الفقيد الفنان -ئحيا بوقدير-: -ذاك الغصن من تلك الشجرة- (قصة مختصرة جدا لمسار ومصار الفقيد الفنيين والإبداعيين)


الحسين أيت باحسين
2018 / 11 / 30 - 03:39     

تمهيد:
- يتساءل المثل: "من أين ذلك الغصن؟"؛ ويجيب: "من تلك الشجرة !".
- ويقول معروف الرصافي:
انظر لتلك الشجرة ذات الغصون النضرة
كيف نمت من حبة وكيف صارت شجرة ؟

أولا: "البيوتات أو الأسر الشعرية"
من السائد عموما، أنه بعد وفاة شخص ذي شهرة محلية أو وطنية أو حتى عالمية، أن ينبجس لدى العموم التساؤل عن "أصل وفصل" ذلك الشخص في صيغة المثل المشهور: "من أين ذاك الغصن"؟
فيكون الجواب: "من تلك الشجرة" !
ويقصد بهذه الظاهرة، بالنسبة لمجال اهتمام فقيدنا الشاعر والمايسترو: ئحيا بوقدير؛ الظاهرة التي أشار إليها كثير من المهتمين بالإبداع عامة، وبالإبداع الفني الأمازيغي خاصة، وبالإبداع الشعري الأمازيغي بصفة أخص؛ وهي الأسر التي توارث أبناؤها الشعر والنظم لأجيال، أغلبها تعود إلى ثلاثة أجيال أو أكثر؛ مما جعل البعض يسميها ب "البيوتات أو الأسر الشعرية". وقد يتقاسم هذا التوارثَ الذكور والإناث، والإخوة والأخوات، والزوج والزوجة، علاوة على الجد والأب والحفيد. ولقد استمر ذلك التوارث، عند بعضها، من أواخر القرن التاسع عشر الميلادي إلى أواخر القرن العشرين الميلادي؛ أو من بداية القرن العشرين الميلادي إلى بداية الألفية الثالثة الميلادية؛ ومن بين تلك الأسر أو البيوتات:
- أسرة بن دريس المزوضي، ؤنزوطّ (مزوضة)؛
- أسرة أيت ئغيل (بن ئغيل)، توزونين؛
- أسرة برغوط، ؤنزوطّ (مزوضة)؛ (أربعة أجيال؛ ويبدو أن هناك أيضا جد أعلى كان يمارس النظم في فرجة أحواش؛ لترقى هذه الأسرة إلى خمسة أجيال متتابعة)؛
- أسرة ؤلحانافي، (أكادير ن ؤفرا، قبيلة أسيف ن وولت، طاطا)؛
- أسرة شيلوش،
- أسرة بيضني، إسافّن، (قرية تاغرات، إداوتينست، قبيلة إسافّن)؛
- أسرة جاخا، بإسكتان، (ئمي ن ؤكني، قبيلة تينفات، تاليوين)؛
- أسرة أساكني، (أرغن، قرية تاشتول، أرغن)؛
- أسرة إحيا بوقدير، (أفايان، إداوزدّوت – أنفا-الدار البيضاء).
- وغيرها من أسر (في مختلف مناطق المغرب).

لقد ورث أفراد هذه البيوتات والأسر الشعرية، الفن الأمازيغي والإبداع الشعري الأمازيغي من أفراد أسرهم. ومن بينهم الفقيد ئحيا بوقدير، الذي ورث بدوره، في بداية مشواره الفني والإبداع الشعري، ما اتصفت به أسرته من فن إيقاعي وإبداع شعري، ويتساوى، في ذلك، كل من أبيه وأمه وأخواته. وذلك قبل أن ينتقل إلى الدار البيضاء حيث بدأ يتخذ له مسارا ومصارا خاصين به.

ثانيا: من "ذاك المرتفع" إلى "المرتفع": سيرورة وصيرورة الفقيد الإبداعية كمرحلة ثانية:
ما المقصود ب: "ذلك المرتفع"؟
المقصود به أن الفقيد قد انطلق من قرية "أفايان" التي تعني بالأمازيغية: "ذلك المرتفع" والمتواجدة بقبيلة، ب"إداوزدّوت"؛

وما المقصود ب: "المرتفع"؟
المقصود به أن الفقيد قد انتقل إلى مدينة "أنفا" التي تعني بالأمازيغية: "المرتفع"؛ والتي تسمى اليوم رسميا مدينة "الدار البيضاء" أو "تيكمّي تومليلت" بالأمازيغية؛ وهي أولى المدن المغربية الكوسموبوليتية (العالمية)، أو المدينة المغربية المنفتحة على العالمية.

ويتمثل هذا الانتقال في حياته الإبداعية، في ما يلي:
- انضمام الفقيد إلى فرق أحواش؛
- محاورة أكبر عدد من شعراء أحواش في مختلف مناطق المغرب؛
- تثمين الحوار الشعري الثنائي، من خلال تجربته مع الشاعر الحسن أجمّاع؛
- احتراف مهنة مايسترو، داخل الوطن وخارجه؛
- الجمع بين وظيفتي الشاعر والمايسترو؛
- جال أزيد من 120 دولة من القارات الخمس؛ كمايسترو؛
- الاهتمام بالوعي الهوياتي الجديد الذي ظهر لدى الفاعلين الجمعويين الأمازيغ في عدد من الحواضر المغربية؛
- الانخراط في ما تقوم به مختلف الجمعيات والمؤسسات المهتمة برد الاعتبار للغة والثقافة والهوية الأمازيغية؛
- كتب عنه، وعن تلك الأسر الشعرية الأمازيغية، عدد من الباحثين والمختصين في الفن والإبداع الشعري الأمازيغي؛ هم ومؤلفاتهم عنهم؛ وعن تلك الأسر؛ أشهر من نار على علم، لا داعي لذكرهم جميعا اليوم؛
- تكريمه، من قبل عدد من الجمعيات والمؤسسات، نتيجة رصيده الإبداعي، وبرهان على ما حصل عليه من مجد وشهرة؛ وما تكريمه التأبيني هذا إلا اعترافا بذلك المجد وتلك الشهرة.

فرحمة الله عليه، ورزق أهله وأقاربه وأصدقاءه وجمهوره والحاضرين اليوم في تكريمه التأبيني هذا الصبر والسلوان.
تانمّيرت (شكرا).
الحسين أيت باحسين
الرباط، في 14 شتنبر 2018
المناسبة: الملتقى التأبيني إحتفاء بروح الفنان الكبير الراحل الحاج إحيا بوقدير المنظم، بقاعة ابا حنيني بوزارة الثقافة والاتصال، من طرف الرابطة الوطنية لشعراء وشاعرات أسايس بتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال وبمشاركة عدد من السياسيين والمثقفين والمسؤولين والمهتمين بالثقافة الأمازيغيةٍ وبحضور أسرة الفقيد.