أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - عادل سمارة ومسعد عربيد - مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية-















المزيد.....



مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية-


عادل سمارة ومسعد عربيد

الحوار المتمدن-العدد: 2087 - 2007 / 11 / 2 - 12:09
المحور: ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
    


نحو حل إشتراكي في فلسطين:
مناقشة نقدية في حل "الدولة الديمقراطية العلمانية"
(1)
مقدمة
في طبيعة الصراع وتعريف الآخر

رغم المعاناة التي تطال كل فلسطيني، وربما على اساس يومي وفي أكثر من مجال حياتي، ناهيك عن المعاناة الوطنية الجماعية، ورغم ما عانته الأمة العربية من الكيان الصهيوني، نؤكد ان الصراع لم يكن محركه الأساس ذات يوم دينياً أو تراثياً أو ثقافياً بل هو هجوم راس المال لاستغلال الوطن العربي والتهام أكبر قدر من الفائض لتواصل وزيادة تراكم راس المال.

من أجل هذا زَرَعَ المركزُ الراسمالي الكيانَ الصهيوني الإشكنازي ولا يزال يرعاه. أما اللجوء للإثباتات التاريخية، حيث أن شهادة التاريخ هي لصالح العرب، فلا يقدم في أمر الصراع ولا يؤخر، إلا إذا كان ضمن الدروس المدرسية المبكرة لتوفير القناعات العقلية والقلبية بالأحقية في الوطن، وهذا جميل، ولكنه وحده وخاصة دون فهم آلية عمل راس المال يبقى في مستوى الفهم البسيط للأمور أمام عدو يطور باستمرار مفاهيماً مركَّبة للصراع.

فإذا كان الأساس دينياً، فالأديان بنصوصها متشابهة متآخية، والكثير ممن يُفترض أنهم مسلمون خدموا الصهيونية بما يؤكد صهيونيتهم، وإذا كانت قومية بحتة، فلا اساس لهذا من الصحة لأن الطرف الآخر ليس قومية، كما أن أكثر الصراعات القومية هي بين دول متجاورة، والطرف الآخر لم يكن جاراً ابداً، ناهيك عن أن العرب الصهاينة يتواجدون بين ظهرانينا هذه الأيام بوضوح وهم في مراكز القوتين السياسية/المالية والثقافية. بل إن ما يجمع هؤلاء مع المركز الراسمالي ومع الكيان هو المصالح متبلورة في راس المال.

لذا، كان تفكيك الوطن "الحيز" العربي (كمؤامرة في سايكس ـ بيكو وتنفيذاً في أعقاب الحرب العالمية الأولى) عملاً ضرورياً لينشغل كل قطر بنفسه وليسهل إحتلال حيز للكيان الصهيوني. وهذا يفتح على حقيقة ان كل من الكيان الصهيوني وكيانات التجزئة العربية متواكبة الولادة ومتواكبة السقوط، فلولا المركز الرأسمالي لما اقيمت ولولاه لما استمرت وعلى الأرجح فإن سقوطها مرهون بهزيمة هذا المركز كمستثمر ومبادر ومؤسس وراع وشريك في هذا الصراع، أو تراخيه بعجزه عن مواجهة تحولات شاملة وجذرية في الوطن العربي. ويشير هذا الى حقيقة هامة، وهي ان الصراع طويل. والمهم في الأمر أن الوطن العربي كان مستهدفا بالتقسيم لأنه مستهدف بالإستعمار والنهب، ومن هنا ضرورة زرع الكيان الإستعماري الإستيطاني المتقدم فيه ليطرد الشعب الفلسطيني من وطنه ولتُمنع عودته ويتم توطينه. وهذا هو مركز مواقف مختلف بلدان المركز الراسمالي بغض النظر عن تعدد إخراجها. كما أنه ليس شرطاً أن يُقام الكيان على جزء من فلسطين كما حصل نتيجة الإحتلال الأول 1948، أو الإحتلال الثاني 1967. وليس هدف هذا التقوُّل من جانبنا أن الكيان الصهيوني يعتبر دولته المبتغاة ضمن فلسطين وحدها، أو معها شرق الأردن أو من الفرات إلى النيل، فالانحصار في اي من هذه الحيزات يعني الإقرار بما يزعمه اليهود من "وعد إلهي" أو دولة يهودية سابقة بعد الكنعانيين. إن ما يبغيه الكيان الصهيوني هو أوسع أرض ممكنة بما يتجاوز كل ما ذكر إن أمكن. وحتى مفهوم أوسع أرض ممكنة، لا ينحصر في الاستيطان فقط بل يمكن لكثير من البلدان أن تكون تحت احتلال التبعية. (انظر لاحقاً)

وهذا يفتح على تطورين جديدين في الإستراتيجيا الصهيونية هما:

• توجه الكيان نحو الإندماج المهيمن في المنطقة، بما أن حرباً متواصلة ليست حلاً، كما أن الذوبان في الوطن العربي ليس حلاً كذلك، هذا الإندماج الذي بدأ مع كامب ديفيد في مصر ثم اوسلو الفلسطيني ووادي عربة الأردني.

• وتمكين هذا التوجه بإنبات ذراع هيمنة اقتصادية إلى جانب ذراع السيطرة العسكرية، وهو تحويل الكيان إلى قوة اقتصادية تكنولوجية معرفية، واعتماد قانون الإستقطاب ضد الوطن العربي وما أمكن من الشرق الأوسط لتبقى منطقة متخلفة.

ولكن، ليس شرطاً أن تمر هذه الإستراتيجيا بدون مقاومة. فقد أحدث انتصار حزب الله في الجنوب اللبناني بداية تغير غير متوقع أفشل نظرية استخدام القوة المدمرة بالقصف من الفضاء او الجو طالما يصمد الإنسان في المقاومة على الأرض. كما أن محاولة إيران امتلاك التكنولوجيا النووية هو مثابة معادل موضوعي يشل التفوق الصهيوني. وعلى الصعيد العالمي، فإن نشاط مقاومة الحرب والعولمة هو في المحصلة النهائية، رغم تراخي جوانب كثيرة منه، إلا أنه حراك شعبي أممي موجه كذلك ضد الكيان بما أن الكيان أداة حرب لراس المال.

قد يسأل البعض، وَلِمَ تكرار رواية نشوء الصراع حتى ولو بتحليل جديد ومتميز لا سيما والحديث يدور عن الحلول بما فيها المبادرة العربية؟ وفي حين أن السؤال في موضعه، إلا أن له جواب آخر هو: أن السلام بمعنى حقيقي ما زال بعيداً، وأنه لفهم الصراع فإن هدف هذا المدخل تبيان إمتداد الصراع وربما اشتداده.

هذا يعني أن أطروحات السلام حتى الآن محصورة بايدي الأنظمة الحاكمة من جهة، وهي مصاغة بما يخدم الإستيطان اليهودي في فلسطين وحده من جهة ثانية. هي اطروحات سلام رأس المال التي تدخل فيها الأنظمة العربية وسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني بمقتضيات مصالح الرأسماليين فيهم جميعاً. وهذا يعني إما هيمنة راس المال وإما سيطرة القوة العسكرية أو كلتيهما معاً. لأن الحل الذي حصل، أي إتفاقية أوسلو، أدى إلى:
• تثبيت الإحتلال والاستعمار الإستيطاني في مناطق الإحتلال الثاني عام 1967 كما هو في مناطق الإحتلال الأول 1948.
• تأكيد السياسات العنصرية والإستعمارية على فلسطينيي الإحتلال الأول 1948، يهودية الدولة مما يعني احتمال طرد الفلسطينيين منها.
• شطب حق العودة.
• فتح مداخل الإندماج المهيمن. (انظر لاحقاً)
• بدل مقاطعة الكيان، فانه أصبح يغرق في بحر من الدولارات عبر الإستثمار الأجنبي المباشر الذي تدفق على الكيان على اعتبار أن المنطقة دخلت مرحلة "السلام".

إذا كانت هذه هي الصورة على الصعيد الرسمي، فإن الصعيد الشعبي العربي ما زال القطب السالب تماماً فيما يخص المقاطعة ورفض التطبيع، وإن كان هناك رفضاً سلبياً ونفسياً، فالمقاطعة الرسمية العربية تتراخى بقرارات رسمية، وإمكانية انتزاع مشروع مقاطعة عالمية للكيان على غرار جنوب إفريقيا غير ممكن دولياً بعد على الأقل. لا يمكن تجاوز تهميش الطبقات الشعبية العربية من الصراع إلا بقيام حركة اشتراكية عربية، وهي نفسها ستكون مفتاح الحل.

خلاصة القول فان ما نتوخاه من هذه المقدمة هو تأكيد حقيقة وطبيعة الصراع العربي ـ الصهيوني منذ تبلورت مصالح المركز الرأسمالي الغربي في فكرة تفتقت عنها أذهان الاوروبيين البيض (نابليون وبالمرستون وربما قبل ذلك أن شئنا العودة بالتاريخ الى البيوريتانيين)، مروراً بالفكرة الصهيونية الهرتسلية (ايديولوجيةً وحركةً وبرنامجاً) وصولاً الى الكيان الصهيوني كتجسيد مادي للفكرة والمشروع الراسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني.

إعادة تعريف "الآخر"

يظل تعريف "الآخر" في سياق الصراع العربي ـ الصهيوني وتحديد معسكري الثورة والثورة المضادة، بؤرة ساخنة وأحدى القضايا الخلافية التي تثير الكثير من الجدل في الخطاب العربي.

لقد تباين هذا الخطاب وتجاذب في تعريف "الآخر" وقفز، وفقاً للحظة السياسية والتاريخية، بين مفاهيم ودلالات مختلفة "للآخر"/ العدو دون الوصول الى تحديد مفهوم واضح له: "اليهودي" و"الصهيوني" و"الاسرائيلي" و"العبري" و"الامبريالي" و"الرجعية العربية"، لذا ظل قاصراً عن صياغة مفهوم "الآخر" بشكل شامل يتضمن كافة القوى ( الفلسطينية والعربية والدولية) التي تصطف في معسكر الاعداء.

بدايةً، نرى ان المعيار الاساسي والحاسم في تعريف "الآخر" يجب ان يقوم على تحديد وفهم دور الكيان الصهيوني في المشروع الأكبر: الرأسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني. وعليه، فان تعريفنا لا يستند الى، ولا يتعثر بسبب، مسائل مثل "القومية اليهودية" المزعومة أو "إكتمال" اليهود كقومية أو نضوج المجتمع الاسرائيلي "كقومية اسرائيلية" (أو عدمه) أو إمكانية تحوّل اليهود الاسرائيليين الى "أقلية قومية" حين تتوفر فيها الشروط الكلاسيكية للقومية. فهذه المسائل والاشكاليات لا تغيّر، في حقيقة الامر، موقفنا من القضايا الثلاث الاساسية: (1) "الدولة اليهودية النقية"، (2) تحرير فلسطين، و(3) حق العودة لللاجئين الفلسطينيين.

إنطلاقاً من هذه الرؤية، فاننا نرى ان "الآخر" يشمل المعسكر الراسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني بكافة مكوناته بما فيها الانظمة والطبقات العربية الكومبرادورية العميلة، كما يشمل اولئك العرب والفلسطينيين الذين تتوافق مصالحهم مع هذا المعسكر والذين يتماشون مع المشروع المعادي، فهم أيضاً جزء من هذا "الآخر" رغم كونهم عرباً أو فلسطينيين، أي بغض النظر عن إثنيتهم وإنتمائهم القومي. فالعوامل التي تحدد هوية "الآخر" هي المصلحة المادية والموقف الفكري والسياسي والدور (الوظيفة) وليس الدين أو الثقافة أو الاثنية أو القومية (او مراحل نشأتها وتكوينها وإكتمالها) وإن كان لهذه كذلك دورها وحتى استقلالها النسبي. وعليه، فان موقع ودور الكيان الصهيوني ـ اسرائيل في المشروع الراسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني الكبير هو الذي يحدد من هو "الآخر".

