بإمكانك أن تكون معارضاً لكليهما


حميد تقوائي
الحوار المتمدن - العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:23
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

مقابلة تلفزيون انترناسيونال مع حميد تقوائي ليدر الحزب الشيوعي العمالي الايراني

مريم نمازي: هنالك تصعيد في الحرب الاعلامية بين ايران وامريكا تذكر بالحملة الدعائية لحكومة الولايات المتحدة الامريكية قبيل الحرب على العراق كطريقة لتهيئة الرأي العام لهجوم.

حميد تقوائي: نعم يبدو ان الولايات المتحدة تتتبع نفس خطواتها. ولكن هنالك فرقا كبيرة عندما تقارنين اوضاع اليوم بالاوضاع التي سبقت الهجوم على العراق وهي بالطبع تجربة العراق نفسه. نحن نعلم بان الحكومة الامريكية تواجه مأزقاً في العراق وهي لا تعرف كيف تنهيه. بالاضافة الى ذلك فان الرأي العام في امريكا وانحاء العالم هو بالضد من اي هجوم عسكري على ايران وحتى ضد تدعيم القوات الامريكية في العراق. لذا فان هنالك فرقا ضخما، ولكن بحد ذاته، لا يعني هذا بان الهجوم شئ مستحيل. الامر ليس كذلك. مازال امراً ممكنا كخطوة نهائية ويائسة لادارة بوش. ان الحرب الدعائية هي شكل من الضغط السياسي على الجمهورية الاسلامية في ايران لما لها من تأثير على العراق ولبنان وفلسطين. وكما قلت مراراً في الماضي، فان السبب الاساسي خلف "الازمة النووية" هو تدخل النظام الاسلامي في المنطقة والذي كان يمثل اشكالية للولايات المتحدة. حكومة الولايات المتحدة تريد النظام الاسلامي لنبذ نفوذه ودوره في المنطقة تحت هذا الضغط.

مريم نمازي: البعض سيقول بان ايران قد لعبت هذا الدور لبعض الوقت الآن. وكان هنالك على الدوام نوعا ما من المواجهة بين امريكا وايران. سيٍسألون اذن لم تأخذ تلك المواجهة طابعا جديا هذه المرة؟

حميد تقوائي: انها تاخذ طابعا جديا بسبب ما يحدث في العراق. قبل هجوم الحكومة الامريكية على العراق لم يكن للنظام الاسلامي في ايران ذلك النفوذ الذي بحث عنه؛ بعد العراق فان الاسلام السياسي في تصاعد. ان نفس حقيقة ان مجموعة كحماس قد استطاعت ان تحصل على السلطة السياسية في فلسطين هو نتيجة مباشرة للوضع في العراق. كذلك الامر لقوة حزب الله في لبنان وصعود العديد من المجاميع الاسلامية في العراق.
ان الوضع الراهن مختلف حتى عن سنة خلت. ان الحكومة الامريكية يائسة في العراق بينما النظام الاسلامي في ايران قد امن نفوذا لم يكن يمتلكه قبل عدة سنوات مضت. هذا هو السبب الذي جعل مجموعة دراسة العراق توصي بالتعامل مع ايران وسوريا في حال املت حكومة امريكا في الوصول الى بعض الحلول في الشرق الاوسط. دون توازن جديد للقوى في المنطقة لصالح حكومة الولايات المتحدة ازاء حكومات كالجمهورية الاسلامية في ايران وسوريا فان امريكا لن يكون بمقدورها ان تجد حلا مقبولا لها في الشرق الاوسط. ان هذه هي حقيقة سياسية واقعية. والطريقة الوحيدة التي باستطاعة الولايات المتحدة معارضة ايران هي من خلال تسليط الضغط تحت ذريعة " الازمة النووية". من وجهة نظرهم فان " الازمة النووية" هي طريقة نافعة للدعاية لسياسة عدوانية تجاه الجمهورية الاسلامية. اذن تحت غطاء "الازمة النووية" فانهم في الحقيقة يجيبون على ازمة اخرى لديهم في المنطقة وهي الصعود المتنامي للقوة للجماعات الاسلامية المختلفة في كل مكان. لذا عليهم فعل شئ ما. وهم يعرفون ان احد مصادر الحركات الاسلامية في المنطقة هي الجمهورية الاسلامية في ايران.

مريم نمازي: اذن وبمعنى ما، وباخذ الوضع في امريكا بنظر الاعتبار، فانه قد يكون مفيداً لحكومة امريكا مهاجمة ايران. هنالك مراقبين يقولون بانه ايضا مفيد لاحمدي نجاد حصول هكذا مواجهة لانها ستبعد عدم الرضى الشعبي المعادي للنظام الاسلامي في ايران.

