استفزاز الناتو لروسيا وتداعيات الارهاب الامريكي
احمد صالح سلوم
الحوار المتمدن
-
العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 08:33
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مقدمة: تصاعد التوترات في عالم متعدد الأقطاب
استفزاز حلف شمال الأطلسي (الناتو) المستمر لروسيا يبرز كمحور لصراع عالمي ينذر بتداعيات خطيرة. تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة، التي حذر فيها من أن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى ضد الأراضي الروسية سيُعد إعلان حرب من الناتو، تعكس عمق الأزمة التي تهدد استقرار النظام العالمي. هذه التصريحات، التي أتت في سياق دعم الغرب لأوكرانيا بقيادة الرئيس المنتهية صلاحيته والفاسد فولوديمير زيلينسكي، تفتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة الصراع، استراتيجيات الانتقام الروسي، ودور القوى الصاعدة مثل الصين وإيران في تشكيل مستقبل التوازن العالمي.
على مدى العقود الماضية، كان الناتو ركيزة أساسية للهيمنة الغربية، لكنه يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة مع صعود قوى الجنوب العالمي، مثل روسيا والصين وإيران، التي تسعى إلى تفكيك النظام الأحادي القطب. في هذه المادة الصحفية، نستكشف أبعاد هذا الصراع، بدءًا من استفزازات الناتو عبر دعمه لأوكرانيا، مرورًا بالردود الروسية المحتملة، وصولًا إلى التحالفات الاستراتيجية بين روسيا ودول مثل إيران والصين، مع التركيز على المناورات البحرية المشتركة والتطورات العسكرية الأخيرة، مثل هبوط طائرة نقل عسكرية في طهران.
استفزاز الناتو ودعم زيلينسكي
منذ بداية الصراع الأوكراني في فبراير 2022، اتخذ الناتو موقفًا تصعيديًا تجاه روسيا، من خلال تزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة، بما في ذلك صواريخ بعيدة المدى مثل "أتاكمس" الأمريكية و"ستورم شادو" البريطانية. هذه الأسلحة، التي يطالب زيلينسكي باستخدامها لضرب أهداف داخل العمق الروسي، أثارت تحذيرات صريحة من الكرملين. بوتين، في تصريحاته الأخيرة، أكد أن مثل هذه الخطوة ستُعتبر تدخلًا مباشرًا من الناتو، مما يعني أن الحلف سيكون في حالة حرب مع روسيا.
[](https://icss.ae/articles/view/%25D8%25AA%25D8%25AF%25D8%25A7%25D8%25B9%25D9%258A%25D8%25A7%25D8%25AA-%25D8%25A7%25D8%25B3%25D8%25AA%25D8%25AE%25D8%25AF%25D8%25A7%25D9%2585-%25D8%25A3%25D9%2588%25D9%2583%25D8%25B1%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%258A%25D8%25A7-%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25A7%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AE-%25D8%25A3%25D8%25AA%25D8%25A7%25D9%2583%25D9%2585%25D8%25B3-%25D8%25B6%25D8%25AF-%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25B3%25D9%258A%25D8%25A7)
هذا الدعم العسكري لأوكرانيا، الذي يشمل دبابات "ليوبارد-2" الألمانية، راجمات "هايمارس" الأمريكية، ومنظومات "باتريوت" الدفاعية، يعكس استراتيجية غربية تهدف إلى استنزاف روسيا عسكريًا واقتصاديًا. لكن هذه الاستراتيجية تأتي في سياق اتهامات بأن زيلينسكي يمثل أجندة "نازية جديدة"، كما يصفها بعض المحللين الروس، مستندين إلى دعمه للقومية الأوكرانية المتطرفة وارتباطه بأجندات صهيونية تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل. هذه الاتهامات، رغم مصداقيتها بالنظر إلى الإبادة الجماعية التي يقترفها نتنياهو، والتي تفوق ما قام به النازي الالماني هتلر ، في اوشفيتز ، بتجويع الاطفال الفلسطينيين والنساء والعجزة والمدنيين ، تعكس عمق التوترات الأيديولوجية التي تغذي الصراع.