خلاصة القول، ان آفاق الجدل حول "ألآخر" ما زالت رحبة وتحتاج الى المزيد من الحوار، نوجز أهم محاورها الرئيسية فيما يلي:

ـ كما أسلفنا، يظل المعيار الرئيسي في تحديد الآخر هو الأهداف والمصالح والدور لكل من الكيان الصهيوني والمشروع الراسمالي ـ الامبريالي والكمبرادوري العربي.

ـ ليس ألآخر/العدو مجرد مجموعة بشرية معينة من الاسرائيليين، بل هو يتجاوز هذا التعريف الضيق. فكل من يعترف بالكيان الصهيوني هو في الحقيقة في معسكر الأعداء حتى لو كان اقام اعترافه على قناعة عقلية راسخة فيه. هو صهيوني لأن الصهيونية إيديولوجيا استعمارية استيطانية وهو يزكي مشروعها ويعترف به. ولا يغير من هذا كونه عربياً أو مسلماً أو بريطانياً أو أميركياً...الخ.

ـ لا يقتصرهذا الآخر، داخل الكيان الصهيوني، على "الصهاينة" فحسب، وإن شكل هؤلاء الاغلبية بين اليهود في فلسطين المحتلة. فهناك القوى التي تناهض الصهيونية، أو هي تدّعي ذلك، وهناك "اليسار" الاسرائيلي/الصهيوني الذي، مهما صغر حجمه، لا يقع خارج الصهيونية ولا خارج هذا الآخر. (أنظر لاحقاً)

ـ اليهود العرب (السفارديم) ليسوا من الآخر حينما جُلبوا إلى فلسطين. لكنهم اصبحوا من الآخر بكونهم استوطنوا فلسطين وانخرطوا في البنية العدوانية. ولا يغير من حقيقة هذا الأمر تمسك الكثيرين منهم بثقافتهم العربية الشرقية وحتى حنينهم لموطنهم العربي الأصلي. ولكن يغير من الأمر مدى انخراطهم في مشروع يرفض الدولة الصهيونية ويتمسك بحق العودة.

ـ إضافةً، فاننا لا نرى "الآخر" محصوراً في جغرافية فلسطين التاريخية بل له مكونات عربية وإقليمية ودولية تمتد الى خارج هذه الحدود.

الموقف من ’اليسار‘ الاسرائيلي/الصهيوني

يفيد في هذا المجال، ومن خلال هذا المنظور، طرح مسألة ما يسمى باليسار الاسرائيلي/ الصهيوني والموقف منه، على اختلاف قواه وتجمعاته بغض النظر عن حجمها، وتحديد موقعه في معسكر "الآخر" إستنادا الى المعايير ذاتها: أي دوره (وظيفته) في المشروع الراسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني. ونعتقد أن هذه الرؤية تساهم في تقديم فهم مادي وموضوعي لهذا "اليسار" وتفسير الطبيعة الكولونيالية والاستيطانية والعنصرية التي هيمنت على ايديولجيته وممارساته منذ بدايات القرن العشرين، مع التقدير لبعض الإستثناءات النادرة مثل منظمة ماتسبن (الأصلية) وغيرها.

يرتكز موقفنا من هذا اليسارالاسرائيلي ـ الصهيوني على انه قام (أي اليسار) في منطلقاته الفكرية وبرامجه السياسية على اسس تحريفية ولم يستند في موقفه من المشروع الصهيوني أصلاً والكيان الصهيوني لاحقاُ الى مرتكزات ماركسية أصيلة بل إتبع مفاهيم وسياسات تحريفية تغلغلت الى الحركة الشيوعية العالمية (والعربية لاحقاً) منذ بدايات القرن العشرين والى الحزب الشيوعي الفلسطيني منذ تأسيسه في عشرينات ذلك القرن وارتهنت بالموقف السوفييتي التحريفي تجاه كل من الصهيونية والاعتراف بالكيان الصهيوني وموقفه المتنكر للقومية (والامة) العربية وغيرها.

تناقَضَ هذا اليسار، منذ نشأة قواه على تنوعها، مع الماركسية كما عبر عنها ماركس ولينين وكاوتسكي من مسألة القومية اليهودية وتبنى "قومية" مفبركة ـ ملفقة لليهود أي أتباع الديانة اليهودية. كما تحالف، في هذا المسعى، مع قوى صهيونية رجعية ضليعة بالامبريالية وسياساتها، قامت بتوظيف الديانتين اليهودية والمسيحية والإدعاءات التوراتية وتحالفَ مع الحركة الصهيونية الهرتسلية ومشروعها في إستيطان فلسطين.

فإذا كان النظام الراسمالي العالمي يناصب الشيوعية والاشتراكية العداء، ويحارب الشعوب وحركات التحرر والتحرير الوطنية ويحتجز تنمية دول المحيط وتطورها، فكيف لهذا اليسار، أو أي يسار، ان يساند كياناً إستيطانياً عنصرياً إمبريالياً يشكل قاعدة إمبريالية ويبرر وظيفتها ووجودها وإستمرارها بل ويلفق له "قومية" تتمتع بحق تقرير المصير اسوة بغيرها من القوميات؟ وكيف له ان يقف مع إحتلال وطن لشعب آخر وتشريد جماهيره، بل وان يكون (أي اليسار) جزءاً من هذا الاحتلال والتشريد؟

لقد لفقت الايديولوجية الصهيونية "القومية اليهودية"، ثم قام رأس المال العالمي بخلق الكيان الصهيوني (وما زال يدعمه حتى يومنا هذا)، فما كان من اليسار الصهيوني إلاً ان تبنى هاتين المسألتين (القومية اليهودية المزعومة والكيان الصهيوني) ودعمهما منذ نشأته وعلى مدى قرن كامل بما فيه نكبة الشعب الفلسطيني وإحتلال ارضه وتشريد شعبه. هنا تنكشف التناقضات العميقة التي يعيشها هذا اليسار من حيث أنه يستقي شرعيته، كحركة وبرنامج سياسيين، من دولة خلقها المركز الراسمالي من جهة، وهي حركة تزعم العلمانية لكنها تمارس المعتقد الديني المتعصب سواء ممارسة عملية أو بتشجيع ذلك التعصب وتبنيه وتعميقه ثقافياً. كما يتكشف مأزقه كتنظيم وقوة سياسية تعمل ضمن تشكيلة إجتماعية إستيطانية مرتشية من رأس المال العالمي بقصد تمويه التفارقات، فما بالك بالتناقضات الطبقية بمعنى رشوة مختلف الطبقات تحت زعم ان الدولة هي دولة كل اليهود، مما جعلها بنية مجافية لخوض الصراع الطبقي (والذي هو قضية اليسار الشيوعي وهمه الاول) في بيئة ومجتمع إستيطاني يقوم على إدعاء قومية ملفقة قامت على احتلال وطن شعب آخر وتشريد أبنائه.

وقد يقدم هذا الطرح بعض الاجابة على سؤال: لماذا لم يطرح اليسار الاسرائيلي حلاً إشتراكياً للصراع العربي ـ الصهيوني؟

(2)
سمات الحلول المطروحة

إتسمت الحلول التي طرحت للمسألة الفلسطينينة منذ احتلال فلسطين عام 1948 بالسمات التالية:

1) باستثناء برنامج تحرير كامل التراب الفلسطيني الذي بزغ في أواخر خمسينات القرن المنصرم ثم تبلور عبر برامج فصائل المقاومة الفلسطينية وتم التعبير عنه في الميثاق الوطني الفلسطيني (1964) والقومي (1968)، فان كافة الحلول والرؤى التي طرحت لحل المسألة الفلسطينية منذ بدايات سبعينات القرن الماضي، أقرّت بالاعتراف بالكيان الصهيوني (بغض النظر عن التلاعب بالمفردات وطرح خطاب قابل لاكثر من تأويل وتفسير ومشحون بالغموض والالتباس). هذه الحلول بمجملها تقاسمت الوطن مع العدو المحتل وإعترفت بالكيان الصهيوني. (حل الدولتين، حل الدولة الثنائية القومية، حل الدولة الديمقراطية العلمانية، حل "دولة لكل مواطنيها" الذي لا يتجاوز المطالبة بحق المواطنة والحقوق الثقافية لعرب 48، هي بعض الامثلة المقترحة منذ عام 1967).

2) إلغاء حق العودة لللاجئين الفلسطينيين.

3) طمس البعد القومي من حيث أن هذه الحلول تقدم حلاً لليهود والفلسطينيين الموجودين الآن في فلسطين المحتلة.

4) القبول والاقرار الضمني بحلول عنصرية لان العديد منها يقبل ب"الدولة اليهودية النقية" سواء كان ذلك بشكل علني أو ضمني.

5) الاخفاق في الاجابة، أو التفادي الكامل، لاشكالية التعايش المشترك أو مجرد إمكانيته، مع الصهيوني والمستوطن كمصالح وعقليةً وثقافةً، كما لا تجيب هذه الحلول على رفض وتعنت الصهيونية لاي من هذه الحلول.

6) ترسيخ، بشكل أو بآخر، التسوية السياسية كحل نهائي للصراع العربي ـ الصهيوني أي تثبيت سلام راس المال لا سلام الشعوب.

7) باستثناء بعض التلميحات الباهتة (مثل عصبة التحرر الوطني) التي لم ترق الى برنامج أو رؤية شاملة، فان فصائل اليسار والشيوعية الفلسطينية لم تطرح تصوراً أو رؤية لحل إشتراكي في فلسطين وللصراع العربي ـ الصهيوني مع أن الكثيرين ممن طرحوا هذه الحلول كانوا شيوعيين أو شيوعيين سابقين.

ليس المقصود هنا أننا ضد حل الدولتين أو أي حل لانه يقيم دولة للشعب الفلسطيني، فلسنا ضد دولة لشعبنا وحبذا لو تقوم "ثلاث وأربع" دول فلسطينية إذا كان من شأن ذلك أن يسهم في إضعاف وتفكيك الكيان الصهيوني شريطة أن يتم ذلك دون الاعتراف بهذا الكيان ودون التخلي عن حق العودة. إننا ضد حل الدولتين (وما شابهه من حلول) لانه يعترف بالكيان الصهيوني ويشطب حق العودة، ويثبت هذا الكيان كقاعدة عدوانية راسمالية في المنطقة، لانه يستند الى دولة للفلسطينيين على أراضي الاحتلال الثاني (أو حزءٍ يسير منها)، ولانه حل وهمي يرفضه الصهانية ولن يسمحوا بإنجاز أي خطوة تنفيذية فعلية على طريقه.

(3)
نقد حل الدولة الديمقراطية العلمانية

الديقراطية العلمانية

يستند حل الدولة الديمقراطية العلمانية الى مكونين أساسيين:

أولهما: البعد القومي فيطرح نفسه كحل "لقوميتين" متنازعتين ويطالب بازالة التمييز بينهما على أساس القومية. أي أنه يفترض "قوميتين" متنازعتين اليوم على أرض فلسطين المحتلة: القومية الفلسطينية (بمعناها القطري كهوية وطنية فلسطينية لا كهوية قومية عربية) والقومية اليهودية/الاسرائيلية المزعومة.

وثانيهما: المسار الديني ـ العلماني (ويقصد الديانات التوحيدية الثلاث، اليهودية والمسيحية والاسلام)، فيطالب بدولة تقيم الفصل بين الدين والدولة وتضمن حرية المعتقدات وممارسة الشعائر الدينية لكافة المواطنين ومحو أشكال التمييز على أساس الدين.

