عن ( الهرب المشروع / مجرم سفاح ولكن يستحق الشفقة )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن
-
العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 17:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال الأول :
اسمح لى يا دكتور أحمد أعرض عليك مشكلتى ، وأرجو ألا تذكر إسمى . انا جئت لأمريكا بالقرعة ( اللوترى ) ، ثم حصلت على الجنسية . كنت اشتغلت ديليفرى ، وعشت مع مصريين في شقة متواضعة ، وفى يوم كنت أوصّل بيتزا لزبون ، لقيت الزبونة مرة واحدة تقع قدامى مغمى عليها . نسيت البيتزا واتصلت بالاسعاف ، وخدوها ورحت معهم ، ونسيت شغلى ، وقعدت جنبها ، وسألوها عنى قالت انها عارفانى . بعد الفحوصات إكتشفوا ان عندها سرطان في مرحلة يائسة . رجعت معها ، وخدمتها لغاية ما نامت . وانا خارج صحيت من النوم وترجتنى ما أسيبهاش . صاحب الشغل إتصل ورفدنى . حكيت لها اللى حصل قالت لى ده قضاء وقدر ، وان أنا ظهرت في آخر عمرها عشان أراعيها . تركت السكن اللى كنت فيه ، وتفرغت لرعاية مارجريت . هي ست أمريكية بيضا ، وفى الأربعينات من عمرها . إستأذنتها أشتغل سواق أوبر ، رفضت وقالت أشتغل عندها ( فُول تايم ) أراعيها واخلى بالى منها . الحقيقة أنا إستريحت ليها . ويوم ورا يوم حسيت أني باحبها . وهى كمان . أتجوزنا رسمي ، وعشت معها أجمل أيام عمرى ، مع بعض طول النهار والليل ، ونتفسح ونسافر داخل الولاية وفى ولايات تانية . كتبت لى بكل أملاكها وحسابها في البنك ، وماتت وهى في حضنى مبتسمة وسعيدة . لقيت نفسى بعدها وحيد ومكتئب ، الاقى طيفها في كل ركن ، واحد صاحبى نصحنى أسافر مصر واتجوز من هناك واحدة تملا على حياتى ، وأخلف منها أولاد ، لأن الجواز صعب في أمريكا . كلمت أهلى فرشحوا لى بنت عمدة البلد ، قالوا انها بنت بنوت وتقريبا في نفس سنى ( يعنى عانس ) بس معاها ثانوية عامة . تكلموا مع العمدة ووافق وهى وافقت . المهم سافرت ، وشفتها ، بنت عادية لا جميلة ولا دميمة . قلت لنفسى مش مهم ، المهم الأخلاق والتربية وتخلف لى أولاد . كتبنا الكتاب وسجلناه ، وعملت إجراءات إستقدامها لأمريكا باعتبارها زوجتى ، وبعد سنتين وصلت المحروسة . وبدأت المشاكل من أول يوم . لقيتها أكبر مقلب شربته في حياتى . إنسانة تافهة متغطرسة جاهلة ولكن ترى نفسها نعمة علىّ نزلت من السما ، وأن أنا لا استحق هذه النعمة . بقت حياتنا سلسلة من النكد والغم ، بس كانت فيه فوايد على الهامش، بقيت أصلى الخمس فروض عشان أدعى عليها ، وعرفت قيمة المرحومة مارجريت . وإشتغلت سواق أوبر عشان أستريح من خلقتها . كانت اللى ما تتسماش تتجن لما أجيب سيرة مارجريت أو حتى أقول إسمها . رجعت في يوم لقيتها جمعت كل صور مارجريت وملابسها ورمتهم في الزبالة ، بس أخدت الأشياء الغالية من الذهب والاكسسوارات والبرفانات . صرخت فيها ، وخدتها كلها وحطيتها في محفظة في البنك . حضرتها قررت تعاقبنى بأن تمنعنى من حقى الشرعى . إعتبرت ده أحسن مكافأة لى ، لأنى عرفت أنها عقيم من آخر مرة زارت الدكتور . اللى فات ده كله كوم واللى حصل بعد كده كوم . واحد صاحبى قال لى انها بقت تروح المسجد وتشنع على ، وان النسوان اللى هناك نصحوها تقدم فىّ شكوى انى بأضربها وبكده انسجن ، وبعدين محامى شاطر يساومنى على الطلاق واتنازل لها عن اللى عايزاه . انا من خوفى سبت البيت وقعدت مع اصحابى في الشقة القديمة عشان أثبت ان انا بعيد عنها ، ويأ إما باشتغل اوبر او عايش مع اللى بأسكن معهم . بس الوضع كده مؤقت . أعمل إيه يا دكتور . أرجوك جاوبنى بسرعة .
إجابة السؤال الأول :
1 ـ في العادة أفترض إن أي فتوى من هذا النوع لا بد ان تكون صادقة بلا أكاذيب وبلا إخفاء لحقائق ، وأقول وجهة نظرى بناءا على المكتوب .
2 ـ أنصحك بالرجوع للبيت والتقرب اليها وإقناعها بأن تسافر معك الى بلدكم لترى اسرتها وترى اسرتك وقم بشراء هدايا كثيرة لأهلها لتشجعها على زيارتهم . وبمجرد وصولك الى بلدكم تطلقها رسميا وغيابيا في مصر ثم تعود لبيتك في أمريكا ، وتسارع ببيع البيت وتحويل كل اموالك الى بنك جديد ، وتنتقل الى ولاية أخرى ، وتبدأ فيها حياة جديدة . وتنسى ما فات .
السؤال الثانى :
رأيت فيديو بشع لجندى أمريكى يطلق النار على مجموعة من الفلسطينيين الجوعى الذين يتزاحمون على الطعام . تمنيت أن ينزل به عقاب إلاهى . أنا عادة ضد العنف ومع التسامح ولكن ما رأيته فوق طاقتى في التحمل . من كراهيتى فيه اتخيله والكلاب الجائعة تنهش لحمه حتى الموت ، فهذا القاتل للأطفال والنساء والمدنيين الجوعى لا يستحق الشفقة ! .
إجابة السؤال الثانى :
أولا :
بالعكس هو يستحق الشفقة . هو في لحظة طوّعت له نفسه قتلهم بدلا من حمايتهم . . ليس في إمكانه إعادتهم للحياة . سيظل قتلهم عارا معلقا في عنقه . هذا القرار سيدفع ثمنه غاليا فيما تبقى له من عمر في هذه الدنيا ، ثم خلودا في عذاب أبدى في الجحيم حيث لا إمهال ولا تخفيف ولا خروج . في الدنيا ستلاحقه أشباح ضحاياه ، إذا أنجب أطفالا إرتعب من ماضيه . ثم هذا الخلود في عذاب الأخرة . نعظ ببعض أمثلة قرآنية . قال جل وعلا :
1 ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ (37) فاطر )
2 ـ ( مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) ابراهيم )
3 ـ ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج )
3 ـ ( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) الكهف )
أخيرا
المشكلة أننا غافلون عن الآخرة . إن لحظة عذاب في جهنم لشخص واحد أفظع من كل عذابات الدنيا لجميع البشر ، فكيف بالخلود في الجحيم أبد الآبدين ؟! وإن لحظة نعيم في الجنة لشخص واحد أروع من كل نعيم الدنيا لجميع البشر ، فكيف بالخلود في الجنة أبد الآبدين ؟!!
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran