أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسماعيل محمود الفقعاوي - إعصار المهدي المنتظر يضرب غزة هاشم مرتين خلال 64 عاماً، لكن بلا خسائر!!















المزيد.....



إعصار المهدي المنتظر يضرب غزة هاشم مرتين خلال 64 عاماً، لكن بلا خسائر!!


إسماعيل محمود الفقعاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3799 - 2012 / 7 / 25 - 00:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مقدمة لابد منها:

قبل نحو اسبوعين تلقيت على صفحتي على الفيسبوك شريط فيديو من اربعة دقائق تقريباً كانت قد عرضته فضائية الأقصى التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، والفيديو عبارة عن لقاء مع الشيخ عيسى بدوان (الذي عرفت اسمه بعد بحث غير مضنٍ)، بتحدث فيه هذا الشخص عما حدث معه قبل اللقاء باربع سنوات حول وجود المهدي المنتظر بين ظهرانينا نحن هنا في قطاع غزة. استمعت جيداً للفيديو عدة مرات وحاولت ان اعرف توقيت عرض هذا اللقاء وأثناء البحث في اليوتيوب وجدت الدكتور أحمد ابو مطر – جزاه الله كل خير – كان قد كتب مقالاً1 ناقداً وساخراً حول حيثيات هذا الفيديو يبشر فيه الأمة العربية والإسلامية بقرب ساعة خلاصها من الاحتلال الإسرائيلي ومن كل حلفائه الغربيين والأمريكيين والآخرين من اتباعهم أنظمة عربية أو غيرها بسبب ما تصمنه الفيديو حول ظهور المهدي المنتظر في قطاع غزة.
أنا لن اطيل في سرد ما كتبه الدكتور احمد ابو مطر فليس هذا هو هدف بحثي الآن، وإنما سأقتبس منه بعض الأمور التوثيقية حول الفيديو، كي يستنى لمن يريد مزيد من الاطلاع حول الأمر أن يصل إليه بسهولة.
1. تم انشاء فضائية الأقصى كجهاز إعلامي لحركة حماس عام 2006، وقد أنشأها عضو الحركة فتحي حماد. (راجع ويكيبيديا-عربي).
2. لقد اقتبس الدكتور احمد ابو مطر كل الحديث التفلزيوني الذي دار بين الشيخ عيسى بدوان والمذيع في شريط الفيديو ذاك، وأنا هنا أعيد اقتباس ولصق ما كان قد اقتبسه وكتبه الدكتور احمد (مرة اخرى جزاه الله عنا خير الجزاء)، كتب "بثت فضائية ( الأقصى ) الناطقة باسم حركة حماس يوم الأربعاء الموافق السادس من فبراير 2007، لقاءا تلفزيونيا مع فضيلة الشيخ عيسى بدوان ، قال فيه حرفيا: " حدثني أحد الأخوة الموثوق بهم، وهو من المعروفين والمشهورين ولا داعي لذكر اسمه، أنه قبل أربعة أعوام (أي عام 2004) تقريبا، كان خارجا بسيارته، فوجد امرأة عجوز تقول له: أريد أن توصلني لدار الشفاء حتى آتي ببنتي فقد ولدت، وأريد أن آخذها لبيتها. ففعل معها معروف وأخذها. وانتظر ساعة عند بيت دار الشفاء، فلما خرجت المرأة وأخذت بنتها ومعها طفلها وليدها، واستقروا في المجلس في السيارة، نطق الطفل وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فردوا عليه السلام فقال المولود، كما أخبرنا وأبلغنا الحمد لله ذلك للشيخ نزار وبقية كبار العلماء والمشايخ، قال الطفل: أنا الرجل الذي سيقتله الدجال ثم لا يسلّط على أحد من بعدي ولا يسلّط عليّ أيضا. فقد جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل يكون عمره ما بين 18 و 20 عاما وهذه بشرى. الدجال طبعا حينما يخرج تسبقه فتوحات روما ايطاليا والقسطنطينية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه لا تفتح إلا على يد الرجل الصالح المهدي عليه السلام، وهو من فلسطين كما أخبر بذلك معاذ بن جبل و سعد بن أبي وقاص و عبد الله بن مسعود أئمة وعلماء كبار."
" وهنا يسأله المذيع: هل توبع هذا الطفل؟"
"فيجيبه: "
"نعم الآن هو معروف ويتابع والإخوة الحمد لله معنيين فيه كثيرا. الذي أريد أن أوصله للناس والعلماء أن هذه أيام انتصارات بفضل الله، وأن المهدي الموعود بٌعث بيننا بفضل الله عزّ وجل، وأن أهل فلسطين سيكونوا أهل الراية وهم أهل حملة هذا الدين وسينشروه ."2
3. وأخيراً طرح الدكتور احمد سؤالاً اتوقع بأن طلاب الصف الثاني الإعدادي كانوا سيطرحونه لو شاهدوا فيديو فضائية الأقصى والشيخ عيسى بدوان يزف بشرى ميلاد ووجود المهدي المنتظر بين ظهرانينا هنا في قطاع غزة – وبالطبع شخصية ألهية بهذا الحجم في دورها في تخليص العرب والمسلمين من عذاباتهم من الاحتلال الأمريكي للوطن العربي والاحتلال الصهيوني لفلسطين ومن ظلم الأنظمة العربية الرجعية كالسعودية وقطر ودول الخليج المتحالفة مع العدو الأمريكي والصهيوني، أقول شخصية كان لها حضور قوي ومبني عليها آمال إنسانية لدى كل شعوب الأرض خاصة المظلومة، وهذه الشخصية التي تعلِّم على ابتداء نهاية التاريخ والوجود الإنساني على كوكب الأرض، شخصية بهذا الحجم وبهذه الخطورة، لم نسمع بوجودها والعناية بها ومتابعتها من الأخوة المعنيين من غير فضائية الأقصى وشيخها فيما عرضت منذ عام 2007، عام الانقلاب أو الحسم الحمساوي – سيان - ضد سلطة منظمة التحرير أو فتح في قطاع غزة. لقد طرح الدكتور احمد السؤال البديهي والمعروف لطالب الإعدادية إن لم يكن طالب الابتدائية العليا:
"أولا: كيف ستفتح القسطنطينية؟ تقول أنه حينما يخرج المهدي المنتظر (وقد خرج فعلا قبل أربعة سنوات كما أبلغت) تكون قبله " أيام فتوحات روما ايطاليا والقسطنطينية" ، فكيف هذا ومدينة القسطنطينية (قسطنطين سابقا) العاصمة الشرقية للامبراطورية الرومانية منذ عام 324 م، قد تم احتلالها عام 1453 م من قبل الإمبراطورية العثمانية ، وتمّ تغيير اسمها إلى استانبول ، وتغيير أكبر كاتدرائياتها ( أيا صوفيا ) إلى مسجد ، فكيف سيتم فتح القسطنطينية وهي تحت الحكم التركي منذ 555 عاما؟." ولن أضيف على تساؤل الدكتور احمد الا القول والفهيم يفهم...
