قضايا عمالية


فهد المضحكي
2015 / 5 / 2 - 09:35     

التنظيمات العمالية القوية قادرة على العمل الجيد في مختلف الظروف، تنظيمات تدرك اهدافها، وتكتيكاتها ووسائل تحقيق مطالبها وتحالفاتها البعيدة عن الاتجاهات الفوضوية والطائفية والانتهازية!
فاذا كانت البرجوازية الليبرالية كما تقول المؤلفات الماركسية ترى ان التحولات الديمقراطية ضرورية، ولكنها كانت تخشى من ان يستفيد منها الديمقراطيون عموما والعمال خصوصا فان الليبرالية الجديدة هي من تخون العمال وتخشى نضالهم الطبقي والاجتماعي.
ففي العالم العربي ناضل العمال والجماهير الشعبية لعقود طويلة ومازالوا من اجل تحسين الاوضاع العمالية والنقابية والمادية والحياتية وثمن هذا النضال العنيد والتضحيات احرزت الطبقة العاملة في عدة دول عربية اصدار قوانين العمل، وارغمت ارباب العمل والحكومات على الحد من فوضى الاسعار بعض الشيء عن طريق تشكيل مجالس للأجور واللجان والهيئات التحكيمية والاتفاقات الثلاثية «عمال وحكومات وقطاع خاص» والعقود الجماعية، وفي عدد من الحالات حصل العمال المنضمون الى النقابات على ضمان الاجور في فترة المرض ورواتب التقاعد والاجازات المدفوعة الاجر، الا ان هذه القوانين في اغلب الدول العربية كثيراً ما تظل حبراً على ورق حيث لا تلتزم بها الدولة ولا ارباب العمل.
وترتفع باستمرار السلع الضرورية والمواد الغذائية، الامر الذي يقلل لدرجة كبيرة الاجور الفعلية للشغيلة.
وفي هذه المجتمعات التي تتآكل فيه الفئات الوسطى تعاني هذه الفئات والعمال والفئات الاجتماعية الفقيرة من تفاقم الغلاء والبطالة وقلة المساكن وضيق امكانيات الحصول على التعليم وانخفاض مستوى تطور العلم والثقافة والصحة. وتمس البطالة على التعليم العالي، وذلك لأن المجتمع ليس بقادر بعد على تهيئة العدد اللازم لهم من اماكن العمل المؤهلة.
وفي كثير من هذه البلدان اقرت دساتير نصت على الحقوق السياسية لجميع المواطنين ولكن هذه البلدان لم تشهد اشاعة الديمقراطية حقا في الحياة السياسية. فالسلطة في ايدي الطبقات المتمتعة بالثورة والامتيازات. وبلغت البيروقراطية والفساد في جهاز الدولة نطاقا واسعا. وتعيق الدولة نشاط الاحزاب والمنظمات التقدمية وتلجأ الى التنكيل بالذين يمثلون ويصونون مصالح العمال والشغيلة، وفي عدد من الحالات تقمع الدولة بوحشية حركة الجماهير الديمقراطية الوطنية.
وفي دول الربيع العربي كثيراً ما ساهمت القوى الدينية الطائفية التنظيمات العمالية التابعة لها والاحزاب القومية واليسارية المتحالفة مع تلك القوى من تشتيت نضالات الطبقة العاملة الطبقية وقد اتضح ذلك في تشكيل اتحادات عمالية على اسس مذهبية وطائفية!
ان توسيع وتعميق نضالات العمال يقترن بالتلاحم العمالي ويقترن ايضا بنضالات القوى الديمقراطية والتقدمية التي متى ما انزلقت نحو العنف والنزعة العدمية وضيق الافق والفوضى السياسية فانها لا تساعد على تطوير الصراع الطبقي والحفاظ على المكتسبات العمالية وتحقيق المطالب عبر تنظيم الاضرابات العمالية السلمية وعبر البرلمانات لا عبر المغامرة والارهاب!
وبعبارة اخرى ساهمت تيارات الاسلام السياسي المحسوبة على حكم الخلافة ونظام ولاية الفقيه في تشتيت نضالات العمال عن طريق تأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية وتحت راية تلك القوى المدعومة من قبل الاخوان المسلمين والسلفية والخمينية انقادت بعض الاحزاب القومية واليسارية لهذه الراية والشعارات التي توطد الفكر الدين المذهبي وتفضي الى اضعاف الحركة العمالية والنقابية وهذا ما شاهدناه في تلك الدول وهو ما عرقل النضالات العمالية والنقابية!
وقد اتضح ذلك ليس في مصر اثناء حكم الاخوان فحسب بل في الدول العربية التي تحظى المعارضة فيها بالدعم الايراني في حين ان الشعب الايراني يعاني من اوضاع معيشية صعبة ومن تسلط واستبداد المؤسسة الدينية التي لم تتردد في مصادرة الحريات وحقوق الانسان، ومن تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية كالتضخم وارتفاع الاسعار والبطالة والفقر وفي هذا السياق يشير الباحث في الشؤون الايرانية عادل محمد في مقال له تحت عنوان «الشعب الايراني في قبضة عصابات داعش الايرانية» الى ان معدل البطالة وصل الى نحو 30 في المائة وحوالى 50 في المائة من سكان ايران يعيشون تحت خط الفقر، اضف الى ذلك استشراء الفساد في مؤسسات واجهزة النظام، وارتفاع حالات الطلاق والتفكك الاسري وتزايد عدد العاهرات والانتحار وانتشار المخدرات وفي مقابل ذلك تتزايد ثروات الملالي وفي مقدمتهم المرشد الاعلى خامنئي!
ان تعزيز الجبهة العمالية الواسعة المناهضة للاحتكارات والبيروقراطية والفساد والعولمة المتوحشة واستغلال رأس المال يؤدي الى تغيرات جذرية لصالح العمال والدولة الوطنية والتنمية
.