أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهان غليون - خيار الاسد الأول والأخير















المزيد.....

خيار الاسد الأول والأخير


برهان غليون

الحوار المتمدن-العدد: 3932 - 2012 / 12 / 5 - 22:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع حصد الثوار لمواقع النظام واحدها بعد الآخر، ومحاصرتهم أكثر من مئة واربعين موقعا، منها مطارات ومواقع عسكرية أساسية، ومع التحييد النسبي للطيران بدخول الصواريخ المضادة في القتال لصالح الثوار، من الواضح أن وجود النظام على الارض في انحسار متسارع، واننا نقترب من نقطة النهاية.
أمام النظام الآن اختياران لا ثالث لهما: البحث من خلال اصدقائه الدوليين عن مخرج للطغمة الحاكمة، يجنبها الموت، ويفتح الباب امام انهاء الحرب المعلنة على الشعب والدخول في الحقبة الانتقالية، أو الاستمرار في القتال حتى الموت، مع احتمال استخدام الأسلحة الأكثر فتكا من أجل كسب المزيد من الوقت، أو إعطاء أكبر بريق (فضيحة) ممكنة للسقوط المدوي لنظام لم يعرف يوما غير العنف، ولم يحكم بغير الحديد والنار. وواضح أنه نظام يعشق رجاله الحرائق والهدم والدمار والتمثيل بالجثامين وايقاع اكبر اذى ممكن بخصومهم والتشفي منهم ليلا نهارا إذا أمكن.
سألني صحفي للتو: هل تعتقد ان الأسد امام هذا الوضع سوف يدرك ان المعركة حسمت ويبدأ التصرف بطريقة عقلانية، على الأقل من أجل إنقاذ نفسه؟
قلت كل شيء ممكن. لكنني اعتقد انه سوف يستمر في القتال. فقد اختار المواجهة منذ البداية إلى النهاية، ولم يفتح أي نافذة على الحلول السياسية، مهما كانت صغيرة، في أي وقت، قبل الثورة وبعدها. كل ما كان يقوم به هو المراوغة والخداع من اجل كسب الوقت والقضاء على المعارضة أو الاحتجاج وعلى الثورة اليوم، بالحديد والنار.
فسياسة النظام الذي عاش عمره المديد كاملا، أي ما يقارب نصف قرن، محاصرا، أو بشعور المحاصر، من شعب رافض له وغير معترف بشرعيته، كانت دائما الهرب إلى الأمام ، أي إلى المزيد من استخدام العنف وتكبيل الشعب وتقييد حرياته وانتهاك حقوقه حتى تحولت سورية إلى أسوأ سجن في الوجود. وحتى أصبح من غير الممكن فتح دكان أو استئجار شقة أو بيع أو شراء، من دون موافقة مسبقة من "الأمن"، أمن النظام. وكان الرفض الصارم والمتعجرف رده الدائم على مطالب الشعب، مهما كانت قليلة أو محدودة، حتى صار سلوكه تجاه الشعب السوري شبيها بسلوك اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني، أي الرد بمزيد من الاقصاء والتهميش والإذلال على المطالبة بالحرية، كما ترد اسرائيل بمزيد من الاستيطان والتضييق والقتل على أي مقاومة يبديها الفلسطينيون لسياسات الاستيطان التي تمارسها سلطات الاحتلال، أي ألى مزيد من الاحتلال. وهكذا تحول النظام السوري أيضا إلى نظام احتلال. فقد حكم سورية ويحكمها حتى الآن خلال نصف قرن بالقوة والعنف لا بالسياسة ولا بالثقافة ولا بالاقتصاد ولا باي إلانجاز.
والسبب في هذا الاختيار لا يرجع فقط لطبيعة النظام الذي رفض هو نفسه ان يبني شرعيته بأي شكل كان، وقرر أن يبقى انقلابا دائما على القانون والشرعية، وأن يحكم بالقوة وارهاب السكان.
وهكذا بنى استقراره على الخوف الذي زرعه في صدور السوريين كبارا وصغارا، نساءا ورجالا. وترجم هذا الحكم بسيطرة أجهزة الأمن التي تمارس كل صنوف العسف والتقسيم والتمزيق والتمييز والإهانة، حتى اصبح السوري يعتقد أن ما يعيشه بلاء، لا قدرة له على رده، ولا مهرب من الخضوع له والتعامل معه. وصار النظام أو رجاله يؤمنون بالفعل أن سورية هي سورية الأسد، أي ملكه الصافي، وان الأسد باق إلى الأبد، أي أنه إله.
كنت أقول، وقد كتبته خلال فترة ربيع دمشق، ردا على نفس السؤال: إن في النظام جناحا انتحاريا لا يقبل أي حوار، وهو مستعد لأي احتمال، ولا يهمه إلى اين يصل بالبلاد نتيجة سياسته الخرقاء الرافضة لأي حوار أو تنازل أو إصلاح. وكان يجسد هذه السياسة في مخيلتي الأخ الأصغر للاسد لما اشيع عنه من أنه لا يتوانى عن ارتكاب اي حماقة، أي جريمة، مهما كانت كبيرة، من أجل الدفاع عن إرث الوالد وإغلاق لنظام . الآن، بعد ما يقارب السنتين على المواجهة المسلحة مع الشعب اصبح النظام كله انتحاريا لا يفكر سوى برد التحدي والانتقام. ومن الممكن بالفعل ان يجره هذا الموقف إلى ارتكاب أكبر الحماقات المحتملة، بما في ذلك اللجوء إلى الأسلحة الكيماوية، من اجل ان يعطي لنهايته السوداء الأبهة التي افتقدها أو عجز عن تحقيق حلمها في بداياته الخرقاء.
بشار الأسد، والنظام الذي أصبح على شاكلته، ليس شخصا سويا. إنه مزيج من الشعور بالضعة والنقص واللاشرعية واغتصاب السلطة ومن مشاعر العظمة والتأله والعلو والغطرسة التي ورثها عن أبيه السلطان. واختلاط الشعور بالضألة والتأله في الوقت ذاته يشكل مزيجا متفجرا من العواطف المتناقضة يصعب معها على فرد مثله ان يسيطر على نفسه. فتألهه وشعوره المتضخم بالعظمة والقوة التي تؤمنها له أجهزة الأمن المتفشية في كل مكان يزيد من غطرسته، ويدفع به الى التطلع إلى غايات مستحيلة، وهي ان يركع له الناس ويبجلوه ويتعبدون له ويقدسوه، وهو ما حاوله منذ سنته الأولى في الحكم. وضألته الانسانية والأخلاقية تزين له كل أفعاله ولا تقيه من اللجوء إلى أدنأ الوسائل وأخسها لتحقيقها. إنه مسخ برأسيين يصعب معهما السيطرة على نفسه وعلى الواقع.
وهو في كل ذلك ضحية النظام نفسه الذي صنع من أجل أن يكون رمزه وسيده وضحيته معا. فالنظام الذي لا يمكن استمراره من دون الإقصاء الكامل للشعب، وبالتالي بناء شبكة المرتزقة وميليشيات القمع والإذلال والقتل، لردع الشعب وإخضاعه، يحتاج دائما إلى رئيس مرفوع إلى مرتبة إله، يبرر بإلهامه قتل التفكير وإسكات الاصوات، ويغطي بعظمته وجلاله على وضاعة أساليب الابتزاز والقمع التي تقوم عليها علاقات السلطة والمجتمع داخل هذا النظام .
وأكاد أقول إن ما يقوله الروس صحيح هو أنهم غير قادرين على إقناعه بالتخلي عن الحكم. لكن خطأهم يكمن في أنهم، باستمرارهم في تقديم العون المالي والتسليحي له، يعززون شعوره بأنه فوق الهزيمة وأن بإمكانه دائما الانتصار.
لن يترك بشار الحكم من تلقاء نفسه مهما زادت الضغوط. فهو لا يفكر ولا يمكن أن يضع نفسه في وضع التفكير. إنه كالمسخ الجريح الذي يدافع عن نفسه، أي عن صورته عن نفسه، أو كطفل أخرق انتزعت منه لعبته المفضلة. وهذه اللعبة هي سورية، هي نحن.



