موضوعات حول قضية الاستفتاء واستقلال كردستان


عواد احمد صالح
2017 / 7 / 26 - 16:37     

موضوعات حول قضية الاستفتاء واستقلال كردستان
عواد احمد
1
ان دراسة اي مسألة قومية يحب ان تاخذ بالحسبان السياق التاريخي اي الظروف العينية الملموسة والواقعية المحلية والدولية المحيطة والمؤثرة على القضية ، فما هو مبدأي بوجه عام قد لا ينطبق او لا يمكن تطبيقه في وضع خاص دوما . ولكن من الناحية المبدأية يقر الماركسيون بدون ادنى ريب بحق الامم والشعوب المضطهدة في تقرير المصير الذي لا يمكن ان يعني كما قال لينين سوى المصير السياسي بما في ذلك حق الانفصال وتكوين دولة .
2
بعد عام 1992 او بشكل ادق بعد عام 2003 زال الاضطهاد والظلم القومي عن الاكراد بعد سقوط النظام القومي البعثي .وبعد مشاركة الاحزاب القومية الكردية في النظام الجديد في بغداد بشكل كامل (( والظلم القومي في كردستان الان يمارس ضد غير الكرد ولا يوجد اي ظلم قومي تجاه الكرد )) كما يقول الرفيق شمال علي .وكما تشير احداث ووقائع عديدة الى ذلك .
3
اختارت الاحزاب القومية الكردية صيغة الفيدرالية القومية لكردستان وصيغة الشراكة في العملية السياسية التي اقامها الاحتلال على اساس المحاصصة السياسية للمكونات الطائفية والمذهبية والقومية في العراق وشاركت في كتابة الدستور والتصويت عليه .
4
بقيت القضية القومية الكردية كقضية سياسية فحسب تتمثل في الصراع مع الاطراف الاسلامية والقومية العربية في بغداد على تقاسم الحصص والمناصب والاموال والامتيازات الاخرى السياسية والدبلوماسية .ومن الناحية الجغرافية الصراع على مناطق معينة تسمى ( المناطق المتنازع عليها ) من بينها محافظة كركوك التي تتميز بتعدد قومياتها واعراقها ولايمكن اعتبارها مدينة (قومية ) بهذا المعنى اي وجود قومية سائدة فيها واليوم هي تدار من قبل قوات الاتحاد الوطني الكردستاني بعد احداث داعش عام 2014 وسحب المالكي للقوات العراقية منها
5
بموجب مفهوم الشراكة السياسية فان للاحزاب القومية الكردية 65 نائبا في البرلمان وعددا من الوزراء ورئيس الجمهورية كرديا واحد اثنين من نواب رئيس البرلمات كرديا كما لديهم قادة في الجيش العراقي وسفراء في الخارج واعضاء في السلك الدبلوماسي .
6
تواجه الجماهير الكادحة في كردستان ازمة اقتصادية عميقة تتمثل في قطع الرواتب وانعدام التوظيف وانتشار البطالة والفقر والركود الاقتصادي والتضييق على الحريات الفردية وحرية الصحافة والتعبير وتستاثر الاحزاب البرجوازية القومية الحاكمة بالمال والامتيازات والقوة .وتبيع النفط المهرب على حساب معيشة وحياة السواد الاعظم من الجماهير والطبقة العاملة وسائر الكادحين .وهناك ازمة سياسية في الاقليم تتمثل في الصراع على السلطة وتعطيل البرلمان وانتهاء ولاية السيد مسعود البرزاني لرئاسة الاقليم. ان حكومة اربيل تكرس الانفراد بالسلطة لصالح البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستان على حساب القوى السياسية الاخرى .
7
لايمكن تفسير قرار مسعود البرزاني باجراء الاستفتاء حول انفصال كردستان وتشكيل دولة قومية في 25 ايلول من العام الحالى فقط بوجود صراع او خلاف مع حكومة المركز في بغداد حول حصة الاقليم من الميزانية بل برغبة الحركة القومية الكردية بقيادة البرزاني بالهروب الى الامام ومحاولة القفز فوق الازمة السياسية والاجتماعية في الاقليم وبدفع من المحور الاميركي على الرغم من معارضته الظاهرة للاستفتاء في سياق المرحلة الحالية عالميا المتسمة بالصراع على تقاسم مناطق النفوذ وتشكيل النظام الدولي الجديد المتعدد الاقطاب بعد انحسار الدور الاميركي وفشل مشروع داعش والارهاب في سوريا والعراق على الاقل .