في الابعاد الدينية

ـ ان إقامة دولة تفصل بين الدين والدولة وتكفل المساواة على أساس العقيدة الدينية وضمان الحريات الدينية وتحريم التمييز على أساس الدين، إن إقامة مثل هذه الدولة لا تُعالج مسألتين أساسيتين ساخنتين: (1) العلاقة بين العرب واليهود، و(2) مستقبل المستوطنين اليهود.

ـ يوحي شعار الدولة الديمقراطية العلمانية بالابعاد الدينية والعرقية للصراع العربي ـ الصهيوني ويرسخها مغيٍباً جوهرها وطبيعتها وأهدافها المتمثلة في إخضاع المنطقة والامة العربية وشعوبها والهيمنة على مواردها وأسواقها وسواعد طبقاتها الشعبية.

ـ يعزز اكذوبة الدولة الصهيونية كحل للمسألة اليهودية ويطمس حقيقة وطبيعة الكيان الصهيوني ـ الامبريالي وخداع اليهود والعالم بالادعاء بان الدولة الصهيونية (اسرائيل) جاءت لتقدم حلاً للمسالة اليهودية ولتقيم للشعب اليهودي دولة توفر له العيش الآمن وتحميه من الاضطهاد الديني والقومي.

وعليه، فان مشروع الدولة الديمقراطية يعزز هذا الادعاء والقبول به طامساً حقيقة المشروع الصهيوني كقاعدة إستيطانية بيضاء وكجزء متقدم من المشروع الرأسمالي ـ الامبريالي للهيمنة على الوطن العربي، وحتى على ما هو ابعد من هذا الوطن.

ـ تستند اطروحة المساواة على أساس الدين الى مفاهيم غيبية لاتاريخية لا تمت لواقع الصراع ويومياته بصلة إضافة الى انها تقحمنا، وهو ما حصل فعلاً خلال العقود الماضية، في سجالات دونكيشوتية وهمية مع إدعاءات توراتية نتيجتها التيه والزوغ عن جوهر الصراع وبوصلة النضال.

في الابعاد القومية

ينهمك مشروع الدولة الديمقراطية في إقرار المساواة بين القوميات وإزالة "التمييز العنصري" على أساس القومية. ويتصدى، من هذا المنظور، لمسألة التمييز العنصري ضد العرب في الكيان الصهيوني، والامتيازات التي يتمتع بها اليهود (وخاصة الاشكنازيون منهم) في هذا الكيان/"الدولة اليهودية النقية"، كمل انه يقدم حرصاً إستباقياً بمنع وتحريم التمييز ضد اليهود مستقبلاً أي في حالة إقامة الدولة الديمقراطية. ولكنه يبقي على العديد من الاسئلة الحارقة دون إجابة وأهمها هروبه من التصدي لمسألة القومية المزعومة للمستوطنين.

هل فلسطين المحررة جزء من الوطن العربي الموحد؟

يُسقط شعار الدولة الديمقراطية البعد القومي بمعنى أنه لا يتناول فلسطين المحررة كجزءٍ من الدولة العربية الموحدة (او الفيدرالية). وليس المقصود هنا بالبعد القومي العربي بعداً رومانسياً يخاطب الشعارات ويلهب المشاعر الوطنية لدى العرب والفلسطينيين أو تلك الابعاد التي تغذي النزعات الشوفينية أياً كانت، بل إن المقصود هو عروبة فلسطين وكونها جزءاً من الوطن العربي، عروبة تستنتد الى حقائق ووقائع التاريخ. أما التنكر لهذا البعد، بل هذا العمق العربي، فليس سوى خروجاً عن التاريخ والجغرافية والتطور الطبيعي للمجتمع العربي وليس سوى تساوقاً مع مشروع سايكس بيكو وما تبعه من حلقات مشروع التجزئة الامبريالية للوطن العربي وتجذيراً للدولة القطرية على حساب الوحدة القومية ودولتها.

وعليه، تتجاهل الدولة الديمقراطية البعد القومي العربي لفلسطين وطابعها العربي وكونها جزءاًَ لا يتجزء من الوطن العربي. وبالإضافة لما ينطوي عليه هذا من خلل وإجحاف تاريخيين، فان هذا النهج يفصل، من منظور النضال الوطني والبرنامج السياسي، مشروع تحرير فلسطين عن المشروع النهضوي القومي العربي.

حيز الصراع أكبر من فلسطين التاريخية

لم يكن الصراع، منذ اولى بداياته وجذوره الممتدة في التاريخ إمتداد الاطماع الاستعمارية في بلادنا، صراعاً محلياً ولا داخلياً على أرض فلسطين، أي:

أ ـ أن الصراع لم ينحصر بين أهل فلسطين والمستوطنين اليهود، بل طال العدوان الأمة العربية بما هي هدف المشروع الراسمالي الأكبر، كما شاركت دول عربية في النضال ضد المشروع الإستيطاني بغض النظر عن جاهزيتها وأهداف انظمتها. إلا أن المشاركة العربية الحقيقية اي الشعبية مُنعت من قبل الأنظمة، وربما كانت تجربة حزب الله في لبنان هي الأولى التي شاركت فيها حركة شعبية في التصدي للمشروع الصهيوني.

ب ـ كما أنه (أي الصراع) لم ينحصرفي حدود فلسطين الجغرافية، بل كان منذ بدايته مشروعاً راسماليا ـ امبريالياً تمفصل بسياسات ومخططات الهيمنة على المنطقة العربية بأسرها.

البعد القومي والاحتكار الصهيوني للارض العربية

لقد عمل الصهاينة دوماً على طمس البعد القومي العربي والتنكر له في الصراع القائم معهم لسببٍ جليٍ وهو ان الإقرار بالعمق العربي لفلسطين ينكر عليهم ويحرمهم من إحتكار الاراضي العربية الفلسطينية المحتلة أي أن النضال من أجل تحرير فلسطين ضمن المشروع القومي العربي يعيد الاراضي الفلسطينية الى مكانها الطبيعي كجزءٍ من وطن عربي موحد وينزع الاحتكار الصهيوني الاشكنازي لهذه الاراضي. وليس هناك، في حقيقة الامر، ما يزيل الاحتكار الاشكنازي لارض فلسطين العربية سوى عودة هذه الارض الى الحضن القومي العربي أي عودة فلسطين المحررة الى الحظيرة العربية كجزء من الوطن العربي الموحد.

من يملك الارض؟

تطالب حلول الدولة الديمقراطية العلمانية (والدولة ثنائية القومية) بالمساواة بين كافة المواطنين أمام القانون وحق "القوميتين" في إمتلاك الارض، وهو امر لن يتحقق لان الطرف الصهيوني في المعادلة لن يتنازل عن الارض، هذا أولاً.

وثانياً، لان الشراكة في الارض والمساواة في ملكيتها تستحيل في ظل النظام الراسمالي، ولا تتحقق إلاّ في نظام يلغي الملكية الخاصة ويضع الارض والموارد ووسائل الانتاج في ملكية المجتمع. وعليه، سيظل الصراع على الارض العربية محتدماً حتى لو أصبحت إسرائيل ثنائية القومية وحتى لو تنازلت عن نزعتها العنصرية والاستيطانية.

ثالثاً، حتى لو إفترضنا جدلاً بان الفلسطينيين سيحظون بامتلاك بعض الارض، فان السؤال الذي يظل حاضراً وساخناً هو: لماذا يتوجب على الفلسطينيين ان يقبلوا "بالشراكة" وإقتسام أرض الوطن مع المستوطنين في ظل نظام رأسمالي؟ ولعل الامر في حقيقته أكثر تعقيداً وأكثر أجحافاً بحق الفلسطينيين إذ أنه من السذاجة الافتراض بان هؤلاء المستوطنين "سيقبلون" بالشراكة مع الفلسطينيين في ملكية الارض، لان مثل هذا الافتراض يتناقض مع الطبيعة الاستيطانية والعنصرية للايديولجية والمشروع الصهيونيين.

في المقابل، فان الحل الاشتراكي يقوم على تجاوز الملكية الخاصة للموارد ووسائل الانتاج وتؤسس لملكية المجمتع وبهذا تخلع الاشتراكية مبرر وجود الصهيونية بما هي حركة طبقية راسمالية في الأساس وتمنع الصهاينة (اسرائيل) من إغتصاب الارض وإحتكارها وتحرّم نهب حقوق وملكية الآخرين وتمنح الفلسطينيين في الوقت ذاته تبريراً للقبول بالشراكه مع اليهود في ظل نظام إشتراكي عادل.

التعنت الصهيوني وعبثية الدولة الديمقراطية

يسلّم حل الدولة الديمقراطية العلمانية (دون تحفظ أو تساؤل كما يبدو) بوجود قوميتين، أي بوجود قومية يهودية ـ إسرائيلية ويفترض، نظرياً على الأقل، الاعتراف المتبادل بهاتين القوميتين، أي:

أ ـ إقرار عرب فلسطين بتكون وتبلور القومية ’اليهودية ـ الاسرائيلية‘ في فلسطين هذا من ناحية.

ب ـ من ناحية ثانية، يفترض حل الدولة الديمقراطية ان حكّام الكيان الصهيوني سوف يقرّون بمسؤوليتهم حيال نكبة الفلسطينيين جرّاء الاحتلال الاول وبتبعات تشريدهم من وطنهم وتمزيق بنيتهم الاجتماعية والاقتصادية.

وفي صدد هذه المعضلات نود أن نبدي الملاحظات التالية:

أ ـ ليس هناك ما يشير الى ان الكيان الصهيوني، دولة ومجتمعاً ومؤسساتٍ وحركات سياسية بما فيها ما يسمى "باليسار" الصهيوني، سيقبل بمثل هذا الإقرار أو حتى مجرد إثارة الجدل حوله باستثناء بعض الاصوات الامينة والمقدامة والتي ما فتأت تتقلص وتغادر هذا الكيان (من أمثال موشيه ماخوفر و فيليسيا لانغر وتانيا راينهارت وإلان بابى الذي قرر مؤخراً مغادرة الكيان الصهيوني والاقامة في بريطانيا). كما أنه ليس هناك من يطالبهم بذلك.

ب ـ لماذا يتوجب على الفلسطينيين الاعتراف "بقومية إسرائيلية" في حين لا يتوجب على اليهود الاسرائيليين مجرد الاعتذار والاقرار بالمسؤولية عن نكبة الفلسطينيين؟

ت ـ ناهيك عن أن اعتراف الفلسطينيين بقومية إسرائيلية يعطي الصهاينة فرصة التمترس وراء حق تقرير المصير مما يعني حقهم في رفض حق العودة وحصر الحل في من يعيشون داخل فلسطين لحظة تنفيذ الحل.

وفي هذا السياق، نرى أن أي حل للصراع على أساس ثنائية القومية، سواء كان حل الدولة الديقراطية العلمانية أو حل الدولة الثنائية القومية، متجاهلاً البعد القومي العربي، يصبح مشروعاً عبثياً وهدفاً بلا معنى إذ أنه لا يقدم الحلول لاي من هذه المشاكل.

الفلسطينيون وحدهم يدفعون الثمن!

تقوم مثل هذه الحلول على مفارقة غريبة ومشبوهة دون ان يرتفع صوت واحد في وجهها (لا عربي ولا فلسطيني): تطالب كل الحلول المطروحة، دون إستثناء، الفلسطينيين وحدهم بدفع الثمن، وهذا غبن لحقوق الفلسطينيين وإلتهام أراضيهم أولاً، وإقرار عنصري ضمني "بتفوق" اليهود وإستثنائيتهم حيال الآخر ثانياً. كل هذا يتم بصمت وتحت شعارات ديمقراطية وعلمانية أيضا!

