|
|
غلق |
|
خيارات وادوات |
|
مواضيع أخرى للكاتب-ة
بحث :مواضيع ذات صلة: احمد صالح سلوم |
السلام المزيف: قصة كيف غرقت مصر وفلسطين في بحر من النكات السيئة. كتابات ساخرة
يا لها من قصة تستحق أن تُروى بضحكة مريرة! مصر، أم الدنيا، التي كانت يومًا تُعلم البشرية كيف تبني أهرامات وتحنط مومياوات، وجدت نفسها في القرن الحادي والعشرين تسبح في بحر من الأوهام يُسمى "السلام". في زمن جمال عبد الناصر، كان المواطن المصري يسير مرفوع الرأس، جيبه يزن أكثر من جيب الكوري الجنوبي، الذي كان الغرب يحشو خزائنه بالدولارات ليكون لوحة إعلانية مضيئة أمام كوريا الشمالية. كان المصري يشرب قهوته على ضفاف النيل، يحلم بمستقبل يليق بأحفاد الفراعنة، بينما الكوري الجنوبي كان لا يزال يتعلم كيف يمسك عيدان الأكل. لكن، بعد خمسة وأربعين عامًا من توقيع ما سُمي "اتفاقية سلام"، أصبح راتب المصري لا يكفي لشراء كيلو بطاطس، بينما الكوري يقود سيارة كهربائية ويأكل الكيمتشي بملعقة مرصعة بالماس. ماذا حدث؟ أين اختفت الأحلام؟ أخبركم: لقد أُلقيت في صندوق النفايات المُسمى "كامب ديفيد"، مع ملاحظة صغيرة تقول: "شكرًا على المشاركة في لعبة السلام العالمية!"قبل يومين، وبينما كان المصريون يحاولون فك لغز كيفية دفع فاتورة الكهرباء دون بيع كلية، جاءت الطامة الكبرى: "طوفان النيل". لا، لا، ليس عنوان فيلم كوارث هوليوودي، بل كارثة حقيقية جعلت الدلتا تبدو وكأنها أكبر بركة سباحة في الشرق الأوسط. إثيوبيا، بكل براءة المحتالين، فتحت أربع بوابات فقط من سد النهضة – من أصل ثلاث عشرة، تخيلوا! – فتحولت الدلتا، سلة خبز مصر، إلى موطن للضفادع والأسماك الهاربة من النيل. ومن يقف وراء هذا العرض المائي المذهل؟ فرقة من "أبطال السلام" العالميين: الكيان الصهيوني، الولايات المتحدة، الإمارات، السعودية، وقطر. نعم، هؤلاء الذين يرتدون بدلات السلام في مؤتمرات الأمم المتحدة، كانوا يخططون على مدى عقود لتحويل مصر إلى أتلانتس العصر الحديث. لو فتحوا كل البوابات، لكنا الآن نبحث عن القاهرة في قاع المحيط الأطلسي، وربما يفتتحون منتجعًا سياحيًا تحت الماء بعنوان "استمتع بغرق أم الدنيا!"لكن، لحظة، دعونا نتراجع قليلاً. لولا سد أسوان، ذلك العملاق الذي بناه الاتحاد السوفييتي في زمن عبد الناصر، لكانت مصر الآن مجرد فقرة في كتب التاريخ بعنوان "كيف غرقت أمة بسبب الثقة العمياء". هذا السد، الذي كان الغرب يسخر منه ويصفه بـ"حلم الشيوعيين المتخلف"، هو الذي وقف كدرع أمام طوفان النيل. تخيلوا المفارقة: السوفييت، الذين كانوا يُصورون كأشرار العالم، بنوا لمصر حصنًا، بينما "أصدقاء السلام" كانوا يحفرون تحت النيل ليحولوها إلى بحيرة. يا لها من قصة كوميدية سوداء تستحق جائزة أوسكار للسخرية! سد أسوان، يا سادة، هو البطل الذي لم يطلب التصفيق، بينما اتفاقيات السلام كانت الشرير المبتسم الذي يوزع الحلوى المسمومة.لكن مصر ليست الوحيدة التي اشترت تذكرة في قطار السلام المزيف. في فلسطين، قرر ياسر عرفات، ثم محمود عباس، أن يلعبا دور البطولة في مسرحية هزلية بعنوان "السلام مع الذئب". توهما أن الجلوس على طاولة المفاوضات مع الكيان الصهيوني سيجلب لفلسطين ناطحات سحاب ومطاعم فاخرة على طريقة سنغافورة. لكن، بعد أربعين عامًا من أوسلو، ماذا حصلنا؟ مليون مستوطن، نصفهم يحملون بنادق وكأنهم في فيلم ويسترن، يسرقون الأرض، يقتلون الفلاحين، ويقتلعون أشجار الزيتون الرومي التي كانت موجودة قبل أن يكتشف الكيان خريطة فلسطين. الضفة الغربية؟ آسف، نسيت، لم تعد تُسمى كذلك. الآن اسمها "يهودا والسامرة"، كما لو أننا في مسلسل توراتي على نتفليكس. ومحمود عباس؟ يجلس في مكتبه، محاصرًا بسلطة بلا سلطة، بينما شعبه يواجه خطر الطرد إلى كوكب المريخ. يا لها من نهاية سعيدة لمسرحية السلام!في لبنان، لحسن الحظ، كان هناك من فهم قواعد اللعبة مبكرًا. لمدة ثمانية عشر عامًا، حتى عام 2023، عاش لبنان في جنة نسبية، بفضل مقاومة الضاحية وجنوب لبنان. هؤلاء الشباب، الذين قرروا أن يواجهوا الكيان الصهيوني بدلاً من تقديم الشاي والقهوة له، أثبتوا أن الأمن لا يُشترى بابتسامات دبلوماسية، بل بالصمود والسلاح. سوريا، في عهد حافظ الأسد، كانت قصة نجاح أخرى. تخيلوا: كهرباء 24 ساعة، أراضٍ غير محتلة، وجيش خاض أربع حروب ضد الكيان الصهيوني. حافظ، بعبقريته، عرف أن السلام مع الأفاعي الاستعمارية هو بمثابة دعوة للعشاء حيث أنت الطبق الرئيسي. هذه التجارب، يا سادة، هي دليل على أن المقاومة تصنع الأمن، بينما السلام المزعوم يصنع فقط المزيد من الفواتير.لكن دعونا نكون منصفين. لماذا يقع الناس في فخ السلام؟ لأن هناك آلة دعاية عالمية تعمل ليل نهار، كأنها مصنع لإنتاج الأوهام. الوحدة 8200 الصهيونية، مع الإعلام الأمريكي والخليجي الممول من الطغمة المالية الحاكمة، يبيعون لنا فكرة أن السلام هو عصا سحرية. "فقط استسلموا، وسيصبح كل شيء رائعًا!" يقولون، بينما يضحكون في سرهم وهم يعدون الخطة التالية لسرقة أرضك أو إغراقك. المحميات الخليجية؟ أوه، هؤلاء ليسوا دولًا، بل محطات وقود للغرب. يدفعون فواتير الحروب الأمريكية والصهيونية، ويمولون كل شيء من الإرهاب الوهابي إلى المسلسلات التي تُعلمك كيف تكون مواطنًا "مسالمًا" بينما يقتلعون جذورك. تخيلوا المشهد: أمير خليجي يوقع شيكًا بمليارات الدولارات لتمويل حرب ضد شعب عربي، ثم يظهر على شاشة التلفزيون يتحدث عن "التعايش السلمي". لو لم يكن هذا مضحكًا، لكان مأساويًا.وتركيا؟ لا تُضحكوني! منذ أن انضمت إلى الناتو في خمسينيات القرن الماضي، بعد أن أعدم الإخوانجيون عدنان مندريس، أصبحت تركيا كاميرا تجسس عملاقة تراقب العرب، روسيا، وإيران. تخيلوا: دولة تُروج لنفسها كقائدة للأمة الإسلامية، بينما هي عضو في نادي الناتو الاستعماري، تجلس على طاولة مع من يخططون لتدمير المنطقة. لو كانت هذه مسرحية، لكانت بعنوان "الخيانة بنكهة البقلاوة".لنعد إلى مصر، التي كادت تتحول إلى حوض سمك بفضل سد النهضة. هذا السد، الذي مُول من "أصدقاء السلام"، ليس مجرد مشروع تنموي إثيوبي. إنه سلاح مائي يمكن أن يجعل مصر تركع متى شاءوا. أربع بوابات فقط، وتحولت الدلتا إلى بحيرة. تخيلوا لو فتحوا الباقي؟ ربما يفتتحون مدينة ملاهي مائية في وسط الإسكندرية! لكن، مرة أخرى، سد أسوان ينقذ الموقف. هذا العملاق، الذي بناه السوفييت في زمن كان الغرب يحاصر فيه مصر، يثبت أن المشاريع الوطنية هي التي تحمي، بينما السلام المزعوم هو مجرد تذكرة إلى الهاوية.في فلسطين، المأساة أكثر كوميدية – إن جاز التعبير. اتفاقية أوسلو، التي كانت من المفترض أن تجلب الدولة الفلسطينية، أنتجت بدلاً من ذلك مليون مستوطن، نصفهم يحملون أسلحة وكأنهم في لعبة فيديو. أشجار الزيتون؟ آسف، لقد أصبحت حطبًا لشواء المستوطنين. والضفة؟ أصبحت "يهودا والسامرة"، كما لو أننا في مسرحية هزلية كتبها الكيان الصهيوني. محمود عباس يجلس في مكتبه، يحلم بالسلام، بينما شعبه يواجه خطر الطرد إلى كوكب آخر. يا لها من نهاية سعيدة لمسرحية السلام!في لبنان وسوريا، القصة مختلفة. المقاومة في لبنان أعطتنا ثمانية عشر عامًا من الأمن، لأنها قالت للكيان: "لا شاي ولا قهوة، فقط قاتل أو اهرب". وسوريا حافظ الأسد، بكهربائها الدائمة وحروبها الأربع ضد الكيان، أثبتت أن الأمن يُصنع بالصمود، لا بالابتسامات. من يظن أن السلام مع الأفاعي الاستعمارية ممكن، إما أنه ساذج يصدق إعلانات التلفزيون، أو خائن يردد خطاب المحميات والوحدة 8200. في النهاية، التاريخ يضحك علينا: السلام جلب الذل، والمقاومة جلب الأمل. مصر، فلسطين، لبنان، وسوريا تقول لنا: إما أن تقاوم، أو تستعد لتصبح جزءًا من فيلم كوميدي تراجيدي لا ينتهي.لكن دعونا لا ننسى الدور الرئيسي للإعلام في هذه المسرحية. الإعلام الغربي والخليجي، الممول من الطغمة المالية، يعمل كمروج للسلام المزيف. يقولون لك: "فقط استسلم، وسيصبح لديك مولات تسوق ومطاعم فاست فوود!" بينما في الواقع، هم يعدون لسرقة أرضك، مياهك، وكرامتك. تخيلوا المشهد: مذيع خليجي يرتدي بدلة باهظة الثمن، يتحدث عن "التعاون الإقليمي"، بينما خلف الكواليس يوقع شيكًا لتمويل حرب ضد شعب عربي آخر. لو لم يكن هذا مضحكًا، لكان مأساويًا.والآن، دعونا نلقي نظرة على اللاعبين الآخرين في هذه اللعبة. المحميات الخليجية، التي تُظهر نفسها كدول مستقلة، ليست سوى أدوات في يد الغرب. يدفعون مليارات الدولارات لتمويل الحروب الأمريكية والصهيونية، بل وحتى الإرهاب الوهابي الذي يضرب الشعوب العربية. تخيلوا: دولة تملك أموالاً لا تُعد ولا تُحصى، لكنها تستخدمها لشراء أسلحة تُستخدم ضد جيرانها. لو كانت هذه نكتة، لكانت الأسوأ في التاريخ.وتركيا؟ آه، تركيا! منذ أن انضمت إلى الناتو، أصبحت مثل جار فضولي يراقب كل تحركاتك. تُروج لنفسها كحامية للأمة الإسلامية، بينما تجلس على طاولة مع من يخططون لتدمير المنطقة. تخيلوا المشهد: زعيم تركي يلقي خطابًا حماسيًا عن "وحدة الأمة"، بينما يرسل تقارير التجسس إلى واشنطن. لو لم تكن هذه مفارقة تستحق الضحك، لكانت تستحق البكاء.في النهاية، القصة واضحة: السلام المزعوم لم يجلب سوى الذل والدمار. مصر، التي كادت تغرق بسبب سد النهضة، وفلسطين، التي تُسرق أرضها يوميًا، وسوريا ولبنان، اللتان صمدتا بالمقاومة، كلها دروس لمن يريد أن يرى. الخيار بسيط: إما أن تقاوم، أو تستعد لتصبح نكتة في مسرحية لا تنتهي. السلام الحقيقي لا يُبنى على التنازلات، بل على استعادة الكرامة والسيادة. وإذا كنت لا تزال تؤمن بأن السلام مع الأفاعي ممكن، فأنصحك بمشاهدة أفلام ديزني بدلاً من قراءة التاريخ.
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
نسخ
- Copy
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
اضافة موضوع جديد
|
اضافة خبر
|
|
|||
|
نسخة قابلة للطباعة
|
الحوار المتمدن
|
قواعد النشر
|
ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن
|
قواعد نظام التعليقات والتصويت في الحوار المتمدن |
|
|
||
| المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الحوار المتمدن ، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الحوار المتمدن اي تبعة قانونية من جراء نشرها | |||