-20 فبراير- عنوان ثورة وطنية ديمقراطية شعبية قادمة
البديل الجذري
2016 / 2 / 21 - 02:29
1 - واقع حركة 20 فبراير:
إن حركة 20 فبراير أصبحت تعيش جزرا عاما، إن لم نقل غيابا تاما، مع بعض الاستثناءات والمحاولات المكافحة هنا وهناك. لكنها تبقى غير ذات تأثير حقيقي في تجاوز هذا الواقع واستكمال المسار، وهو مسار تحرر الشعب المغربي من الاضطهاد والاستغلال الطبقيين ومن التبعية المطلقة المفروضة عليه من طرف نظام بني وتأسس على أنقاض المشروع الوطني التحرري والاستعاضة عنه بالمشروع الخياني المشؤوم، مشروع الخضوع المطلق للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
هذه الصورة يمكن أن نقرأها من خلال أكثر من مستوى، نضاليا تنظيميا وسياسيا. إن الوقوف عند هذه الوضعية يفرض الانطلاق من تبني أهداف الحركة وتاريخها، وهو تبني نضالي وسياسي وليس من موقع الوقوف عند حالة الوهن والضعف من أجل إعادة بناء تاريخها؛ وليس من موقع الذي كان فاعلا ومؤثرا في المراحل السابقة. ولكن، من موقع تأكيد أن الحركة أصبحت تعيش أزمة حقيقية؛ وهي أزمة يتداخل فيها الشق الموضوعي والذاتي. لكن تبقى المعضلة الذاتية هي الأساس، وهي المحدد في تفسير الحالة، وهي المفتاح في الدفع بنضالات الشعب المغربي نحو أفق تحقيقها والخلاص من نظام الظلم الشامل.
إن ميلاد حركة 20 فبراير في زمن الانتفاضات الشعبية التي عمت المنطقة بأكملها، وأهمها انتفاضة الشعبين التونسي والمصري، قد حدد منذ البداية أهم ملامحها، بأنها حركة نشأت للانتفاض والثورة على الأوضاع القائمة وتغييرها. فلم تأت كحركة تهتم بالجزيئات.. لقد ولدت للاهتمام بالقضية المركزية، وهي قضية تحرر الشعب المغربي من الثالوث الامبريالي الصهيوني الرجعي. ويعتبر الشعار الخالد الذي أطر انتفاضات الشعوب "الشعب يريد إسقاط النظام" من أهم الشعارات التي أطرت وأرخت لهذه الحقبة، بل الشعار نفسه الذي استلهمته باقي الشعوب في المنطقة عموما وإن بشكل صريح في بعض التجارب، وفي تجارب أخرى ظل حاضرا بشكل ضمني. فالأساس في الموضوع هو أن لا نفهم طبيعة الحركة انطلاقا من كيفية التعبير عنها من طرف الفاعلين، بل انطلاقا من تحديد طبيعة المرحلة التي نشأت في سياقها الحركة. وهو السياق نفسه الذي كان موجودا قبل ميلادها، وهو الذي لازال مستمرا لحدود الآن. وهي بهذا التحديد استمرارية للتاريخ النضالي المقاوم، تاريخ المقاومة المسلحة وجيش التحرير، تاريخ الانتفاضات الشعبية المجيدة، وتاريخ كل المحاولات السياسية التي انبثقت خلال هذا التاريخ لتمثل روح المرحلة والتعبير عنه وقيادته؛ فهي حركة جاءت لتؤكد أن المدخل لتغيير الأوضاع هو المدخل السياسي ولن يكون إلا مدخل إسقاط النظام وبناء النظام الوطني الديمقراطي الشعبي. فهي ليست مجرد حركة جاءت لتحقيق مطالب فئوية للشعب المغربي، بل هي حركة للنضال على كل مطالب المضطهدين والمستغلين والمهمشين والمحرومين...
