أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام المنفي - جيوردانو برونو . والمحرقة














المزيد.....

جيوردانو برونو . والمحرقة


حسام المنفي

الحوار المتمدن-العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 10:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد كان الفيلسوف اليوناني "أرسطو" يعتقد قبل ثلاثة وعشرون قرنا ونصف القرن ، أن الأرض ثابتة وأن الشمس والقمر والكواكب والنجوم تتحرك في أفلاك دائرية حول الأرض . وأن الحركة الدائرية هي الكمال الأقصى ، وقد طور "بطليموس" هذه الفكرة في القرن الثاني بعد الميلاد لتصبح نموذجا كاملا . وكانت "الكنيسة" في العصر الوسيط تعتبر هذا النسق الكوني حقيقة مطلقة تتفق مع ما جاء في الكتاب المقدس . فكانت توقع أشد العقوبات على كل من تسول له نفسه ويأتي بنظرية جديدة تناقد أو تختلف مع نظرية أرسطو وبطليموس ، فكان العقاب يتراوح بين حرق الكتب أو السجن أو النفي أو حتى الموت وهذا ما حصل بالفعل مع "برونو" الذي احرق حيا لأنه أمن بنظرية "كوبرنيكوس" التي كانت تتعارض مع النظرية القديمة . وكوبرنيكوس (1473-1543) هذا كان من علماء الفلك في عصر النهضة وكان ينكر نظرية أرسطو في مركزية الأرض ، بل ذهب عكس ما ذهب إليه أرسطو وقال بأن الشمس هي مركز الكون وأن الأرض وجميع كواكب المجموعة الشمسية تدور حولها . ثم جاء بعده جيوردانو برونو(1584-1600) الذي أمن بالنسق الكوبرنيقي وكان يهاجم النسق الأرسطي وينتقد البابا والكنيسة ورجال الدين في العلن لأنهم كانوا يحجروا على حرية التفكير والإعتقاد وكان يقول "ليس للهيئة الإجتماعية أن تعاقب بالسيف أولئك الذين ينشقون عن عقائدها الشائعة" . وفي عام (1592) تم تقديمه إلى محكمة التفتيش ولم تكن التهمة التي وجهت إليه هي فقط انكار النسق الأرسسطي للكون وإيمانه بمركزية الشمس ولكن كان ثمة تهم أخرى نسبت إليه ، منها التهكم على تجسد المسيح وعلى القربان المقدس . فأصدر البابا أمره بأن يطلب منه إنكار القضايا للعقائد المقرره ، دون القضايا المتعلقة بمذهب كوبرنيكوس ، ولكن برونو رفض الطلب ، وقال إنه لم يخالف الإيمان وإن رجال الديوان يؤولون أقواله فحكم عليه بالموت وبتسليمه إلى السلطة المدنية ، فتم اعدامه "حرقا" وفي يوم (17 فبراير 1600) وكان إلى النفس الأخير رابط الجأش ، شجاع ، مصرا على عناده ، ويقول الأستاذ سلامة موسى "ولكن الدراما لم تتم فصولا . فإن برونو تقدم إلى الناس سنة 1600 وقلبه معمورا بإيمانه بنفسه وبالحقيقة ، لا تدمع له عين ولا ترتجف له يد . وبعد 300سنة من احراقه كان البابا يبكي لأن أهل روما قد أقاموا تمثالا لبرونو في المكان الذي احرق فيه ... وهكذا يكتب الإنتصار للحرية على الإستعباد .
ولكن لابد هنا من وقفة لنتأمل ليس فقط موقف برونو الشجاع الذي أثر أن يدافع عن مبادئه وأفكاره حتى لو كانت حياته هي ثمن موقفه وعناده . ولكن الفكرة التي تستحق التأمل أكثر من ذلك هي "ما الذي تغير في أوروبا في الأربعة قرون الماضية منذ حرق برونو عام 1600 إلى يومنا هذا ؟ ونحن جميعا نرى حرية الفكر والإعتقاد التي تتمتع بهما أوروبا اليوم ، ونرى أيضا علماء ومفكرون مثل "ريتشارد دوكنيز" و "ستفين هوكنج" وهم يتكلمون في قضايا تمس مبدأ وجود الله نفسه . فستيفن هوكنج يرى أن ليس ضروريا افتراض وجود روح عليا ، سامية منفصلة عن المادة خالقة ومدبرة للكون ، وموقف دوكنيز معروف للجميع بإلحاده الصريح ونقده بصفة مستمرة للأديان ومع ذلك لم يمسهما أحد بسوء ولم تتعدى عليهم أي سلطة مهما بلغت من نفوذها وقوتها سواء بالقول أو بالفعل . إذن فما الذي تغير خلال الأربع قرون الماضية ، من حرق برونو حيا إلى جهر دوكنيز وهوكنج بالإلحاد علنا . في ظني أهم ما ساعد أوروبا في أن تصل لذروة الحرية الفكرية والعقائدية . هي غرس قيم مثل : العلمانية ، والليبرالية ، والديموقراطية ، والمواطنة ، وحقوق الإنسان ، وقيم التنوير ، والتسامح وحرية الإعتقاد والتعبير عن ما أعتقده وأراه صوابا حتى لو كنت مختلفا مع أغلبية المجتمع فهذا حقي . بالإضافة طبعا إلى البعد الإقتصادي والمذهب الرأسمالي الذي كان ضربة قاضية للإقطاع الأوروبي . هذه مجرد وجهة نظر تقبل الصواب والخطأ . ولا أدعي أن هذا الإستنتاج هو استنتاج صحيح ولكن هذا مجرد اجتهاد .
========================================================
*انظر كتاب "تاريخ موجز للزمان" لستيفن هوكنج .
*انظر كتاب "تاريخ الفلسفة الغربية" لبرتراند رسل .
*انظر كتاب "تاريخ الفلسفة الحديثة" للدكتور يوسف كرم .
*انظر كتاب "حرية الفكر" للأستاذ سلامة موسى .



#حسام_المنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة -ابن رشد-
- قتل الحلاج . وتحريم الفلسفة
- هيباتيا . شهيدة التعصب الديني
- مبحث في الجانب الأبستمولوجي -نظرية المعرفة- في الفلسفة الحدي ...
- سقراط . الرجل الذي جرؤ على السؤال
- أنكساجوراس . والحجر الأسود
- العلم والدين بين الفكر القديم والفكر الحديث
- نظرية المعرفة من منظور فلسفة ابن سينا
- الغزالي واهدار قيمة العقل
- العقل في فلسفة ابن رشد


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام المنفي - جيوردانو برونو . والمحرقة