أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - سحر توفيق تستعيد الرجل بلغة أنثوية















المزيد.....

سحر توفيق تستعيد الرجل بلغة أنثوية


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 05:22
المحور: الادب والفن
    


في نصوصها القصصية " بيت العانس " عن دار الدار بالقاهرة ، تبدع سحر توفيق شخصية الذكر / المتوتر بين الحضور و الغياب من خلال وعي أنثوي ، و لغة أنثوية ، و حكي يمتزج بتأويلات المرأة ، و أخيلتها . و قد ارتكزت الرؤية التكوينية للذكر الغائب في وعي و لا وعي الساردة على عنصرين رئيسيين ، نستطيع من خلالهما اكتشاف مستوى الكتابة النسائية في المجموعة ، و مدي علاقته بالتيارات الأدبية ، و الثقافية ، و السياسية المعاصرة.
الأول : ثقافي ، و يرجع إلى أخيلة الخصوبة ، و عودة الذكر المخلص مثل تموز ، أو أدونيس ، أو بعل ، و رغم توتر صورته دائما بين الحضور و الغياب ، فإنها تشكل مركزا لرؤية العالم في الوعي الأنثوي للساردة ، و لهذا تكثر الإشارات في المجموعة لانتظار البطل الغائب الذي يرتبط بنمو الأشجار ، و حضور الربيع ، و كأنه مبدأ في الوجود لا يتحقق إلا من خلال التحامه بأخيلة الوعي الأنثوي الذي يستمد طاقته المقدسة من عمليات الاستدعاء للمركز الغائب ، من خلال الحكي ، و شاعرية التأويل النسائي لصورة البطل ، مما يجعل السرد هنا ، و كأنه جزء من التجدد التاريخي ، و الأسطوري للحياة .
و تظل صورة الرجل في حالة من التناقض المماثل لوعي المرأة ، دون تحقق كامل ، فهو علامة ينتجها هذا الوعي ، و يعيد كتابتها رغم حضورها الملح ، و قداستها غير الواعية .
إن الكتابة النسائية المعاصرة تتداخل مع عمليات الاندماج و الصراع التي ميزت العلاقة بين المبدأ الرجولي و الآخر الأنثوي في الأدب القديم ، و النقوش الجدارية التي ضخمت من علامات الأنوثة ، و قوة الأب في آن ، فنجد اللغة الأنثوية تهيمن على تشكيل الذكر من خلال الاختلاف لكنه يؤدي في النهاية لاستعادة الاندماج مرة أخرى و نلمح في مجموعة سحر توفيق هذا التوتر بين إبداع شخصية الغائب من خلال المرأة و استعادة الاندماج المجدد لحدث الحياة .
الثاني : أدبي ، و يرتبط بالبحث عن لغة مشبعة بالإدراك الأنثوي للحدث القصصي ، و عناصر الوجود معا ، و لهذا ترتكز الساردة على رصد عمليات التذكر و الاستباق و التفسير انطلاقا من صوت البطلة المنفردة المتأملة التي تكتب العالم من خلال لغتها الخاصة ، و تاريخها الممزوج بالأخيلة النصية ، و بهذا الصدد ترى إلين شوالتر أنه يجب إيجاد لغة جديدة للكشف عن تفرد التجربة النسائية و تشريح بلاغتها و تاريخها ( راجع – إلين شوالتر – نحو دراسة لغوية نسائية للشعر – ترجمة عيسى العاكوب – ضمن نظرية الأدب في القرن العشرين ل – ك . م . نيوتن – دار عين بالقاهرة ص 286 ) .
إن كتابة سحر توفيق تقوم على تشكيل لغة الحكي من خلال التجربة الأنثوية للبطلة ، في علاقتها بأخيلة الرجل ، و الزمن ، و مفردات الحياة اليومية ، و مقاومتها للتهميش السائد لقداسة المرأة .
في نص " بيت العانس " تمتزج ذكرى البطل الغائب في وعي الساردة باستعادة الصراع القديم بين الذكورة و الأنوثة في الحوار حول من يحكم الآخر و العالم ، و كذلك استعادة الحنين الخفي لحالة الحب و الاندماج و الخصوبة ، و يكثر تساؤل الساردة حول زيارة البطل لبيت العانس الذي يبدو كأثر للالتحام و الحنين و الغياب معا .
إن الفراغ الذي تركه الرجل عقب حضوره الجزئي في الحوار يدل على التجسد المادي و العلاماتي للغياب ، و كأنه نشوء آخر للحياة يستمد طاقته من تناقضات وعي الأنثى .
و في نص " أطياف الخماسين " ينقل المركز الغائب صورته في طيف فريد لا يمكن تحديده أو اكتماله .
هل هو الوعي الأنثوي و قد اندمج بشاعرية الغياب الكامنة في الذكر ؟ أم أنه الطاقة الكونية المتجاوزة للموت و الخريف و الوحدة المطلقة ، و قد أتت من خلال امتزاج العتمة بالصوت الدائري المجرد من الجسد ؟
الحضور الطيفي هنا يبشر بتجسد جديد يلتحم فيه أثر الرجل بأخيلة المرأة البهيجة التي ساهمت في إبداعه أو استعادته من الظلمة .
إن عدم اكتمال الأثر الشعري للطيف / الرجل يؤكد الإنتاجية الشعرية التي تبدأ من مجال النوع في الكتابة النسائية ، كما تشير إلى إمكانية اللعب النصي بهذا الأثر الذي يجمع بين حضور الذكر و الوعي النسائي بوجوده الآخر .
و في نص " خداع البصر " تستعيد الساردة الصورة الملكية الأنثوية الكامنة خلف وجه السائلة في الأوتوبيس ، ليؤجل السرد وضعها الحضاري المهمش ، و يصلها بأصلها الجمالي الممتد من الماضي إلى المستقبل ، فالأنوثة الأولى تنبع من جمال تأملي خفي ، و قوي في آن ، فيمكن تأويله ، و إدراكه فيما وراء مبدأ السلطة الثقافية ؛ و يدل العنوان على أن التشوه الآلي في الجسد مجرد خداع يخفي المنبع الحضاري و الجمالي للأنوثة الأولي .
و في نص " حكيت لك " يأتي الرجل في الحكاية المنتجة بواسطة الخيال الأنثوي ، و كأنه في داخل وعي المرأة و صوتها قبل أن ينقسم إلى أنا و الآخر ، و يقترن غياب البطل بوجوده الشعري في عملية الحكي ، و في أثر شجرة الكافور . إننا أمام أرض متخيلة ربيعية تخترق الظلمة و الآلية ، و قد أوشكت أن تصل الحكي النسائي بالمدينة الواقعية .
هكذا يقترن ذبول الكافورتين بتصاعد العنف الإنساني ، و غياب التأمل في نص " كافورتان " ، فعملية استبدال الخضرة تهدد مبدأ الأنوثة في ذاته ، و تؤكد سيادة القوة ، و التهميش الثقافي . و يعزز هذا المنظور من قداسة الفراغ الذي تتركه الكافورتان ، و الرجل الذي يرمز للخصوبة ، إذ إنه يتهيأ لإعادة التكوين مرة أخرى .
و في نص " الزمن يمر " يظل الوجود الجمالي الأول للمرأة قابلا للتجدد في المرآة رغم تشويه الأفعال الآلية له ظاهريا . إن سحر توفيق تحاول القبض على هذا الوجود الفريد في صورتي المرأة و الرجل معا ، لتقاوم من خلاله تصاعد ثقافة العنف ، أو التهميش ، و سيادة المبادئ الميكانيكية .
و في نص " ثلاث أوزات و فرخ وحيد " تنشأ الشخصيات جميعها من عملية الحكي الأنثوي وحدها ، فلا يهم الساردة أن تخبرنا بتاريخ الطفل حودة ، أو أن تعطينا معلومات عن علاقتة بالنساء الأخريات ، و لكنها تتعمد أن تكتب حودة انطلاقا من توقعاتها النسائية ، فالذكر هنا موضوع حكائي مجرد ، و نعرفه من خلال تأويلات الساردة المفتوحة مثل السياق الجنسي ، أو الأمومي ، أو الارتباط المباشر بسوق العمل . تقول :
" لا يهم ما هي الخلفية التي ستظل بالنسبة لي لغزا ربما أجد له حلا في يوم من الأيام ، و لكن من المؤكد أن هذا الصبي حودة ، كان يعيش وحده في مجتمع من النساء ، و أن هؤلاء النساء كن ينظرن إليه كشيء جميل و على قدر كبير من الأهمية ، و أنهن يعتبرنه ملكية عامة بينهن " .
لقد ساهم التبئير الخارجي في المقطع السابق في إحداث دلالتين :
الأولى : الشك في الكتابة الإخبارية لتاريخ الشخصية ، و من ثم يعمل النوع هنا بدرجة كبيرة في إنتاج تأويلات مفتوحة .
الثانية : اختلاط حلم البهجة الأنثوي بالواقع ، فحودة رمز فارغ قابل للتأويل الأنثوي ، و تحقيق نوازع استرجاع الذكر الغائب .
إن الحكي في هذا النص ليس أداة فنية ، و إنما هو تسجيل مباشر لسياق ثقافي أنثوي كامل يقوم على كتابة شعرية متجددة لمفردات العالم ، تبدأ و تنتهي في وعي المرأة .