فحركة 20 فبراير هي أكبر بكثير من أن نقرأ واقعها من خلال ما تبقى منها، بالرغم مما يكتسيه هذا العامل من كشف بعض جوانبها، ولا يصل إلى مستوى تحديد واقعها وآفاقها، بمعنى البحث في واقعها الحالي انطلاقا من البحث في ماهية المرحلة في المهمات المطروحة، وبالتالي الأجوبة التي تنسجم مع طبيعة المرحلة والعمل بالمهمات الملحة وإنتاج الآليات الضرورية لذلك. فإذا ذهبنا إلى واقع التسعينيات الماضية، كم وصل عددها في لحظة معينة؟ وكم تبقى منها؟ لا يمكن، بل من المستحيل إعادة الروح للحركة بالاعتماد عليه؛ لأن تأثيره سيظل محدودا، إن لم يكن قد تلاشى مع حجم التحديات والمهمات المطروحة. وإن انطلقنا من محاولة فهم واقعها اعتمادا على أشكالها وحضورها الميداني وارتباطها بقضية الشعب المغربي ونضالاته (قضية الاعتقال السياسي، قضية الشهداء...) سنصل إلى أنه لا مجال للمقارنة بين وضعها السابق والوضع الحالي الذي توجد عليه؛ هذا دون أن ننسى بأن النظام وأحزابه وإعلامه لازال متربصا، بل حتى مستثمرا لهذا الذي لازال موجودا، لكي يتخلص منها بشكل نهائي؛ وبالتالي إنهاء الحركة بأكملها وجعل تاريخها مجرد ذكرى للمناضلين. إن النظام يعمل بشكل منظم وممنهج لجعل الحركة ومطالبها جزء من إعادة بناء ذاته، وذلك بتوهيم الرأي العام بأنه قد استجاب لمطالب الحركة مع ما سمي بــ"الدستور الجديد" و"الحكومة... الجديدة". وبالتالي، فكل محاولة للاستمرارية هو إعلان الحرب ضدها وهو عنوان المرحلة بأكملها، حظر عام لكل نضالات الشعب المغربي، بل الهجوم على كل مكتسبات الشعب المغربي حتى تلك التي كانت تعتبر محصنة قبل ميلاد 20 فبراير (اعتقالات بالجملة، شهداء، زيادات غير معدودة في الأسعار، تمرير مخططات طبقية قاتلة –نظام التقاعد-...).
ماذا تبقى من حركة 20 فبراير؟
إن الجواب عن هذا السؤال يعتبر بمثابة المدخل الأساسي لمعرفة وضعية الحركة في الوضع الراهن، وكذلك لاستشراف آفاق المستقبل. فهو سؤال يبدو في الظاهر بسيطا وعاديا؛ ويمكن، بل من المؤكد، أنه سؤال تتناوله الألسن/الأقلام سواء في العلن أو في السر، سواء بطريقة مباشرة كما هو مطروح الآن، أو بطريقة إيحائية وغير مباشرة، كأن نصوغه بالشكل التالي: "واقع الحركة وآفاقها". إنه سؤال بسيط في شكله ولكنه يحمل في طياته إجابة عن أسئلة، أو إن صح القول يعد مدخلا للإجابة عن أسئلة معقدة، ليست خاصة بحركة 20 فبراير وفقط، بل بمجمل واقع الصراع الطبقي الجاري ببلادنا، وفي كافة حقول الصراع الطبقي، وهو سؤال مستفز للجميع للانطلاق والإجابة عنه ضرورة ملحة بعيدا عن التناول السطحي الذي يمكن أن يضر بالحركة أكثر مما يفيدها في الوقت الحالي. والتناول السطحي يتخذ شكلين أساسيين، كأن نظل نعيش على الوضع الذي كانت فيه الحركة سابقا، أي لحظة نشأتها، وكذلك أهم مراحل تطورها دون القدرة على تناولها في الوضع الذي توجد عليه اليوم، وهذه المقاربة تسقط أصحابها في النزعة الذاتية، والتي تقوم على اعتبار أن النجاح أو الفشل يعودان إلى المعطى الذاتي، أي مجهودات الأفراد والجماعات والتنظيمات دون الإجابة عن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد، وهو لماذا أو ما هي السياقات التي أنتجت أو ساهمت في إبراز هذا المعطى بهذه الصيغة حتى أصبح البعض يعتقد أن الحركة هي نتاج هذه المجهودات لا أقل ولا أكثر. فمن المؤكد أن العامل الذاتي محدد، ولكنه محدد بطريقة استيعابه وفهمه للسياق العام الموضوعي وليس بنفيه أو جعله ملحقا للعامل الذاتي. أما الشكل الثاني، فيمكن اختزاله في النظرة التي يمكن أن تنطلق من الوضع الحالي للحركة (وهو وضع أزمة بكل تأكيد) والوصول منه إلى أحكام قد تكون لا علمية وسطحية، وبالتالي قد لا تكون إسهاما حقيقيا في إحداث تجاوز في الوضع الحالي الذي تعرفه الحركة (بصيغة أو بأخرى) سواء باستمرارية الحركة أو عبر ميلاد جديد يعطيها إمكانية وروح الاستمرارية لتحقيق الأهداف الحقيقية التي كانت الأساس في نشأتها.