شطب التحرير وإختزال النضال الفلسطيني

عمدت الحلول التي طرحت للصراع العربي ـ الصهيوني، بما فيها حل الدولة الديمقراطية العلمانية وحل الدولة الثنائية القومية، الى طمس البعد القومي للمسالة الفلسطينية، كما تجاهلت حق العودة للاجئين الفلسطينيين. فهذان الحلاّن يتناولان المسألة الفلسطينية محصورة في الحدود الجغرافية لفلسطين وعليه فانهما يقدمان حلاً للفلسطينيين واليهود الذين يقيمون حالياً على الاراضي الفلسطينية المحتلة في إحتلالي 1948 و1967. وعليه، ففي حالة تنفيذ أيٍ منهما، سيتم إختزال النضال الوطني الفلسطيني، وتخفيض سقفه السياسي والقومي، الى مجرد نضال داخلي/محلي محصور في مستويات الحقوق والحريات المدنية والثقافية في إطار "دولة شرعية" و"ديمقراطية إفتراضية".

الدولة الديمقراطية العلمانية ومستقبل اليهود:
(مصير اليهود المقيمين في فلسطين المحتلة)

لا يطمس حل الدولة الديمقراطية العلمانية البعد القومي والطابع العربي لفلسطين فحسب، بل يحصر نفسه في معالجة تناقضات وإشكاليات العلاقة بين العرب واليهود الموجودين الآن على أرض فلسطين التاريخية (’اليهود الاسرائيليين‘) على أساس المساواة في المواطنة وعلمانية الدولة والمجتمع وضمانة الحريات الدينية. بعبارة اخرى فان ما يقدمه هذا الحل هو "إدارة" العلاقة بين هؤلاء اليهود والعرب وتحقيق "السلام" المنشود بينهم في إطار هذه الدولة على حساب ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات. هذا من ناحية.

ومن الناحية الثانية، فان الخلل في هذا الحل يكم أيضاً في تفاديه معالجة مسألة اليهود الاسرائيليين (اي المقيمين الآن في الكيان الصهيوني) ومستقبلهم ’كأقلية‘ في فلسطين (كجزءٍ من الوطن العربي الموحد) وفي أجزاء اخرى من الوطن العربي تشارك الشعوب العربية والاقليات/المجموعات الثقافية و/أو الاثنية الشريكة والمتآخية في هذا الوطن.

حول التحديات والحوار المرجئ

لا ندّعي، باي شكل من الاشكال، باننا في معرض تقديم حلول جاهزة لمستقبل العلاقة مع هؤلاء اليهود أو أننا نملك الاجابة الشافية على كافة جوانب هذه المشكلة المعقدة، بل نرى أن هذه الاجابة والحلول تحتاج الى مساهمات جادة ومسؤولة ولا بد أن تستنهض مشاركة عربية شاملة تساهم فيها القوى الشريفة والتقدمية والانسانية في الامة العربية، فالمسؤولية لا تقع على عاتق طرف واحد حتى ولو كان هذا الطرف فلسطينياً لان هذا يعيدنا الى المربع الاول، فالصراع في جوهره عربي ـ صهيوني وليس ’فلسطينياً ـ إسرائيلياً‘. إلا أن ما نستيطع ان نجزم فيه هو:

• أنه لا يجوز لحركة تحرر وطني أو لقوى إشتراكية وقومية تقدمية متآخية أن تتجاهل هذه المسائل؛
• أو أن تطرح حلولاً شوفينية عنصرية؛
• ولا يجوز لها أن تقبل أو تجيز إضطهاد مجموعة (أو مجموعات) بشرية اخرى؛
• كما أنه لا يليق بحركة تحرر عربية إلا ان تفتح باب العيش المشترك والمتآخي الذي يضرب جذوره العميقة في تراثنا العربي ـ الاسلامي العريق في التآخي والتسامح؛
• وأخيراً، نرى أنه يتوجب على هذه الحركة أن تجاهر العالم بلا مواربة بانها في مواقفها هذه إنما تستند الى مرتكزات ثلاثة: حق العودة لللاجئين الفلسطينين، ورفض الاعتراف بالكيان الصهيوني، والنضال من أجل تفكيكه.

ان جل ما نتوخاه هو المساهمة في حوار ظل مرجئاً لامدٍ طويل نرى أنه أضحى ضرورياً وملحاً لاسباب عديدة أهمها:

1) لم يعد من الممكن تجنب هذه المسائل وإرجائها الى أجل غير مسمى. لقد تمكننا من الهروب من مواجهة هذه المعضلات لبعض الوقت، كما هو حاصل الآن، إلاّ أن هذا الأمد لن يطول. كما أنه لم يعد من مصلحة الشعب الفلسطيني ومستقبل نضاله إغفال هذه القضايا. وفي تقديرنا ان مثل هذا الحوار سيمنح القضية الفلسطينية زخماً جديداً.

2) أن صعوبة الموقف وتشابك العوامل الفاعلة فيه لا تشكل ذريعة للهروب منه ولا التقاعس عن البحث عن حلول أو تأجيلها. ولن نستطيع تجنب النزاعات والصراعات بسبب تعقد المسيرة وحدّة تطوراتها وأزماتها.

3) قد تكون هذه المسائل "مؤجلة"، أو هكذا يبدو، بالمقاييس البراجماتية لللحظة السياسية الراهنة، أما إذا توخينا الدقة والموضوعية في التحليل، فهي في جوهر الصراع المحتدم في بلادنا.

4) ليست هذه المسائل بعيدة عن يوميات النضال وواقعة. فالرؤية الاستراتيجية لأهداف النضال الفلسطيني ـ العربي هي التي تضبط إيقاعاته التكتيكية وتحدد مسيرته وتوجهاته وأساليبه. فالعلاقة بين الاستراتيجي والتكتيكي علاقة تبادلية وجدلية. وبهذا المعنى فان التصور الاستراتيجي، وإن بدى بعيد المنال، فهو جزء من الحاضر والنضال اليومي.

5) لا تقع مسؤولية إستشراف الحل على عاتق طرف دون الآخر، بل هي مسؤولية مشتركة تكتمل بالجهد الجمعي وتتطلب مساهمة جادة من كافة القوى السياسية والاجتماعية في الوطن العربي.

6) قد يجد الفلسطينيون والعرب المقيمون خارج الاراضي المحتلة، أنه من الممكن تفادي هذه المسائل. أما اولئك المقيمون تحت نير الاحتلال الصهيوني، فلا يجدون مندوحة من مواجهة هذه التحديات يومياً، ومن هنا تتأتى إلحاحية طرح هذه القضايا والشروع في حوار مفتوح حولها.

7) لا يجري نضالنا في فراغ، بل هو، كما قضيتنا، جزء أساسي من نضال الشعوب في هذه الحقبة من تاريخ الانسانية. ومن هذا المنطلق، تقع علينا مسؤولية التصدي لهذه المعضلات وطرح تصوراتها على القوى الشريفة التي تتوق لدعمنا ومساندة قضايانا، والتي كثيراً ما تجد نفسها مكبلةً ومشلولة الحركة امام التعقيد الذي يشوب هذه القضايا وكذلك أمام تردي خطابنا السياسي الذي يقف عاجزاً أمام تحدياتها، ناهيك عن هيمنة التيارت والنزعات الصهيونية في أوساط القوى السياسية والاجتماعية والاعلامية اليسارية والتقدمية والاشتراكية والشيوعية في العالم.

ديمغرافيا اليهود الفلسطينين والعرب

لقد عاش اليهود الفلسطينيون والعرب بين ظهرانينا في فلسطين والبلاد العربية الاخرى مثل مصر والعراق واليمن والمغرب وغيرها، وشاركونا العيش بسلام وطمأنينة قروناً عديدة دون أن يتمتعوا بكيان سياسي معين أو حكم ذاتي، بل عاشوا معنا كمجموعة أو أقلية دينية/ثقافية ومارسوا حرياتهم الدينية والثقافية دون عوائق. ناهيك عن ان مفاهيم الحكم الذاتي وحقوق الاقليات وحق تقرير المصير وغيرها من مثل هذه المفاهيم لم تكن مصاغة خلال تلك القرون من التعايش المشترك بل تطورت خلال القرنين الاخيرين.

باستثناء اليهود الفلسطينيين (الذين أقاموا في فلسطين قروناً طويلة قبل حلول الغزوة الصهيونيه في ثمانينات القرن التاسع عشر)، فانه يمكننا يمكن القول بان اليهود المقيمين في فلسطين المحتلة اليوم هم غزاة ومستوطنون صهاينة (أو أبناء وأحفاد لهؤلاء)، قدموا الى فلسطين ضمن مشروع إستيطاني إستعماري صهيوني وتسببوا في نكبة الشعب الفلسطيني وتشريده وإحتلال وطنه. ويشمل هذا اليهود العرب الذين قدموا في أغلبيتهم من البلدان العربية بعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948 ضمن المشروع ذاته.

نرى أن هذا التمييز دقيق وهام وهو ما يفصل بوضوح بين اليهود والاقليات الاخرى في الوطن العربي مثل الامازيغ والاكراد الاصلانيين أو الارمن الذين لاذوا ببلادنا هروباً من إبادة عرقية وحشية أودت بحياة ما يزيد عن مليونين منهم.

هناك من يميز بين المستوطنين الصهاينة من اليهود العرب من جهة، والآخرين الذين قدموا من دول اوروبا الشرقية والغربية أو أنحاء اخرى من العالم، بحجة أن اليهود العرب قد ’هاجروا‘ الى فلسطين المحتلة هروباً من قمع وإضطهاد الانظمة العربية وحكوماتها مثل العراق ومصر والمغرب وغيرها.

ودون الخروج عن موضوعنا الرئيسي، ولما لمسألة اليهود العرب من أهمية وصلة وثيقة بمستقبل اليهود، فاننا نبدي في هذا الصدد بعض الملاحظات العاجلة:

1) لقد هاجر اليهود العرب الى فلسطين ضمن مخططات واضحة ومرسومة للمشروع الصهيوني وآلياته التنظيمية والتعبوية وبهدف واضح أيضاً وهو إستيطان هذا البلد وإحتلاله وإقتلاع شعبه وإحلالة بالمستوطنين.

2) نعم، لقد واجه هؤلاء القمع والاضطهاد من الانظمة العربية، وهو أمر قد لا يختلف عليه إثنان. فهي أنظمة دكتاتورية إستبدادية من حيث نشأتها وطبيعتها ووظيفتها. إلاّ ان هذه الانظمة لم تنفرد باضطهاد اليهود العرب لوحدهم ولم تستهدفهم، بل قمعت وجوَّعت وإضطهدت، وما زالت وبشراسة أكثر، الجماهير والشعوب العربية من دون أي تمييز على اساس الانتماء الديني او الاثني او القومي، وهي إنظمة تخوض حرباً أهلية على مدار الساعة ضد شعوبها وجماهيرها وطبقاتها الشعبية، وربما حظي اليهود كمجموع بمعاملة أفضل مما حظيت به الأكثرية العربية كمجموع من هذه الأنظمة.

3) تطمس هذه الاطروحة الدور الارهابي للحركة الصهيونية التي غررت بالكثيرين من اليهود العرب وأرهبتهم من أجل دفعهم للالتحاق بالمستوطنين الصهانية في فلسطين. لقد وقع الآلاف من هؤلاء اليهود ضحية الارهاب الصهيوني حيث هاجر معظم يهود العراق، على سبيل المثال، الى فلسطين المحتلة نتيجة الارهاب الصهيوني (راجع كتاب عباس شبلاق حول هذه المسألة The Lure of Zion). إضافةً، أبقت بعض الدول العربية، مثل مراكش وتونس، أبوابها مفتوحة امام اليهود العرب الذين غادروها إن هم رغبوا في العودة الى بلدانهم الاصلية، ورغم أن الكثيرين منهم عاد بعد استيطانهم لفلسطين لزيارة ذويهم، إلاّ أنهم لم يرغبوا في البقاء فيها وعادوا الى الكيان الصهيوني.