#برهان_غليون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرنامج المرحلي للثورة السورية: خمس مهام مستعجلة امام إئتلا ...
- سوريا: إعلان هدنة العيد .. تقهقر مستمر لميليشيات بشار الأسد
- وسام الحسن ضحية جديدة لنظام الارهاب
- المجلس الوطني السوري امام تحدي الاصلاح
- رؤية للمرحلة الانتقالية بعد الأسد
- الوضع الراهن للثورة ومهامنا المرحلية القادمة
- نداء من ثورة الحرية والكرامة والمؤاخاة.
- المجلس الذي لا يحترم حق الآخر في الاختلاف والحرية لا يمثلني
- النظام السوري وقبول المبادرة العربية
- حول المبادرة العربية
- حول وحدة المعارضة في الدوحة واستنبول
- خريطة طريق للمجلس الوطني السوري
- على طريق القذافي وطريقته
- حول إعلان وقف العمليات العسكرية من قبل النظام
- الأزمة السورية: حوار النظام مع ذاته
- عن هيئة التنسيق الوطني
- حول لقاء ناشطين ومثقفين في فندق سميراميس يوم 27 يونيو 11
- رسالة مفتوحة إلى قادة الثورة والمعارضة السورية
- خطاب الأسد: ما الذي يمنع سورية من الانتقال فورا نحو الديمقرا ...
- نظام الحرب والغنيمة


المزيد.....




- العراق.. المحكمة الاتحادية ترد طلبا للبرلمان يخص تواجد القوا ...
- الكويت.. القبض على تشكيل عصابي من السوريين والمصريين
- قادة رابطة الدول المستقلة يدعون لعدم إشعال حرب عالمية ثالثة ...
- متى ستنتج إيران قنبلتها النووية؟
- قيس سعيد يفوز بولاية رئاسية ثانية وسط مخاوف على الحريات
- مبادرة -حدد هويتي-.. الإنتربول يطلب المساعدة لحل 46 قضية لنس ...
- رائدا الذكاء الاصطناعي هينتون وهوبفيلد يفوزان بجائزة نوبل في ...
- استنكار إيطالي واسع لملاحقة روسيا صحفيي -راي- بعد تغطيتهما ل ...
- السعودية.. ولي العهد يكشف عن حالة الملك سلمان الصحية بعد الإ ...
- -حزب الله- يوجه رسالة غير مباشرة إلى إسرائيل عبر الفيديو


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهان غليون - خيار الاسد الأول والأخير