عما يجنونه من مبالغ طائلة بتصديرهم سلع ومواد صناعية وزراعية كان العراق ينتجها ويسد حاجته منها , ويصدر الفائض إلى دول أخرى سنين طويلة خلت, بعد أن نجحوا عبروكلائهم بتعطيل مصانع العراق وإيقاف منتجاته الزراعية.
وهناك فريق ثالث , وبخاصة من أبناء الجاليات الأثنية المهاجرة من العراق في فترات مختلفة باتوا يتنكرون لهويتهم الوطنية العراقية , الهوية الشاملة الجامعة لجميع العراقيين , ويغلبوا هوياتهم الفرعية على حساب هويتهم العراقية ويتجنبوا الإشارة للهوية العراقية بأي شكل كان,وكأنها تهمة توجه إليهم عند تذكيرهم بهويتهم العراقية, هويتهم وهوية ابائهم واجدادهم الذين عاشوا في العراق سنين طويلة شأنهم شأن العراقيين الآخرين من مختلف القوميات والأديان , لهم ما لهم وعليهم ما عليهم في السراء والضراء, أصابهم ما أصاب العراقيين من جراء السياسات الحكومية المختلفة سلبا أوإيجابا على حد سواء , متناسين أن الحكومات تتغير والأوطان باقية إلى الأبد . وبرغم هذا الإنكار فأن ما يثير العجب والإستغراب أن البعض منهم وبرغم تنكره لهويته العراقية , يروج لفكرة مفادها أنهم سكان العراق الأصليين خلافا لحقائق التاريخ.
وفي الختام نقول أن العراق وطن الجميع بعربه وكرده وتركمانه وسائر قومياته , بمسلميه ومسيحيه وسائر أديانه بمختلف طوائفه ومذاهبه , عليهم جميعا حفظ أمنه وإستقراره بعيدا عن مداخلات الدول الإقليمية والأجنبية تحت أي ظرف أو أي مبرر , وهم أولى بإدارة شؤون بلدهم , فأهل مكة كما يقال أدرى بشعابها . وهذا لا يعني الإنغلاق على الذات إطلاقا , بل على العكس ندعو إلى الإنفتاح على جميع دول العالم على الأساس التكافؤ والتعايش السلمي وتبادل المصالح المشتركة , والإستفادة من تجاربها في إطار السعي لبناء دولة عراقية مدنية مزدهرة تضمن العيش الكريم لجميع المواطنين في أمن وسلام . وندعو الله الواحد الأحد أن يكون العام 2020 عاما خير وعطاء لعراق آمن ومستقر.



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيدا عن الطائفية والعنصرية ... قريبا من الوطن
- العلاقات العراقية الإيرانية ... قراءة موضوعية هادئة
- زيارة بنس نائب الرئيس الأمريكي .... ما وراء الأكمة وما وراءه ...
- ما يجب أن يقال
- حكومات عراق ما بعد 2003
- الإنتفاضة التشرينية ... قراءة موضوعية
- العزف النشاز على وتر الطائفية
- العراق مستودع بارود ... حذار أن ينفجر
- التظاهرات في العراق ... ثمة تساؤلات مشروعة؟
- رحمة بالعراق ... رفقا بدماء العراقيين
- الأمانة العلمية وحقوق الملكية الفكرية
- -الديمقراطية العراقية - ... ديمقراطية ممسوخة
- هل باتت دولة العراق ... دولة الرجل المريض حقا ؟
- تداعيات المنظومة الأخلاقية في العراق ... من يوقفها ؟
- آه ... يا عراق
- التعليم العالي في العراق... كيف نصلحه؟
- حديث في الطائفة والطائفية
- إنهيار الدولة العراقية ... قراءة موضوعية متأنية
- اخلاقيات المهنة
- نظرة في مفهوم الدولة والحكومة


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - أريد وطن