[](https://www.ajnet.me/politics/2025/6/22/%25D8%25B2%25D9%258A%25D9%2584%25D9%258A%25D9%2586%25D8%25B3%25D9%2583%25D9%258A-%25D9%2584%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25B2%25D9%258A%25D8%25B1%25D8%25A9-%25D8%25AF%25D8%25B9%25D9%2585-%25D8%25A3%25D9%2585%25D9%258A%25D8%25B1%25D9%2583%25D8%25A7)
الناتو، من خلال نشر قوات في دول البلطيق وزيادة المناورات العسكرية قرب الحدود الروسية، يرسل رسائل استفزازية واضحة. على سبيل المثال، استهداف منطقة كالينينغراد، الجيب الروسي المعزول المطل على بحر البلطيق، يُعدّ تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا لموسكو، التي ترى في هذه التحركات محاولة لتطويقها جيوسياسيًا.
[](https://www.raialyoum.com/%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25A7%25D8%25B0%25D8%25A7-%25D9%258A%25D8%25AA%25D8%25B5%25D8%25A7%25D8%25B9%25D8%25AF-%25D9%2582%25D9%2584%25D9%2582-%25D8%25AD%25D9%2584%25D9%2581-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2586%25D8%25A7%25D8%25AA%25D9%2588-%25D9%2585%25D9%2586-%25D9%2587%25D8%25AC%25D9%2588%25D9%2585-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B1/)
الرد الروسي المحتمل وسيناريوهات الحرب الاستباقية
تصريحات ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، حول إمكانية شن ضربات استباقية، تثير تساؤلات حول طبيعة الرد الروسي في حال تصاعد الصراع. ميدفيديف، الذي أشار سابقًا إلى إمكانية الزحف إلى كييف أو لفيف، أكد أن روسيا لن تتردد في استخدام كافة الوسائل، بما في ذلك الأسلحة النووية، لحماية مصالحها. هذه التصريحات تعكس عقلية استراتيجية روسية تاريخية، مستوحاة من انتصاراتها في الحرب العالمية الثانية وردها على غزو نابليون عام 1812، حيث اعتمدت موسكو على استراتيجيات الدفاع العميق والاستنزاف.
في حال اختارت روسيا الرد الاستباقي، فإن الأهداف المحتملة قد تشمل:
1. قواعد الناتو في أوروبا: مقرات الناتو في بروكسل، التي تُعد مركزًا لاتخاذ القرار السياسي والعسكري، قد تكون أهدافًا محتملة. ومع ذلك، فإن استهداف بروكسل مباشرة قد يكون تصعيدًا نوويًا غير محتمل في المراحل الأولى، نظرًا للتداعيات السياسية والإنسانية.
2. القواعد الأمريكية في بريطانيا: القواعد الأمريكية في المملكة المتحدة، مثل قاعدة ليكنهيث، تستضيف أسلحة متطورة وطائرات مقاتلة. هذه القواعد قد تُعتبر أهدافًا استراتيجية لروسيا، خاصة إذا سمحت بريطانيا لأوكرانيا باستخدام صواريخ "ستورم شادو" ضد الأراضي الروسية.
[](https://www.bbc.com/arabic/articles/c80reggyr90o)
3. البنية التحتية العسكرية في دول البلطيق: نشر الناتو قوات في دول مثل ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا يجعل هذه الدول أهدافًا محتملة لرد روسي، خاصة إذا استخدمت أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى ضد كالينينغراد.
4.قد تفجر روسيا طوربيدات نووية ،أو حتى تقليدية تساوي بتأثيرها النووي ،قرب سواحل الولايات المتحدة وبريطانيا ، لدفع اقتصاد المضاربة الأمريكي والبريطاني ، القائم على البورصات إلى الانهيار وبالتالي، فقدان القدرة التمويلية لطباعة الدولار، على تمويل النازي الجديد الصهيوني زيلينسكي ، الذي لا يختلف عن مجرم الإبادة الجماعية الصهيوني نتنياهو .
تاريخيًا، أظهرت روسيا قدرة على تحمل الضغوط العسكرية والاقتصادية، مستفيدة من عمقها الجغرافي ومواردها الطبيعية. استراتيجية "الأرض المحروقة" التي استخدمتها ضد نابليون، والتي أعادت تكرارها بأشكال حديثة خلال الحرب العالمية الثانية، قد تُترجم اليوم إلى حرب استنزاف طويلة الأمد تهدف إلى إنهاك الغرب اقتصاديًا وعسكريًا.