إن التشبث بأهداف الحركة هو ما يدفعنا بكل تأكيد إلى طرح هذا السؤال، وليس الوقوف عند ما تبقى منها للنيل منها وإعادة صياغتها من جديد وفق الوضع الحالي الذي توجد فيه أو إعادة النيل من تاريخها وأهدافها من أجل تبرير الوضع الحالي.
إن سؤال "ماذا تبقى؟" يحمل سؤالا آخرا، ما هو الوضع الذي كانت عليه في نشأتها ومسارها، وصولا إلى الوضع الحالي؟ أي هل السياق الذي وجدت ونشأت فيه هو نفسه الموجود حاليا (السياق العام)؟ أم أن هناك تغير السياقات؟ بالطبع، كانت نشأة الحركة في أوج الانتفاضات الشعبية التي عمت المنطقة بأكملها، ووصل مداها وإشعاعها الى المستوى الدولي. فميلاد انتفاضة 20 فبراير وحركة 20 فبراير أملته ظروف داخلية (التناقضات المستعصية على الحل في إطار الحفاظ على الوضع الحالي ما بين النظام من جهة والجماهير الشعبية من جهة أخرى) والوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الموجود، والذي أقل ما يمكن القول عنه إنه ينبني على تأزيم وضعية الشعب المغربي، وضع لا يجد فيه النظام غير تعميق أزمة الشعب المغربي لحل أزمته البنيوية والتي تتفاقم في كل لحظة وحين. وكان للعامل الخارجي (الإقليمي) الأزمة العامة للإمبريالية والمقاومة الآخذة في التطور في هذه البلدان من طرف شعوب المنطقة. إن العامل الخارجي كان مساعدا ولم يكن محددا في الميلاد، وبالتالي لا يمكن القفز على المعطى الداخلي لقراءة الوضع الحالي الذي توجد عليه الحركة والاستكانة للقول الذي يعتبر بأن الحركة كانت استجابة للمعطى الخارجي، ولم تكن ذات ولادة محلية في تفاعل مع السياق الخارجي. ويذهب هذا الرأي إلى أن مآل الانتفاضات في المنطقة قد كان المحدد في وضعية الأزمة التي تعرفها حركة 20 فبراير، فالعامل الخارجي أصبح عائقا ومحددا في تفسير الوضع الذي تعرفه الحركة، كما يذهب إليه أنصار هذا الخط. فلا يمكن التقليل من الدور الخارجي ولكن ليس إلى حد اعتباره السبب الرئيسي في الميلاد. فالحركة قد نشأت في وضع محلي قابل للانفجار في كل حين وفي سياق إقليمي ودولي مشتعل.