حميد تقوائي: ان المشلكة مع تلك التحليلات التي تقول بان الطرفين يودان الحرب هي انها لا تاخذ بعين الاعتبار قوة الجماهير، المعسكر الثالث الذي لا هو مع امريكا ولا مع الجمهورية الاسلامية - وفي الحقيقة فهو معادي لكليهما. هذه القوة - خاصة في ايران والدول الغربية - هي لاعب قوي في الساحة السياسية. انها تلعب دورا مهما جدا.
ايضا، وحتى لو بدا الامر مفيدا من وجهة نظر كلا الحكومتين فانه سيكون له نتائج عكسية على كليهما على المدى القصير والطويل. لن يكون قرارا صائبا من جانب الحكومة الامريكية لمهاجمة ايران. قد تلجا لذلك كملاذ أخير وبسبب اليأس ولكن ذلك لن يحل شيئا لهم. هذا عامل. اما العامل الثاني فهو ان جماهير ايران والوضع السياسي في ايران مختلف جدا عن الوضع في العراق وافغانستان. في ايران لدينا حركة علمانية قوية ضد الجمهورية الاسلامية في ايران. ان شعارهم هو " لا الحرب ولا القنبلة النووية". لا يردون كليهما. انهم ضد كليهما. تلك القوة ستصبح قوية اكثر فاكثر.
وبالطبع وفي المدى القصير في حالة وقوع الهجوم فان الجماهير في ايران ستعاني بشكل هائل ولكن بمرور الوقت فان الحركة الاعتراضية ستزداد قوة بشكل مشابه لتلك في العراق. بعد هجوم امريكا على العراق فان مجاميع معادية لامريكا اصبحت اكثر قوة وفعالية. ولكنهم كلهم بالطبع رجعيون. في ايران لدينا قوة معارضة وهي مع الجماهير وتلك القوة علمانية ومتمدنة وراديكالية. وتلك القوة ستحصل على القدرة وتصبح تدريجيا عاملا اكثر قدرة في الوضع السياسي في ايران. اذا ما عليهم أخذه بنظر الاعتبار هو حضور هذه الحركة في ايران والتي هي ضد كليهما؛ العمال والشباب والنساء في ايران هم مع تلك الحركة.

مريم نمازي: البعض يقول انه رغم وجود حركة جماهيرية ضد الهجوم على العراق فانها لم تؤثر ابدا. ان الهجوم استمر رغم الاحتجاجات في امريكا واماكن اخرى. هل ان المعارضة للحرب على ايران ستعمل اي تغيير حقا؟

حميد تقوائي: كما اوضحت فان الوضع مختلف جدا. في تلك الفترة لم يكن لدينا هذه المعارضة الواسعة للحرب. اعرف انه كان لدينا حركة معارضة للحرب ولكن مع ذلك لم يكن الرأي العام الامريكي ضدها بنفس الحزم، وبطريقة ما، فان حكومة امريكا استطاعت ان تستعمل ذلك لمصلحتها. اليوم فان ذلك ليس ممكنا بعد الان. والمسألة الاخرى هو انك لا تستطيعين مقارنة الامور بتلك الطريقة الميكانيكية وتقولين بانه بسبب انه لم يكن لدينا نجاحات من قبل فان الحركة الاعتراضية لن تكون ناجحة في اي وقت. ان تلك ليس الطريقة الصحيحة للتفكير في تجربة التاريخ. وعلى سبيل المثال كان هناك حركة ضخمة معادية لحرب فيتنام وكانت في المحصلة ناجحة في انهاء حرب فيتنام. وكذلك حتى لو لم تنجح الحركة فان ذلك لن يجعلها عديمة القيمة. انه فقط يعني بان عليك تحقيق شئ اكثر من ذلك، تنظمي اكثر، وتعبئي جماهير اكبر وبمطالب اكثر راديكالية على مقياس اضخم ضد الحرب. لذا فان نفس حقيقة اننا لم نحقق نتائجنا المرجوة قبل ثلاثة سنوات لاتعني ابدا بان اليوم سيكون هناك المزيد من نفس الامر. بالطبع فان حكومة امريكا، بوش والادارة الحالية، لا يهمها ما يقوله الناس. ولكن الطبقة الحاكمة برمتها وكلا الحزبين في الولايات المتحدة عليها ان تجد سبيلا لما عليهم فعله في العراق. كذلك روسيا والصين فان عليها الوصول الى نوع من الاتفاق. ولا يبدو ان روسيا والصين وبقية الاعضاء في مجلس الامن سيوقعون على كل ما تقوله امريكا. لم يفعلوا ذلك لحد الان ويبدو من غير المحتمل انهم سيفعلون ذلك الان. واي كان نوع الهجوم فان على امريكا ان تفعل ذلك بمفردها. هذه المرة بوجه معارضة حتى من الجمهوريين انفسهم والكونغرس والديمقراطيين وجزء من الطبقة الحاكمة في امريكا نفسها. قبل 3 سنوات عندما هاجموا العراق فان معظم اولئك في الكونغرس من الحزبين كانوا مع تلك الحرب. اليوم فان معظمهم ضد الحرب. ان تلك اختلافات سياسية بين الوضع اليوم وما قبل ثلاثة سنوات.

