عندما تسقط القضية الفلسطينية أخلاقياً
ثائر الناشف
2015 / 1 / 18 - 17:10
عندما ترتدي الملائكة ثياب الشيطان نكاية بالباطل ، وعندما يرتدي الشيطان ثياب الملائكة نكاية بالحق ، تغيب التفاصيل في زحمة الأحداث ، وتتداخل ببعضها لدرجة التشابك .
نحاول اليوم عزل خيوط التشابك بقدر ما نستطيع ، لنصل إلى نتيجة منطقية لكل هذا السعار السياسي ، الذي حول " القضية الفلسطينية " إلى سلعة للمتاجرة ، عند أرباب الطغيان والاستبداد .
لم يعد مهما سقوط أو بقاء القضية الفلسطينية ، فرغم متاجرة العرب والمسلمين بها لردح من الزمن ، انتقل الدور لأبناء القضية أنفسهم ليتاجروا بها ، كما لو كانت مومساً تتعرى في أحضان الطغاة ، وأي طغاة ؟.
فعندما يطالب الفلسطينيون بدولة لهم داخل أراضي عام 1967 ، تكون القدس الشرقية عاصمة لهم ، فإن مطالبتهم هذه تسقط من التداول ، حينما تقف عند أعتاب طاغية سوريا ، بل وتشاركه فرحة النصر بتدمير المدن السورية وبذبح وتهجير الشعب السوري .
فالسلطة الفلسطينية التي تمثل الفلسطينيين في كل مكان ، تريد من خلال مشاركتها لنظام الأسد ، باحتفالات الذكرى الخمسين لانطلاق ما يسمى بالثورة الفلسطينية التي ترتبط فعليا بانطلاق حركة فتح ، كأنها تريد أن تبصق في وجه الشعب السوري المنكوب في مأساته و"المغفل" طالما أنه صدق الشعارات الخادعة حول " القضية الفلسطينية" التي كان يتفنن نظام الأسد بتدبيجها وتصديرها .
ليس بعد العهر حياء ، وأي عهر ، العهر السياسي الذي عبرت عنه السلطة الفلسطينية ، من خلال اللواط السياسي الذي شرعت بممارسته دون حياء أو خجل مع نظام الأسد ، ودون أي اكتراث منها بمعاناة الشعب السوري.
السلطة الفلسطينية لم تفقد حياءها وحسب ، بل فقدت ضميرها ووجدانها ، وأصبحت دعوتها لإقامة مشروع الدولة الفلسطينية ، ضمن ما عبرت عنه من عهر فاضح ، دعوة باطلة لا يقبلها عقل أو منطق .
فبأي حق تطالب السلطة الفلسطينية بإقامة دولة تتنازل عنها إسرائيل وهي تعتبرها دولة احتلال ، وتنكر حقها في الحياة ، وبذات الوقت تمارس الفحش السياسي مع نظام أباد شعبا كاملا ، وتتنكر لحقوق الشعب السوري في الحرية والكرامة ؟.
فالسلطة الفلسطينية ، أسقطت قضيتها ، بإنكارها المحرقة السورية ، كمحرقة للقرن الحادي والعشرين ، وبهذا الإنكار المتعمد ، أسقطت ورقة التوت الأخيرة التي طالما تسترت بها .
سقوط السلطة الفلسطينية أخلاقيا ، يعني سقوط قضيتها التي كانت ولا زالت بازراً مفتوحا للبيع والشراء في سوق الطغاة ، فعندما تعلن السلطة الفلسطينية تأييدها لنظام الأسد وتعترف بشرعيته الدموية ، لا يبقى أمام الشعب السوري اليوم ، سوى أن يرجم السلطة الفلسطينية ، ويسدل الستار على قضيتها التي شغلت العقول لردح من الزمن .
وسيتأكد مع مرور الوقت ، عندما تسقط المزيد من أوراق التوت ، أنه لم يعد ثمة قضية فلسطينية ، بل هناك مجرد مغامرين ، همهم الوحيد التكسب السياسي والمالي ، بذريعة الحق في الحياة والعيش الآمن ضمن حدود الدولة ، التي لا زالت فيلما هنديا ميلودراميا ، هيهات أن ينتهي .
وعلى الطرف الآخر ، ظلت إسرائيل طوال سنوات المأساة السورية ، تمتنع عن إبداء أي موقف رسمي تجاه الأوضاع في سوريا ، منعا لأي التباس أو سوء فهم ، رغم التحليلات الكثيرة التي تقول إن بقاء الأسد أو رحيله عن السلطة مرهون برغبة إسرائيل .