معارك الشعب ضد نفسه


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 08:36
المحور: المجتمع المدني     

حين يتمادى الشعب في خوض معاركه المهلكة مع نفسه، فأعلم انه فقد الأمل بالأمن والاستقرار، ولم يعد يثق بأحد . .
ففي صباح يوم مشؤوم من صباحات العراق، اصطف تلاميذ مدرسة قروية في الساحة لأداء تحية العلم، وقراءة ما تيسر من النشيد الوطني:
موطني موطني موطني الجلال والجمال والسناء والبهاء في رباك. .
انتهى العرض الصباحي وتوجه التلاميذ الفقراء نحو قاعات الدرس، باستثناء بعض التلاميذ الذين شهدوا عراك الطفل (علاء) مع زميله الطفل (حسن). .
سحب (علاء) قلمه الرصاص من حقيبته وغرسه في صدر صاحبه (حسن) فسقط مغشيا عليه، بكاء وعويل وصراخ، ثم انصرف الاثنان مهرولين إلى بيوتهم. لم تمض بضعة سويعات على واقعة الشجار في قاطع الأطفال حتى تعالت اصوات البنادق بين عشيرة التلميذ (حسن) وعشيرة (علاء). .
بدأت المواجهات أولاً بالأسلحة النارية الخفيفة، ثم لجأ الطرفان إلى الأسلحة الميدانية المتوسطة. (دوشكات ورباعيات ورمانات يدوية). تعالت الأهازيج الحماسية من هنا وهناك: (احنا البي كي سي الما يسكت، واحنا الشاجور الما يخلص). .
انتشرت صور المعركة على منصات التواصل. وظهرت قوات SWAT في المناطق المحرمة لفض النزاع الذي شهد تساقط رجال ونساء من الطرفين. في حين لم تستطع سيارات الإسعاف نقل الجرحى ومعالجة المصابين. .
انفعل المحافظ وحاول الاتصال ببعض الوجهاء لاخماد النيران. قال له مستشاره: (استاذ لا تنفعل كيدهم في نحرهم). . وقال آخر: (يطبهم طوب)، والطوب هو المدفع باللغتين التركية والفارسية. .
قطعت احدى الفضائيات المحلية برامجها ونقلت لنا صورة من المعركة. كانت أعمدة الدخان تتصاعد من أكواخ القصب في قرى محرومة من الماء والكهرباء. ونسبة البطالة فيها 90 ‎%‎. لكن سكانها يتكلمون بلغة السلاح المنفلت. تحركهم العصبيات. تثيرهم النعرات، في غياب مؤلم لقلة الوعي وسوء الفهم. .
كيف ساءت أحوالنا حتى وصلنا إلى هذا المستوى المتدني ؟. ولماذا لم نرحم انفسنا مثل بقية الشعوب والأمم ؟. .