محمد سمير عبد السلام – مصر



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هارولد بلوم .. و إعادة إنتاج الأثر الشعري
- تجدد الثقافة الشعبية
- تعدد الدلالات و الأصوات .. قراءة في اخلص لبحرك لمسعود شومان
- السياق الجمالي للعقاب .. قراءة في أقلب الإسكندرية على أجنابه ...
- الآلية .. و العمل الإبداعي
- إعادة اكتشاف روح الأشياء .. قراءة في بريق لا يحتمل لسمر نور
- الصيرورة الإبداعية للزمن .. قراءة في فوق الحياة قليلا ل .. س ...
- الشخصية في تحول .. قراءة في عمرة الدار ل .. هويدا صالح
- العابرون ، و تبدل حالات الوعي
- وعي طيفي مثل وهج الموت .. قراءة في عادات سيئة ل جمانة حداد
- براءة الجسد ، و مخاوفه .. قراءة في كوب شاي بالحليب ل محمد جب ...
- ظلال تتجاوز صمت الأشياء .. قراءة في سوف تحيا من بعدي لبسام ح ...
- خوف الكتابة
- التكوين الحدسي للمكان .. قراءة في قصص دوريس ليسنج
- ما بعد الحداثة في ديوان شطح الغياب للشاعر مهدى بندق
- القصيدة في نشوء آخر .. قراءة في شطح الغياب لمهدي بندق
- تجاوز ما بعد الحداثية ، أو التفاعل المفتوح بين المحلي و العا ...
- الزمن الآخر للظل .. قراءة في مهمل لعلاء عبد الهادي
- أحلام الجسد البهيجة .. قراءة في مأوى الروح لمحمد عبد السلام ...
- إعادة إبداع الإنسانية


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - سحر توفيق تستعيد الرجل بلغة أنثوية