أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنسي الحاج - ■ واضحون وملتبسون














المزيد.....

■ واضحون وملتبسون


أنسي الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2797 - 2009 / 10 / 12 - 21:42
المحور: الادب والفن
    


١٠ تشرين الأول ٢٠٠٩
لا أحبّ الدوغمائيين، علماً أن وجودهم ضروري لسببين على الأقل: أوّلهما أنه قد يتبيّن أنهم على حق، والآخر لكي يبدو تناقض المتناقضين علامة تفتيش حرّ بإزاء أصحاب الثوابت الذين يحتاجون إلى المتناقضين لإثبات جدّيتهم ومتانة ما يظنّونه مسؤوليتهم عن العالم. كنت أحسب المقتنعين، أصحاب اليقين، أشدّ الخلق خطراً، إلى أن خبرتُ المبشّرين، لا المبشّرين وكفى، بل المبشّرين المصرّين على الإقناع، بل الإفحام، أي أن يخرس الخصم تماماً. وقد لا تجد مشقّة في منازلة هؤلاء إلّا حين يتمتّع الواحد منهم بالصوت المغاوري العميق أو الجهوري العريض فتتخدّر به أو ترتعد فرائصك.
ونادراً ما تجد دوغمائياً مكتفياً بيقينه الذاتي، فلا بدّ له من توسّع، وإلّا أخَذَتْه الريبة بنفسه وراح بنيانه يتعرّض للانهيار. ان دماغه يعتاش من التهام أدمغة الآخرين.
شاهدتُ البارحة شريطاً وثائقيّاً عن الكاتب الفرنسي فرنسوا مورياك، سمعته فيه يعترف، بصوته الأبحّ المقصوص، أنه ليس شخصاً متناقضاً في نظر كارهيه فحسب بل أيضاً في نظر نفسه، لكنّه ـ وأضافها بشبه اعتذار ـ لا يعتبر ذلك نقيصة بقدر ما هو بحثٌ دائم وقلِق عن الحقيقة.
وفي حالات معيّنة يمكننا أن نضيف إلى أسباب التناقض الرغبة في إعجاب الجميع.
كان مورياك آخر كاتب فرنسي كاثوليكي شهير ومُعْلَن. وربّما غير فرنسي أيضاً. فلم يعد كاتب أو فنّان (آخر مشاهيرهم في هذا المعنى سلفادور دالي) يجرؤ أن يكون غير يهودي. حتى الذين ليسوا يهوداً. فهذا هو التحرّر في الوقت الحاضر. والتمدّن. والحداثة. وما بعد الحداثة.
ظلّ مورياك أحد المهيمنين على الرواية الفرنسيّة إلى أن نهشه جان بول سارتر في دراسة شهيرة عاب عليه فيها أنه يرسم أقدار شخصيّاته سلفاً، فلا حريّة تقرير مصير لديه... وجرّ سارتر وراءه كالعادة سيول المقلّدين ولم يلبث مورياك أن انكفأ عن كتابة القصّة.
وعندما نذكر سارتر لا مفر من أن يُذكر كامو. ثنائي حتميّ. قبلهما راسين وكورناي، وفولتير وروسّو، وموسّيه وفينيي... وغالباً ما كان الواحد في هذه الثنائيات يكره الآخر. سارتر، مثلاً، لم يرحم كامو إلّا حين رثاه. وقد تبادل فولتير وروسّو الكراهية بشغف شديد. ولا نعلم الكثير عن أدبائنا المعاصرين فلا تزال المجاملات والأكاذيب تكتنف سِيَرهم، وقد قيل بعض الخبر عن توتّر بين جبران والريحاني، وبعدهما بين أبو شبكة وكرم ملحم كرم، وبين الأخطل الصغير وأمين نخله، والأخطل الصغير وجريدة «المكشوف» بزعامة فؤاد حبيش، وبين خليل حاوي وبعض أركان مجلة «شعر»، والسبحة تكرّ لولا أنّ بعض حبّاتها لا يزال على قيد الممارسة، وسيفاجأ الأبرياء حين يكتشفون يوماً أن كثيرين ممّن جمعت بينهم الألسن والأقلام على أساس ثنائي لم يجمع بينهم شيء على الصعيد الأدبي، خارج الصدفة الزمنيّة أو الزمالة السطحيّة، وما بقي سوء فهم وضغائن...
ذلك، ولم نحسب بعد حساب الفنّانين. كأنْ يقال قيصر الجميّل ومصطفى فروخ، أو فروخ وعمر الأنسي، أو زكي ناصيف وتوفيق الباشا، أو الأول أو الثاني وفيلمون وهبة. وما أدرانا ما كان بين هذا وذاك، وذاك وذلك. وسوف يبقى الأخوان رحباني لغزاً إلى أن يفكّه سحر السَحَرة.
لا نجد مثل هذا الغموض في الآداب الغربيّة. لأندريه بروتون مؤلّفات مشتركة مع بول إيلوار ورونيه شار أو بينه وبين فيليب سوبو. عندما جمعت مارغريت بونيه آثاره وصدرت عن دار غاليمار الباريسيّة في سلسلة «لا بلياد»، توصّلت، بعد تمحيص المخطوطات وغيرها من الوثائق، إلى فرز كل سطر بل كل كلمة وتحديد الكاتب، وذلك من دون تخمين أو تكهّن بل بالبرهان القاطع. على أمل أن نبلغ بدورنا هذا المستوى من الدقّة والحرص فلا يسطو أحد على أحد ولا تضيع حقيقة. حتّى لو استهتر أصحابها بحقوقهم، وهذا من شيم الكرام.

■ احتياط
أقسى ما في الأمر، عندما تتعذّر الصلاة على صاحب المحنة، إذ يجفّ حلقه من فرط الفزع. صَلّوا سلفاً.




#أنسي_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمّ زكريّا
- خطأ قاهر:الأضاحي
- الهاجس المُنقذ
- نداء لا يتوقّف
- ■ الماغوط بين الدمعة والقهقهة
- «الإنسان هو ما يُخفي»
- موسيقيّات (2)
- على سحابة رجليك
- لي حبيبة . . .
- موسيقيّات
- كنا نحسب الفراغ نبيذاً
- دينيّات: بين الشدياق وعفلق
- مهما صرخ
- ليت العرب ظاهرة صوتيّة
- ماركسيّات
- شتاء الحاج
- مختارات من خواتم
- خارج الموضوع
- أخافُ أن أعرف
- تداعيات حول عاصي الرّحباني


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنسي الحاج - ■ واضحون وملتبسون