أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نيران العبيدي - موسم الرحيل















المزيد.....

موسم الرحيل


نيران العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 10:44
المحور: الادب والفن
    



لستُ كما بقيه اللقالق , انا لقلق اتمتع بجناح طويل وريش ابيض ناعم مع سواد في اطراف مؤخره ريشي ازن اكثر من ثلاث كيلو غرامات ولي سيقان حمراء طويله تساعدني على الوقوف احياناً برجل واحده ’ عيوني واسعه ونظراتي حاده استعملها لصيد الاسماك والضفادع عند رؤيتي لهم من اماكن مرتفعه لدي مهارات كثيره علاوه على اني زعيم اسراب كبيره من قبيله اللقالق .
حين احببتُ زوجتي في موسم التزاوج رفضت بالبدايه المجيء الى هذا المكان قالت انها" لاتبتعد كثيراً بتبدل المواسم عن اسطنبول " لكني حاولتُ ان احبب لها المكان والحقيقه انها لم تستطع الصمود امام وسامتي.. فطرنا محلقين الى هذه البقعه من الارض التي تسمى بغداد ..بنينا عشنا الجميل فوق احد الماْذن اعتقد انها تسمى ماْذنه جامع الخلفاء وبدأنا نتقاسم العمل , انا احمل القش لبناء بيتنا الصغير واجلب الطعام وهي تحوك لتعمل كنزه صوفيه تحميني من البرد وتجلس على البيوض الثلاثه التي حبانا الله بها ......كانت حياتنا عاديه لا شيء يعكر صفوها رحله هنا وهناك ثم عوده ميمونه الى بغداد .... في الليل هناك انوار خافته تطل على عشنا من انوار الماْذنه .....الحققيقه لا ننزعج منها ولا من اصوات الاذان ا التي تاْتينا باوقات معينه وعلى الرغم من كوني لا احمل صفه دينيه الا اني استمتع كثيراً بتهدج الصلاة والخطب الجميله التي تاْتي من مايكرفون الجامع, تجعلني امضي اوقات جميله بالاستماع .
الحياة هنا ليست رتيبه كوني اسكن منطقه مكتظه بالماره والمتسوقين ياْتون من اقصاء بغداد الى الشورجه للتسوق .. رائحه البخور والبهارات والشموع الموقده المنبعثه من ثقوب سقوف الجينكو تعطيني بعض الطماْنينه وسمو الروح ولا اخفيكم سراً رائحه الرطوبه العطنه اعتدتُ عليها واراها تمثل عبق تاريخ هذا الشارع
احبُ زوجتي واعتقد هي ايضاً تحبني العشق في بغداد اسطوري فالكل عشاق البنات يمشين في غنجهن ولا يعشقن سوى العراقيين .العراقيون لا يحبون الا بنات جنسهم تمتزج روائح الاجساد المليئه بالرغبه مع البخور والعطور النسائيه ورائحه الخمر هنا بلد المتناقضات تدور حياتنا ما بين عش جامع الخلفاء واسطنبول واحياناً نعرج الى اوربا ونزور الاصقاع المختلفه من هذه الدنيا ونعود ادراجنا الى عشنا الجميل ...... لدي بعض الاصحاب يحطون على جرس الكنيسه القديمه المقابله لجهه الجامع وهم ايضا فرحون بعشهم واحيانا ًكنت انضم الى جمعيه اللقالق على سطوح ابنيه القشله اعرج هناك لالتقط بعض الضفادع والاسماك من نهر دجله المجاور .. هوْلاء الاصدقاء غريبي الاطوار كغرابه هذا البلد فحين نكون نحن مشغولين بصيد السمك هولاء السرب يقضون اوقاتهم بقراءات كثيره بعد ان ينتشلوا كتيب صغير من باعه الكتب على الرصيف في شارع المتنبي والحقيقه القراءه اللقلقيه تختلف عن بني البشر لانهم يلتهمون الكتاب التهاماً ومن ثم يقولون لككً.. لكَك.. لكك وتخرج الكلمات بشكل مطبوع ومنتظم من افواههم وهي طريقه جيده لفقراء القراءالجالسين على الرصيف يتسولون الثقافه والاغرب من ذلك هؤلاء السرب منقسمون على انفسهم فالبعض منهم يقف على رجل واحده وهي اليمين والاخرين يقفون على رجل اليسار طوال الوقت بعدها