أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - خليل عيسى - في نقد الاستراتيجيّة الإعلاميّة السعودية تجاه العراق















المزيد.....

في نقد الاستراتيجيّة الإعلاميّة السعودية تجاه العراق


خليل عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 5288 - 2016 / 9 / 18 - 10:27
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


يبقى التاريخ متناغماً على الدوام. يحمل منطقه الداخليّ الفظّ، ويلوّح لنا به بطريقةٍ قاسيةٍ لعوب. صحيح أنّه لم يعد يكرّر نفسه هذه الأيّام، لكنّه ما زال يلعب علينا واحداً من أدواره الساخرة. ففي غفلة من الزمن، وجَدَت المملكة العربية السعودية نفسها، الدولة العربيّة القديمة العهد التي كانت الولايات المتحدة الأميركية تصفها دومًا بالصديقة، أمام المهمة الطارئة التي لا مفرّ منها، وهي قيادة الأمّة العربية بمكوِّناتها كافةً من أجل التصدّي للتحالف الاستعماري الأميركي - الإيراني القائم اليوم. لم يعد أعداء الأمّة العربيّة يخجلون من نياتهم التي انتقلت الى العلنيّة. بات هؤلاء يستهدفون السعودية صراحةً وعلى رؤوس الأشهاد، ومن خلال الألسن التي تلثغ بالراء. وما هذا سوى منطق التاريخ الذي لا يرحم حتى يصل إلى درجة السنيكيّة الخالصة. صحيح أنّ العراق ارتكب خطأ كبيرًا عندما غزا الكويت عام 1990. لكن بعدها، جرت سلسلةٌ من الخطايا التاريخيّة الأكبر بما لا يقاس، ارتكبتها حكوماتٌ (ونخبٌ وأحزابٌ) عربيّة بالجملة بحقّ العراق والأمّة جمعاء، من دون أيّ حساب لتبعات ذلك على الأمن القومي العربي، وكانت السعودية من ضمنها. حكومات عربيّة شقيقة فيما بينها سوّغت حصار العراق الحكومات الغربية الاستعماريّة وسوغته اثني عشر عاماً، ما أدّى إلى استشهاد أكثر من مليون طفل عراقي. ولكن على الرغم من فظاعته الرهيبة لم يكن ذلك الحصار سوى تحضيرٍ طويلٍ لغزوٍ إمبريالي أميركي، غرضه تدمير بوّابة عربية شرقية، تجريف دولة وشعب طالما وقفا سدًّا منيعًا أمام طموحات إيران التوسّعية. إنّها إيران نفسها التي كشف، أخيراً، سفير الولايات المتحدة إلى العراق بين عامي 2005 و2007، زلماي خليل زاده، أنّ الأميركيين رتبوا ونسقوا غزوهم مدينة السلام معها قبل عام 2003 ("نيويورك تايمز" 3 مارس/ آذار 2016). والآن، بعد أن أصبح العراق محض مستعمرة مليشياوية خاضعة لإيران، عادت الخطايا لتنتقم من أصحابها "ليبقى التاريخ كابوساً نحاول أن نهرب منه"، على حدّ قول شخصيّة ستيفن في رواية جيمس جويس.
"الإكليروس" الإيراني ومرشدهم الأوحد ومختلف وكلائه في المستعمرات العربية يهدّدون السعودية على مدار الساعة. وكانت إدارة أوباما "الصديقة" هي من قام بتمويل هؤلاء بدولاراتها، وما تزال، من خلال ما سمّي "الاتفاق النووي" الذي اتضح أنه لم يكن سوى كذبة كبيرة على الشعب الأميركي ("مجلة نيويورك تايمز"، 5 مايو/ أيار 2016). تكرّ وتتعدّد بعدها سبحة الأعمال العدائية بحقّ المملكة، ومنها حرق سفارتها في طهران، واللافتات التي رفعتها حكومة المنطقة الخضراء في بغداد تحرّض فيها على السعوديّة، وتشتمها على أنّها "الشجرة الملعونة". وفي اليمن حيث تفتخر مليشيات الحوثي ورجال علي عبد الله صالح أنّهما يطلقان صواريخ إيرانية على جنوب السعودية، وصولًا إلى خطاب خامنئي قبل موسم الحجّ هذه السنة، والذي يمكن اختصاره "نريد تدمير السعودية".
في وضعٍ كهذا، على جميع طاقات الأمّة أن تُستنفر، وليس فقط الحكومة السعوديّة. نعني بهذا حكوماتٍ وأحزابًا وأفراد. هذا وحده يحتاج أخذ قرار ببدء ما لا يقلّ عن كونه حرب تحرير قوميّة مضادّة للاستعمار. ولكن، كما في أيّة حربٍ، يحتاج الأمر أكثر ما يحتاج إلى قيادة وانسجام إعلامي مع أهداف القيادة السياسيّة، لذا، مهما كانت الأخطاء التاريخية التي اقترفها العرب سابقًا في حقّ بعضهم، فإنّ الآن هو وقت وضعها جانبًا، والالتفات إلى تنسيق الجهود بشكل عملي وكلّي. وإذا ما فحصنا الخيارات الموجودة حول من يمكنه أن يقوم بالمهمة القيادية أمامنا، نجد، مثلاً، أنّ مصر جمال عبد الناصر التي توحّدت مع سورية في فبراير/ شباط من عام 1958، في محاولةٍ جديّة للوصول إلى الوحدة العربية الكبرى، بات يحكمها