8
ان قيام دولة قومية كردية في عصر العولمة النيوليبرالية والصراع بين الاقطاب الدولية على مناطق النفوذ سيجعل منها دولة ناقصة السيادة وخاضعة للمحور الاميركي ويكون نظامها السياسي في خدمة السياسة الليبرالية الجديدة والهيمنة الاميركية .ولن تتمكن من توحيد السوق القومي الذي هو (ضرورة اقتصادية للبرجوازية ) كما اشار لينين الى ذلك .
9
ان عصر الحركات القومية التقدمية المعادية للامبريالية قد ولى من الناحية التاريخية فليست الاوضاع العالمية في سياق مرحلة تحرر وطني من الامبريالية والاستعمار انما في سياق مرحلة سياسة التجزئة والتفتيت ومحو استقلال الدول وتجزئتها واضعافها من قبل الراسمالية وحركة راس المال العالمي وجعلها قنوات لتصريف الازمات الاقتصادية الخانقة للراسمالية عن طريق الحروب المحلية او الحروب بالوكالة او بواسطة تشغيل المنظمات الارهابية كداعش والنصرة وغيرها بما يعزز النفوذ الاميركي وامن اسرائيل وتدمير واضعاف دول المنطقة ,
10
كل التقديرات تشير الى ان المسالة القومية الكردية وضمن اطار وضعها السياسي والجغرافي الراهن وبعد تشكيل دولة مستقلة في كردستان لن تنتهي ولن يتحقق السلم القومي ، بل على الارجح ستتعمق المشاكل والنعرات القومية والخصوصيات السكانية المحلية المتعلقة بالحدود والثروات الطبيعية والتداخل السكاني .وياخذ الصراع ابعادا اقليمية وربما دولية .
11
ان النزعة القومية في سياق المرحلة التاريخية الراهنة تعني احدى علائم كل ثورة مضادة ومناهضة لمصالح العمال والجماهير الكادحة .
12
ان التناقض الرئيسي اليوم ليس مع سلطة القومية الاكبر العربية بل التناقض والصراع هو بين جماهير كردستان الكادحة والمحرومة وبين الطبقة الحاكمة في اربيل والسليمانية ، الاحزاب الحاكمة وخاصة البارتي يريدون حرف انظار الجماهير في كردستان عن قضاياها الاساسية : صرف الرواتب ، توفير فرص العمل ، محاربة الفساد ، توفير الخدمات الاجتماعية والصحية ، واعادتها الى دائرة الصراع القومي التي ولى زمانها.
13
ومن وجهة نظر مصالح النضال الطبقي العمالي والاشتراكي ونحن في القرن 21 لم يعد للنزعة القومية والاستقلال القومي اي بعد تحرري وتقدمي فهي تسهم في تجزئة وتفتيت النضال الطبقي العمالي والاشتراكي على اساس عرقي وجغرافي ذلك النضال الذي يهدف الى تحقيق بديل اشتراكي وشيوعي يلغي الهوية القومية ويستعيض عنها بالوحدة الاممية المتساوية للقوميات والاعراق المختلفة .
14
ان الأستقلال القومي سواء في كردستان او غيرها لن يؤدي بالضرورة الى ايجاد حالة من الفرز الطبقي وتعميق التناقض الطبقي بين العمال والبرجوازية ، ولا بتحقيق او تحسين المصالح الطبقية للعمال بل على العكس انه قد يؤدي الى الاضرار بتلك المصالح وتسويفها باسم السيادة القومية. والمصلحة ( القومية العليا ) للنظام القومي البرجوازي .
15
ان على الشيوعيين عدم الانجرار وراء اجندة وسياسات البرجوازية القومية واحزابها في كردستان وعدم اعطاء تفويض مطلق لتلك الاحزاب وقياداتها وتحديدا للبارتي للتحكم بمصير الجماهير باسم الاستفتاء وباسم الاستقلال القومي وباسم المشاعر القومية ، وايقاعها في صراعات قومية جديدة غير محسوبة ..
16
في وضع كردستان الحالي والصراعات الاقليمية والدولية ليس من مهام الشيوعيين المباشرة الدعوة للاستفتاء والانفصال في المرهلة الراهنة طالما يؤدي ذلك الى تهديد امان الجماهير ومعيشتها ويقوي مكانة واعتبار الحركة البرجوازية القومية بل يجب عليهم ان يركزوا نضالهم على تحقيق مطالب الجماهير المباشرة والملحة . تحسين مستوى المعيشة صرف الرواتب توفير فرص العمل والخدمات والتوظيف والحريات الفردية وحرية الصحافة والتعبير .
17
ان حق الانفصال لجماهير كردستان وتشكيل دولة غير قومية وغير دينية هو حق باقي وثابت متى ماتوفرت له الظروف الملائمة وبقيادة قوى تحررية وتقدمية .بحيث يصب الاستقلال وقيام الدولة اذا ما تحقق في خدمة الجماهير وحريتها ورفاهها وامنها .