2 - كي لا تصبح حركة 20 فبراير مجرد ذكرى:
أن نتذكر الحركة خير من نسيانها؛ أن نتذكر تاريخها تضحياتها وشهداءها ومعتقليها، أن نتذكر أهدافها، وأصل نشأتها، أن نتذكر الإيجابيات التي كشفت عنها وكذلك السلبيات التي كشفت البعض منها، وأخرى عانت منها؛ كل ذلك لا يمكن أن نقلل من أهميته، أو نعمل على تبخيس تلك الجهود، لقد تركت لنا هذه الذكريات (على الأقل) فرصة إعادة إحياء الآمال والطموحات. لكن هذه الآمال والطموحات تنكسر على صخرة الواقع العنيد إن لم تتواز على الأقل مع الوقوف على طرح أهم الأسئلة في الوضع الحالي والتي بدون الجواب عنها سيبقى مطلب التغيير الحقيقي مجرد حلم أيضا نتذكره مع هذه الذكريات. ولا نعتقد أن هناك من يتعمد وضع الحركة في هذا الموقع إلا من أعلن صراحة أو ضمنيا بأنه ضد الحركة، وأولئك الذين تعاملوا معها كفرصة لتحسين أو لإيجاد موقع لهم ضمن ما هو سائد، وظلت الحركة بالنسبة إليهم بمثابة ورقة للتفاوض بطريقة سرية، والذي انطلق حتى قبل انطلاق حركة 20 فبراير بأيام قليلة لقاءات مع الولاة والعمال على صعيد المدن ولا نعلم ما تم على المستوى المركزي، أو كما ذهبت إليها مافيا القيادات (قيادات المركزيات النقابية)، حوارات تحت الطلب الهدف منها العمل على إجهاض الحركة منذ بدايتها، عن طريق عزلها عن أهم قوى التغيير وهي الطبقة العاملة وإبعادها عن الحركة وعن الانخراط الفعلي فيها، وقبل أيام قليلة عن حلول الذكرى الرابعة لحركة 20 فبراير أعلنت نفس القيادات- المافيات بأن بن كيران قد لبى مطلبهم لقبوله الحوار... إعادة إنتاج نفس الأدوار، لأن كل المؤشرات تدل على أن سخط وتذمر الشعب المغربي من النظام وإجرامه في تنام وارتفاع متسارعين، وعلى فقدان الشعب لأي أمل في التغيير عن طريق إصلاح النظام القائم، كنظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي. والوعي الطبقي المتنامي في صفوفه أربك النظام، لدرجة لم يجد معها من طريقة لتصريف أزمته البنيوية غير سن سياسة عدائية اتجاهه واتجاه كل أبنائه. فالنظام الذي خرب ودمر كل شيء هو الذي يباشر ما يسمونه "الإصلاح"، لكن ما هو معروف على النظام ، والنظام خير شاهد على ذلك، هو التخريب والتدمير ودائما الضحية هو الشعب المغربي, وليستمر النظام في إخراج نفس المسرحية القديمة/الجديدة لخداع الشعب المغربي، وفي كل مرة يعمل على إنتاج الأدوات الضرورية المعتمدة في إفساد وعي الشعب وجره إلى المسرحية المبتذلة أو جعله لا مباليا بما يجري في انتظار القبض عليه، هذه الأدوار الموكولة لأحزاب النظام الرسمية وغير الرسمية وعبر النقابات التي تسيطر عليها من خلال قيادات مباركة من طرف النظام، والتي لولا عمالتها وفسادها لما وجدت دعما مباشرا من النظام لها. وليس خفيا على أحد بأن النظام وصلت سيطرته على الأحزاب الموجودة والنقابات والجمعيات والإعلام (...) حتى أنه ينصب القيادات ويطرد من يعارضون سيطرته ويزج بالبعض منهم في السجون، بل ينسج مؤامرات لاغتيال الآخرين، كل ذلك من أجل استمرار سيطرته المطلقة على كل مناحي حياة الشعب المغربي؛ كل ذلك من أجل الوقوف سدا منيعا أمام كل تغيير محتمل. فمقابل الشعار الديماغوجي-التسويقي "الاستثناء المغربي" يباشر النظام بأحزابه وقيادات النقابات حربا حقيقية ضد الشعب المغربي على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي... فليس هناك عدو للنظام غير الشعب المغربي، وهي معادلة ترسخت منذ الماضي خصوصا بعد سنة 1955.