سيسيٌ مشغول بالتقرّب من "صديقه" السفّاح بوتين، ويحلم في أوقات فراغه بأن تكون أميركا راعية له، خصوصًا أنّه بات من أصدقاء النظام السوري الذي يشنّ حربًا على شعبه منذ خمس سنوات، ويرسل وزير خارجيته، سامح شكري، إلى المنطقة الخضراء في بغداد، للتباحث هناك حول "التعاون لمكافحة الإرهاب" (أهرام أونلاين، 3 يوليو/ تموز 2016). لذلك، موضوعيًّا خيار قيادة السعوديّة الامّة العربيّة الآن منطقي، خصوصًا أنّ الأخيرة تحاول أن تتصدّى لإيران بأكثر من طريقة، وعلى أكثر من مستوى، بدءا من تقدّم التحالف العربي في اليمن، ووصولًا إلى لبنان وإعلان حزب الله تنظيمًا إرهابيًّا.
من أجل ذلك كله، يجب أن يرتفع الالتزام العربي بالدفاع عن الأمّة ليصبح مبدأ استراتيجيًّا كاملًا، يهمّه أن يعوّض عن الماضي، قبل أن ينظر الى مستجدّات الحاضر فقط. وبتعبير آخر، لا يجب على استراتيجية الحرب أن تكون دفاعيةً بحتةً، تحاول أن تبقي على ساحات "جديدة" تحاول إيران أن تسيطر عليها (اليمن، البحرين)، بل يجب أن تكون استراتيجية هجوم بقصد الدفاع، وذلك بالتحديد في ساحاتٍ تعتبرها إيران من حكم المكتسبات "الطبيعيّة"، كالمستعمرة العراقية. من هنا، على المملكة السعوديّة وإعلامها مراجعة أدائها تجاه العراق و العراقيين الذين يحاولون أن يتصدّوا للهيمنة الإيرانية، والتذكّر جيّدًا أنّ العراقيين هم أكثر العرب خبرةً في مواجهة إيران. يجب أن يُقال هذا، حتى لو أنّ الأداء السعودي تحسّن كثيرًا بشأن العراق، خصوصًا منذ مجيء السفير ثامر السبهان إلى بغداد، غير أن الدبلوماسيّة شيء والمعركة الإعلامية شيء آخر، بحيث أنّ الانسجام مع القيادة السياسيّة في الساحة الإعلامية السعودية مفقود تمامًا في شأن العراق. الانطباع الذي يتركه الإعلام السعودي، والخاص أكثر من الرسمي، هو أنّ السعوديّة "مسامحة بالعراق". أو لنقل إنّ السعوديّة تبدو أقلّ اهتمامًا بكثير في تحدّي الدعاية الأميركية -الإيرانية في العراق على المستوى العربي، على خلاف ما تقوم به في اليمن مثلاً. صحيح أنّ الأمور موضوعيًّا صعبة على المملكة، من ناحية الأدوات، خصوصًا بعد أن نجح الأميركيون في جعل العرب يتركون العراق كل هذه الفترة، لكي تبلعه إيران. لكن، في لحظة المراجعة التاريخيّة هذه، من غير المفهوم، مثلاً، أن نرى الرئيس السابق للاستخبارات السعودية، تركي الفيصل، يشارك في باريس، والمعارضة السورية في مهرجانٍ للمعارضة الإيرانية، ولا نرى السعودية تقيم مهرجانًا قوميًا عربيًّا للأحزاب والشخصيات التي نعارض الاستعمار الإيراني، ويشارك فيه ليس فقط المعارضون السوريون، بل أيضاً العراقيون واليمنيون وغيرهما.
يتبدى هذا القصور الإعلامي فاضحاً، عندما نشاهد قناةً كالعربيّة تهلّل "للتحضيرات من أجل تحرير الموصل"، بينما يعني هذا "التحرير" قصفًا وحشيّا، يستهدف المدنيين في مدينةٍ تعدادها مليونا نسمة، من دون أن نرى سوى ترديدٍ لدعاية الحرب الأميركية -الإيرانية على العرب "السنّة" في العراق باسم " الحرب على داعش". تعني الطريقة التي يتعامل بها الإعلام السعودي مع العراق واحداً من أمرين: إمّا أنّ القيادة السعودية تترك أداءً إعلاميّاً كهذا نافذة مفتوحة عن قصد، اعتقادًا منها أنّ ذلك قد يعود عليها بالنفع، فيقنع الإدارة الأميركيّة المقبلة بأنّ من يمكن العودة إلى زمن "الصداقة" القديم، مع كل جبنه العربي الذي نحصد نتائجه الآن. وهذا وهم سندفع ثمنه غاليًا، لأنه خاسر سلفًا أولًا، إذ أنّ "الإستابليشمنت" الأميركي، بتياره الأوبامي، هو الذي يستهدف السعودية من خلال إيران، وهو ماضٍ في ذلك. ولأن هذا يبعد عن المملكة جزءاً كبيرًا من العراقيين والعرب الذي لا يفهمون علامات التخليّ عنهم التي يرونها كل الوقت على شاشات الإعلام السعودية، ونصوص إعلامه المكتوب. أو إنّ هناك عدم قدرة لدى القيادة السعودية في التحكّم بالسرعة الكافية بماكيناتها الإعلامية المتخمة بأيدولوجيين مناهضين للمصلحة القوميّة العربية، لأسباب بيروقراطية، أو صراعات داخلية في التأثيرات في مراكز السلطة، أو لأسباب لا نعلمها تماما. في الحالتين، لا يجب أن يكمل الأمر على هذا النحو. إنّما في هذا دين مستحقّ...للعراق وللعراقيين.




