أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمزة الذهبي - هل مكتوب على وجهي بأني لص














المزيد.....

هل مكتوب على وجهي بأني لص


حمزة الذهبي
كاتب وباحث

(Hamza Dahbi)


الحوار المتمدن-العدد: 6452 - 2019 / 12 / 31 - 19:55
المحور: سيرة ذاتية
    


كان المساء في أوله، عندما وضعت النادلة على الطاولة التي أجلس إليها، كأس قهوة بالحليب وقطعتي سكر ، وملعقة صغيرة . شكرتها، ثم راقبتها وهي تمشي نحو طاولة أخرى ـ
ولأني كنت في المقهى وحدي ، في انتظار صديق لم يأتي بعد، فإني أخذت أسترق السمع إلى شاب، في العشرينات من عمره، لفحت وجهه أشعة الشمس ، يتحدث بعصبية وبغضب واضح ، مع صديقه قائلا ( إعادة صياغة الحديث من عندي ) :
" قمت بإكمال العمل وقررت أن أستقل عربة (الطرامواي) إلى المنزل، بدل ركوب الحافلة هربا من الزحام الذي لا يحتمل . اتجهت صوب محطة (الطرامواي) في شارع فرنسا في حي أكدال بالرباط ، كي أركب من هناك ، كانوا خمس فتيات ، جالسات على تلك المقاعد الموضوعة في المحطة ليجلس عليها الركاب في انتظار وصول العربة ، يتجاذبن أطراف الحديث ، لما رأوني قادما، قاموا بإخفاء هواتفهن، وبدئوا ينظرون إلي بتوجس ، تخيل ، جعلوني أحس بأني لص ، تألمت ، أحسست بأني لا أساوي أي شيء ، فأن تمر بجانب شخص ويرتعد منك لأنك غير متأنق انطلاقا من وجهة نظره أو أن لباسك يشير إلى انتمائك لطبقة معينة ، الأمر يجعلك تطلب من الله أن تنفتح الأرض وتبتلعك، لهذا اتجهت نحوهن وأنا أرتجف، وقلت لهن :( هل مكتوب على وجهي بأني لص ) ، وبدل الركوب في عربة (الطرامواي)، اتجهت صوب الحافلة ، وأنا أستشيط غضبا ، هنا استوقفني شرطيان وبدأ يحققان معي، بطاقة الهوية ، خذ ، أنت ابن سلا ، نعم ، ماذا تفعل هنا. كنت أعمل، أين ، قرب شارع فرنسا ، ثم بدأ يفتشان جيوبي الأمامية والخلفية ، ومحفظتي التي أحملها على الظهر ، بحثا عن شيء غير قانوني وعندما لم يجدا شيء ، تركاني أذهب في حال سبيلي، تخيل، تهرب من وضع سيء فتسقط في وضع أسوء منه."
وأنا أستمع للشاب ، فكرت : أن لا يستطيع إنسان ، ابن هذا الوطن ، الذهاب إلى بعض الأماكن لأنه لا يلبس جيدا كي يتحاشى ويتجنب تلك النظرات المُرتابة والتخوفات والشكوك . ألا يجعله هذا سجينا في سجن من نوع آخر. أي أن يكون محكوم عليك بالبقاء في مجال معين وإذا ما تجاوزت ذلك المجال دون أن تغير جلدك – أقصد ثيابك - فإنك ستعاقب. والعقاب هنا هو إحساسك بأنك لست ذا شأن . أي أنك أقل قيمة من الجميع .. إحساسك بأن مكانك ليس هنا.
أي في استبعادك من اللعب لأنك لم تنصاع للقواعد.
لكن من يضع القواعد . من يحدد أن هذا لباس مشبوه وأن هذا لباس غير مشبوه ؟ الناس . لكن أيُ ناس ؟ الناس الآخرين الذين لا يشبهوننا . لكن ماذا عنا نحن ؟ ألسنا من الناس ؟
الإجابة : لا ونعم . الأمر مُرتبط بموقع من يرى ، ففي نظرهم نحن لسنا من الناس ، نحن كلاب لا يجب أن تخرج من جحورها . وفي نظرنا ، نحن لا نختلف عن الناس ، لكن هل فعلا ننظر إلى أنفسنا باعتبارنا لا نختلف عنهم في شيء . ألسنا أحيانا بل وغالبا ما نتبنى وجهة نظرهم وننظر إلى أنفسنا مثلما يروننا . أي ننظر إلى أنفسنا ككلاب يجب أن لا تخرج من جحورها وإلا كيف يمكن تفسير أننا لا نتجاوز جحورنا إلا في حالات نادرة ، وفي هذا الحالات النادرة التي نخرج فيها يتم طردنا شر طردة .
انتشلتني النادلة من الغرق فيما كنت أفكر فيه، وطلبت مني أن أدفع ثمن المشروب ، لأنه قد حان وقت ذهابها لتحل نادلة أخرى في مكانها ، وضعت يدي في جيبي وأخرجت النقود ، مددتها لها ، وطلبت منها أن تحتفظ بالصرف . انتظرت ربع ساعة أخرى في المقهى ولما لم يأتي الصديق - جعلني مثل شخصيات صامويل بيكيت التي تنتظر جودو الذي لا يأتي - خرجت ، وتزحلقت نحو المنزل.



#حمزة_الذهبي (هاشتاغ)       Hamza_Dahbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم الجوكر -jocker - : المشكل ليس في المجرم بل في المجتمع ا ...
- لقد نجحوا في خلق جيل من الضباع.
- الكُتاب هم أناس مثلنا من لحم ودم وليسوا آلهة
- أصدقاء بدون مكر الأصدقاء
- محمد عابد الجابري – عيوب الخطاب العربي المعاصر
- نعيش في مجتمع عنيف :
- علاقة محمد عابد الجابري بفيلسوف قرطبة
- سقراط : أول شهيد للفكر .
- رواية طفل الرمال عكست لنا وضعا يُؤسف له كانت تعيشه المرأة
- التكفير جزاء من تجرأ على التفكير :
- لماذا تعثرت النهضة العربية ؟
- رواية الورم : السلطة تمسخ أهل السلطة
- فاتحة مرشيد : تقتل الأب كي يحيا الإبن
- عندما يصبح سؤال ماذا تفعل ؟ سؤال مرعب .
- المرأة السوداء في المغرب والعنف المزدوج
- الإبداع يولد من رحم المعاناة – دوستويفسكي نموذجا .
- رواية العريس للكاتب صلاح الوديع باعتبارها شكل من أشكال التعب ...
- رواية الحي الخطير : ليس هناك أي مخرج
- الروائية فاتحة مرشيد : ممارسة الجنس أمر محفز للإبداع


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمزة الذهبي - هل مكتوب على وجهي بأني لص