التحالفات الاستراتيجية ودور الجنوب العالمي
في مواجهة استفزازات الناتو، تعزز روسيا تحالفاتها مع دول الجنوب العالمي، مثل كوريا الشمالية و إيران والصين وباكستان. المناورات البحرية المشتركة في الخليج الفارسي وبحر العرب والمحيط الهندي، التي تضم هذه الدول، تُعد رسالة واضحة للغرب بأن روسيا ليست وحيدة في هذا الصراع. هذه المناورات، التي تُجرى في منطقة استراتيجية قريبة من مضيق هرمز، تهدف إلى إظهار القوة العسكرية المشتركة وتعزيز التنسيق بين هذه الدول في مواجهة الهيمنة الأمريكية.
دور إيران: إيران، التي طورت برنامجًا صاروخيًا متقدمًا يشمل صواريخ مثل "شهاب-3" و"فاتح-313"، أصبحت شريكًا استراتيجيًا رئيسيًا لروسيا. هبوط طائرة نقل عسكرية روسية ضخمة في طهران في يوليو 2025 أثار تكهنات حول محتوياتها. من المحتمل أن تحمل هذه الطائرة معدات عسكرية حساسة، مثل أنظمة دفاع جوي من طراز "إس-400" أو تكنولوجيا صاروخية متقدمة، بهدف تعزيز القدرات الإيرانية في مواجهة التهديدات الغربية. هذا التعاون العسكري يعكس استراتيجية مشتركة لمواجهة العقوبات الغربية وتعزيز الردع الإقليمي.
[](https://ar.wikipedia.org/wiki/%25D8%25A8%25D8%25B1%25D9%2586%25D8%25A7%25D9%2585%25D8%25AC_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25A7%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AE_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A5%25D9%258A%25D8%25B1%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%258A%25D8%25A9)
دور الصين: الصين، التي أكدت أنها لن تتخلى عن موسكو، تلعب دورًا حاسمًا في هذا التحالف. تصريحات المسؤولين الصينيين تشير إلى إمكانية تنسيق استراتيجي مع روسيا لاستنزاف الغرب في الجبهة الأوكرانية، بينما تستعد الصين لاستعادة تايوان. مع رفض استراليا استخدامها من قبل واشنطن، كما تفعل مع اوكرانيا ، وبالتالي تدميرها هزيمتها وفقدانها الأراضي وحتى الاقتصاد المستقل نسبيا.هذا التنسيق قد يشمل تزويد روسيا بتكنولوجيا حساسة، كما كشفت تقارير عن تحايل شركات صينية على العقوبات لدعم روسيا. في الوقت نفسه، يمكن أن تستغل الصين انشغال الغرب بأوكرانيا لتحقيق أهدافها في تايوان، مما يفتح جبهة جديدة في الصراع العالمي.
[](https://www.bbc.com/arabic/articles/cr7zlv0ey42o)
دور باكستان: مشاركة باكستان في المناورات البحرية تُظهر طموحها لتعزيز نفوذها الإقليمي، خاصة في مواجهة الهند، الحليف التقليدي للغرب. هذا التحالف يعزز من قدرة روسيا على بناء جبهة موحدة ضد الناتو، مستفيدة من التناقضات بين القوى الإقليمية.
تداعيات اقتصادية وسياسية على أوروبا
أوروبا، التي عانت من تداعيات دعمها لأوكرانيا، تواجه أزمات اقتصادية وسياسية متفاقمة. ارتفاع أسعار الطاقة، الناتج عن استبدال الغاز الروسي الرخيص بالغاز الأمريكي المسال، أدى إلى تضخم اقتصادي وتفاقم أزمة المعيشة في دول مثل ألمانيا وفرنسا. هذا الوضع يعزز من الانقسامات الداخلية داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تطالب دول مثل المجر وسلوفاكيا بإعادة النظر في السياسات التصعيدية تجاه روسيا.