4) أن الهروب من قمع الانظمة لا يبرر إستيطان وإحتلال وطن شعب آخر وتدمير مجتمعه وتشريد أبنائه.

لا ضير في الاختلاف حول تعريف اليهود المقيمين الآن في الكيان الصهيوني (الاحتلال الاول لعام 1948 والثاني لعام 1967)، أو في تحديد هويتهم. كما اننا لا نرى ضيراً في أن يتمحور النقاش في الوقت الحاضر، وهو ما نميل اليه ضمانةً لاستمرار الحوار، في التعامل مع هؤلاء كمجموعة بشرية أو سكّانية أو أن شاء البعض كأقلية دينية، أو دينية ـ ثقافية. وإذا رغب البعض في أن يسيمهم، جدلاً، ’اليهود الاسرائيليين‘ تسيهلاً للحوار، فليكن لهم ذلك. إن ما يعنينا الآن، هو الحد الأدنى لما نستطيع أن نتفق، وهو أن: هناك هذه الكتلة البشرية المؤلفة من بضعة ملايين، هم في التحليل النهائي وبغض النظر عن المسميات، اناس وبشر وهذا يقتضي إيجاد حلول إنسانية لاشكاليتهم أو لاشكاليتنا معهم. وحتى لو إقتضى الأمر أن نذهب الى أنهم اسرى حرب، فهناك من القوانين والمعاهدات التي يتوجب علينا الاحتكام إليها لدى التعامل معهم.

إلاّ ان كل هذه التباينات والاجتهادات يجب ألاّ تعيق الحوار والتصدي للمسائل العالقة.

ملاحظات لينينية

قد يكون من المفيد مناقشة إشكالية اليهود ’الاسرائيليين‘ من المنظور الماركسي ـ اللينيني واطروحة ما يسمى ب’نشوء أو تطور القومية اليهودية /اسرائيلية‘ في الكيان الصهيوني، والتأمل في توفر (او عدمه) الشروط الكلاسيكية لهذه القومية كما لخصها لينين وستالين. إلاّ أن هذه الفائدة تظل نظريةً أكاديمية وتنأى عن معالجة المعطيات الراهنة والقائمة على الارض. ورغم الاهمية البالغة لهذه المسألة لكافة التقدميين العرب وقوى اليسار العالمي وحركات التضامن مع الشعب الفلسطيني ومناهضة العولمة والامبريالية بكافة أطيافها، فان المجال لا يتسع هنا لإيفائها ما تستحقه من مناقشة، وسنكتفي بالتوقف لدى المحاور الرئيسية لهذه المسألة.

دون الدخول في متاهات، وبغض النظر عن عناصر ومكونات القومية والسمات المشتركة التي طرحتها الماركسية ـ اللينينية حيال المسألة القومية (العيش المشترك، إستمراية التفاعل التاريخي لجماعة ما، اللغة، وحدة الارض والحدود السياسية، التكامل الاقتصادي في سوق إقتصادية مشتركة، الطابع الجمعي ...وغيرها)، وبغض النظر عما إذا توفرت هذه الشروط في ’القومية اليهودية ـ الاسرائيلية‘ أو توفر بعضها وإمكانية أو إحتمال تكاملها بفعل تقادم الزمن والعيش المشترك على بقعة جغرافية واحدة، نقول بغض النظر عن هذا كله، فان الركائز الاساسية في الموقف الماركسي ـ اللينيني من المسألة القومية وحق تقرير المصير تقوم على (1) المساواة في الحقوق بين الامم ولا يتحقق هذا قبل أن يحصل كل واحد من الشعوب والاقليات على فرصته في إختيار دربه، (2) وإن هدف الاشتراكية هو توحيد الشعوب والامم وإندماجها في عائلة واحدة. وقد أصر لينين على واجب الاشتراكيين في النضال القومي ضد الامبريالية وإشترط ان يكون هذا النضال داعماً لنضال الشعوب والقوميات المضطَهَدَة ضد الامبريالية والامم المتسلطة.

ـ على ضوء هذه المبادئ الاساسية، نرى أن الكيان الصهيوني قاعدة إمبريالية جاءت تجسيداً ماديا لمشروع راسمالي ـ امبريالي ـ صهيوني إرتبط عضوياً ومصلحياً منذ نشأته بالاستعمار والامبريالية والراسمالية ووظف الجماهير اليهودية في غزوة إستيطانية لاحتلال وطن آخر وإقتلاع شعبه.

ـ إن مستقبل اليهود المقيمين الآن في فلسطين المحتلة وعيشهم معنا في كافة أجزاء الوطن العربي، أمر يجب إستشرافه ومناقشته من منظور وفي إطار المستقبل الاشتراكي للوطن العربي والنضال ضد الامبريالية والراسمالية. ومن هذا المنطلق، فاننا نرى ان هذا المستقبل وإكتمال تصوره، مرهون بعدد من العوامل:

• مجمل التطورات السياسية والاجتماعية في الوطن العربي وما يحرزه المشروع النهضوي الاشتراكي القومي العربي من تقدمٍ.

• بتطورات وإنجازات التجربة القومية في بلادنا أي بمعالجتنا للمسألة القومية وأوضاع الاقليات في الوطن العربي، وعلاقات العرب مع الاقليات الاخرى (على إختلافها من قومية، إثنية، دينية، دينية/ثقافية...الخ).

• حسم مسألة هذه الحقوق في إطار الالتزام بمبادئ الاشتراكية وحق تقرير المصير للاقليات القومية (الاكراد والامازيغ على سبيل المثال) وحق تشكيل الكيانات الدينية و/أو الدينية ـ الثقافية لغيرها من المجموعات والاقليات.

حق تقرير المصير لليهود: إعتراف بالكيان الصهيوني

سيقيم بعضهم الحجة، وربما يدّعون أنهم يسوقونها على أرضية ماركسية، على أن اليهود في فلسطين او "اليهود الاسرائيليين" يتمتعون، هم أيضاً، بحق تقرير المصير اسوة بغيرهم من الاقليات القومية او الاثنية كالاكراد على سبيل المثال. إلاّ ان هذه المماثلة خاطئة من حيث الجوهر والمبداً. ففي حين قام الاكراد على ارض اوطانهم منذ قرون عديدة، فان اليهود المقيمين في فلسطين اليوم (اليهود الاسرائيليون) جاؤوا إليها كمستوطنين ضمن مشروع إستيطاني ـ امبريالي، الى ارض إحتلوها وشردوا شعبها ودمروا بنيته الاجتماعية والاقتصادية والحضارية والتراثية.

إن منح اليهود حق تقرير المصير على شكل كيان سياسي مستقل أو ’حكم ذاتي‘ وما شابه، يعني مكافأة المحتلين ومباركة مشروع راسمالي ـ إمبريالي ـ صهيوني، كما يعني الاعتراف بالاستيطان الصهيوني (بكل مكوناته الايديولوجية والعنصرية والامبريالية) أي الاقرار بشرعية المشروع الصهيوني. إضافةً، فان الاقرار بشرعية هذا الكيان السياسي قد يأخذ اليوم شكل ’حكم ذاتي‘، إلا أنه قد يصبح في الغد، ضمن معطيات وأوضاع إقليمية ودولية متغيرة، ’دولة‘ مستقلة (والامثلة على ذلك كثيرة) تصب في مشروع المركز الراسمالي الهادف الى تفتيت الوطن العربي ومجتمعات المحيط.

الخيارات

بعد تفكيك الكيان الصهيوني وتطبيق حق العودة وإزالة الاحتكار الصهيوني للارض والموارد والمؤسسة العسكرية والاقتصادية، ما هي الحلول او الخيارات أمام اليهود؟ ماذا سيحل بهم، على المستوى الانساني البحت كاناس وبشر وبغض النظر عن هويتهم كأقلية أو مجموعة بشرية أو وضعهم القانوني ...الخ؟

1) سيقول بعضنا: "ليس هذا شأننا". حسناً. إلا ان هذا لا يشكل مخرجاً واقعياً ولا إنسانياً ولا تقوى حركة تحرر وطني ولا قوى إشتراكية أو تقدمية على ان تواجه العالم به في القرن الواحد والعشرين. ولعل هذا كان هاجس المقاومة الفلسطينية الصاعدة في أواخر ستينات وبوادر سبعينات القرن الماضي عندما أطلت علينا بحل الدولة الديمقراطية العلمانية.

2) بامكان هؤلاء اليهود، بالطبع، القبول بالعيش معنا في المجتمع العربي الموحد الجديد وفي ظل النظام الاشتراكي.

3) إن لم يرغبوا بالعيش في فلسطين المحررة والمتوحدة مع أجزاء الوطن العربي وفي مجتمع إشتراكي معادٍ للصهيونية والراسمالية والامبريالية، فيبقى أمامهم، إن شاؤوا، خيار مغادرة البلاد والعودة الى حيث جاؤوا او الى حيث جاء آباؤهم وأجدادهم أو الرحيل الى اية بقعة في العالم، لا فرق، وهذا قد يحصل من قبل الأغنياء، وليس الفقراء بالطبع.

4) يبقى المتشددون الدينيون (اليهود الارثودكس) الذين سيرفضون الرحيل عن ’أرض الميعاد‘ و’الدولة اليهودية النقية‘ مهما كان الثمن، كما انهم، وللسبب ذاته، لن يقبلوا بالمجتمع الجديد أو بالعيش فيه. وسيؤدي هذا الى مواجهات وصدامات من العسير التكهن بعواقبها.

(4)
الكيان الصهيوني والتطبيع ومشروع الهيمنة

جاء إعلان وقيام "الحكم الذاتي الفلسطيني" في سياق وعلى أرضية اتفاقية اوسلو، ليكرس الاعتراف بالكيان الصهيوني والتنازل الفعلي عن حق العودة لللاجئين الفلسطينيين. هذا على الصعيد الفلسطيني.

أما على الصعيد القومي العربي، فقد شكّل هذا الاعلان، وما زال، دعوةً مفتوحةً من الفلسطينيين الى العرب (حكومات وشعوباً وأحزاباً) لدفعهم الى السير قدماً في التطبيع مع الكيان الصهيوني وعرقلة وإيقاف الجهود المناهضة له، ومطالبة العرب بالتخلي عن دورهم كعرب في النضال ضد هذا الكيان ككيان محتل لجزء من وطنهم وكقاعدة إمبريالية متطورة تسعى لليهمنة على المنطقة العربية ونهب مواردها. وغنيّ عن القول، ان هذه "الدعوة" الفلسطينية هي المعنى الفعلي والترجمة العملية لموافقة القيادة الفلسطينية على ما يسمى "بعملية السلام" كما يملية الكيان الصهيوني والامبريالية، أي سلام راس المال.

في المقابل، يقف النهج الاسرائيلي، بمستوييه الرسمي والشعبي، على تباين صارخ من الموقف الفلسطيني ـ العربي. فرغم إدّعاء الاسرائيليين الكاذب، المستويين الرسمي والشعبي، بانهم "يسعون الى السلام" مع الفلسطينيين والعرب، فان الممارسة الفعلية على الارض تشير الى العكس تماماً: المزيد من التعنت والصلف والتمسك بالاحتلال، رفض الانسحاب من أراضي الضفة والقطاع، إلتهام المزيد من الاراضي العربية، تهويد القدس وضواحيها وبناء الجدار العنصري والمزيد من المستوطنات الصهيونية في الضفة والقطاع.