#خليل_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل فهم عربي مطابِق ل -حرب تمّوز-
- -جامبيت- عربي في الانتخابات الأميركية... لم لا؟
- في أصل الصحوات السوريّة وملحقاتها
- المستعمرة اللبنانية ومهام اليسار الراهنة
- عبد الرزاق عبد الواحد أم أحمد الجلبي؟
- الإمبريالية الأميركية ونظام قتلة الأطفال
- للقضاء على لبنان توفيق خوّام
- المسيرة الثورية اللبنانيّة
- حانت لحظة الحقيقة أيها اللبنانيّون
- مهمّات ثوريّة أمام اللبنانيين
- -الانتحار- بين العونيّين والبْياليّين
- ملحمة -الصرامي- الثلاث
- وقائع تطهير عرقي كُردي للعرب في سورية
- ميشال سماحة والخيانة والصبّير
- في أطروحة -التفاؤل الأكثري- القاتلة
- الإمبراطور أوباما -مناهضًا الإمبرياليّة-
- أطلقوا سراح فانيسّا وغريتّا! أطلقوا سراح أحرار العالم!
- في مسؤوليتنا التاريخيّة عن استعمار العراق
- ملوك -الريموت كونترول-
- أوباما وخامنئي: غرام وانتقام


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - خليل عيسى - في نقد الاستراتيجيّة الإعلاميّة السعودية تجاه العراق