[](https://www.raialyoum.com/%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25A7%25D8%25B0%25D8%25A7-%25D9%258A%25D8%25AA%25D8%25B5%25D8%25A7%25D8%25B9%25D8%25AF-%25D9%2582%25D9%2584%25D9%2582-%25D8%25AD%25D9%2584%25D9%2581-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2586%25D8%25A7%25D8%25AA%25D9%2588-%25D9%2585%25D9%2586-%25D9%2587%25D8%25AC%25D9%2588%25D9%2585-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B1/)
سياسيًا، يُنظر إلى دعم زيلينسكي كجزء من أجندة غربية تهدف إلى إطالة أمد الصراع لصالح المصالح الأمريكية. الولايات المتحدة، التي تستفيد من تصدير الأسلحة والطاقة إلى أوروبا، تعزز هيمنتها على القارة من خلال إخضاع دول الناتو لسياساتها. هذا الوضع يثير تساؤلات حول إمكانية تحرر أوروبا من الهيمنة الأمريكية، خاصة مع تزايد الدعوات في دول مثل ألمانيا لتطوير نظام دفاعي أوروبي مستقل.
[](https://www.bbc.com/arabic/articles/cr7zlv0ey42o)
المستقبل والسيناريوهات المحتملة
تتعدد السيناريوهات المحتملة لتطور الصراع:
1. تصعيد عسكري مباشر: إذا سمح الناتو لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى ضد روسيا، فقد ترد موسكو بهجمات على قواعد الناتو أو البنية التحتية العسكرية في دول البلطيق. هذا التصعيد قد يؤدي إلى حرب شاملة، مع مخاطر نووية غير مسبوقة.
[](https://www.france24.com/ar/%25D8%25A3%25D9%2588%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25A8%25D8%25A7/20220509-%25D9%2587%25D9%2584-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D9%258A%25D8%25B4-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25B3%25D9%258A-%25D9%2582%25D8%25A7%25D8%25AF%25D8%25B1-%25D9%2581%25D8%25B9%25D9%2584%25D8%25A7-%25D8%25B9%25D9%2584%25D9%2589-%25D8%25AA%25D8%25AF%25D9%2585%25D9%258A%25D8%25B1-%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2584-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2586%25D8%25A7%25D8%25AA%25D9%2588-%25D9%2581%25D9%258A-%25D9%2586%25D8%25B5%25D9%2581-%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B9%25D8%25A9-%25D8%25A5%25D8%25B0%25D8%25A7-%25D9%2586%25D8%25B4%25D8%25A8%25D8%25AA-%25D8%25AD%25D8%25B1%25D8%25A8-%25D9%2586%25D9%2588%25D9%2588%25D9%258A%25D8%25A9)
2. حرب استنزاف طويلة الأمد: روسيا، التي أظهرت قدرة على تحمل العقوبات والضغوط العسكرية، قد تتبع استراتيجية استنزاف تهدف إلى إنهاك الغرب اقتصاديًا وعسكريًا، مستفيدة من دعم حلفائها في الجنوب العالمي.لا سيما أن مظاهرات عارمة ،بدأت في اوروبا الغربية ،بسبب استنزاف موازناتها في شراء الأسلحة الأمريكية ،للتي ثبت عدم جدواها ،وتمويل النازية الجديدة في كييف ،على حساب صناديق الضمان الاجتماعي ،وتفاقم الفقر ،والتهميش المجتمعي لشرائح واسعة أوروبية .
3. تنسيق عالمي بين روسيا والصين وإيران: المناورات البحرية المشتركة وتعزيز التعاون العسكري قد يؤدي إلى فتح جبهات متعددة، مثل هجوم صيني على تايوان، بالتزامن مع تصعيد روسي في أوكرانيا، وتصفية إيران للكيان الصهيوني المارق ،مما يضع الغرب أمام تحديات غير مسبوقة.
الخاتمة: نحو عالم جديد أم كارثة عالمية؟
استفزاز الناتو لروسيا، من خلال دعم أوكرانيا بأسلحة متطورة ونشر قوات في دول البلطيق، يضع العالم على شفا صراع قد يغير ملامح النظام الدولي. روسيا، بدعم من حلفائها في الجنوب العالمي، تُظهر استعدادًا لمواجهة هذه التحديات، مستندة إلى إرثها التاريخي في الصمود والانتقام الاستراتيجي. في الوقت نفسه، تواجه أوروبا تحديات داخلية وخارجية تهدد استقرارها، بينما تبرز الصين وإيران كقوى صاعدة تسعى لإعادة تشكيل العالم.