إلاّ أن الاجندة الاسرائيلية / الصهيونية تذهب، في جوهرها، الى ما هو أبعد من ذلك، اي الى "ما وراء فلسطين": الى مشروع الهيمنة. ويشترط تحقيق هذا المشروع توفر بيئةٍ ساكنة ومتخلفة ومفككة أي عاجزة عن الاداء والفعل. كما يشترط سوقاً "مسالمة" موالية للرأسمالية (معادية للاشتراكية) ومفتوحة على مصراعيها أمام المنتوجات والبضائع الاسرائيلية. بعبارة أخرى، ومن منظور النظام العالمي ومركزه الرأسمالي، فان ما يريده الاسرائيليون هو أن تصبح إسرائيل "مركزاً رأسمالياً إقليمياَ" تحيط به "بلدان محيط" شاسعة ومنفتحة وفوق كل شيء، خاضعة. وعليه، فان الهدف النهائي للاجندة الصهيونية هو أن "يندمج" الكيان الصهيوني ليصبح "جزءً وشريكاً طبيعياً" في المنطقة العربية من أجل الهيمنة على الاسواق العربية عبر سياسة واستراتيجية "الاندماج المهيمِن".

في هذا السياق ومن خلال هذا الفهم، نستطيع القول ان سياسة التطبيع مع اسرائيل عبر سياسة الاندماج المهيمِن، في ترجمتها العملية، هي خطة عدوانية تقوم على:

أ ـ الجهود والمحاولات الاسرائيلية المسعورة للاندماج في المنطقة العربية عنوةً ووفق شروطها ومصالحها.

ب ـ قبول العرب بالدولة الصهيونية ككيان طبيعي في المنطقة دون تحفظ وبانفتاح كامل وترسيخ هذا الكيان "كما هو" أي بطبيعته الاستيطانية الكولونيالية والعنصرية دون أن يبدي إستعداداً للتغيير أو أن يدفع أي ثمن.

ت ـ فتح الاسواق العربية أمام السلع والبضائع الاسرائيلية وتحركها بسهولة ودون معيقات.

ث ـ تصبح إسرائيل المركز المالي والصناعي والتكنولوجي في المنطقة العربية وتتربع "مركزاً رأسمالياً" للمحيط العربي في حين تصبح الدول العربية (شعوباً وأسواقاً وموارد) محيطاً تابعاً وخاضعاً لهذا المركز.

وهكذا لا تعدو سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، من منظور الاجندة الصهيونية، كونها "طبعةً" جديدة لحرب صهيونية، غير عسكرية هذه المرّة، وغير موجهة ضد الانظمة العربية (والتي تصطف بوضوح في المعسكر الامبريالي ـ الصهيوني) وجيوشها الرسمية، بل هي حرب من نوعٍ آخر تعيث دماراً من نوعٍ آخرٍ أيضاً: حرب ضد الشعوب والامة العربية وطبقاتها الشعبية ومصالحها الاساسية في الوحدة والتنمية الاشتراكية وتحرير الاراضي المحتلة.

(5)
المشروع الاشتراكي في فلسطين

سمات الحقبة والاستراتيجية الجديدة

لا تتسنى صياغة إستراتيجية جديدة للمشروع القومي العربي النهضوي المناقض للمشروع الراسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني والهادف الى الوحدة والتنمية وتحرير الاراضي العربية المحتلة، لا تتسنى دون الاحاطة بالتطورات الجسيمة التي حلّت بالعالم والمنطقة العربية على أبواب الالفية الثالثة. وفيما يلي بعض التطورات البالغة الاهمية ذات التأثير المباشر على حاضر ومستقبل الوطن العربي:

أولاً ـ عالمياً:
ـ إنهيار بلدان الإشنراكية المحققة وتراجع الثورة العالمية "وإنتصار" الراسمالية العالمية ودخول العولمة مرحلة متقدمة في هيمنتها وتوحشها وإنفلاتها.
ـ شعار"لا مقاومة في حقبة العولمة" الذي رفعه المركز الراسمالي العالمي وسياساته الامبريالية وقمع كافة محاولات المقاومة والمناهضة والممانعة بكل أشكالها وأينما كانت. ويعني هذا على المستوى الفلسطيني ـ العربي، المستهدف الاول من هذا الشعار، القضاء على كافة أشكال المقاومة والممانعة والقبول بالاحتلال والانبطاح أمام مشاريع التسوية و"سلام رأس المال" وترسيخ سياسة وثقافة "لا مقاومة في حقبة العولمة".
ـ تلج الانسانية اليوم، وهي على عتبة الالفية الثالثة، حقبة تبزغ ملامحها في نهوض المقاومة العربية (الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني، والعراقية ضد الاحتلال الاميركي، واللبنانية بقيادة حزب الله ضد الكيان الصهيوني)، والثورة الشعبية الماوية في نيبال، وفي محاولات التغيير والنهوض الشعبي في اميركا اللاتينية والوسطى، كما تتجلى في صمود كوبا وصعود الثورة البوليفارية في فنزويلا وتشييد التحالفات مع كوبا وبوليفيا ونيكاراغوا... وغيرها من التطورات الجذرية التي تترك بصماتها العميقة على أوضاع الانسانية بمجملها.
ـ تشهد الحقبة الراهنة تبعات إنهيار النمط السوفيتي والانظمة الاشتراكية في اوروبا الشرقية. ونرى أن هذا الانهيار كان هزيمة نمط ولم يشكل فشل ايديولجية ونظام وقيم الاشتراكية. كما نرى ان الاشتراكية قد صمدت كفكر ونظام اجتماعي ـ اقتصادي رغم وحشية الهجمة الراسمالية. فرغم هذه الهجمة نقف اليوم على إنسانية تضمد جراحها وتلملم قواها تأهباً لوثبة جديدة في غضون خمسة عشر عاماً من الانهيار السوفييتي، وهي فترة قصيرة بكل المقاييس التاريخية.
ـ يقوم إلتزامنا بالاشتراكية على تقييم التجارب الاشتراكية في القرن العشرين تقييماً نقدياً والاستفادة من دروسها وعبرها ويستند الى:
• فهم الاشتراكية فهماً نقدياً وديالكتيكياً يرفض التخشب وينطلق من فهم التناقضات والظروف فهماً مادياً موضوعياً.
• مراعاة الخصوصيات المحلية والقومية.
• إشتراكية تقودها الطبقات صاحبة المصلحة في النضال والتغيير، الطبقات الشعبية.
• التأكيد على المبدأ الاممي للاشتراكية والشيوعية دون الاستجابة للفزاعات التي تنهال علينا من الميمنة والميسرة.

ثانياً ـ عربياً:
ـ إستدخال الهزيمة في قطاعات من المجتمعات العربية مما أودى بنا الى "سلام رأس المال" منذ إتفاقية كامب دافيد بين مصر واسرائيل وصولاً الى مرحلة اوسلو وإملاءاتها والتيه في سراديب ما يسمى "بالعملية السلمية" وخارطة الطريق والمفاوضات العقيمة منذ عام 1993. وقد تم إستدخال الهزيمة في المجتمعات العربية في مستويين:
أ ـ الطبقات الرأسمالية الكومبرادورية الحاكمة؛
ب ـ الاحزاب والمنظمات السياسية والمثقف العربي الذين أصبحوا أداة للتطبيع مع المركز الامبريالي وإسرائيل.

بعبارة احرى، نجحت الامبريالية والكيان الصهيوني والانظمة القطرية العميلة في القضاء على المقاومة العربية لصالح عملية "سلام رأس المال" وإستدخال الهزيمة والقبول بصفقات سياسية ودبلوماسية كحل نهائي للصراع العربي ـ الصهيوني. وقد شهد العقدان الاخيران أمثلة كثيرة من الانقضاض على كافة أشكال المقاومة العربية (تدمير العراق منذ عام 1991 ثم إحتلاله، دفع فصائل المقاومة الفلسطينية وم.ت.ف. الى قبول التسوية والتخلي عن برنامج التحرير الوطني، ضرب النظام التقدمي في اليمن الجنوبي وإشعال حروب الفتنة والاقتتال الداخلي في البلدان العربية كما هو حاصل في مصر والجزائر ولبنان). إلاّ أن الأمر لم ينته. فالمعركة الآن على أبواب الطبقات الشعبية، بمعنى ان الطبقات الشعبية، وإن لم تنتفض ضد الطبقات الحاكمة والمتخارجة، إلا أنها ترفض الإقرار بالهزيمة، وهذا يفتح على آفاق لانهائية في المقاومة ونسف المشروع المعادي، وإن كان يحتاج إلى حركة حزبية اجتماعية جديدة.

ثالثاً ـ فلسطينياً:
إستدخال الهزيمة على المستوى الفلسطيني وإنخفاض السقف السياسي للمقاومة الفلسطينية من مشروع تحرير وطني لكامل الوطن الفلسطيني الى إستعادة الضفة الغربية وقطاع غزّة. ويعني هذا، من ضمن ما يعنيه، السقوط في فخ تقاسم أرض الوطن مع العدو المحتل. وبدون الاستفاضة في تدهور المشروع الوطني الفلسطيني، نكتفي بالاشارة الى ان هذا التدهور ليس أمراً جديداً ولا مفاجئاً، بل تتدرج عبر مراحل متعددة بدأت منذ صِدام المقاومة الفلسطينية مع النظام الاردني (ايلول 1970) وخروجها من الاردن بعد معارك جرش والاحراش (صيف 1971)، ثم الخروج من لبنان والرحيل الى تونس (ايلول 1982) وصولاً الى مفاوضات مدريد (اكتوبر 1991) وإتفاقية اوسلو (ايلول 1993). وتشير مجمل التنازلات التي قدمتها فصائل المقاومة الفلسطينية وم.ت.ف. على مستوى الاهداف والشعارت ووسائل النضال، الى التخلي عن برنامج التحرير الوطني والانحراف عن أهداف مشروعها. هذا من ناحية، ومن الناحية الثانية فان هذه التنازلات تشير الى الانخراط في قبول الإملاءات الصهيونية والامبريالية وإنتقال القيادة الفلسطينية من مواقع التحرير الوطني الى المواقع "الصهيونية" المعادية (الصهاينة الفلسطينيون).

رابعاً ـ إسرائيلياً:
في المقابل، يظل النهج الاسرائيلي كما أسلفنا، بمستوييه الرسمي والشعبي، على تعنته وتشبثه بالاحتلال ورفضه الانسحاب من الاراضي المحتلة وتوسيع المستوطنات الصهيونية وسعيه الحثيث نحو التطبيع مع الانظمة العربية.

خلاصة القول، أنه في الوقت الذي يتدهور فيه وضع الفلسطينيين عامة، ويفشل حل سلام رأس المال، فان العالم الرسمي ما زال يتمسك ب: "الدولة اليهودية النقية" وأمن اسرائيل وتحرير التجارة، وتفكيك الوطن العربي، وشطب حق العودة وصولاً الى إستدخال الهزيمة والتطبيع الكامل.

مكونات المشروع الاشتراكي في فلسطين

خلقت ظروف الهزيمة وهرولة الأنظمة العربية والقيادة الفلسطينية نحو حل نهائي تصفوي، ظروفاً موضوعية وتاريخية تملي بدورها حلاً مرحلياً ممثلاً في تفكيك فلسطين وصولا إلى الحل النهائي في إعادة تركيبها. ويشتمل هذا الحل على طرد الإحتلال، فصل عرب 1948 عن الكيان، وشطب السلام الكمبرادوري، سلام رأس المال. وعليه، فاننا نقترح تقسيم مشروع الحل الاشتراكي في فلسطين المحتلة الى:

اولاً: الحل المرحلي في:
• مناطق الاحتلال الاول (1948)؛
• مناطق الاحتلال الثاني (1967).
وثانيا: الحل النهائي، المشروع الشعبي العربي الاشتراكي.

ولا يأتي هذا التقسيم قسريا ووفقاً لتوزيع جغرافي شكلي، وإن كان العامل الجغرافي هاماً، بل نتيجة الاوضاع والتطورات الاجتماعية والسياسية والتاريخية التي حلّت بفلسطين وشعبها خلال العقود الستة الاخيرة.

