ثرثرة بدخان ساخن


حيدر الحيدر
2016 / 3 / 2 - 00:32     

ثرثرة بدخان ٍ ساخن : ( قصة قصيرة )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدرالحيدر
ــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ العجوز الذي جاءنا مثل هدهدٍ سليماني ، وحلَّ ضيفاً في المقعد الوسطاني ،
طفقَ يخبرنا بنبأ عظيم ، حالما انطلقت بنا الحافلة من المرآب ، وتزامناً مع حديثه استمرت سكارته التي ارتعبت منها الانوف ، تبث ما تبث من سمومها حتى وصلت لحافة الانتهاء بالدوران والطواف حول الصفوف الأمامية والخلفية للحافلة ، وصدورنا صابرة رغماً عنها وهي تحتفل إختناقاً من أثر ذلك الدخان الازرق ،باحتفالٍ بهيج ٍ وهيج !!،
وما استطاع احد منّا منع الشيخ من التدخين تحسباً من الوقوع في فخ الفصل العشائري .
ليس كل هذا بالأمر المزعج حتما ، فقد اعتدناهُ منذ زمن بعيد ،
فلنستمع له وهو يشير الى شخص وقع نظرنا عليه عند مغادرتنا المرآب كان يفترش جانبا من الطريق الذي انطلقنا منه، ويتصدق الناس عليه بربع دينار او أكثر بقليل ،
( كان رث الثياب ، اشعث الشعر ، ذميم الشيبة ، ذا لحية كثة قذرة ،
تكاد ان تكون مستعمرة للبرغوث و القمل )
وقال العجوز الوقور: بالتأكيد انتم لا تعرفون هذا الرجل ذو المظهر المقزز ،
وأشار اليه ، ثم غمرنا بنفثة ٍ من دخان سكارته وأردف قائلاً :
انه حسن ابو الريحه ...!
أتعرفون من هو حسن أبو الريحه أو سمعتم عنه ؟؟
لا طبعا انتم لا تعرفونه ، ولم تسمعوا عنه ! ..( آني راح احچی-;-لکم سالفته )
واخرج سكارة اخرى وأولعها بجمرة الأولى قبل ان تنطفئ ونفث بدخانها من جديد في وجه من غضب الله عليه من ركاب تلك الحافلة ،
وحينها زوَّدنا بمعلومات لم يستجوبه احد من الركاب عنها وقال :
بالتأكيد ان احدكم لا يستطيع الوصول الى ما وصل اليه حسن ابو ريحه !
فقد اعطاه الله الواحد الأحد المقتدر ، ما لم يعطه لقارون في زمانه
( بيوت ، بساتين ، مزارع ، حقول دواجن ، ماشية ، اراضي ، قصور ، عمارات سكنية ، محال تجارية ، معارض سيارات ، ارصدة في البنوك العالمية ، وأحذية اسطنبولية ٍ من جلودٍ أصفهانية .. وأربطة عنقٍ من حرير بلاد الصين .. وهلم ًّ جرا ... )
ولا أطيل عليكم الحديث عنه ، لأن حسن ابو الريحة ،
و( الواحد يحچی-;-ها لله تعب وصار ، ومو كل واحد يتعب يصير )
ولله في خلقه شؤون ! .. ويعطي من يشاء بغير حساب .
ان حسن ابو الريحه لم يرضَ بنعمة ربه ..
فضاع منه ما جمع من مالٍ وحلال ، وآل الى ما هو عليه الآن .
سأتحدث لكم عن مفرادات كل واحدة من أمواله وكيف أضاعها بالتفصيل ..
ولكل واحدة منها ( سالفه طويـــــــــله )
وحالما استمعت للعبارة الأخيرة منه ،وقبل ان تداعب أصابعه سكارة أخرى ،
حتى ناديتُ بأعلى صوتي :
( نازل .نازل يا بعد روحي ) وهبطتُ بلا مظلةٍ من الحافلة نحو الرصيف ،
وتركت ثرثرة الشيخ الوقور ودخان سكائره المتوالية ، لمن عادوا متعبين من شقاء العمل .
وواصلتُ طريقي سيراً على الأقدام ، لعلّي أشم هواءً نقيا ...!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ايلول 2015