علمت انهم يستمعون الى نقاشات قهوه الشاهبندر في شارع المتنبي وسمعوا نقاشاتهم السياسيه متهمين احدهم الاخر باليمين واليسار ولما كنا نحن معشر اللقالق لا نعلم شيء عن هذه الاحاديث اعتقد السرب ان اليمين يعني ان تقف على رجل اليمين واليسار ان تقف على رجل اليسار . !! كنا نستمع الى احاديث الناس الطيبين الذين يذكروننا بكل خير احياناً الامهات يقولون لبناتهم" لا تلبسي القصير تخرجين سيقانك الهزيله كانكٍ لقلق" والبعض يسمي حلوى للاطفال باسم بيض اللقلق واحياناً يتهموننا بسرقه القلائد الذهبيه من جيد بناتهم الصغارالتي يخشون عليها من السرقه يكذبون ويقولون " لقد سرقها اللقلق" كنا نبتسم انا وزوجتي لهذه التهم البريئه ونعتبرها موًده بين بني البشر وعائله اللقالق....كانت حياة طبيعيه .............لكن شيْ ما حدث لا اعلم ماهو ؟ فكل الذي عرفته الناس يرددون كلمه احتلال ! ..... وبعدها سمعت كلمه انفلات امني وتداعيات لا اعرف كنهها هذه التداعيات بداْ تقلقني كنت اطير احياناً الى ناقوس الكنيسه القديمه المقابله للشارع نتبادل الحديث انا وبقيه الاصدقاء عما يحدث من مستجدات وهل الوضع الامني الذي حل بالبشر يؤثر علينا نحن معشر اللقالق .....؟ كنت اعود وبجعبتي الكثير من الاخبار المتناقله اخبر بها زوجتي .....لا اخفيكم سراً هي لا تعير اهتمامأَ الى الاخبار وتعتبرها احاديث رجال لا عمل لهم سوى تناقل الاخبار المزعجه وبعدها تقوم بترتيب العش والجلوس على البيض وانا اقف برجل واحدة واغمض عين وافتح عين اخرى لحراسه عشنا .
في احد الصباحات امتلء شارع الشورجه بالمسلحين الذين يطلقون العيارات الناريه بدون هدف كنت قلقاً من هذه العيارات الناريه واصوات القناصه تاْتي من اماكن بعيده ..لا نعرف ماهو السبب ...! على كل حال ازدادت حراساتي في الايام الاخيره للعش وشكلنا انا وبقيه اللقالق لجنه للحفاظ على تراث تواجدنا في بغداد !!! ولكن في يوم ماطر شتوي وقف قناصان يتبادلان الحديث علمتُ انهما يتمازحان ويتباران باجادة الهدف وحدث اني كنت اراقب منظر المطر انا وزوجتي وننظر بشموخ من اعالي الاماكن الى بغداد واذا بي اسمع صوت اطلاقه ناريه خرجت من احد القناصين !!!! حلقتُ عالياً لانظم الى بقيه السرب الذي طار بعدَ سماع صوت الاطلاقه التفتُ حولي افتقدتُ زوجتي ,,,,نظرتُ الى الوراء شاهدتُ راْسها متدلياً وبطول رقبتها خارج العش الى الاسفل نحو دائره الماءذنه وانا اطير لوحدي ومنذُ ذلك اليوم تركتُ المكان مهاجراً انا وبقيه اللقالق فوق ناقوس الكنيسه المقابله لجهه الجامع تاركين ورائنا فضاءات واسعه لا نعلم ماهي ,, حطينا في بلغاريا بعد اسطنبول ومن ثم ايطاليا وشاهدتُ برج ايفل في باريس وعشت مره فوق بنايه كنيسه نوتردام والان بلغت من العمر ثلاثين سنه اقصى ما يمكن ان يعيشهُ لقلق مثلي لكني لم ارى اجمل واحلى من عشي على ماْذنه جامع الخلفاء في بغداد ...!
نيران العبيدي كندا



#نيران_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقال قصير بعنوان لا داعي للاسفاف
- ليلة نصف مقمرة
- قصه العم توما
- قصه في غرفه التحقيق
- العنف ضد المراءه في كردستان
- اعلى درجة لاعلى اضطهاد او القبج الاسود
- شعر وشعراء
- عابر ديالى
- خاطره ارقام
- ادب الكاتب العراقي اليهودي سمير نقاش
- تداعيات بين انا فرانكلين وانور شاؤل


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نيران العبيدي - موسم الرحيل