فصحيح ان الوطن واحد لا يتجزء وهو غير قابل للتقسيم. كما أنه صحيح ان لهذه الاطروحة (اطروحة الوطن الواحد الموحد) سحرها من حيث انها تجمع على أرضيتها القومي العربي والاشتراكي والإسلامي وحتى، على الطرف النقيض، القيادات الدينية اليهودية المتشددة والقيادة الصهيونية...الخ. إلاّ أن فلسطين الواحدة الموحدة لها معنى واحد لدولة واحدة هو الحل الإشتراكي. فلا معنى لفلسطين واحدة لا "حيز" للفلسطينيين فيها، وحيث تبقى الأرض حكراً على اليهود والصهاينة، والجيش صهيونياً، والصناعات العسكرية والمدنية المتقدمة ملكيةً لراس المال اليهودي.
هذه النقاط هي التي تنسف أطروحة الدولة الديمقراطية سواء وُصفت بالعلمانية أو لا. ومن باب المقارنة، ورداً على الكثير من المقولات المتكررة التي تعقد المقارنات بين الحالة الفلسطينية وجنوب أفريقيا، يمكننا إدراج مسائل ثلاث تفرقنا عن جنوب إفريقيا: (أ) ان مصالح النظام العالمي في جنوب إفريقيا كان حلها ممكنا داخل تلك الدولة دون بعد إقليمي، أما في حالتنا فان الصراع قائم مع العرب ووطنهم وليس محصوراً في الحيز الفلسطيني، (ب) مسألة إقتلاع السكان العرب الاصليين وحق العودة لللاجئين الفلسطينيين، (ج) الاحتكار الصهيوني لملكية الارض.

أولاً ـ منطقة الاحتلال الاول (فلسطين المحتلة عام 1948)

يتمسك عرب 48 بهويتهم القومية العربية بوضوح وثبات ولم تستطع عقود ستة من بطش الاحتلال الاسرائيلي من زعزعة إنتمائهم العروبي. وعليه، فان دورهم في المشروع القومي النهضوي العربي يكون في النضال من أجل إقامة دولة فلسطينية في مناطق الاحتلال الاول (1948)، وهو هدف إنتقالي من حيث أنه يشكل خطوة في المشروع الاشتراكي النهائي.

أما مبررات هذه الدولة فهي متعددة، نذكر منها:

أ ـ حق "الاقليات" القومية في تقرير المصير وإقامة دولة لها. مع لفت النظر بان عرب 1948 قد يشكلون "اقلية" في فلسطين المحتلة 1948 من حيث تعدادهم بالمعنى النسبي، إلاّ انهم يمثلون السكان الاصلانيين والاصحاب الحقيقيين والطبيعيين للاراضي العربية التي قطنوها قروناً عديدة. أما تقلص عددهم فهو نتيجة للاستيطان الصهيوني في فلسطين وعمليات الاقتلاع والتشريد والابادة والتي لم تنتقص من عزمهم ولم تزعزع من إنتمائهم القومي العربي رغم سنوات الاضطهاد والقمع والتمييز التي مارستها ضدهم مؤسسات الكيان الصهيوني.

ب ـ لقد رَفْض عرب 48 وعارضوا فكرة تبادل الاراضي بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية. وينبع رفضهم هذا من معارضتهم "لحل الدولتين" لان هذا الحل يعترف بالكيان الصهيوني ويعمل للحفاظ عليه وصيانته، من ناحية، ولانه يدعم نظاماً فلسطينياً قطرياً كومبرادورياً فاسداً في الضفة الغربية وقطاع عزّة، من الناحية الثانية.

ت ـ تنسجم المطالبة بهذه الدولة، دولة عرب 48، مع "الشرعية" الدولية بل تشكل تحدياً للامم المتحدة "والقانون" الدولي اللذان دعما حق تقرير المصير وحق الانفصال والاستقلال لعدد كبير من الدول والقوميات خلال العقدين الاخيرين التي تم قبول عضويتها في الامم المتحدة فوراً مثل جمهوريات الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا الاتحادية سابقاًً.

ث ـ تشكل هذه الدولة خطوة نحو تثبيت عروبة فلسطين وتوحيد كامل التراب الفلسطيني (إستعادة وحدة فلسطين) كجزء من مشروع الوحدة العربية وتوحيد كافة أجزاء الوطن العربي.

ج ـ من الناحية الثانية، والتي لا تقل أهميةً، فانها تشكل خطوة فعلية نحو تفكيك الكيان الصهيوني.

ثانيا ـ منطقة الاحتلال الثاني عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة)

يكون الهدف الانتقالي لفلسطينيي هذه المنطقة هو الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي التي احتلتها في حرب حزيران 1967. إلاّ ان هذا الانسحاب لا يكون مرتبطاً ولا مشروطاً بالاعتراف بالكيان الصهيوني لان هذا الاعتراف يعني تكريس الاحتلال والاستيطان الصهيوني كما يعني التخلي عن حق العودة لللاجئين الفلسطينيين.

وفي هذا الصدد، تجدر ملاحظة ان السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع لا تستطيع ان تدعي، ولا أن تستمر في الادعاء، بانها تمثل كافة الشعب الفلسطيني. فقد أدارت منظمة التحرير الفلسطينية، ومعها السلطة الفلسطينية، ظهرها لعرب 48 واللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة فعلياً حين وقعت إتفاقية اوسلو وقبل ذلك بسنوات عبر محطات التنازلات المهينة التي دمرت حق العودة ومشروع التحرير الوطني برمته.

كما يجدر التنويه الى ان هدف الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية لعرب هذه الاراضي، كان الهدف المقبول والمعلن لفصائل المقاومة الفلسطينية وجزءً أساسياً من برامج م. ت. ف. منذ صيف 1974 حين اقرت الدورة الثانية عشر للمجلس الوطني الفلسطيني ما أسمته البرنامح المرحلي أو برنامج النقاط العشر.

يكون الهدف الانتقالي، إذن، إنجاز الانسحاب الاسرائيلي دون الاعتراف باسرائيل. وينبغي التمسك بهذا الهدف، فلسطينياً وعربياً، مهما كان الثمن السياسي والعسكري والاقتصادي، وحتى لو كان الثمن نهاية ما يسمى "باعلان" الدولة الفلسطينية (أي دولة الضفة والقطاع) والرفض الاسرائيلي للانسحاب أي إستمرار الاحتلال القائم.

ينطلق هذا الموقف من رفض تجزئة الوطن الفلسطيني ورفض إقامة دولة فلسطينية على أي جزء منه، ومن ضمنها اراضي الضفة والقطاع، كحل نهائي للصراع العربي ـ الصهيوني.

خلافاً للانطباع السائد والخاطئ، فان إقامة "دولة"، كحل نهائي للصراع العربي ـ الصهيوني، في مناطق الاحتلال الثاني يندرج ضمن المطالب الصهيونية ـ الاسرائيلية أكثر من كونه مطلباً فلسطينياً. فالصهانية ’يؤيدون‘ إقامة دولة فلسطينية (ولو شكلية من منظور "الشرعية" الدولية) كي يتسنى لهم في نهاية الامر إبرام إتفاقية مع "دولة" بدل الاتفاقية القائمة الآن والموقعة مع مجرد "منظمة سياسية" اي م. ت. ف. وبالطبع فان هذا لا يعني أن اسرائيل لن تنقض وعودها وتعهداتها، كما أنه لا يعني انها ملزمة بتوفير عوامل الحياة والبقاء لمثل هذه الدولة، فاسرائيل معنية بصفقة سياسية مع "دولة" إسمية خداعاً للقانون الدولي وتضليلاً للرأي العام.

يجب ألا يفهم من هذه الاطروحة أو تأويلها كمبرر للتقاعس عن النضال من أجل الانسحاب الاسرائيلي من أراضي الضفة والقطاع، بل ان المطلوب، بكل وضوح، هو الاستمرار في النضال من أجل هزيمة الاحتلال ودحره وإرغامه على الانسحاب، ولكن ليس من أجل إقامة دولة فلسطينية محصورة في مناطق الاحتلال الثاني عام 1967 كحل نهائي للصراع.

ثالثاً ـ الحل الاشتراكي الشعبي العربي

تشكل إقامة دولة فلسطينية لعرب الاحتلال الاول (1948) وإنسحاب اسرائيل من أراضي الاحتلال الثاني (1967) المدخل الموضوعي لتفكيك الكيان الصهيوني كما يمثل هذا الهدفان الانتقاليان إستعادة الوحدة المفقودة بين أجزاء فلسطين من جهة وبين فلسطين والوطن العربي من جهة اخرى.

يقودنا هذا الى الهدف الثالث، أو المرحلة الثالثة الرئيسية والنهائية في النضال، إن جاز لنا القول، أي الحل الاشتراكي الشعبي العربي للصراع مع المشروع الراسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني والذي هو (أي الحل الاشتراكي) في الآن ذاته، الوحيد الذي يضمن لليهود الحق في البقاء والعيش بين ظهرانينا كأقلية أو أقليات تتمتع بكافة الحقوق والحريات اسوةً بالعرب والاقليات او المجموعات الاثنية الاخرى المتآخية والشريكة في الوطن العربي.

مشروعان متناقضان

يتناقض المشروع الاشتراكي بكل وضوح وعلى كافة المستويات مع المشروع الصهيوني المتجسد مادياً بالكيان الصهيوني على ارض فلسطين. وفي هذا السياق، وقبل أن نتطرق الى تناقض المشروعين، يجدر بنا ان نراجع بايجاز أهداف المشروع الصهيوني بما يلي:
ـ ضمانة وإستدامة السيطرة اليهودية على كافة اراضي فلسطين (وغيرها من الاراضي العربية مستقبلاً).
ـ رفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
ـ الحفاظ على الكيان الصهيوني "كدولة يهودية نقية".
ـ الحفاظ على دور إسرائيل وتطويره، كقاعدة متقدمة للامبريالية في بلادنا.
ـ قبول العرب (مجتمعاتٍ وشعوباً وأنظمة) بالكيان الصهيوني ككيان "طبيعي" وإحتضانه في الوطن والمجتمعات والاسواق العربية.

وهذا ما جاء تاريخ المنطقة ليؤكده بجلاء منذ نكبة فلسطين 1948. فبالاضافة الى النتائج الانسانية والاجتماعية والاقتصادية لهذه النكبة على الفلسطينيين كمجتمع وشعب وتراث، فقد أكدت النكبة، وما تلاها من تجليات وسياسات ومخططات وحلول مقترحة على مدى ستة عقود، على حقيقتين أساسيتين:

أولاً: ان المركز الراسمالي العالمي قد خلق هذا الكيان الصهيوني ليبقى: أي أن اسرئيل قد جاءت لتبقى وليشرب الفلسطينيون والعرب البحر.

ثانياً: انه لا عودة لللاجئين الفلسطينيين، بل سيبقوا مشردين. وإن تم توطينهم فسيكون ذلك، تحت كل الظروف والمعطيات، بعيداً، جغرافياً وفيزيائياً، عن ارض فلسطين.

لا توحي مثل هذه الاهداف ولا تعيد الى الاذهان سوى نموذجاً عنصرياً كلاسيكياً ونمطاً من العقلية الاستعمارية في الهيمنة على الشعوب ونهب مواردها.

