دونالد ترامب رئيسا على طريقة أنا ربكم الأعلى


مزوار محمد سعيد
2016 / 11 / 15 - 16:28     

لقد غزا الأخبار العالمية وكل شاشات الأرض رجل واحد، ذاك الأميركي الأبيض الأشقر ذو ربطة العنق الحمراء أو الزرقاء، والتي ترمز إما لعلم الولايات المتحدة الأميركية أو علم الكيان الصهيوني، ليطلق تصريحات واضحة وموجودة في صميم الإعتقاد العالمي ولم يجرأ على إعلانها أحد قبله.
أقام هذا الرجل الناجح في مجال المال والأعمال، والذي حوّل مليون دولار إقترضه من والده إلى بلايين الدولارات بإمبراطورية مالية ضخمة حول العالم كله، الدنيا وشغلها على هيئة المجنون الذي لا دواء له ولن يتعدى كونه مهرجا على مسرح السيرك العالمي، لكنه أثبت العكس ونجح.
هذا الرجل الذي قاطع إبن بوش إليس في إحدى المناظرات التلفزيونية قائلا: أصمت، فأنا أتحدث الآن، وقال لغريمته في مناظرة على الهواء مباشرة: "أنت خاسرة لأنك إمرأة سيئة لم يتحملك زوجك فكيف يتحملك الأمريكان لسنين؟" وقال عن المرأة أنها لا تصلح في المجتمع سوى للجنس، ودعى إلى طرد المسلمين والمهاجرين المجرمين من أميركا، هو من فاز في الاقتراع وصار الرقم واحد في هذا العالم الحر.
ترامب هو أكثر من رئيس أميركي اليوم، بل هو يمثّل الغرور والجشع لدى كل أميركي، والفارق الذي صنعه بينه وبين كل منافسيه هو: شجاعته في قول كل ما يجب أن يقال ولم يقله أي فرد قبله.
قال روزفلت ذات مرة لملك السعودية على متن تلك الباخرة التي رست في قناة السويس إن الرئيس الأميركي قبل أن يكون رئيسا هو رجل أعمال، وهذا ما توفر لدى ترامب.
وخلال معاصرتي لثلاث رؤساء لأميركا حتى الآن، فإن ترامب لديه هدوء بيل كلينتون، وتهور جورج بوش الابن، وحيلة أوباما، فلما لا ينجح؟
أحب ترامب التفوّق ولطالما كره الفشل والفاشلين، وهذه العقلية هي التي جعلته لا يرحم من يخطئ في مسيرته المالية والعملية، وهذا ما جعله يغيّر مدراء حملته الانتخابية لأكثر من مرتيْن، وهذا ما دفعه إلى إثارة الجدل وخلق التوتر والإقدام على الفوز والطموح إلى فوز آخر.
تصريحات ترامب حول الناتو ودول الخليج تحديدا، هي من منطلق تفكير رجل أعمال أولا وأخيرا، وتصريحاته حول الوضع الأميركي الداخلي هي من نفس المنبع وتصب في نفس المصب أيضا.
لم ينتصر ترامب لوحده في الإنتخابات، بل الذي انتصر هو العقلية المتعالية للرجل الأميركي الأبيض، ولقد أثبت ترامب بأنّ الغرور والعنصرية الأميركية والطموح الامبراطوري لا يزال يحكم الإنسان، ولقد صكّ هذا الرجل "الظاهرة" بحق التأكيد على أنّ وجود عملة الصراع بين البشر لا يزال قائما ما بقت البشرية على وجه هذا الكوكب.
بالنسبة لي، أنا (مزوار محمد سعيد)، لقد برهن ترامب على مقولتي بأنّ أصل الإنسان هو الشر، فقد أثبتت الولايات المتحدة الأميركية بانتخابها لرجل أبيض أشقر ثري وحتى متهور ويدعوا إلى العنصرية بأن فشل كل الفلسفات والعلوم والآداب التي دعت إلى الحضارة والتربية والقانون منذ عصور النهضة الأوربية قد بات واضحا لكل عقل.
لم تبق ارتدادات فوز ترامب حصرا على أميركا، لأنها حفزت أحزاب النازيين الجدد في ألمانيا ليرقصوا طربا بهذا الفوز للعنصرية والغرور، ولقد شاهدنا زغاريد السيّدة لوبان في فرنسا، وكل الدول الأوربية التي لطالما تباهت بعدائها لقهر البشر وعذاباتهم.
الرئيس ترامب قد أماط اللثام عن ذاك الغرور وتلك العنصرية المستترة في أعماق القوى العظمى في عالمنا، وجعلنا نقف أمام حقيقة البشر العدوانية بشكل عاري وبلا حجاب، لدى يستحق هذا الرجل مني ومن كل متأمّل الاحترام، فقد نجح بحق في القول لنا: كفاكم كذبا على الذات الإنسانية وتجميلها بالشعارات والفلسفات، فهي وقحة وقبيحة وشريرة، هي تحب سحق الفقراء وتصنف البشر على حسب الجنس واللون، ولا مكان لديها للضعف، فما لله لله وما لقيصر فهو لقيصر... شكرا أيها الرئيس دونالد.

[email protected]