مريم نمازي: هل هناك ايضا امكانية من حرب بين اسرائيل وايران بالوكالة، كما شاهدنا في لبنان اي ان امريكا نفسها لن تكون متورطة بشكل مباشر ولكن من خلال اسرائيل؟

حميد تقوائي: لا اعتقد انهم سيفعلون ذلك لان اي شكل من اشكال الهجوم الاسرائيلي المباشر سيؤدي الى تعبئة كل الدول العربية خلف نظام الجمهورية الاسلامية في ايران. هذا شئ واضح. حتى الدول العربية والتي تعتبر من الناحية التقليدية حلفاء لامريكا كمصر والسعودية فانها ستقف خلف النظام (الايراني- م) اذا ما هاجمت اسرائيل ايران. اعتقد ان ذلك خطرا لهم. انه انتحار سياسي للحكومة الاسرائيلية ولسياسات امريكا في الشرق الاوسط. لا ارى انها محتملة جدا. ولا اظن انهم بذلك اليأس ليفعلوا ذلك.

مريم نمازي: معلق في الاوبزرفر صرح بانه في حال كان هناك هجوما على ايران فان صدام الحضارات والذي تنبأ به المحافظون الجدد سيخطو خطوة اخرى للهيمنة على القرن الواحد والعشرين؟

حميد تقوائي: ان نظرية صدام الحضارات هي هراء. ليس هناك من حضارة اسلامية. واذا ما كان هنالك شئ من هذا القبيل فكيف ستكون ايران ممثلة لهكذا حضارة، ان جاز التعبير. ليس الامر صداما بين الحضارات. ان تلك نظرية سخيفة لحركة مابعد الحداثة. ما يحصل هو انه بعد الحرب الباردة فان الولايات المتحدة الامريكية تكافح من اجل ان تصبح القوة المهيمنة في العالم والشرق الاوسط. والولايات المتحدة بمواجهة مع القوى الاسلامية التي خلقتها في السنين الاخيرة للحرب الباردة في افغانستان وفي ايران نفسها من خلال دعم الخميني. بوش ايضا لا يمثل اي نوع من الحضارة او ان جاز التعبير الحضارة الغربية ولا القوى الاسلامية تمثل الحضارة الشرقية. ان ذلك سخيف وغير ذي معنى وليس مفيدا في السياسة الواقعية لمناقشتها في هذه الصيغ.

مريم نمازي: هنالك تقارير عن اختلافات داخل النظام (الايراني - م) نفسه حول كيفية التعامل مع الولايات المتحدة الامريكية؟

حميد تقوائي: بالطبع هنالك فصائل مختلفة ضمن النظام الاسلامي واحد اهم الاختلافات بين تلك الفصائل هو سياساتها تجاه امريكا وما يسمى ب"الازمة النووية". عندما كان خاتمي رئيسا فان التوجه كان مختلفا ولكن اليوم فان الجناح اليميني للجمهورية الاسلامية مسيطر واحمدي نجاد يمثلهم. انهم يتبعون نفس خط المرشد الاعلى الخميني. وانهم رغم ذلك يواجهون بمعارضة قوية داخل النظام. رفسنجاني هو احد اؤلئك المعارضين للسياسة الحالية. بطبيعة الحال فانهم جميعا يريدون الاستمرار بالمشروع النووي ولكنهم يختلفون حول الطريقة التي عليهم انجاز الامر بها وحول السياسية الخارجية للمنطقة والسياسة ازاء الولايات المتحدة. احمدي نجاد غير قادر على انجاز اي هدف من الاهداف التي حددها في بداية رئاسته واصبح اكثر ضعفا. وكنتيجة فان المعارضة تزداد قوة. ذلك جانب آخر من "الازمة النووية" في ايران.
مريم نمازي: ان ارتفاع الاسعار والتضخم والبطالة تزداد سوءا اكثر من اي وقت تحت حكم احمدي نجاد. مراسل للغارديان قال بانه ربما صار معروفا بانه ( احمدي نجاد-م) الرئيس الذي اسقطه سعر الطماطة؟

