العمال والسلام: صوت التضامن من أجل الحقوق والعدالة الاجتماعية


عدنان الصفار
2025 / 10 / 28 - 13:32     

مع حلول أسبوع الأمم المتحدة لنزع السلاح لهذا العام (24–30 تشرين الأول/أكتوبر 2025)، تتجدد الدعوات إلى تعزيز السلام والأمن العالميين، وتأكيد أهمية توجيه الموارد البشرية والمالية نحو حياة أفضل للجميع، بدلًا من الانفاق الهائل على الأسلحة والحروب.
العمال، كجزء أساسي من المجتمع، يقفون دائمًا إلى جانب السلام والديمقراطية، ويطالبون بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. فهم يعرفون أن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لا يتحقق عبر التسلح، بل من خلال توفير فرص العمل الكريمة، والصحة العامة، والتعليم، والحماية الاجتماعية.
إن الاستثمار الهائل في المجالات العسكرية وصناعة الأسلحة يأتي على حساب حياة الناس ومستقبل الأجيال. الأموال الطائلة التي تُصرف على التسلح يمكن أن تُستخدم لتقليل الفقر، وتحسين الخدمات الصحية، وتعزيز البنية التحتية، ودعم التعليم وبرامج الحماية الاجتماعية.
العمال يرفضون سياسة سباق التسلح التي تهدر الموارد وتزيد من حدة النزاعات، ويؤكدون أن السلام ليس مجرد غياب الحرب، بل هو قدرة المجتمع على توفير حياة كريمة لجميع أفراده. إن الدفاع عن الحقوق العمالية والعدالة الاجتماعية جزء لا يتجزأ من النضال من أجل عالم أكثر أمناً واستقراراً.
في هذا الأسبوع، يدعو العمال جميع الحكومات والمجتمعات إلى إعادة النظر في أولوياتها، ووضع البشر قبل الأسلحة، والاستثمار في مستقبل يعمه السلام والديمقراطية، حيث تتوفر الحقوق الأساسية لكل إنسان، بغض النظر عن خلفيته أو موقعه الجغرافي.
السلام والعدالة والحقوق ليست رفاهية، بل استثمار حقيقي في مستقبل البشرية. وهو مناسبة عالمية لتسليط الضوء على ضرورة تقليل الترسانات العسكرية وتعزيز السلام والأمن الشامل. في هذه الأيام، نتذكر جميعًا أن إنفاق الموارد العامة على الأسلحة والحروب لا يخلق أمانًا حقيقيًا، بل يفاقم الأزمات ويهدر فرص التنمية والرفاهية البشرية.
إن تحويل مليارات الدولارات من ميزانيات الدول إلى الصناعات العسكرية والأسلحة يعكس أولويات معاكسة لمتطلبات شعوبنا الحقيقية. فالأسلحة قد تمنح شعورًا زائفًا بالأمان، لكنها لا تبني حياة كريمة أو مجتمعات مستدامة. في المقابل، الاستثمار في أسس الأمن الإنساني الحقيقي – الوظائف المستقرة، والحماية الاجتماعية، والتعليم، والرعاية الصحية، والمساواة بين الجنسين، والبيئة المستدامة – يخلق شعوبًا أقوى، ومجتمعات أكثر استقرارًا، ودولًا أكثر أمنًا على المدى الطويل.
الأمن الإنساني يعني أن يشعر كل فرد بالطمأنينة في حياته اليومية، بعيدًا عن الخوف من العنف أو الحرمان. ويعني أيضًا القدرة على العيش بكرامة والمشاركة الكاملة في حياة المجتمع. لذلك، ندعو صناع القرار حول العالم إلى إعادة توجيه الموارد من الصناعات الحربية نحو برامج التنمية المستدامة، ودعم حقوق الإنسان، وتعزيز المساواة، وبناء اقتصادات قادرة على توفير فرص عادلة للجميع.
في أسبوع نزع السلاح هذا، لنؤكد جميعًا على أن السلام لا يُبنى بالأسلحة، بل بالاستثمار في الإنسان. ولنجعل من الموارد العامة أداة لتحقيق حياة أفضل للجميع، لا وسيلة لإدامة الصراعات والحروب. المستقبل الذي نريده للجميع هو مستقبل يُقدَّر فيه الإنسان أكثر من أي سلاح، ويُستثمر فيه كل دينار في بناء حياة آمنة، عادلة، ومستدامة.
وتكتسب قضية دور المرأة حقوقها أهمية خاصة، إذ لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار المجتمعي إلا من خلال تمكين المرأة وضمان مشاركتها الفعالة في جميع المجالات.
حيث تلعب المرأة دورًا محوريًا في بناء المجتمع، سواء على الصعيد الوطني أو المجتمعي، فهي ليست فقط عاملة منتجة وفاعلة في سوق العمل، بل هي أيضًا ركيزة أساسية في تعزيز الوعي بالسلام ونشر ثقافة الحوار. ولضمان تمكن المرأة من أداء هذا الدور، من الضروري حماية حقوقها وضمان مصالحها القانونية والاجتماعية والاقتصادية، بما يشمل الحق في التعليم والعمل والمشاركة السياسية والاجتماعية.
خاصة المرأة العاملة، التي تواجه تحديات مضاعفة، يجب أن تحظى بالدعم الكامل من القوانين والسياسات الوطنية لحمايتها من أي أشكال تمييز أو تحيّز، وكذلك من العنف الأسري والمجتمعي والاقتصادي. إذ إن تمكين المرأة وحمايتها من العنف هو شرط أساسي لتعزيز الاستقرار الأسري والاجتماعي، كما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
إن أسبوع الأمم المتحدة لنزع السلاح هو فرصة لتسليط الضوء على أهمية دمج العدالة والمساواة بين الجنسين في سياسات نزع السلاح وبرامج الأمن المجتمعي. فالنساء اللواتي يعشن في بيئات سلمية وآمنة، يكون لهن تأثير أكبر في تعزيز ثقافة السلام، وفي المشاركة بفاعلية في بناء مجتمعات مزدهرة وآمنة.
لذلك، فإن ضمان حقوق المرأة وحمايتها من العنف ليس خيارًا، بل ضرورة وطنية ومجتمعية. وهو السبيل لتفعيل دورها الكامل في المجتمع، وتمكينها من المشاركة في صناعة القرار، والمساهمة في تحقيق الأمن والسلام والتنمية المستدامة.
في أسبوع الأمم المتحدة لنزع السلاح 2025، يجب أن يكون شعارنا: تمكين المرأة، حماية حقوقها، وتعزيز السلام، لأن المجتمع الذي يحمي المرأة ويعطيها فرصتها الحقيقية، هو المجتمع القادر على تحقيق الاستقرار والازدهار.