3- الكف عن الانتظار (باسم الانتظار يتم تسييد ثقافة الاستسلام والخنوع):
تجاوز ثقافة الانتظار التي سادت لمدة طويلة دون أن تقع في الحكم المطلق، لأن هناك نماذج من المقاومة التي ظلت مستمرة ومتوهجة معتمدة على قدراتها الذاتية، وراكمت تجارب غنية بتسجيل القفز عنها لتجاوز ثقافة ولغة الانتظار التي تظل سائدة لتتحول في لحظة من تطور الصراع الطبقي إلى قوة كابحة لتطور المقاومة والنضال، بل مشكلة في ضرورتها ومآلاتها، لترفع يدها عن الانخراط فيها، والاقتصار على إعطاء أحكام قيمة وفي مجملها التعالي على هذه الحركة، والتقليل من أهميتها. ويصل دورها السلبي حتى المساهمة في النيل منها، والتعجيل من عملية سقوطها حتى وإن كانت بعض عناصر نجاحها حاضرة بقوة ليتم التهويل من العناصر الغير متوفرة، منسحبين من تحمل المسؤولية في العمل من أجل إنضاج الشروط التي تساهم في حضور العناصر الغير موجودة أو بلغة أدق تطوير مؤشرات العناصر غير الموجودة.
إن الدعوة إلى تجاوز ثقافة الانتظار ليس معناه، كما يمكن أن يستنتج البعض، أن التقدم وتجاوز وضع الانتظار سيتم بدون تفكير، بدون رؤية، بدون مواقف، أي الدعوة إلى النزول إلى الميدان، إلى عالم الممارسة بدون نظرية/بوصلة تؤطر العمل الميداني، بل هو ضرورة تمليه النظرية والواقع الفعلي الموجود. إن الدعوة إلى الميدان هي دعوة تأطير وتنظيم وقيادة نضالات الشعب المغربي وفي طليعته الطبقة العاملة (الطبقة الثورية حتى النهاية)، وهي دعوة للانخراط بجانب الجماهير في معاركها، والتي تجري في الواقع وبأشكال متعددة، دعوة إلى معانقة هموم وآمال وطموح الشعب المغربي، هي عدم ترك الشعب المغربي ليواجه مصيره أمام العدو الطبقي وكل حلفائه وأدواته المختلفة، فهل سنطلب من الشعب المغربي انتظارنا حتى نصبح مستعدين؟ فما هي الإجابة التي سنقدمها لمن يعاني من الفقر والبؤس ولا يجد عشاءه، ولا يجد مكان ينام فيه ولا مشفى يعالج فيه، وإن تكلم أو قام برد فعل يتم قمعه بطرق وحشية، ويتم الزج به في السجن للتخلص منه، ماذا سنقدم للطبقة العاملة التي ترزح تحت نيران الاستغلال والاضطهاد مقابل فتات لا يسد حتى مصاريف التغذية؟ ماذا سنقدم للعمال الزراعيين الذين يعيشون وضعية أشبه بنظام الرق والقنانة؟ ماذا وماذا؟ أليست الأولوية هي النزول عند الشعب المغربي ومعانقة همومه والنضال بكل عزيمة وإصرار لتغيير هذا الواقع البئيس؟ فالتفكير ينبغي أن ينصب حول كيفية الارتباط وكيفية النضال وإنتاج الآليات المناسبة لإنجاز تلك المهمة، وليس الوقوف في طابور الانتظار والذي من الممكن بهذا التفكير الانتظاري أن لا يأتي أبدا.
لقد أصبح الانتظار عند البعض بمثابة نظرية أو بالأحرى هو النظرية بحد ذاته، وأخطر ما يواجه كل تقدم هو هذا النمط من التفكير، فالذي يعيش وضع الانتظار تجده يطلب بإلحاح من كل من يتقدم في الميدان إلى التدقيق في كل شيء، حتى تلك التي بالتأكيد ستصدق مع الممارسة العملية، مع المعارف الجديدة والخيرات التي ستكسب، لكنه في نفس الوقت لا يدقق في وضعية الانتظار، هل هي مبنية على تفكير استراتيجي يخدم مسار التغيير؟ هل هي إجابة مدروسة؟...فالتراجع أو الانتظار في واقع الصراع الطبقي إن لم يكن مدروسا أو مؤطرا وفق رؤية استراتيجية تخدم الأفق الثوري والعمل الثوري، الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، يصبح استسلاما وانهزاما لا يمكن السكوت عنه.. فكيف إن وصل الأمر إلى تبريره..؟
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M