الوطنية والديمقراطية في العراق بين انياب الطائفية والفيدرالية
عبد العالي الحراك
2009 / 5 / 14 - 08:59
لقد اساءت القيادات السياسية العراقية الحالية,خاصة الاحزاب الطائفية والقومية, كثيرا الى مفاهيم سياسية متطورة ومهمة,يتمناها اي شعب من شعوب العالم,سعيا الى حياة كريمة فيها الحرية والتقدم والعدالة,مفاهيم كالديمقراطية والفيدرالية . فلقد استغلت الاحزاب الاسلامية مفهوم الديمقراطية,من اجل الامساك بالسلطة,تاركة البلاد للنهب والسرقة واشاعة الفساد,وطالب بعضها اقامة فيدرالية طائفية في الجنوب,عندما تجاوزت قيادات الاحزاب القومية الكردية في مطاليبها القومية, باعلان الفيدرالية على الطريقة العشائرية. الحكم الذاتي للشعب الكردي في كردستان العراق, لو طبق بأمانة لكان حلا مناسبا للقضية الكردية,ولكان هدفا قياديا كرديا,حيث ان سقف مطلب الفيدرالية كان عاليا وقد تحقق مع اطماعه المتمددة, بينما في المفاوضات السياسية, يطرح المطلب كسقف اعلى ويعتبر نصرا اذا ما تحقق دونه,والحكم الذاتي بأمانة كان بمستوى دون الفيدرالية,لان يحكم الاكراد في شمال العراق ذاتهم بلغتهم وتقاليدهم في اجواء الحرية والديمقراطية,الى ان ترتقي الحالة الكردية العامة على المستوى الوطني والاقليمي, وتحظى على التأييد والدعم والقبول الدولي,دون اقحام الشعب العراقي بمختلف قومياته بصراعات عرقية لا طائل لها.
الفيدرالية نظام حكم سياسي واداري متطور,يطبق في حالة الاختلاف القومي والعرقي و ويؤدي الى حل المشاكل الوطنية والانسانية, من خلال منح ابناء القومية المعينة او الرقعة الجغرافية المحددة, صلاحية حكم انفسهم بأنفسهم, بالوئام والتفاهم والمساواة والعدالة بين بني البشر في الوطن الواحد, بعيدا عن الصراعات والحروب.هو نظام متطور يحتاج الى قيادة متطورة لتطبقه, وحالة سياسية واجتماعية ارقى من الحالة التي تعيشها القيادات الكردية العشائرية لتستوعبه وتحتضنه,وليس قيادات انتهازية اعتمدت على الاحتلال الامريكي في فرض سيطرتها على كردستان وأستغلت حالة ضعف وقلة خبرة قيادات احزاب الاسلام السياسي التي جاءت بحكومات مركزية ضعيف,اخترقتها قيادات كردية في قمة المسؤؤليةالتنفيذية والرقابية والتشريعية وفي الوزارات الاساسية, فرضت اجندتها وعبرت عن مصالحها واعاقت ما يقف في طريقها وان كان حقا او في مصلحة وطنية عامة الى ان تحول مفهوم الفيدرالية من نظام حكم سياسي واداري متقدم الى حيوان مفترس ينهش في لحم الديمقراطية الطري,عبر التوافقية التساومية مع الطائفية وبالتناوب الى ان اصبحتا رديفتين منسجمتين لا تنفصلان.
الوطنية اكثر انسجاما وصدق مع الديمقراطية,وهما في تناقض شديد مع الطائفية والفيدرالية,لهذا يستعر الصراع بينهما عندما تمنى الفيدرالية والطائفية بهزائم.فالذي حصل للطائفية من فشل وهزيمة كبيرة في الانتخابات الاخيرة,حفز لدى اصحاب الفيدرالية الهمة للبحث عن حلول لأزمتهم ودقت اجراس الخطر,لأن يهيئوا الاجواء ويستعينوا بالاصدقاء والحلفاء لمواجهة احتمال الفشل في انتخابات كردستان القادمة.
نسبة سقوط الطائفية وفشلها السياسي في ارتفاع مستمر,ولابد للفيدرالية ان تسحب من مواد الدستور وتؤجل الى ان تنتصر الديمقراطية وتتحقق الوحدة الوطنية.. ولا تحل مشكلة كركوك وسواها الا بحذف عبارة الفيدرالية وفقرات الدستورالمتعلقة بها,لانها اصبحت كالقنبلة الموقوتة,عرضة للأنفجار في اي وقت,تتشنج فيه اعصاب القيادات الكردية, رغم انه مفهوم تبنته القوى الوطنية واليسارية العراقية في وقت ما وما زالت تتبناه.
الحكم الذاتي اكثر مناسبة للحالة الكردية في العراق,وهو معمول به في كثير من البلدان,كما الفيدرالية..على القيادات الكردية والشعب الكردي ان يطوروا قدراتهم وامكاناتهم على حكم المنطقة الكردية بعقلية مدنية وليست عشائرية وان ينتبهوا الى المصالح الوطنية العليا.
الرئيس الطالباني كان ومازال منحازا لشخصه ولحزبه ولقوميته,وبسبب عدم وجود القائد السياسي القوي الذي يرد عليه,فهو مستمر يعمل ويصرح للصالح القومي الكردي متشبثا بالفقرة 140 متناسيا الفقرات الاخرى.
انتصار الوطنية والارتقاء بالديمقراطية سوف ينهي الطائفية والفيدرالية, واصحابها يتحجمون الان ويتآمرون وهم خائفون من المستقبل.
لا احد يقف من القوى السياسية العراقية المؤثرة,مع القيادات الكردية الان, بسبب مواقفهم الانانية والانعزالية,الا بعض القوى الطائفية التي في طريقها الى الزوال..لقد عزلوا انفسهم بعنجهيتهم, وليس هناك حدث سياسي او عسكري قوي يحركهم نحو تغيير مواقفهم,الا في فشلهم في الانتخابات البرلمانية القادمة وفشل حلفائهم الطائفيين وانتصار الوطنية والديمقراطية التي تبني دولة عراقية حسب الاصول وحكومة عراقية مركزية وطنية حسب المقاس الوطني والانساني للشعب العراقي.