الرواية العربية بين التشكيك والتاصيل


واثق الواثق
2017 / 8 / 21 - 18:10     

لاشك إن الرواية العربية ،قد مرت بتعارضات المركز والهامش والتطابق والاختلاف ، والتأصيل والتهجين ،وفقا للانساق الثقافية والعقائدية التي كانت سائدة ،ما جعلها تعيش ظروفا صعبة قللت من شأنها ، وعقدت من عملية ولادتها القيصرية او الهجينة ؛لأسباب نراها ميتافيزيقية متخلفة وهمية ،نظرتْ إلى هذا الجنس أو النوع الأدبي السردي بنظرة دونية تقليدية متخلفة غير حيادية ومن زاوية واحدة عقيمة ،عرقلت مسارها كنوع أدبي ينتمي إلى قسم مهم من الأدب العربي والذي كان ينظر إليه بنظرة اقل من قسمه الآخر الشعر .
وربما يعود ذلك إلى النسق الثقافي والاجتماعي والعقائدي الذي كان يهيمن على كافة الأنساق او الخطابات الأخرى للتملص من الوظيفة الحقيقية للمؤسسة الدينية التي حاولت أن تضفي طابع الشرعية على وجودها وخطابها المتعارض مع كل ما هو هامش متمرد على سلوكياتها الفردية المهيمنة او متعارض معها فكريا .
لذلك وجدنا الكثير ممن تصدوا ووقفوا بوجه هذه الولادة القصيرية الجديدة والتي لها جذورها او بذورها في الأدب العربي في الحكايات والخرافات والأساطير الشعبية والقصص القرآنية ومن ثم المقامات التي انتهى الأمر بها إلى الحضر ومطاردة أصحابها في اسواق يغداد والساحات العامة والمجالس الادبية ؛ لاهتمامها بأدب العامة وان كانت برمزية عالية جدا تمثل صراع المركز والهامش .
هذه القطيعة وهذا الحضر ابعد الكثير من الكتاب والقصاص من ولوج هذا الفن او الجنس او النوع في العصر الحديث ؛خوفا من مطاردته من قبل المؤسسات السياسية بدافع من المؤسسات الدينية التي حرمت هكذا نوع أو أنواع سردية نثرية ادبية ؛بحجة انها تخل بالآداب العامة والقيم والأعراف الاجتماعية ، وتفسد العقول والأذواق والمخيلات ..وبالتالي قد حرمت الأدب العربي من تراث شفوي كبير من التدوين والتواصل والحياة وما وصلنا منه إلا غيض من فيض ، كأدب الرحلات والمقامات وكليلة ودمنة وألف ليلة وليلة .. وسيرة عنترة بن شداد وسيف بن ذي يزن والاميرة ذات الهمة والظاهر بيربوس وابي زيد الهلالي ، والحكواتي..

وفي مطلع القرن التاسع عشر وبعد الاعتراضات التي تعرض لها هذا الجنس من قبل رجال المؤسسة الدينية او النخبة الثقافية أمثال : محمد عبدة وعمر صروف ومحمد عمر ولويس شيخو والعقاد وزكي مبارك والمازني ..
فقد تنكر القسم الآخر لرواياته ؛ خوفا من ملاحقته من قبل المؤسسات الحاكمة السياسية او الدينية كعبد العزيز البشري وهيكل والمويلحي ..
ومع ذلك فقد كان لترجمة الرويات الغربية لديكنز ولزاك وديماس .. في الشام ومصر ، دور كبير في تسرب هذا النوع في الأوساط الثقافية وانتشاره ،سيما ان المجتمعات العربية الإسلامية كانت متعطشة للتجديد الذي يخرجهم من العباءة التقليدية المتخلفة .فكانت رواية "زينب" لهيكل و"عودة الروح " لتوفيق الحكيم الحجر الأساس الذي ارتكزت عليه الرواية العربية الحديثة ؛ لارتكازها على بعض شروط الرواية الغربية الحديثة والتي وسعت من عناصر السرد ووفقت بين التقليد والمعاصرة ، ثم الانتقال الى الرومانسية و الواقعية والفلسفية ثم العجائبية والغرائبية والفنتازية والخيال العلمي وتقنيات السرد الحديثة من قناع وتلاعب سردي ومكاني وزماني ولغوي(فصيح وعامي )، وحوار ،وشخصيات ، وتداخلات ...ودور تودوروف وغريماس وبورب في ذ لك .واثق الواثق