نخلص الى ان المشروع الصهيوني، من حيث أهدافه والعقلية التي تحكمه من جهة، وإصراره على إخضاع العرب وإرغامهم على القبول بالكيان الصهيوني قبولاً تاماً ككيان طبيعي من خلال سياسية "الاندماج المهيمن" من جهة اخرى، لا يقف المشروع الصهيوني عند حدود فلسطين، بل ان ما تسعى اليه إسرائيل فعلياً هو إستمرار توسيع حروبها المباشرة ضد الشعوب العربية وتصعيدها الى مواجهات وحروب إقتصادية وإجتماعية وثقافية جديدة ومتتالية ضد هذه الشعوب. وهي مواجهات وحروب تستهدف، أول ما تستهدف، ضرب القدرة الانتاجية للشعوب العربية كي تظل هذه الاخيرة أسيرة لاستهلاك المنتوجات الاسرائيلية والامبريالية (الاميركية والغربية بشكل عام).

أما والهجمة تطال الأمة العربية بكاملها علانية، فلا مناص من رد الصراع إلى عمقه العربي. وبما أن رأس المال الكمبرادوري يخون، بشقيه السياسي والثقافي، فلا مناص من حل غير راسمالي هذه المرة هو الحل الإشتراكي، وليس حل الدولة الواحدة المفتوح على خيارات تطيل أمد الصراع.

وإذ يقف مشروع الحل الاشتراكي الشعبي العربي على النقيض من المشروع الراسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني، فانه يقوم على ركيزتين أساسيتين:
أ ـ ضمان وتنفيذ حق العودة لللاجئين الفلسطينيين.
ب ـ تفكيك الكيان الصهيوني ككيان إستيطاني كولونيالي أمبريالي عنصري.

وإنطلاقا من هذا، فهو يستلزم محو كافة أشكال الاحتكار الصهيوني (اليهودي) للارض والاقتصاد والمؤسسة (الاجهزة) العسكرية الصهيونية. ولا يتسنى إنجاز مثل هذا الحل، إلاّ من خلال دولة عربية فيدرالية اشتراكية موحدة تكون فلسطين واحدة من دولها أو مكوناتها. ومن خلال هذه الرؤية الشاملة، يتضح الدور الحاسم الذي يلعبه المشروع الاشتراكي العربي في إنجاز الوحدة والتنمية وتحرير الاراضي العربية المحتلة، فضلاً عن أن النظام الاشتراكي، هو الوحيد الذي يضمن لكافة المجموعات والقوميات والاثنيات ان تندمج في أمة إشتراكية واحدة.

وحيث تقف أهداف المشروع الاشتراكي العربي (الوحدة والتنمية والتحرير) على تناقض تناحري مع الصهيونية والامبريالية ومشروعهما، فان هذا المشروع (أي الاشتراكي) يتعارض تماماً مع التطبيع مع الكيان الصهيوني والامبريالية. ومجدداً، فان هذا الحل هو الوحيد الذي يضمن لليهود كأقلية إثنية في فلسطين والوطن العربي الحقوق والحريات الانسانية والمدنية والدينية والثقافية في إطار دولة عربية فيدرالية، موحدة، إشتراكية، ومتطورة.

هذه الرؤية هي وحدها القادرة على أن تنقلنا الى الخطوة التالية، الحقبة القادمة، حيث يعيد كل من المعسكرين (معسكر الثورة مقابل الثورة المضادة، معسكر الاشتراكية مقابل الرأسمالية) ترتيب أوضاعه الطبقية وقواه الفاعلة في إصطفاف جديد.

آلية النضال من أجل قومية الطبقات الشعبية

إن قراءة المشروع الصهيوني (برنامجاً وايديولوجيةً وتاريخاً وحركة ثم كياناً) تؤكد بلا لبس أمرين أساسيين:

أ ـ انه ليس بمقدور الكيان الصهيوني، ولن يكون بمقدوره بحكم طبيعته الاستيطانية العنصرية، ان يفرز قوى اجتماعية وسياسية قادرة على الوصول الى سلام حقيقي مع الشعب الفلسطيني والامة العربية.

ب ـ وان هذا الكيان عاجز عن ان ينتج قوى تقدمية أو إشتراكية أو شيوعية. لكن هذا لا يعني النضال بالنيابة أو بمعزل عن اية بوادر لثوريين إسرائيليين حتى لو أفراداً إذا ما كانوا ذوي انتماء ثوري حقيقي.

وبناءً عليه، فاننا نحاجج بان القوة الاجتماعية والسياسية الوحيدة القادرة والمؤهلة للاضطلاع بمهمة تحقيق السلام المنشود، هي الطبقات الشعبية العربية لانها صاحبة المصلحة الحقيقية في الوحدة والتنمية والتحرير، ولانها الممثلة الحقيقية للقومية العربية التقدمية الخالية من الشوفينية والقائمة على التآخي، وأخيراً لانها الوحيدة التي تملك المخزون والطاقة الكامنة للنهوض بمثل هذا المشروع الجسيم.

تستند اطروحتنا هذه على حقيقة تاريخية واضحة، تصب في صلب هذا البحث، وهي ان القومية العربية في مرتكزاتها ومفاهيمها وأهدافها كما نفهمها، وفي سياق الحقبة التاريخية الراهنة، تعبر عن حاجات ومصالح وحقوق الطبقات الشعبية المضطَهَدَة وتسعى في أهدافها وآليات عملها الى محو كافة أشكال الاستغلال الطبقي والقومي والإيفاء بحاجات الطبقات الفقيرة والمعدمة وحماية حقوقها ومصالحها في الحرية والعيش الكريم وتحقيق أهدافها في الوحدة العربية والتنمية وتحرير اراضيها المحتلة. ومن هذا المنطلق بالتحديد فانها حركة، بطبيعتها ودورها، قومية تقدمية معادية للامبريالية والراسمالية.

ومنعاً للالتباس أو التأويل، وحرصاً على الوضوح التام، يجدر بنا ولو من باب التكرار، التأكيد على ما نقصده بالقومية العربية:

1) هي أولاً قومية الطبقات الشعبية لا قومية الانظمة الحاكمة والمرتبطة والعميلة.

2) وهي قومية تقوم على التآخي والشراكة بين العرب وكافة القوميات والاثنيات والمجموعات التي تشاركها العيش المشترك في الوطن العربي، لا تشوبها شوفينية وتخلو من كافة أشكال العنصرية والتمييز.

3) هي في حقيقة الامر قومية مضطَهدة، هكذا كانت في ظل الاحتلال العثماني وحقبة الاستعمار الاوروبي، وما زالت في ظل الانظمة العربية القمعية والعميلة والاستعمار الغربي المتجدد. وهي بهذا التحديد قومية مضطَهدة بالمفهوم اللينيني تناضل ضد أعدائها الطبقيين والقوميين.

وعليه، فاننا ننفض عن رؤيتنا غبار التأويل والتزوير التي طالما استهدفت، وما زالت، المسألة والتجارب القومية في القرن العشرين بشكل عام، ومسالة القومية (الامة) العربية بشكل خاص وما أصابها من إبتزاز وتشويه في الاوساط الامبريالية الغربية والسياسات السوفيتية التحريفية وعلى أيدي الحركة الشيوعية العربية والعالمية أيضاً.

وحيث ان طبيعة التناقضات هي التي تحدد وسائل وأشكال النضال، فان نضال الامة العربية من أجل الوحدة والتنمية والتحرير، في حقبة العولمة الرأسمالية الراهنة، لا بد ان يكون نضالاً معادياً للرأسمالية أي نضالاَ إشتراكياً.

الطبقات الشعبية قائدة النضال

أما فيما يتعلق بقيادة نضال الشعوب العربية (الطبقة القائدة)، فاننا نقف في هذه الحقبة، أمام حالة تشكل مفارقة وخروجاً عن الدور التاريخي المعروف للطبقة البرجوازية. فاذا كان صحيحاً أن البرجوازية هي الطبقة المضطلعة "إفتراضيا" "وتاريخياً" بقيادة النضال القومي، فان البرجوازية العربية قد أدارت ظهرها لشعوبها ومصالحها وإصطفت ضد وحدتهم وتحالفت مع الامبريالية و"تبرعت" بتراب الوطن المحتل "كمكافأة دون مقابل" للقوى الكولونيالية والاستيطانية. بعبارة اخرى، لقد أضحت هذه البرجوازية الكومبرادورية العربية ذاتها عدوة شعوبها وطبقاتها الشعبية وفقدت بسبب ذلك دورها التاريخي المنوط بها "إفتراضيا" في إنجاز أهداف الامة العربية في الوحدة والتنمية والتحرير.

بناءً على ما تقدم، فان القوى الاجتماعية المرشحة لقيادة نضال الشعوب العربية هي الطبقات الشعبية التي تجسد مصالحها وطموحاتها في الوحدة والتنمية والتحرير وصولاً الى الاشتراكية.

* * *

نختتم بالقول بان شعار الدولة الديمقراطية العلمانية حظي باهتمام ودعم كبيرين عندما طرحته الحركة الوطنية الفلسطينية في اواخر ستينات القرن الماضي، وألتفت حوله آنذاك القوى العربية التقدمية واليسارية وحلفاؤنا في العالم. وقد شاع الاعتقاد بان هذا الحل:

• سيسدد ضربة للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة وسيساهم في تفكيك الكيان الصهيوني وهزيمته.

• سيكون شكلاً من أشكال التصدي للامبريالية ومناهضتها في الوطن العربي والمنطقة باسرها.

• كما إعتقد الكثيرون بانه سيؤدي الى كسب تأييد القوى اليهودية المناهضة للصهيونية إذ أنه يبدد مخاوف اليهود حول مصيرهم ومستقبلهم وينفي مقولة ’إلقائهم في البحر‘.

ونستطيع القول، بعد مرور ما يقارب من أربعة عقود على طرح هذا الشعار، بان ’الحلم‘ ما زال بعيداً ومتعثراً. ورغم فشل كافة الحلول المطروحة والتي لا تتوقف عن غزو بلادنا من مشاريع التسوية ’والعمليات السلمية‘ وما حملته من ويلات ومصائب على شعوبنا، فان شعار الدولة الديمقراطية العلمانية لم يحظى بزخم جديد، بل إقتصر الامر على تجدد الاهتمام به وتذكره في المنعطفات الحادة ومن مدخل رومانسي ومن باب فشل الحلول والبدائل الاخرى. وما فتىء هذا الحل عاجزاً عن معالجة المعضلات الاساسية للصراع العربي ـ الصهيوني والقضية الفلسطينية والتي لا يقوي على التصدي لها سوى الحل الاشتراكي:

1) لا يقوى شعار الدولة الديمقراطية العلمانية على التصدي للمشروع الصهيوني وتفكيك كيانه حيث أنه يفتقر الى آليات النضال والفعل والتنفيذ.

2) لا يتسنى لهذا الشعار مواجهة المشروع الراسمالي ـ الامبريالي ـ الصهيوني إلاّ على أرضية إشتراكية وآفاق معادية للراسمالية وعولمة رأس المال في هذه الحقبة.
3) كما لا يستطيع حل الدولة الديمقراطية ’طمأنة‘ اليهود وتبديد مخاوفهم ولا يستطيع سوى الحل الاشتراكي تأمين حلٍ إنسانيٍ عادلٍ لهم.

4) بعد معاناة دامت ستة عقود إزدحمت بما لا يحصى من الاخطاء والدروس والعبر، فان الحل الاشتراكي النهضوي العربي هو الحل الوحيد الذي يضمن حق العودة لللاجئين الفلسطينيين.



#عادل_سمارة_ومسعد_عربيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- -دولتان أم دولة واحدة؟- - مناظرة بين إيلان بابه وأوري أفنيري / رجاء زعبي عمري
- رد عادل سمارة ومسعد عربيد على مداخلة سلامة كيلة حول الدولة ا ... / عادل سمارة ومسعد عربيد
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي - مناقشة الصديق ... / سلامة كيلة
- مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية- / عادل سمارة ومسعد عربيد
- ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل و ... / سلامة كيلة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - عادل سمارة ومسعد عربيد - مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية-