-وطن كونيه عراقيه- لاوطنيه زائفه/ 8
عبدالامير الركابي
2025 / 7 / 7 - 15:14
ـ النطقية الكونية والثورة اللاارضوية(التشروعشرينيه) القادمه:
انهت ثورة الاول من تشرين 2019 زمن اللانطقية ومعه مفهوم "الثورة" بما في ذلك الثورات المجتمعية النوعية التي عرفها العراق الحديث عام 1920 وفي 14 تموز1958 ، والامر المشار اليه هنا معقد ويتطلب من المتلقي توقفا متانيا، من زاوية اولى بما خص الثورات ضمن مجتمع النمطية الاولى، بمعنى الثورات في المجتمعات الارضوية الاحادية، وهو ماتعرفه هذه ضمن آليات حركتها وتطور اشتراطات وجودها وتكامل عناصرها، اي انها ثورات انتقالية تغييرية ضمن نفس الاليات، تتطلبها الضرورة وحركة التطور التاريخي ضمن السياق المجتمعي نفسه، اهمها واخطرها ماقد ترافق مع بدايات الانقلاب الالي في الجزء الازدواجي الطبقي الاوربي من المجتمعات البشرية، حيث انبثقت الاله اولا.
ولاتخلو ظواهر الثورات من ايهام، او من حكم اشتراطات متعدية لقدرة من يمارسونها كمثل التوهمية التي حلت على اوربا وثوراتها الحديثة شرقا وغربا، عندما صارت "الفكرة" هي العنصر الفعال باسم الطبقة البرجوازية والبروليتارية، مع تبلور اشكال فعالية مجتمعية جديده اقتضتها المتغيرات التي احدثتها الاله في البنيه المجتمعية، وهو مالم يكن بمقدور العقل الغربي وقتها من تمييزه والتوقف عنده، بينما كانت الضرورة ومتبقات فعل واثار العقل اليدوي ماتزال فاعلة وسارية، قبل ان ينبثق العقل الالي الانقلابي المتطابق مع الحقيقة الالية وطبيعة فعلها، واثرها مجتمعيا خارج اليدوية الجسدية الحاجاتيه كليا، بمعنى الانتقال الواجب الى المجتمعية الجديده العقلية التي تنهي المجتمعية السابقة اليدوية ادراكا.
والامر منوط هنا بنوع المتغير الانقلابي، وبناء عليه للاشترطات التي تعين نوعه، وهو مالايخطر على بال القصورية العقلية الملازمه للعقل البشري اليدوي التابيدي، العاجز عن رؤية الاحتمالية التحولية النوعية مجتمعيا، بمعنى احتمالية الانتقال من مجتمعية بذاتها الى اخرى، على مثال الانتقالية التي حصلت بين حالة "الصيد واللقاط"، الى "التجمع وانتاج الغذاء " الحالية، المعاشة خلال الطور الاول اليدوي منها، الايل للانتهاء مع الانبثاق الالي وتحولاته من المصنعية الى التكنولوجيه، فالتحولية من طور وصيغه مجتمعية، ليست حالة ثورة من صيغه ودرجة مجتمعية ضمن ذات النمطية، ولا تشبهها او تقاربها على مستوى عناصر الفعل والوعي ونوعه عدا عن الممارسة العملية، الامر الذي عاشته استباقا اليوم الحالة التشرينيه العراقية عام 2019 ، وخاضت غمار بحر الكورونا وهي في ذروتها، لتجد نفسها امام المفترق غير القابل للعبور بوسائل واشكال ممارسات محكومه لوعي ونوع ادراكية غير تحولية، عناصرها الاساس ماتزال مادون ادراكية تحولية، غدت راهنه على مستوى العالم، وحتمية، بشرط فعل الارض التي انبثقت فيها تشرين باعتبارها نواتها والمؤشرالدال عليها كمستقبل على مر التاريخ.
هنا تكتمل مقومات وعناصر الانقلاب الالي مجتمعيا، وفي ارض اللاارضوية التاريخيه تتهاوى متحولة لتازم تاريخي اعظم، شامل لكل متبقيات الارضوية ووطاتها التاريخيه والراهنه، بالاخص التوهمية الالية الاوربيه الغالبه والسائده مدعمه بقوة حضور الاله بصيغتها الاولى، نعم لقد افصحت اللاارضوية عن ذاتها مجددا من حيث ماقد اوحت به في الممارسه من نمطية "لادولة" ومسلكية لاتراتبه، ونوع تنظيم عفوي لامخطط، نتاج الغريزه فوق التملكية السلطوية الارضوية، وهو ماظل يتكرر خلال ثورة العشرين وثورة تموز 1958 علما بانه لادولة قد ظلت قائمه او ممكنه بعد السحق البراني، ونصف قرن من الاحتراب والحصار افضى الى نظام الحثالة المجتمعية الريعي، فاقدة الرؤية والمشروع من اي نوع كان خارج ذاتيتها البدائية فاقدة الفعالية تاريخيا.
وماكان متوقعا من هذا النفر ان لايسفر عن طبيعته الاجراميه ضد المطالبين ب "وطن"، اي برؤية وتصور يتجلى صيغه كيانيه متعدية للتشكلات الجزئية المتعفنه، وهو ماقد تمكن التشرينيون ساعتها النطق به حالة بلا مشروع، حيث الجانب الاخطر فيما قد حدث وقتها، فاللامشروع المقابل الحثالي، لم يقابله الى الساعه ما يضعه خارج الوجود وممكنات الاستمرار مهما كانت متدنيه وبرانيه دونيه، ودماء شبيبه تشرين هي بالاحرى شمعة مضيئة على مابعد ثورة، الى ماهو ابعد واعمق بما لايقاس، وعلى وقع الدماء والجريمه الخسيسية، كان لابد ان تبدا ثورة اللاثورة التي تنهي الثورات على مستوى المعمورة، وصولا الى نوع الممارسة والوعي اللازم والضروري، بحسب ما قد صار حكما لساعته وقد حلت على بني البشر المتحولين من هنا فصاعدا، من " الانسايوان" الانتقالي الجسدي اليدوي، الى "الانسان" الغاية / ومجتمعية العقل والانتقال من الكوكب الارضي الذي انتهى دوره كمحطة.
ولم تنته الثورات اليوم تحديدا، ولاهي بلا تاريخ او مقتصره على موضع بعينه بلا اصداء وبدايات مغلقة، يمكن التحري عنها مع الستينات من القرن الماضي وماركوز و"الانسان ذو البعد الواحد"، وانتفاضات الشبيبه الاوربيه والفرنسيه وقتها، ومااعقبها فكريا من تنكر للحداثوية الغربيه مع فوكو واقرانه من تيار مابعد حداثة، وصولا لانتفاضات المنطقة العربية، ببداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين المعروفة بالربيع العربي، فانغلاق الثورات الارضوية، انبثق بصيغته الارضوية المغلقة في موضع الالة ومتغيراتها وتوهميتها ابتداء، وان كانت غير ممكنه لابل مستحيله كانتقال تحولي، الى ماقد صار راهنا ولازما لاسباب بنوية تاريخيه، فالانتقالية التحولية العظمى النمطية المجتمعية لها بؤرتها المدخرة، القابله لان تفصح عنها، وتوجد ملامحها الانتقالية الكبرى العملية، وارض اللاارضوية والازدواج الاصطراعي المجتمعي التي انتجت الابراهيميه اللاارضوية النبوية الحدسية الاولى، هي الموضع المهيا والمؤهل لان يطلق الرؤية العظمى المغفله، المطوية النائمه في اعماق القصورية العقلية على طول استمرارها ابان الطور اليدوي، مع ماقد مر من متبقياته واثاره التوهمية مابعد الاليه.
تنتهي الثورات وتبدا التحولية اللاارضوية العظمى اليوم ومن هنافصاعدا في ارض مابين النهرين، تحولية عقلية "عليّه"على مستوى الوعي والادراكية، بانتقال الكائن البشري تصورا ورؤية من المنظور الارضوي الثباتي التابيدي، الى المفهوم القائل بان الكائن البشري الحالي ومجتمعيته، هو كائن انتقالي الى "الانسان"، اضطر وكان محكوما بالمرور بالطور اليدوي من التاريخ المجتمعي، قبل ان يغادر نهائيا متيقيات ماهو عالق من الحيوانيه في كينونته، فما هي ياترى ملامح الطور مابعد الثوراتي؟ وكيف يعاش ويمارس؟ وماهي ملامحه وركائز تحققه واقعا؟ ذلك ماسنحاول مقاربته في الحلقة القادمة الاخيرة.
يتبع : ملامح الثورة الاارضوية مابعد الثوراتيه