حميد تقوائي: من الواضح انه مع الحصار الاقتصادي حتى في الاطار الضيق فان الاسعار ستزداد وتتضاعف. ان ذلك يحدث اصلا. انه يفاقم الحالة الاقتصادية الفظيعة للجماهير. ومن جانب اخر فان الجمهورية الاسلامية باستطاعتها ان تضع اللوم على سياسات الولايات المتحدة والعقوبات الاقتصادية في محاولة لتبرير والدفاع عن سياساتها. ومع ذلك فان الجماهير في ايران يعرفون هذا النظام جيدا. على الصعيد الاقليمي قد يكون النظام الاسلامي بطلاً ما بنظر القوى الاسلامية في لبنان او فلسطين او حتى في العراق ولكن في ايران الحالة ليست كذلك. في ايران معظم الجماهير والغالبية العظمى من الناس هم ضد هذا النظام ويمقتونه. لا اعتقد بان اي مشكلة مع امريكا ستساعد النظام. وعليه ترين من جهة الضغط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي المتعاظم على جماهير ايران ومن جهة اخرى فان ذلك، على ما اعتقد، سيصعد ويجعل المعارضة للنظام الجمهورية الاسلامية اكثر راديكالية.

مريم نمازي: ان تحالف وقف الحرب قد شجع حركة الاسلام السياسي الى درجة ان علم النظام الاسلامي في ايران قد تم رفعه في المظاهرات المعادية للحرب. عندما يعارض النشطاء علم النظام (الاسلامي- م) يتم اتهامهم بانهم يساندون السياسات الامريكية. لقد سمعنا تلك المقاربة من التجمعات البائسة التي تعتبر نفسها يسارا. مالذي تقوله لاؤلئك الذين يقولون بانك بمعارضتك للنظام الاسلامي فانك انما تؤيد وتساند وتخلق الاجواء التي ستسهل المهمة لامريكا واسرائيل للهجوم على ايران؟
حميد تقوائي: في الحقيقة اعتقد ان احد مشاكل الجماهير الايرانية والناس في كل مكان هو ذلك المسمى يسارا. هذا النوع من القوة السياسية تعتقد بانه عندما تكوني ضد امريكا عليك ان تساندي اي حركة تكون هي الاخرى معادية لامريكا. نحن نعلم بانه في الوضع السياسي الراهن فان القوى الاسلامية معادية لامريكا. لذا وحسب منطقهم الطفولي فان عليك مساندة الجمهورية الاسلامية او اي قوى اسلامية فقط لانك معادية لامريكا. هذا المنطق القائل بان اي مجموعة معادية لامريكا هي تقدمية ويجب مساندتها يعني اكثر من اي شئ اخر بان تلك القوى المسماة يسارية ليس لديها ما تقدمه هي نفسها. ان ذلك يعني انهم عديمي التأثير. عليهم مساندة احد ما، اي كان، بما انهم غير قادرين على دعوة الجماهير لمساندتهم هم. هنا تكمن المشكلة. انها تظهر اولا هزال وعدم تأثير هذه المجاميع المسماة يسارية في السياسة الواقعية.
وبالنسبة لنا، للشيوعية العمالية في ايران ولحزبنا فان الوضع ليس كذلك. نحن ندعو الجميع لمساندتنا ضد الطرفين الرجعيين - عسكريتارية امريكا والجمهورية الاسلامية. نحن لا نعتقد انك اذا كنت معادية لاحدهما فانك ستكوني مساندة للاخر. بامكانك ان تكون ضد كليهما. لان ما يهم هو العمال والنساء والجماهير والعلمانية والحضارة وما يريده الناس فعلا وما هو حق الجماهير في الحصول عليه...هذا هو الذي يهم. واذا ما كنت تمثلين الانسانية واذا ما كنت تمثلين المساواة واذا ما كنت تمثلين العلمانية واذا ما كنت تمثلين الحرية عندها عليك ان تكوني ضد كليهما معا. ندعو الجميع الى معسكر ثالث معادي لهاتين القوتين الرجعيتيين؛ ندعو الجميع الى دعم اليسار. اليسار فيما لو كان يسارا حقيقيا، يسارا راديكاليا حقيقيا، ليس عليه مساندة اي مجموعة او حركة. اي انسان مع الحرية ومع المساواة ومع رفاه البشر عليه ان يتبع اليسار وان يساند اليســـار.

*********************
اجرت المقابلة باللغة الانكليزية مريم نمازي ودونها اوزكر يالتشين وترجمها الى العربية عن النص الانكليزي عصام شكــري - 25-2-2007.