ولمن يريد معرفة المزيد من الدكتور احمد ابو مطر هنا عنوانه الإليكتروني وموقعه على الشبكة العنكبوتية:
[email protected]
www.dr-abumatar.com
ذلك كان الإعصار الثاني للمهدي المنتظر الذي يضرب غزة هاشم ويمر دون ان نحس أو نشعر به. أما الأول فقد كان عام 1965/1966، كما يلي:
كل ما سردته وصدعت به رؤوسكم واستهلك الكثير من وقتكم الثمين كان فرشة لما سيلي. هذا الفيديو بعث في ذاكرتي حدث شاهدته بأم عيني أيضاً حول قضية المهدي المنتظر؛ شاهدته قبل 43 سنة تقريباً عندما كان عمري خمسة عشر عاماً وكنت في الصف الثالث الإعدادي في مدرسة ذكور احمد عبد العزيز الإعدادية بمخيم خان يونس للاجئين المسمى مخيم الحاووز، وكان قطاع غزة حينها لازال تحت حكم الإدارة المصرية عام 1965-1966. لقد شاهد ذلك الحدث ابناء حارتي صبياناً وفتيات صغار وأبناء جيلي شباب وشابات ورجال ونساء كهول وعجائز. وللأمانة التاريخية راح الكثير من الناس رجال ونساء يتوافدون من كل أرجاء قطاع غزة إلى حارتنا لمشاهدة الحدث الغريب حول ظهور المهدي المنتظر. أقول، لقد كان لمشاهدتي الحديثة لهذا الفيديو الذي بثته فضائية الأقصى التابعة لحماس عام 2007، بعث ذكرياتي عن ذلك الحدث الذي شاهدته، فقررت أن أقوم بعملية توثيق صادقة المحتوي للحدث وذلك عبر مقابلة بعض أصدقائي (أبناء جيلي) الذين شاهدوا الحدث وعايشوه آنذاك، وكذلك مقابلة أقارب تلك السيدة (ف... من قرية اسدود الفلسطينية قبل عام 1948) ثم مقابلة صديقاتها. وفعلاً، قبل اربعة ايام من الأن 22 يوليو 2012 قمت بالعملية التوثيقية مقابلاً (ن. ش. و ع. ح. – من اصدقائي وأبناء جيلي ممن شاهد الحدث، وقابلت ح. ش. الذي عمره الآن 64 عاماً وهو ابن اخت الحاج س. زوج السيدة ف. والسيدة الحاجة ه. ش. بنت اخت الحاج س. زوج السيدة ف. كما وقابلت السيدة ح. ح. (عمرها الآن نحو 80 عاماً). وهاكم القصة باختصار:
القصة بدأت في العام 1966، حينما شاع في حارتنا أن السيدة (ف) والتي كان زوجها السيد (الحاج س) غائباً عنها لمدة عامين سابقين يعمل في السعودية ككثير من الفلسطينيين الذين كانوا يذهبون إلى هناك سعياً للقمة العيش ولم يحضر خلال تلكم العامين الحاج س. بتاتاً إلى غزة كما افادت السيدة (ه. ش) وكان يعمل عند أحد الأمراء السعوديين، أشاعت السيدة ف. من خلال سلفها السيد م. ش، الذي كان يخرج إلى الجمهور المحتشد امام بيتها في حارتنا والذي لا يبعد عن بيتي في المخيم بأكثر من مائة متر فيقف سلفها م. على احد مجمعات وكالة الغوث الدولية لجمع الزبالة قارئاً من ورقة بين يديه وبصوت صارخ مفردات ما أملته عليه الحاجة ف. مما شاهدته في السماوات المختلفة التي طار بها الملائكة (أو الجن) اليها. ولقد قال السيد م. في احد نشراته بأنها ستلد المهدي المنتظر والذي عند ولادته سيكون موجوداً على راسه نسخة من القرآن. وبسؤال السيده ه. عن طيرانها للسماء انكرت ذلك وقالت، "لقد اخذوها اخوتها (تعني الجن) تحت الأرض وغابت اربعين يوماً لم نرها فيها، ثم ظهرت وقد حفظت القرآن. هم حفظوها إياه." وبسؤالي ن. ش و ع. ح فيما إذا كانت حامل آنذاك، نفيا ذلك كما نفته ه. ش، اما ح. ش فقال لا ادري. لقد قال السيد ح. ش بأنه رأي بأم عينه حجراً يسقط من سقف الغرفة التي كانت تخصصها لاجتماعاتها بإخوتها وكانت قد فرشتها بقماش أخضر وكأنه السندس، وأن هذا الحجر كان مكتوباً عليه لا إله الا الله. وقال بأن قالت بأن شجرة ستنبت في حوش الدار تلك الليلة أو غداً، وقال السيد ح. ش بأنه فعلاً وحقيقة رأي تلك الشجرة تحمل باذنجان وفلفل وطماطم ومانجة وأشياء اخرى. وقد اكدت الحاجة ه. ش قصة الشجرة، وقالت دخلت عليها تلك الغرفة، ووجدت شخصاً (هي تقول اخوها – بالمناسبة كان عدد إخوتها حسب رواية الحاجة ه. ش و ح. ش اثنين الأول باسم عبد السلام والثاني مهدي) يجلس خلف الباب. وعندما سألتها إن رأت وجهه، قالت، "لا، كان كل جسمه مجللاً بلباس أبيض من رأسه حتى قدمه. وتضيف ه. أن السيدة ف. قالت، "هذا اخي، وسيزرع لنا شجرة في حوش الدار." وتضيف أيضاً ه. "لقد رأيت تلك الشجرة وما عليها من فاكهة وخضار."
من البديهي أن امراً مثيراً لمثل هذه الضجة على مستوى قطاع غزة، بل كما تقول الحاجة ه. أن أناساً من مصر وفدوا لرؤية هذا الحدث الكبير حول ميلاد المهدي المنتظر، الذي هو أصلاً حدث منتظر عند الغالبية الساحقة من المؤمنين العاديين والمؤمنين بقصة المهدي بوجه خاص، أقول من البديهي أن لا يصمت عنه الحكم العسكري المصري في قطاع غزة وخان يونس حاضنة الحدث خاصة ولا تسهو عنه اجهزة المباحث والشرطة. فحضرت هذه الأجهزة، وكما تقول الحاجة ه. أن الشرطة أو المباحث أو الحاكم العسكري المصري فاروق ابو وردة حاكم خان يونس آنذاك، طلبوا اليها أن تأتيهم بشلن (عملة مصرية) يسقط في كف احدهم، وتقول الحاجة ه. أنهم فعلاً تلقوا الشلن. إلا أن الحاكم فاروق ابو ودة طلب اليها فتح غرفة لقاءاتها مع اخويها عبد السلام ومهدي (الجنيين) وبرغم تحذيراتها بانه سيصاب بالشلل إن دخل الغرفة، أجبرها الحاكم على فتح الغرفة، وفعلاً فتحتها استجابة لأوامره، فجاس في وسط الغرفة وعلى فرشها وأرائكها بجزمته، وعاد سالما إلى مكتبه والسيدة ف. المدعية بأنها ستلد المهدي المنتظر مغفورة مع شرطته ليبدأوا تحقيقاً معها. بعد هذه الحادثة راحت تعمل السيدة ف. في مهنة البصارة وقراء الكف والمستقبل لمن آمن بها وتقدم علاج الأعشاب لمن استشارها في مرض يعانية. ثم أمرتها الشرطة بالتوقف عن ذلك.
حضر زوجها الحاج س. بعد ذلك، وانجبت السيدة ف. طفلاً ذكراً اسمته مهدي. وبعد ذلك انجبت بنتاً اسمها خلود. ورحلت بعد عام 1967 إلى السعودية لتلتحلق بزوجها ولكنها، كما أبلغتني الحاجة ه. ش والسيد ح. ش، أنها طلبت من زوجها بألا يقترب منها جنسياً، وطلبت اليه ان يتزوج غيرها الأمر الذي فعله بالزواج من مصرية انجب منها اربعة أطفال. مارست السيدة ف. مهنة الفتاحة والبصارة والإشفاء، واشتهر ذلك عنها في السعودية وانثالت عليها الناس طلباً لمعرفة مستقبلها أو الاستشفاء على يديها إلى ان اوقفتها السلطات السعودية عن ممارسة ذلك. أما وليدها الذي اسمته مهدي فقد درس الهندسة في السعودية ويعمل في هذه المهنة وهو متدين وعمره الآن نحو 45 سنة والمهم أنه لم يبدأ حربه الخلاصية ضد الاأعور الدجال وأتباعه أعداء الله وأعداء الإسلام ويأتي على يده زمن حكمه الألفي السعيد المليء بالعدل والحرية والمساواة وتحقيق الاستقلال العربي وتحرير فلسطين وأقصاها من الاحتلال الصهيوني، بعد صلاة السيد المسيح خلفه في المسجد الأقصى. ويبدو لي ان السيد مهدي (الذي قالت الحاجة ف. بأنه المهدي المنتظر لم يأبه لهذه المهمة الربانية الموكلة اليه حتى لم يصدقها من والدته). ومن أهم ما جمعته اثناء قيامي بعملية التوثيق ما قالته السيدة ح. ح (صديقة الحاجة ف. آنذاك) والتي لم ترغب بإضاعة وقتها في حديث حول قصة تبين لي من ردها على سؤالي لها حول ما تتذكره من قصة صديقتها الحاجة ف. المدعية بميلادها للمهدي المنتظر بأنها لا تصدق ادعاءاتها بالمطلق، فقد قالت الحاجة ح. ح وبالحرف، "أنا سمعتهم (تعني أفراد عائلة الحاجة ف.)، وانت عارف كيف بيقولوا الحقيقة لما بيكونوا متزاعلين مع بعض، سمعتهم بيقولوا انها (أي الحاجة ف) لما شافت شجرة الباذنجان في دار مرت التلولي جارتنا وجارتهم قالت لها جيبيها وازرعيها في حوش بيتي."
قضية المهدي المنتظر في التاريخ الإنساني:
كل ما سردته أعلاه، وليغفر لي قارئي إطالتي – مع انه مسلٍ) كان فرشة للنقاش الفكري الذي سأعالج فيه أدناه قضية المهدي المنتظر عبر بعض المواقف التاريخية متعرضاً لأسبابها والأهداف التي يتوخى جنيها قيادات التجمعات المجتمعية المؤمنة بهذه الرواية.
قصص المهدي المنتظر عند غير المسلمين:
ليست قضية المهدي المنتظر حكراً ووقفاً على المجتمع العربي الإسلامي عبر تاريخه، بل كثير من شعوب الأرض لديها مثل هذه الرواية في تراثياتها التاريخية. فمثلاً، تفجرت تقريباً في القرن الرابع عشر في إنجلترا ثورة تُدعى ثورة الفلاحين3 الذين كانوا يعملون اجراء واقنان لدى أصحاب الاقطاعيات. وباختصار هُزم الفلاحون وقُتل زعيم الفلاحين وأصيب الفلاحون بالتشرذم والآثار النفسية للهزيمة الذي منها الاكتئاب الجماعي. حينها ادعى بعض الفلاحين المهزومين بأن قائد الثورة لم يُقتل ولم يمت، بل اختفى في جوف جبل وأنه سيعود في زمن قادم ليجمعهم ويقودهم في ثورة جديدة تنتصر على الإقطاعيين ملاك الأرض والثروة.
وعندما عانى اليهود الدمار الأول للهيكل على يد الغزو البابلي لهم وأسرهم ونقلهم إلى بابل في العراق ليعانوا عسف وقهر واضطهاد البابليين يبنوا عقيدة نزول المشيح المخلص والمشيحانية الفارسية البابلية الأصل، إن الدكتور عبد الوهاب المسيري يقول، "
"وأصل عقيدة الماشيَّح المخلِّص فارسية بابلية، فالديانة الفارسية ديانة حلولية ثنوية تدور حول صراع الخير والشر (إله النور وإله الظلام) صراعاً طويلاً ينتهي بانتصار الخير والنور. وقد بدأت هذه العقيدة تظهر أثناء التهجير البابلي، ولكنها تدعمت حينما رفض الفرس إعادة الأسرة الحاكمة اليهودية إلى يهودا. وقد ضربت هذه العقيدة جذوراً راسخة في الوجدان اليهودي، حتى أنه حينما اعتلى الحشمونيون العرش، كان ذلك مشروطاً بتعهدهم بالتنازل عنه فور وصول الماشيَّح."4
ومضمون هذه العقيدة كما يذكره الدكتور عبد الوهاب المسيري أن،
"شخص مُرسَل من الإله يتمتع بقداسة خاصة، إنسان سماوي وكائن معجز خلقه الإله قبل الدهور يبقى في السماء حتى تحين ساعة إرساله. وهو يُسمَّى «ابن الإنسان» لأنه سيظهر في صورة الإنسان وإن كانت طبيعته تجمع بين الإله والإنسان، فهو تَجسُّد الإله في التاريخ، وهو نقطة الحلول الإلهي المكثف الكامل في إنسان فرد. وهو ملك من نسل داود، سيأتي بعد ظهور النبي إليا ليعدل مسار التاريخ اليهودي، بل البشري، فينهي عذاب اليهود ويأتيهم بالخلاص ويجمع شتات المنفيين ويعود بهم إلى صهيون ويحطم أعداء جماعة يسرائيل، ويتخذ أورشليم (القدس) عاصمة له، ويعيد بناء الهيكل، ويحكم بالشريعتين المكتوبة والشفوية ويعيد كل مؤسسات اليهود القديمة مثل السنهدرين، ثم يبدأ الفردوس الأرضي الذي سيدوم ألف عام، ومن هنا كانت تسمية «الأحلام الألفية» و«العقيدة الاسترجاعية".5
واسم هذا المخلص المسيح (كان أي شخص سيسميه اليهود ملكاً أو كاهناً يمسحونه بالزيت المقدس، لذا كان يُسمى بالمسيح) ومن ضمن أعماله المقدرة ألهياً – حسبما فسر حاخامات يهود بعض النبوءات التوراتية السابقة ليواجهوا الاضطهاد والتشتيت الروماني لهم – قيادته جموع المؤمنين برب إسرائيل في معركة فاصلة باترة ضد الدولة الرومانية عدوة المسيح المرسل لخلاصهم. وقد ولد السيد السيح ابن مريم، وكفرت به اليهود وكفرت بنبوته واعتبرته دجالاً وابن زناء وتعودوا على نعته بالشرير. [الآن بسبب علاقة اليهود الحميمة والتحالفية بالغرب وأمريكا المسيحيتين لا يذكرون اسم السيد المسيح ابن مريم في كتبهم المقدسة وكتاباتهم بل يكتفون بذكر لفظ الشرير، والمقصود بهذا اللفظ معروف بأنه المسيح ابن مريم.]6 ولذا لم يؤمنوا به ووشوا به للحاكم الروماني الذي قام بصلبه وقتله بين مجموعة من اللصوص على احد جبال القدس. لقد بقي اليهود في شتاتهم على يد الرومان – حسب ادعاءاتهم -خاصة إلى أوروبا الشرقية ومن بعد إلى أجزاء اوروبا الغربية والولايات المتحدة من زمن قريب، متمسكين بعقيدة ولادة مسيحهم المخلص والذي سيخوض حرباً مبيدة تُسمى هرمجدون يقتل فيها مسيحهم عدوه وأتباعه غير اليهود في تلك المعركة على أرض مجدو التي تبعد عشرين ميلاً جنوب شرق حيفا في فلسطين. وسيعيد مسيحهم هذا بناء مملكة الفية يسودها العدل والإخاء والمساواة.
ولقد قام اليهود لمرات عديدة في تاريخهم بتوقع نزول مسيحهم هم في تواريخ محددة ولكن لم تتحقق توقعاتهم فكانوا يجدون التخاريج والفتاوي والتأويلات لعدم نزوله. وقد ادعى كثير من الأفراد اليهود أنهم المسيح المنتظر أو المهدي المنتظر. إن الدكتور جعفر هادي حسن في مقالته الفكرة المسيحانية في اليهودية يقول:
"وللسبب نفسه ـ أي سيطرة فكرة المسيحانية على اليهود ـ ادعى الكثير من اليهود بأنَّهم المسيح المخلص أو الممهدون له وكانت بعض الظروف الخاصة كالاضطرابات العالمية والنكبات التي تصيب اليهود تدفع بهؤلاء إلى هذا الادعاء. وشبتاي صبي مؤسـس فرقة الدونمه كان واحداً من هؤلاء الذين ادعوا ذلك ولكن الفرق بينه وبين الذين سبقوه أو جاءوا من بعده أنَّ حركته كانت من أوسع الحركات المسيحانية انتشاراً وأبعدها تأثيراً وأكثرها استمراراً وبقاءً في تاريخ اليهودية حيث ما زال عشرات الآلاف من أتباعه والمؤمنين به موجودين إلى يومنا هذا."7
أما من آمن بالمسيح عيسي ابن مريم من اليهود ومن غيرهم فقد قالوا بموت المسيح وقيامته في اليوم الثالث لموته من قبره، ورفعه إلى الله الذي سيرسله في آخر الزمان، ليخوض معركة الخلاص من عدو المسيح وأتباعه في معركة هرمجدون وستكون معركة هي ام المحارق لما تتصف به من عنف وشراسة وقتل وذبح واستخدام للأسلحة النووية ودمار يخلو من أي انسانية أو رحمة. وهذه هي صورة المسيح المخلص عند المسيحيين. ويسمي المسيحيون المؤمنون بهذه النبوءة نزول المسيح بالمجيء الثاني له لإقامة مملكتة لمدة الف عام تقوم بعدها القيامة ويبدأ الحساب الرباني للإسنان.
قصص المهدي المنتظر الإسلامية:
أما في تاريخنا الإسلامي فقد ظهرت هذه الروايات بشأن المهدي المنتظر منذ مقتل علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه. فقد ادعى عبد الله ابن سبأ أن علياً لم يُقتل وإنما قد حل الله فيه ورفعه اليه وسيعيده في زمن قادم ليحارب كل ظالميه وسينتصر عليهم ويستعيد حقه في الحكم والخلافة. فالدكتور عبد الرحمن بدوي يكتب حول تأليه السبأية لعلي بعد قوله إنه عندما كان ابن سبأ في المدائن بصحبة من الناس، قدم عليهم قادم، فسألوه عن خبر على ابن طالب – وكان قد قتله الخوارج – فأخبرهم بقتله وموته، فأنكروا ذلك منه وقالوا للذي نعاه:
"كذبت يا عدو الله لو جئتنا والله بدماغه ضربة، فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك، ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل. إنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض".8
وعندما وصل وفد المدائن إلى بيت على ليقابلوه ويسلموا عليه، أخبرهم اهل بيته بمقتله وموته، فقالوا حينها:
"إنا لنعلم أنه لم يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفه وسوطه كما قادهم بحجته وبرهانه، وإنه ليسمع النجوى ويعرف تحت الديار العتل (!) ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام. فهذا مذهب السبأية ومذهب الحربية (أتباع عمر بن حرب – الكاتب) وقالوا بعد ذلك في علي إنه إله العالمين، وأنه توارى عن خلقه سخطاً منه عليهم، وسيظهر".9
ويقول الدكتور عبد الرحمن بدوي حول أصل هذه الفكرة التأليهية لعلي التي جاء بها عبد الله ابن سبأ اليهودي الديانة في الأصل والمعتنق لالإسلام في عهد الخليفة عثمان ابن عفان،
"الفكرة أصلها يرجع إلى يهود اليمن وما يقوله الفلاشا في الحبشة من اليهود الذين تصوروا المسيح المنتظر هكذا."10
لقد آمن الكثير من اتباع علي وشيعته بادعاءات عبد الله ابن سبا ومنها فيما بعد فرقة الخطابية الشيعية، ولكن كثيراً جداً من القراء وأهل الحديث كذبوه وسفهوه واثبتوا بطلان اكاذيبه وردوها إلى إسرائيلياته التي كانت حاضرة في مخيلته وذهنه، إذ من فترة قريبة قبل إسلامه كان متديناً باليهودية. ومن المعروف بأن أبا هرير وعبد الله بن عباس كانا يجالسان احباراً من اليهود الذين اسلموا امثال كعب الأحبار وعبد الله ابن ابي ابن سلول، وكانا يتدارسان معهما تفسير بعض آيات القرآن، ولو نظرت إلى تفسير الطبري أو تاريخه أو ابن كثير وغيرهما وتواريخهم ستجد أن هؤلاء المفسرين قد نقلوا بالحرف ما هو مكتوب في توراة اليهود من تفاسير حول قضايا مثل كيفية التكوين أو تفصيل قصص الخروج الإسرائيلي من مصر بقيادة موسى أو سير الأنبياء السابقين على محمد وهكذا. ولربما شجع على هذه المدارسات ما روي عن الرسول رداً على سؤال وجه اليه بجواز الحديث مما لدى اليهود من علم فرد قائلاً، "حدثوا ولا حرج...".
والأستاذ احمد أمين في كتابه ظهر الإسلام يقول بأن إسماعيل ابن جعفر الصادق الأكبر والذي كان معيناً للإمامة بعد والده توفي قبل وفاة والده،
"فأحدث ذلك خلافاً كثيراً عند الشيعة، وكان هو السابع فرأت فرقةٌ أن إسماعيل هذا كان آخر الأئمة. ومنهم من أنكر موته، وقال إنه غاب وإنه سيعود وإنه لم يمت حقيقة بل حجبه الله إلى الوقت الذي يقتضي ظهوره، ويُسمى هؤلاء بالسبعية لوقوفهم في الإمامة عند هذا."11
وفي نفس المرجع يقول الأستاذ أحمد أمين بشأن مهدي فرقة الشيعة الاثني عشرية الإمامية المنتظر،
"وقد مات الحسن العسكري هذا سنة 260 [ه – الكاتب] في عهد المعتمد العباسي، وقد خلف الإمام الثاني عشر واسمه مجد سنة 255 أة ستى 256 في سامرا ومات عنه وهو ابن اربع سنين أو خمس. وقد تغيب هذا الإمام الثاني عشر ولم يظهر للناس وأطلق عليه الإمام المنتظر والمهدي صاحب الزمان. وقالوا: إن الله حجبه عن عيون الناس، وأنه حي بإذن الله. .... وإن هذا الإمام الغائب سيرجع، إلخ إلخ...."12
وهناك ما يدعيه أنصار الإمام محمد ابن الحنفية ابن على ابن ابي طالب من قصة غيبته القائلة بدخوله إلى جبل رضوى، وانتظار فرس مسرج له على باب الكهف الذي دخله ليركبه حين خروجه في آخر الزمان ليحارب به، ويهزم المغتصبين الأمويين للخلافة من والده والتي من ثم هي حق له بالوراثة كونهم هم عترة الرسول صلى الله عليه وسلم وآل بيته وورثته روحياً وربما مادياً ففاطمة الزهراء زوجة على ولو لم تكن هي أم محمد ابن الحنفية إلا انها إبنة رسول الله.
وعبيد الله المهدي إمام الحركة الحركة الإسماعيلية الشيعية إلى بلاد المغرب العربي، نزل هناك مدعياً بأنه هو المهدي المنتظر. فالدكتور حسن إبراهيم حسن والدكتور طه أحمد شرف يقولان:
"استغل عبيد الله (يقصد المهدي – الكاتب)، كغيره من أئمة الاستتار، فرصة هذا الستر، وملأ الجو إشاعات تؤكد قرب ظهور المهدي المنتظر، فاندفع الناس إلى طائفة الإسماعيلية إندفاعاً أدى إلى قيام الدولة الفاطمية. والواقع أن الإسماعيلية كانوا ينشرون أن إمامهم حي يتحين الفرصة للظهور، وأنه يعمل في الخفاء، ولو تكاتف الأتباع حوله، وأقاموا له دولته، لظهر بينهم وملكهم الأرض جميعاً"13
وخاض عبيد الله المهدي حروبه - عبر دعاته - في تلمسان وغيرها من بلاد المغرب، تونس والجزائر وليبيا والمغرب ذاتها تحت هذا اللقب الذي منحه لنفسه. هذه الحركة الإسماعيلية التي أنشأها الحسن الصباح في عهد الدولة العباسية كان مقرها الأول قلعة ألموت جنوب بحر قزوين، ثم مدينة سلمية في الشام والتي كان من تجليات هذه الحركة نشأة الدولة القرمطية في البحرين والتي دامت لمدة تزيد عن قرن وقد أداقت الدولة العباسية الأمرين وكانت على وشك السيطرة على عاصمتهم، بغداد، وكانوا قد هاجموا قوافل الحجاج وقتلوهم شر قتلة واحتلوا مكة لأكثر من مرة وضربوا الكعبة بالمنجنيق وقتلوا آلاف الحجاج في ساحات الكعبة ذاتها وهم يتعلقون بأستارها, وقد نقلوا الحجر الأسود ورموه في رمال هجر في البحرين لمدة 21 عاماً عندما أمرهم الملك الفاطمي المشارك لهم في الاعتقاد الشيعي والرؤية الاسماعيلية له. كما وأقامت هذه الحركة الإسماعيلية دولة لها في اليمن كما وكانت الدولة الفاطمية في مصر هي أيضاً تجلياً لهذه الحركة وامتداداً لفتوحات الإمام عبيد الله المهدي في المغرب، وكان جوهر الصقلي هو من فتح مصر وبني مدينة القاهرة.
وبلا أطالة، نذكر في هذا السياق قصة الملك الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي وصفه كثير من كتاب عصره كالمقريزي في خططه بإصابته بما يمكن أن نسميه اليوم بالمرض العقلي، البارانويا، والتي على إثر هذا المرض كان غريب الأطوار، فمثلاُ منع الخمر وطالب بجمع كل جرار حفظه ودلق ما فيها في النيل وكسرها وقطع اشجار الكرمة، وأمره بهدم كنائس وبيع مسيحيي ويهود مصر وإجبارهم على حمل صلبان في أعناقهم قدر وزنها بثلاثة أرطال او اكثر، كما اجبر اليهود على عدم ركب الحمير، وبعد سبع سنين الغى قراراته وترأف بالمسيحيين واليهود، ومنع أكل الملوخية. ومن عجائب أعماله قتله لأغلب أصدقائه ومفتيه ووزرائه بلا أي سبب ظاهر وإنما ليثبت نظرية الوهيته التي كان يعززها اثنين من وزرائه الذين كانا هما المؤسسان الحقيقيان للمذهب الدرزي فيما بعد والذي سمى مذهب التوحيد. يقول بعض المؤرخين بأن اخته قد ضجرت من أفعاله وخوفاً من قيام ثورات شعبية ضده تقود إلى القضاء على كل اسرته بمن فيهم اخته، فتآمرت مع قائد شرطة الحاكم بأمر الله على قتله وتم تنفيذ قتله في احد زياراته لمقبرة في جبل المقطم. ولكنني اميل إلى قيام تبار الفكر الإسماعيلي العام المسيطر على أجهزة الدولة الفاطمية وأزهرها، الذي كان رافضاً لما حاول حمزة بن علي بن أحمد الدرزي (العقل الكلي) و أبو ابراهيم إسماعيل بن محمد بن حامد التميمي (النفس الكلية)14 اشتقاقه من فكر مغرق في تأليهية الحاكم بأمر الله من أجل مد سيطرتهم الفكرية على أجهزة الدولة ودعاتها وأزهرها تمهيداً لانقضاضهم على السلطة حين نضوج الظروف، فقام هذا التيار الإسماعيلي العام بحركة اغتيال الحاكم بأمر الله الذي اعتبروه كحصان طروادة لشريحة المغرقين في تأليه الحاكم بالله والمبررين لأفعاله الجنونية مما ذكرنا بأن الله يمارس قدرته الكلية وقدره والذي لا راد لقضائه في العباد. لقد ادعى اتباعه الذين سيصبحون مذهب التوحيد الدروز بأن الحاكم بأمر الله (كونه هو الله، والله لا يموت) كان قد دخل جبلاً، أيضاً، وأنه سيخرج منه في آخر الزمان لينشر مذهب التوحيد وإعادة العباد إلى عبادته هو. ولربما أن الصراع الذي تلى مقتل الحاكم بأمر الله بين ولديه نزار وإسماعيل دليل على صحة ما رمينا اليه من معاداة التيار الفكري الإسماعيلي العام لما حاول حمزة بن علي بن أحمد الدرزي (العقل الكلي) و أبو ابراهيم إسماعيل بن محمد بن حامد التميمي (النفس الكلية) ابتداعه في المذهب الإسماعيلي. فقد تمت ملاحقة ومطاردة أتباع مذهب التوحيد الدرزي وممارسة القتل فيهم، فهربوا ملتحقين بإخوانهم في جبال الشام؛ في سوريا وجبل لبنان وشمال فلسطين. (راجع كتاب الدكتور عبد الرحمن بدوي "مذاهب الإسلامين" الجزء الثاني "الدروز")
وفي هذا السياق، لم يترك أهل السنة هذا الميدان، ميدان قصة المهدي المنتظر، أداة أيديولوجية في أيدي الشيعة يجمعون بهذه العقيدة الأنصار لمهاجمة الخلافة الأموية والعباسية فيما بعد، فاخترع اهل السنة مهديها المنتظر كدفاع أيديولوجي نصرة لهذين الحكمين المغتصبين للملك من الطالبيين منذ أيام علي. فقد ادعى اهل السنة في القرون الإسلامية الأولى حين انتشار نظرية المهدي المنتظر الشيعية بأنواعها المختلفة، بخروج المهدي المنتظر المسمى السفياني لينصر رؤياهم في الإمامة والحكم والخلافة إلى آخر الزمان, وتأملوا الاسم الذي اختاروه لمهديهم المنتظر، السفياني، والذي يشير بشكل مباشر إلى أبي سفيان بن حرب والد معاوية ابن ابي سفيان مغتصب الخلافة من على ومحولها إلى ملك عضود، أي السفياني من الفرع الأموي وبالتالي المعارض للفرع الطالبي من قريش والهاشمي عموماً. ومما يثير الرثاء أن التيار الإسلامي السني أثناء إعداد أمريكا لشن حرب الخليج ضد صدام حسين، راح هذا التيار، ينشر دعاته في مواعظهم في الفضائيات الخليجية الدينية وفي صحافتهم ويكتبون وينشرون الكتب مدعين بأن صدام حسين هو المهدي المنتظر السفياني الذي سيهزم أمريكا وإسرائيل والغرب هزيمة ساحقة ماحقة ومما يثير السخرية أن أفراداً في هذا التيار الإسلامي راح يستند إلى نص في التوراة يقول بأن ملكاً اسمه صادم سيصفع العبراني على وجهه.15
مهما يكن، فإن الصورة العامة لمهدي اهل السنة المنتظر لا تختلف عن نفس صورة الشيعة في قرون الإسلام الأولى حتى القرن الرابع الهجري بشان المهدي المنتظر. نعم إن الإضافات الشيعية التالية لصفات وسمات شخصية المهدي المنتظر، تأثرت تأثراً كبيراً بالتطورات السياسية القمعية التي عانوها تحت حكم اهل السنة الأموي والعباسي، أو قام مفسروهم للقرآن الكريم والحديث النبوي بإضافة أوصاف لم تكن للمهدي المنتظر في الروايات المبكرة أيام الحسن والحسين وجعفر الصادق والأئمة السبعة أو الاثني عشر. لقد قام هؤلاء المفسرون والمحدثون المتكلمون الشيعة بالإغراق في حشد الصفات الإلهية والقدرة الكلية لهذا المهدي المنتظر من وجهة نظرهم. ولا ننسى ذكر أن الانشعابات العديدة للشيعة إلى فرق مختلفة كانت تدفع كل فرقة لإضافة أبعاد جديدة لشخصية المهدي المنتظر لتميز نفسها بامتلاك صور له تجذب الأنصار والأتباع لها مقابل الفرق الشيعية الأخرى المنافسة. ولكن كما قلنا سابقاً، صورة المهدي المنتظر في القرون الإسلامية المبكرة عند اهل السنة والشيعة كانت متقاربة ويمكن تلخيصها فيما ادعاه الشيخ على صقر في احد مواعظه عن المهدي المنتظر يرويها كحديث عن الرسول ينبئ فيه عن المهدي المنتظر، فبعد قول الشيخ صقر كحديث عن الرسول، "يخرج من المدينة [وهنا يضيف الشيخ من عندياته مستدركاً، أي مدينة في الأرض، كي يجعل الحديث يعني مهدي آخر الزمان وليس شخصية إسلامية ثائرة من ابناء علي ابن ابي طالب كالحسين الذي خرج فعلاً من المدينة المنورة وقد انقضت وانتهت قصة هذه الشخصية الثائرة] هارباً إلى مكة فيذهب الناس إليه ويبايعونه بين الركن والمقام"، أكمل الشيخ على صقر في موعظته تلك، المسجلة على فيديو على اليوتيوب مدته عشر دقائق، سارداً الحديث التالي،
"يعوذ بالبيت عائذ، قوم ليس لهم منعة ولا عُدد ولا عُدة ولكن الله أيده بنصر من عنده، لا يظهر إلا بعد أن يموت أحد الخلفاء (يقول الشيخ صقر، في السعودية) فيهرب إلى مابين الركن والمقام، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجورا، فتخرج الأرض كل ما خُبئ فيها وتنزل كل رزق فيها، يملك سبع سنين أو ثمان أو تسع، ينعم الناس يكثر المال في أيامه بنعمة لم يروها أبداً، لا يعد المال عدا بل يحثوه حثواً، يعيش الناس في عصره في راحة ونعمة لم يشهدوا مثلها ابداً، وجهه وجه قبلي واسع الجبهة أقني الأنف، بينما هو بجوار الكعبة يُبايع، إذ يرسل له الأعداء جيوشاً، جيش جرار (وهنا الشيخ يقول، لأنه هو سيظهر بعد معركة هرمجدون) يذهب الجيش اليه للقضاء عليه وهو عائذ بالبيت بين الركن والمقام ليس له عدة ولا منعة ولا عُداد فيتحرك الجيش اليه وحينما يصل إلى ذي الحنيفة بالقرب من مدينة رسول الله، وإذا بالجيش يمر بمنطقة ذي الحنيفة وإذا بكتيبة وسط الجيش يخسف بها ربك إلى باطن الأرض تجلجل فينظر المقدمة والمؤخرة فيملؤهم الفزع والرعب والرهبة تنادي مقدمة الجيش على مؤخرته، يقولون ماذا حدث، فيأتيهم العذاب قبل رد الجواب ويخسف الله بهم ويخسف قبل التناد، ولا ينجو من الجيش إلا رجلين أنجاهما الله ليخبروا [هكذا لفظها الشيخ صقر بدلاً من ليخبرا] عما حدث، فيبايع الناس المهدي بجوار الكعبة، ويصلح الله به أمة محمد ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً فينزل عيسي ابن مريم فيجد الإمام فيُؤذن للصلاة وابن مريم ينزل عند المنارة البيضاء فيقول إمامنا المهدي تقدم ياروح الله، قال كلا أخي لا نبي بعدي وصلوا فأنت الإمام ويصلي عيسى خلف الإمام."16
لو تمعنا، ما سرده الشيخ على صقر على أنه حديث للرسول حول المهدي المنتظر، لوجدنا أنه تصوير لخروج الحسين ابن علي ثائراً ضد معاوية كما رواه الطبري عن لوط بن مخنف في تاريخه. لقد بدأ الطبري القصة منذ خروج من المدينة المنورة هارباً من ضغط عامل المدينة الوليد بن عتبة ابن ابي سفيان والي معاوية ابن ابي سفيان وأبنه يزيد من بعده عليها، إذ كتب هذا الأخير إلى الوليد بن عتبة ابن ابي سفيان،
"أما بعد فخد حسيناً وعبد الله ابن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام."17
فطلب الحسين مهلة ثلاثة ايام جمع خلالها اهله وهرب من المدينة سراً إلى مكة التي كانت تحت حكم عمرو بن سعيد بن العاص. وهناك في مكة راح المكيون يبايعون الحسين خليفة سراً، كما راح اهل الكوفة يرسلون له الرسائل مبايعين له وواعدينه ان تكون سيوفهم معه ضد يزيد وولاته. فما كان من الحسين إلا ان ارسل مسلم بن عقيل ابن عمه إلى الكوفة ليرى بنفسه حقيقة هذه المبايعات ويأخذ له البيعة من اهل الكوفة، وبعد شهر اكتشف عبيد الله بن زياد والي الكوفة ليزيد امر مسلم ابن عقيل وذبحه. ومع ذلك، ورغم نصيحة أصحاب الحسين له بعدم الرحيل إلى الكوفة محذرين له من نفاق اهل الكوفة، قائلين له أن قلوبهم معه لكن سيوفهم مع يزيد، خرج الشهيد الحسين في ثمانية عشرة من أهله رجالاً ونساءً وعند وصوله كربلاء لم ينضم له من هل الكوفة سوى ما يقرب الستين فارساً، وكانت مجزرة ومذبحة كربلاء التي انتهت بقطع رؤوس كل شهداء المعركة من جانب الحسين في مقدمتهم رأس الحسين وأُخذت معه نساء بنت رسول الله فاطمة سبايا حاسرات الرؤوس شبه عرايا يقتلهن العطش وحر الشمس في رمال صحراء الشام، مكبلات، يسرن على اقدامهن الشريفة العارية إلى يزيد في دمشق، ليقوم هذا الفاجر صاحب القرود ولوطي الغلمان ومتعاطي الخمور،18 بزرع عود كان في يده بين فكي رأس الحسين ليسخر منه، ثم ليامر أن يطاف في الأمصار براس الثورة الشريف.
يبدو لي أن الشيخ على صقر غير مطلع بعمق على التاريخ الإسلامي في قرونه الأولى وكيف تفرقت الأمة إلى شيع وأحزاب بعد مقتل الخيلفة عثمان رضي الله عنه وعلى الأخص بعد استشهاد الخليفة على ابن أبي طالب، فانشعبت الأمة إلى خوارج وشيعة ومرجئة وكل منها في مجرى تطور الصراع السياسي التاريخي حول الإمامة، خرج من كل منها فرق وأحزاب أخرى، ينتقل هذا الحزب من موقف سياسي وأيديولوجي سابق إلى موقف آخر محالفاً من كان يصارعه أو يعاديه سابقاً، وقد تجلت فلسفة وأيديلوجية كل حزب خاصة شيعة على وموالي معاوية ومفكري المرجئة فيما عرف فيما بعد بعلم الكلام والذي ابتدأه المعتزلة في مبادئهم الخمسة، العدل، والتوحيد، والمنزلة بين المنزلتين، والوعد والوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لذا لم يتبين الشيخ علي صقر انه يكرر في سرد ذاك الحديث المختلق صورة المهدي المنتظر التي دبجها انصار وشيعة علي وأبنائه من بعده في القرون الإسلامية الأولى خاصة الثلاثة الأولى وليست الصورة الشيعية الحديثة والمعاصرة للمهدي المنتظر. لقد ظن الشيخ صقر ان هذه الصورة هي الصورة التي يدافع عنها ويحملها اهل السنة. وهذا صحيح إلى حد ما (راجع كتاب حسن ابراهيم حسن وآخرون عبيد الله المهدي)، إذ أخذنا في الاعتبار ان كثيراً من اهل السنة لم يكونوا مشايعين لمعاوية ليقولوا بنظرية المهدي السفياني. إن الكثير من أهل السنة يعلمون الظليمة التي أوقعها الأمويون على ابن عم الرسول وزوج ابنته فاطمة وعترة رسول الله واهل بيته. فليس غريباً أن يتبني بعض أهل السنة القدماء هذه الرواية التي سردها الشيخ صقر للمهدي المنتظر، انتصاراً لعلي وأبنائه من بعده. وفي الإجمال ما سرده الشيخ صقر لخروج المهدي المنتظر وما يحدث له من احداث وما يخوضه من حروب ونزول المسيح عيسى ابن مريم وصلاته خلف المهدي المنتظر، هي الصورة العامة في العالم الإسلامي السني والشيعي للمهدي المنتظر.
وقبل الانتقال لتحديد أهداف اللجوء إلى اختراع روايات المهدي المنتظر على اختلاف انواعها، يجدر بي أن أقدم هذه الأسطر الخاصة بوجهة النظر العقائدية الإسلامية حول هذه الرواية. فمنذ البداية على القول بأن لا وجود لنص قرآني أياً كان يتحدث عن نزول مهدي منتظر في آخر الزمان يقاتل الأعور الدجال وجنوده. نعم هناك الكثير من المفسرين قالوا بوجود أحاديث نبوية لرسول الله حول هكذا شخصية في آخر الزمان كالحديث الذي أوردناه عن علي صقر والذي قال في موعظته تلك بأن هنا ما يزيد عن خمسة وخمسين حديث للرسول حول المهدي المنتظر سرد منها، "المهدي منا آل البيت، و المهدي من ولد فاطمة، و المهدي ابن الحسن، والمهدي خليفة آخر الزمان" وكتاب عيون الأخبار وفنون الآثار مليء في بدايته بمثل هذه الأحاديث،19 ولكن في نفس الوقت، قديماً وحديثاً، نفى كثير من المفسرين والمحدثين صحة هذه الأحاديث واعتبروها اختلاق من قبل قيادات فقهية لأحزاب إسلامية متصارعة محاولة بهذه المخترعات نصرة قضاياها على الفرق الأخرى المنازعة لها كما سلف القول في ذلك.
إن قضية اختلاق الأحاديث على رسول الله والكذب والدس عليه، لا يُدانيها أي شك، ولها أسبابها في التاريخ الإسلامي. ويكفي ان نذكر سبب جمع البخاري لصحيحه تأكيداً لما نقول به بالكذب والاختلاق والدس والتزوير بأحاديث على رسول الله. فالبخاري المولود سنة 198ه والمتوفي سنة 256ه، طلب اليه اسحق بن راهويه جمع كتاب مختصر يحوي صحيح حديث رسول الله بعدما كثر الدس عليه. فقام البخاري وعبر ستة عشرة عام من الجمع لما وقعت عليه يديه من الأحاديث (ستمائة الف حديث) والقيام بغربلتها للخروج منها بما هو صحيح بحسب ما ارتآه من معايير لإثبات صحتها أو بطلانها وكذبها، ليستخلص من كل ذاك الكم بـ 7593 حديثاً بما فيها من مكرر بحسب إحصاء الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي،20 والتي تعدادها نحو 4200 حديث بدون المكرر. أي ان نسبة صحيح الحديث إلى مكذوبه بحسب معايير البخاري لغربلتها هي أقل من واحد صحيح إلى 99 حديث كاذب. وعندما أعاد مسلم غربلتها مرة أخرى جعلها نحو 6200 حديث صحيح فقط موجودة في صحيحه. وهناك أسباب كثيرة للكذب على رسول الله واختلاق الأحاديث عليه ومن اهم هذه الأسباب الصراع السياسي كما أشرنا أعلاه بين الأحزاب السياسية الإسلامية بعد فتنة عثمان واستشهاد علي. ولا تستغربوني حين اقول، فيما عدا ايديولوجيي ومناصري معاوية والحكم الأموي وفيما بعدهم العباسي، لم يكن يشعر ايديولوجيو ومفكروا الأحزاب الأخرى بأي إثم في اختلاق الأحاديث على الرسول. لقد كانوا يشعرون بأن فرقتهم أو فرقهم السياسية هي المؤمنة حقاً والمسلمة حقاً والتي تسير على نهج الرسول القويم, لذا كانوا يشعرون بأنهم باختلاقهم الأحاديث على الرسول نصرة لمواقفهم السياسية عمل إيجابي وصحيح كان الرسول سيؤيده لو كان حياً بينهم. أما اكثر مشايخ وأيديولوجيو وفقهاء الأمويين والعباسيين فقد كانوا يعلمون بأنهم يناصرون المغتصب للإمامة ويقبضون المال والمكانة والحظوة لدى الخلفاء الأمويين والعباسيين وولاتهم لقاء اختلاقاتهم. وهذا يفسر ما استخدموه من إقذاع وتشهير وتعهير مثير للفجيعة في مهاجمة على وأبنائه من الأئمة وقادة الثورات التي تفجرت بعدد كبير نصرة لعلي وأبنائه. إنهم بإساءاتهم المقذعة تلك كانوا يعكسون روح العدوانية العسكرية القمعية المتوحشة من جانب الأمويين والعباسيين لأولئك الأئمة الطالبيين وقادة ثوراتهم وأنصارهم المشاركين فيها من الأشتر والمختار قائد ثورة الزنج إلى زوال دولة العباسيين، وقيام الدول الشيعية مثل بني بويه والدولة الصفوية والقرمطية والفاطمية في زمن ضعف الخلافة العباسية. إذن بالخلاصة أن تكون قد اختلقت الأحاديث عن رسول الله حول رواية المهدي المنتظر وقصته هي الأقرب للحقيقة والواقع والتصديق.
والمثال الذي اسوقه هنا تأكيداً على نفي قصة المهدي المنتظر من جذورها وعلى نفي نزول السيد المسيح في نهاية الزمان، هو رأي العلامة الدكتور الشيخ عدنان إبراهيم.21 فقد أعلن الشيخ عدنان في احد خطبه ومواعظه بعدم وجود نص قرآني يتحدث عن مهدي منتظر ما، كما ونفى ما يشاع من عدم موت المسيح على الصليب، مستشهداً بالآية الكريمة، "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ." (55، الانعام) يقول ابن كثير في تفسيره من ضمن تفاسير كثيرة يوردها،
"اختلف المفسرون في قوله تعالى: {إني متوفيك ورافعك إليّ} فقال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر, تقديره إني رافعك إلي ومتوفيك, يعني بعد ذلك. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إني متوفيك, أي مميتك."22
وهكذا نرى أن الشيخ عدنان ابراهيم لم يأت إداً في قوله بموت المسيح موتاً انسانياً طبيعياً على الصليب، بل هناك الكثير من المفسرين ومن اعتمدوا عليهم من رواة أخرين يقولون بموت المسيح سواء كاملاً، أو لساعات أو ايام. وكذلك ينفي الشيخ العلامة الدكتور عدنان ابراهيم عودة نزول المسيح إلى الأرض مرة اخرى ليقيم مملكته علىها لعدم وجود نص قرآني ما ينص بعودة المسيح مرة ثانية إلى الأرض، وحينها يكون تحت امرة المهدي المنتظر في نهاية الزمان بعد الصلاة خلفه، فالشيخ عدنان ينكر وينفي صحة إسناد أحاديث المهدي المنتظر إلى رسول الله، ويقول باختلاقها عليه.
ما الأهداف وراء اختلاق قصة المهدي المنتظر:
ربما الآن وبعد ذاك الدرس والبحث الذي سقناه، تكون قد اتضحت بعض أهداف مجموعات أنسانية عامة وفرق سياسية دينية خاصة من وراء اختلاق قصة مهدي منتظر ما واللجوء اليها، في منطقهم لرواية لأحداث شخصية فردية أو اجتماعية يمر بها فرد أو جماعة. ولكن على وجه الإجمال من المستحسن تقديم الاستنتاجات المختصرة التالية لتوضيح بعض تلك الأهدف خلف اختلاق قصة مهدي منتظر ما:
1. الجانب النفسي لدى بعض الأشخاص الأفراد. هناك أشخاص مصابون بمرض الفصام العقلي (الشوزيفرينيا)، والذين احد اعراض مرضهم العقلي توهمهم لسماعهم لأصوات تخرج من الجدران أو مصابيح الكهرباء، مثلاً، تهتف وتوسوس لهم بأنهم أنبياء مرسلون ويرسل لهم الوحي أو انهم هم المهدي المنتظر. وللأسف الشديد، أن احد طلابي العباقرة في المدرسة الإعدادية وكان الأول على المدرسة كلها، بعد انهائه دراسة الاليكترونيات في الجامعات التركية والعمل في الخليج أضطروه، بعد هجوم صدام على الكويت، للرحيل وطلب اللجوء إلى السويد أو النرويج (لا أذكر الآن ايهما). هناك كانت تستعين حكومة السويد أو النرويج بأفراد من الموساد الإسرائيلي للتحقيق مع هؤلاء اللاجئين السياسيين لأن ضباط الموساد كانوا يعرفون اللغة العربية. وكان لهؤلاء الضباط الحق بالنصح للحكومة السويدية أو النرويجية قبول فلان أو رفض فلان كلاجئ فيها. لذا استغل ضباط الموساد هذه الميزة كي يضغطوا على الشباب اللاجئ والماثل للتحقيق بأن يتعاونوا مع الموساد ويصبحون جواسيس له. بالتأكيد رفض طالبي هذا عرض الموساد ومع ذلك سُمح له بنيل اللجوء، إلا أنه بدأ يصاب بوسواس قهري بأن الموساد يراقفه ويتابعه وحتى يخرج من صنبور المياه في شقته الصغيرة. وبعد عدة سنوات عاد هذا الطالب والصديق إلى هنا (إلى البلد) حيث عمل في احد الجامعات محاضراً في تخصصه شريطة أن يقدم في وقت لاحق بطاقة هويته للدلالة على مواطنته، ولكن كان الإسرائيليون قد صادروا هويته وحقه في المواطنة في وطنه، فما كان من أدارة الجامعة أو المعهد إلا أن طرده. فساءت حالة صديقي جداً لدرجة توهمه بأنه سيأتي الأعور الدجال من صلبه، وقد أشيع عن صديقي هذا بأنه كان يدعي أيضاً بأنه هو المهدي المنتظر. لذا ناشد أطباء قطاع غزة عبر إعلان نشره في جريدة البلاد التابعة لحزب الشعب آنذاك يطالبهم فيه بإجراء عملية إخصاء له كي لا ينجب أعور الدجال الذي سيقاتل المهدي المنتظر. وقد هدد بأنه سيقوم هو بنفسه بعملية الإخصاء إن لم يستجب له الأطباء بالقيام بإجرائها. وكما نرى فقد تمحور مرضه العقلي حول عضوه الجنسي التناسلي ومطالباً بضرورة تعطيله عن أداء وظيفته الطبيعية في الإنجاب. في ظني أن صديقي كان كارهاً لأعضائه التناسلية لخوفه بأن لا تقبل فتاة ما الزواج منه وهو في هذه الحالة العقلية المرضية، إضافة لبطالته عن العمل. وأظن أن العقل الباطن في حيلة منه كي ينهي هذا الخوف والقلق، هيأ له فكرة التخلص من أعضائه التناسلية مرة وإلى الأبد، فيموت في ذهنه الأمل المهيض وشبه المستحيل بممارسة الجنس عبر الزواج.
وفي هذا السياق، الحرمان الجنسي عند من كان قد مارسه – ذكور وإناث - عبر الزواج وحُرم منه لأسباب غياب الزوج أو الزوجة لأي سبب كان ولمدة طويلة غالباً غير معروف وقت انتهائها، بعض هؤلاء السيدات (والأمر لدى السيدات اكثر منه لدى الرجال بسبب ذكورية مجتمعنا وثانوية ودونية مكانة المرأة فيه)، يصبن بتهيئات ذات علاقة بالقصص الديني مثل ادعاء السيدة ف. بحملها للمهدي المنتظر (مستقبلاً). فقصة الحمل كلياً تتمحور حول العضو الجنسي لديها المحروم جنسياً، وعملية الولادة للمهدي الموعود لن تتم إلا بممارسة الجنس، سواء بتسريع قدوم الشريك الغائب من اجل الممارسة، أو حتى إشباع الجوع الجنسي لديها بواسطة شريك غير شرعي. وهنا تكون القصة الدينية المقدسة – كما تتوهم – درع يحميها من الاتهام.
أذكر أنني استدعيت من قبل أصدقاء للمشاركة في تهدئة وفهم سيدة أجبر الإسرائيليون عام 1968 زوجها على الرحيل عن قطاع غزة بسبب اتهامه بتهريب السلاح من سيناء إلى الفدائيين، ففجأة وبعد فترة من الاكتئاب والانطواء هربت فجراً من بيتها ولحق بها وأحضرها اخوتها وأقرباؤها وقد كانت تبكي وتقول، "إن شخصين اسودين يطاردانها ويلحقان بها، وهي تهرب منهما." وفعلاً وبرغم صغر سني أنذاك قمت بما يتوجب علي نحو هذه السيدة المحترمة، واستطعت أن اجعلها تتحدث معي بعد وعدها بانني سأعمل جهدي مع اخوتها كي يرسلوها لزوجها. لقد كان تهيؤها لعبدين اسودين يطاردانها بما يعنيه ذلك من اغتصابها وممارسة الجنس معها وهمياً، هو تحذير واع أو لا واع منها إلى أسرتها بإمكانية حدوث جنس غير شرعي ولو في الوهم إن لم يأتي زوجها أو تذهب إليه. وفعلاً نصحت اخوتها وأقرباءها بضرورة ارسالها لزوجها وهو ما فعلوه فعلاً، فعادت السيدة سوية سليمة عقلياً لا شية فيها.
2. اختلاق قصة مهدي منتظر من قبل قيادة أو مفكري مجموعة اجتماعية مضطهدة ومهزومة من اجل الحفاظ على وجود ووحدة المجموعة من التشتت والحفاظ على وجود أمل يتحلق حوله هؤلاء المضطهدون والمهزومون. ولقد شاهدنا مصداق ذلك في الثورة الفاشلة لمجموعة الفلاحين جنوب إنجلترا في القرن الثالث عشر. فمنظرو الثورة المجهضة ادعوا عدم موت قائد الثورة ودخوله إلى الجبل وعودته ليقود حرباً ضد الإقطاعيين ينتقم فيها منهم شر انتقام، كان يهدف إلى الحفاظ على المجموعة المهزومة محمية من الاكتئاب الجماعي والتشتت والانفضاض من حول اهداف الثورة، وممارسة النضال مستقبلاً من اجل الحصول على حقوقهم الحياتية والسياسية. فبوجود القائد يكون هناك وجود وبقاء للأمل ومن ثم الانتصار في المرة القادمة.
ويمكن القول بنفس اللغة بشأن ولادة مهدي منتظر الجماعات الإسلامية الشيعية وكذلك السنية المؤيدة لحق على وأبنائه في الإمامة أو الخلافة. فوجود المهدي المنتظر يعني عدم التشرذم من جانب انصار على وأبنائه، وأن يظلوا يحاولوا التجمع العسكري وبأمل قوي يطالبهم المهدي المنتظر التحلي به ليثوروا مرة بعد اخرى ضد مغتصبي الإمامة من الطالبيين اصحاب الحق فيها من وجهة نظرهم.
3. القيادات التي تنشر بين الجماهير الإيمان بعقيدة المهدي تحاول الحصول على ميزتين الأولى خاصة بأعدائها وخصومها والثانية خاصة بالجمهور الذي تهيمن عليه وتحكمه. في الحالة الأولى، هم أيديولوجياً يوحون بأنهم على اتصال بالمهدي المنتظر المؤيد من الله والمعدة خطته سلفاً من الرب ذاته. فهذه القيادة تقول للخصوم وللجماهير التي على الحياد أو تحت سيطرة الخصم وتؤازره، بأنها في اتصالها بالله تملك المعرفة والقوة والقدرة المطلقات الكلية من الله ذاته ومن تأييده إذ أنها هي أي القيادة المؤمنة بالمهدي المنتظر الأداة والجند الذين سيقودهم المهدي المنتظر لتحقيق الخطة الربانية لمسيرة التاريخ والزمن. ومن الناحية الثانية هذه القيادة المؤمنة برواية المهدي المنتظر تستخدمها اداة لتثبيت حكمها وسيطرتها وهيمنتها على اتباعها ومحكوميها الذين من المطلوب منهم تقديم البيعة والطاعة العمياء لهذه القيادة حتى لو اصبحت مستبدة وقامعة ومضطهدة لهم كما هو الوضع الآن تحت الحكم الآيات اللهي في إيران.
4. رواية المهدي المنتظر تشكل لدى جماعة دينية وليس بالضرورة اثنية هوية ربط نفسي واجتماعي وتاريخي بين ابناء تلك الطائفة.
5. وكما يقول الأستاذ احمد أمين في كتابه ظهر الإسلام الجزء الرابع في الصفحة 117 بأن نشر عقيدة المهدي المنتظر سبب لجمع المال الوفير من أفراد الشعب المؤمن بهذه العقيدة.
6. استخدام عقيدة عودة المسيح الثانية وحربه ضد عدو المسيح أو الله في معركة ام المحارق "هرمجدون" وهي العقيدة المشابهة لقصة المهدي الممنتظر الإسلامية ولكن عند الغرب المسيحي، عقيدة مطلوبة بشكل ضروري وماس كأيديولوجيا للرأسمالية الإمبريالية الأمريكية والصهيونية في عصر العولمة. يمكن العودة بجذور هذه العقيدة في اوائلها العقائدية الدينية الجنينية إلى حركة الإصلاح الديني البروتستنتي لزعيمه مارتن لوثر كنج في وجه هيمنة الكنيسة الكاثوليكية ومفاهيمها على العالم المسيحي خاصة الأوروبي. لقد كانت الكنيسة الكاثوليكية تحمل اليهود المسئولية الفعلية والأخلاقية لجريمة صلب المسيح كونهم من وشى به إلى الحاكم الروماني الذي قام بإلقاء القبض عليه وصلبه. ومن وحي ذلك كانت الكنيسة الكاثوليكية تكن حقداً وعداءً لا رحمة فيه لليهود المشتتين في أوروبا وكانت تساند كل عمليات الاضطهاد ضدهم من جانب ملوك وفيما بعد أمراء الدول الأوروبية وتحرض على قمعهم إلى أن وصل الأمر بها تأييد هتلر في أعمال الإبادة لليهود وتحريضه عليها. ومن ثم من البديهي فهم لماذا كانت الكنيسة الكاثوليكية لا تهتم بكتاب التوراة العهد القديم أن يكون جزءاً من كتابها المقدس وتقتصر فقط على اعتبار الأناجيل الأربعة هي كتبها كتب المؤمنين المسيحيين المعترف بأنها كلمة الله الموحاة إلى عيسي عليه السلام. وعلى ذلك كان طبيعياً على حركة الإصلاح الديني البروتستانتي في مواجهتها لهيمنة الكنيسة الكاثوليكية أن تتمسك ببعض نبوءات العهد القديم – التوراة – في تلك المواجهة وتعتبر العهد القديم والعهد الجديد – الأناجيل – كتابين مقدسين لها. من هنا جاءت فكرة إيمان البروتستانت باليهود كشعب الله المختار والعطف عليهم والعمل على مساعدتهم في تحقيق حلمهم الديني بالعودة إلى وطنهم – كما يزعمون - الذي كانوا قد نفاهم الرومان منه، وتعتبر هذه العودة في وجهة نظرهم العقائدية خطوة هامة التحقق تاريخياً من أجل عودة المسيح الثانية ليحارب عدو المسيح وأجناده في هرمجدون وبعد هزيمته يقيم مملكته الألفية السعيدة العادلة على الأرض لمدة الف عام وبعدها تقوم الساعة ويبدأ الحساب الرباني.
لقد كانت المجموعات المسيحية البروتستانتية البيوريتانية – التطهيرية – والميثودية المهاجرة إلى بلاد أمريكا المكتشفة حديثاً تعتبر هذه البلاد، "أرض كنعان الإنجليزية"،23 وتسمى الكثير من أبناء تلك الهجرات الإنجليزية الأولى إلى أمريكا بأسماء عبرية، هادفين من وراء ذلك الحصول على التبرير الإخلاقي لهم من العقائد الدينية الموروثة الموجودة في العهد القديم وكأنهم شعب إسرائيل بقيادة يوشع بن نون يفتحون أمريكا بامر الرب مستخدمين برضاه أبشع انواع الإبادة ضد شعب امريكا الأصلى بلا رحمة ولا هوادة ولا وخز من ضمير على اعتبار انهم وثنيين. وقد ظلت هذه العقائد المسيحانية والهرمجدونية المتمحورة حول عودة المسيح الثانية وضرورة قيام مملكة اليهود في فلسطين كشرط للعودة الثانية للمسيح وقيام عصره الألفي السعيد، يُحافظ عليها ويوسع تأويلها وتنمو في أوساط المسيحية الأفنجليكانية المشيخية والميثودية، لدرجة انتهاج هذه الطوائف لبرامج عملية تساعد اليهود على العودة إلى فلسطين. وقد كان من رؤساء امريكا من ينتمون إلى هذه الطوائف وعقائدها أمثال ريجان وجورج دبليو بوش. إن الإدارة الأمريكية وأجهزة الحكم من كونجرس ومجلس نواب وبنتاجون ومعاهد وجميعيات دراسات سياسية تعج الآن بمؤمني هذه العقائد المسيحانية والذين يخططون السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية نحو العالم. كما وأن هذه الصهيونية المسيحانية الأمريكية تمتلك وسائل الأعلام الفضائية والراديو والصحف الكثيرة المؤثرة في الرأي العام الأمريكي، كما وتسيطر على الكثير من أنواع الكنائس الأمريكية ومرتاديها والتابعين لها، فيبلغ تعداد ما يُتعارف عليه الآن بالصهيونية المسيحية (المسيحانية) خمسين مليون امريكي. فكما كان المهاجرون الإنجليز الأوائل يلجاوون إلى الرواية والنبوءة التوراتية في العهد القديم المتحدثة عن فتح فلسطين على يد يوشع بن بنون بكل وحشية وشراسة لتبرير احتلالهم وحشية وشراسة أكبرين لأرض الأمريكيين الأصليين وإبادتهم (نحو 90 مليون امريكي اصلي تم ابادتهم)، فإن أمريكا نهاية القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين في أمس مثل هذه العقائد والنبوءات التوراتية والإنجيلية حول قيام إسرائيل والمساعدة على قيامها وحمايتها ودعمها بالمال والسلاح والضغط على دول العالم لمساندتها وإن لم يكن فبالصمت نحو ممارساتها العدوانية والإبادية للشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة، وهم بحاجة لعقائد عودة المسيح ومعركته هرمجدون ام المحارق التي سيكون حدوثها مصدر سعادة وبهجة لدى القيادة الأمريكية ووعاظ الصهيونية المسيحية والشريحة العريضة من الشعب الأمريكي المؤمن بهذه العقيدة، لأنها هي الطريق لقيام مملكة المسيح الألفية السعيدة على الأرض مقدمة لنهاية الزمان والتاريخ وقيام الساعة والحساب الرباني، إن أمريكا في امس الحاجة لهذه العقيدة بمختلف تفرعاتها كي تبرر استخدامها للحرب وآلاتها المدمرة من أسلحة نووية وقنابل ذكية وفسفورية ويورانيوم منضب ونابالم في حروبها ضد الشعوب الأخرى من اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية حيث لم يكن هناك من داع لاستخدام الأسلحة النووية في هيروشيما وناجازاكي، إذ كانت اليابان في طريق الانهيار والأستسلام الوشيك، وضد الشعب الفيتنامي في الستينيات وضد شعوب جنوب شرق آسيا، وحديثاً ضد العراق وأفغانستان، وفي مجري ذلك التحالف مع الدولة العبرية (التحقق النبوئي في وجهة نظرهم) ومساندتها ودعمها اللامشروط والدفاع عنها وفرضها على الأنظمة العربية كأحد شروط قبول محالفتها لهذه الأنظمة العريبة. إن أمريكا سعت وتسعى من وراء تمسكها بهذه العقائد اللاهوتية التوراتية ونبؤءاتها إلى تفكيك الاتحاد السوفيتي ونجحت في ذلك وإلى الحفاظ على مصالحها في النفط العربي في الشرق الأوسط والحفاظ على أسواقها في العالم، وأخيراً، الحفاظ على جريان تطبيق نتائج العولمة الاقتصادية الأمريكية بلا عوائق من الحركات القومية لدول العالم التي تبحث عن وحدة هويتها في مواجهة ما تفرضه العولمة عليها من ذوبان لهذه الشخصية الوطنية القومية والتي تبحث ايضاً عن الحفاظ وتطوير صناعاتها ومنتجاتها القومية في مواجهة الانتاج العولمي الأمريكي والمشاركين له من الرأسمال العالمي الغربي والوطني المحلي لدول العالم فيما سمي بتحالف الشركات الراسمالية العابرة للقارات. إن كثيراً من أنظمة دول العالم وطبقاتها المحيطة بهذه الأنظمة ارتضت لنفسها أن تلعب دور الوسيط التجاري الكومبرادوري بين المنتج الرأسمالي العابر للقارات تحت القيادة الإنتاجية الأمريكية وبنوكها والقيادة الأمريكية السياسية أيضاً، فتقوم هذه الأنظمة المحلية باستيراد السلع العولمية وتوزيعها على السوق المحلية مقابل عمولة مالية، وفي نفس الوقت ميسرة الطريق أمام تلك الشركات العالمية المعولمة العابرة للقارات لاستغلال العمالة المحلية الرخيصة، وبذا ضاربة تطور الراسمال الوطني المحلي وانتاجه الصناعي والزراعي. بهذا المعنى أفهم الإيمان بعقيدة إقامة إسرائيل وعودة اليهود إلى فلسطين، وعقيدة عودة المسيح الثانية وخوضه لمعركة هرمجدون المدمرة للحضارة الإنسانية والتي يتحدث عنها وعاظ الصهيونية المسيحية الأمريكية بكل سعادة وفرح وعقيدة قيام مملكة المسيح الألفية السعيدة، على أنها أيديولوجيا دينية تتسمك بها الرأسمالية الإمبريالية الأمريكية الصهيونية كتبرير أخلاقي لقيامهما بحروبها الاستعمارية المهلكة ضد شعوب الأرض حفاظاً على مصالحها المختلفة في بقاع الكرة الأرضية.
المراجع:
1. المهدي الفلسطيني المنتظر وصل فعلا...يا هلا ومرحبا!!. د. أحمد ابو مطر، مصرنا – جريدة كل المصريين والعرب الأليكترونية، رئيس التحرير غريب المنسي.
2. المرجع السابق.
3. ويكيبيديا، عربي، مادة ثورة الفلاحين في إنجلترا.
4. موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية د. عبد الوهاب المسيري، ج 5 ص 448.
5. المرجع السابق.
6. التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، وطأة ثلاثة آلاف عام إسرائيل شاحاك، ترجمة صالح على سوداح، دار بيسان، بيروت، ط 1 1995.
7. الفكرة المسيحانية اليهودية د. جعفر هادي حسن، في المجلة الاليكترونية دراسات يهودية.
8. مذاهب الإسلاميين، القسم الثاني: الإسماعيلية، القرامطة، النصيرية د. عبد الوحمن بدوي، كتاب ص 782.
9. المرجع السابق ص 782.
10. المرجع السابق ص 764.
11. ظهر الإسلام أحمد أمين ج 4 ط 5 دار الكتاب العربي بيروت 1969 ص 116.
12. المرجع السابق ص 117.
13. عبيد الله المهدي حسن ابراهيم حسن وآخرون، مكتبة النهضة المصرية، تاريخ كتابة المقدمة 1947.
14. مذاهب الإسلاميين الجزء الثاني "الدروز" د. عبد الرحمن بدوي ط 1 بيروت 1973.
15. منتدى العنابي القطري الاليكتروني مقالة السفياني عائد... والمهدي ولد ... فالويل للدجال. راجع أيضاً موقع الثورة الخاتمة، في مقالة السفياني الثورة المضادة للمهدي عليه السلام في عصر الظهور المقدس (الحلقة الأولى)، لمحمد حسني الهاشمي.
16. يوتيوب الشيخ على صقر خطبة حول المهدي المنتظر.
17. استشهاد الحسين للإمام الطبري تحقيق الدكتور السيد الجميلي، دار البيان للتراث، بيروت، ط2 1988.
18. دم الحسين القصة الكاملة لقتل الحسين والانتقام من القتلة إبراهيم عيسى، كتاب أليكتروني http://www.kotobarabia.com.
19. عيون الأخبار وفنون الآثار، السبع الخامس الداعي المطلق إدريس عماد الدين القرشي، تحقيق مصطفى غالب، دار الأندلس، بيروت.
20. ويكيبيديا، عربي، مادة البخاري.
21. فيديو يوتيوب لخطبة حول المهدي المنتطر وعيسى ابن مريم الشيخ الدكتور عدنان إبراهيم، مقيم في فينا، النمسا.
22. تفسير ابن كثير، الآية 55 من سورة الأنعام.
23. المسيحية الصهيونية الأصولية الأمريكية المعاصرة صلاح عبد العاطي، بحث منشور في موقع الحوار المتمدن الاليكتروني.



#إسماعيل_محمود_الفقعاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة، تأليف المؤرخ الأمريك ...
- الإخوان المسلمون يطلبون التحالف مع الولايات المتحدة بينما يص ...
- مرسي لم يقرر إلغاء قرار المجلس العسكري بحل مجلس الشعب استجاب ...
- عبس مرسي وتولى إذ رأى شيخ الأزهر
- دس السم في العسل
- حيرة الشعب المصري بين الإخوان وإعادة استنساخ نظام مبارك
- فيما هو أبعد من اليابان وليبيا: المرأة المسلمة والوهابية الس ...
- الثقل الإشكنازي-الصهيوني


المزيد.....




- حامل ومعها 3 أطفال.. انقاذ تلميذة اختطفتها جماعة بوكو حرام ق ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسماعيل محمود الفقعاوي - إعصار المهدي المنتظر يضرب غزة هاشم مرتين خلال 64 عاماً، لكن بلا خسائر!!