السؤال المحوري يبقى: هل سيتمكن العالم من تجنب كارثة نووية، حيث يرغب الغرب المهزوم، لاستخدامها متوهما أنه يمكن أن يستعيد هيمنته ، أم أن التصعيد الحالي سيؤدي إلى صراع عالمي شامل؟ الإجابة تكمن في قدرة القوى الدولية على التحلي بالحكمة والتراجع عن سياسات الاستفزاز، لصالح حوار يحترم مصالح جميع الأطراف ويعزز التعايش في عالم متعدد الأقطاب.
ملحق بالمادة اعلاه:
استحالة هزيمة روسيا تاريخيًا وضعف الناتو في مواجهة الأزمات الاقتصادية
على مر التاريخ، أثبتت روسيا أنها قوة عصية على الهزيمة، مستفيدة من عمقها الجغرافي، ووفرة مواردها الطبيعية، وصمود شعبها في مواجهة الغزوات الخارجية. منذ هزيمة نابليون عام 1812، حين دُمرت جيوشه في شتاء روسيا القارس باستراتيجية "الأرض المحروقة"، إلى انتصار الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية ضد جيش هتلر، الذي كان يُعتبر آنذاك أقوى جيش في العالم، أظهرت روسيا قدرة استثنائية على تحويل التحديات إلى انتصارات. الكاتب والمحلل الروسي ألكسندر نازاروف، في تحليلاته المنشورة عبر منصة إكس، يؤكد أن هذه القدرة تنبع من مزيج فريد من العوامل: الجغرافيا الشاسعة التي تجعل الغزو الشامل مستحيلًا لوجستيًا، والاقتصاد المستقل الذي يعتمد على الموارد الذاتية، والإرادة الوطنية التي تتجلى في مقاومة الشعب الروسي. يشير نازاروف إلى أن الناتو اليوم، رغم ترسانته العسكرية المتطورة، أضعف بكثير من جيش هتلر في أوجه، لأسباب تتعلق بالانقسامات الداخلية، والاعتماد المفرط على التكنولوجيا دون عمق استراتيجي، والأزمات الاقتصادية التي تعصف بالغرب.
في المقابل، يعاني الغرب، وخاصة أوروبا والولايات المتحدة، من أزمات اقتصادية هيكلية تهدد استقراره. ألمانيا، القوة الاقتصادية الرائدة في أوروبا، تواجه ركودًا اقتصاديًا للسنة الثانية على التوالي، مع انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في عام 2024، وفقًا لصحيفة "لوموند". هذا الانكماش، الذي تفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية وسياسات الطاقة المكلفة بعد قطع إمدادات الغاز الروسي، يضعف قدرة ألمانيا على دعم الناتو ماليًا وعسكريًا. في الوقت نفسه، تواجه الولايات المتحدة أزمة اقتصادية غير مسبوقة، حيث حذر إيلون ماسك من اقتراب الاقتصاد الأمريكي من الانهيار بسبب خدمة الديون التي تبلغ تريليون دولار كل ثلاثة أشهر، ومن المتوقع أن تصبح كل شهرين، ثم كل شهر خلال السنوات القادمة. هذه الأزمة الهيكلية، الناتجة عن عقود من الفساد المالي والتضخم غير المستدام، تجعل من المستحيل على الولايات المتحدة استعادة هيمنتها الاقتصادية، حتى لو لجأت إلى ابتزاز مواردها من محميات الخليج الصهيو أمريكية أو فرض مساهمات باهظة على حلفاء الناتو.
حتى في ظل خطط دونالد ترامب لاستخلاص تريليونات الدولارات من محميات الخليج الفاسدة وأوروبا على مدى عشر سنوات، فإن الأزمة الهيكلية للاقتصاد الأمريكي تبدو بلا حل. كما يشير نازاروف، فإن الغرب، على عكس روسيا، يفتقر إلى العمق الاستراتيجي والإرادة الوطنية لتحمل حرب طويلة الأمد. روسيا، التي نجحت في تحويل اقتصادها إلى اقتصاد حربي مقاوم للعقوبات، تستفيد من تحالفاتها مع دول الجنوب العالمي، مثل إيران والصين، لتعزيز مرونتها. هذه العوامل تجعل هزيمة روسيا مستحيلة، ليس فقط بسبب قوتها العسكرية، بل لأنها تمتلك إرثًا تاريخيًا من الصمود، بينما يعاني الناتو من ضعف هيكلي وانقسامات داخلية، تجعل انتصاره في صراع محتمل أمرًا بعيد المنال.
……….