الظلم والاستبداد الطبقي الرأسمالي - الشورى
طلعت خيري
2025 / 5 / 26 - 09:38
لم يتوقف أتباع الشيطان ولي الله عن الجدال السياسي الهادف الى دمج الله الإيماني ، مع الله المصالح الرأسمالي ، مضللين الحق بكل ما لديهم من وسائل ثقافية وفكرية ، ومتصدين للأفكار والتوجهات المهددة للمصالح السياسية والاقتصادية المرتبطة بتجارة الأوثان الملائكة بنات الله ، وبالرغم من زخم الآيات الداعية الى البعث والنشور الأخروي ، إلا أنهم لم يقتنعوا بها ، كما لم يعتبروا منها على الأقل بالانتباه الى حياتهم ومصالحهم الدنيوية قبل الانهيار الديموغرافي المرتقب ، بل اخذوا يتمحصون بإيجاد سبل جديدة ومتطورة للحد من التغير العقائدي ، ولكن مهما حاولوا في النهاية ما لهم من محيص ، قال الله ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص
وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ{35}
حاول التنزيل تفكيك الله المصالح الرأسمالي ، المرتكز عقائديا على الشيطان ولي الله ، لتقليل من حدة التكالب على المال ، الذي تعتمده الطبقة الرأسمالية كعصب للرفاهية والعيش الكريم وشرعية للتدخل ، لزعزعة الدول المكتفية اقتصاديا بفتح أسواق جديدة للتجارة الحرة ، ان التفكير اللامحدود بمراكمة رأس المال غيب العقلية الرأسمالية دون الانتباه الى كورنولوجيا العمر، إذا ما قارنا حجم الرفاهية والمترفات مع ما يقضيه الفرد بالحياة الدنيا ، ولما قلل التنزيل من شان الدنيا بادر لدى بعض الرأسماليين الرغبة في الإيمان بالله واليوم الأخر، قال الله فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا ، متاع وسائل ومتطلبات المعيشة ، ان إيمان بعض الرأسماليين بالله هدد دخلهم المعيشي وخاصة بعد ترك مصالحهم المرتبطة بتجارة الأوثان ، طمئنهم الله داعيا الى التوكل عليه ، قائلا ، وما عند الله خير وأبقى للذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون
فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{36}
قلنا في المقالة السابقة ولو بسط الله الرزق لعبادة لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر، والقدر يعتمد على مدى قناعة الفرد بمصدر دخله ، سؤال يطرح نفسه لماذا لا يفتح الله كافة أبواب الرزق للعباد ، الإجابة لو بسط الله الرزق للعباد لبغوا في الأرض ، ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير ، شرذمة من الدول الرأسمالية عاثت في الأرض فسادا ، فكيف أذا أصبح العالم كله رأسمالي ، خلّف الظلم والاستبداد الطبقي مقاطعة مجتمعية بين القربى ، تعكس مدى العقلية الساذجة للطبقة الرأسمالية وهي تمارس العداوة والبغضاء والشحناء بين المكونات ، فتراهم يتدخلون في أمور تافهة لا تتلاءم من حجم المال والرفاهية التي ينعمون بها ، فلم تتوقف الطبقة الرأسمالية عن مقاطعة القربى بل صعدت الوضع الى اعتداء بالضرب على المؤمنين ، وبتوجيه من الله أمر بتشكيل مجلس شورى لحل المشكل المجتمعية والحد من اتخاذ قرار انفرادي من تداعياته إيقاع الضرر الجسدي بالمؤمنين
مجلس الشورى
أولا - ينضم الى المجلس الملتزمون بوصايا التنزيل الداعية الى الابتعاد عن الرغبات والملذات الدنيوية ، ولا يتعاملون بالعصبية ولا بالعنصرية ولا بالقبلية ولا بالطبقية ، ويميلون الى التهدئة والعفو والغفران كحل سلمي للقضايا المجتمعية ، وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ{37}
ثانيا - ينظم الى المجلس المستجيبون للدعوة القرآنية ومقيمو الصلاة ، والمؤيدين للشورى ممن لديهم القدرة على الإنفاق المالي ، وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{38}
ثالثا - ينظم الى المجلس الشخصيات الفذة والشجاعة المؤمنة بمؤازرة المظلوم ، لردع الظالم ، وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ{39}
رابعا - الابتعاد عن الظلم ، وتطبيق العدالة وفق مبدأ جزاء السيئة سيئة مثلها ، على ان يبقى العفو والإصلاح والعدالة فوق جميع الاعتبارات العشائرية والطائفية والطبقية ، وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ{40}
خامسا - لا يخضع للمسائلة الدنيوية ولا للاستجواب الأخروي ، كل من انتصر من بعد ظلمه ، وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ{41}
سادسا - هدد التنزيل بالعذاب الأخروي كل من ظلم وبغى في الأرض بغير الحق ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ{42}
سابعا - لا يتدخل مجلس الشورى في قضايا الأفراد ، الذين يحلون مشاكلهم بحنكة وحكمة وصبر وعزم ، وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ{43}
اطلع التنزيل الظالمين والباغين من الرأسماليين أصحاب النفوذ المكي ، على حالة التخلف والجمود العقلي الذي يمرون به نتيجة لإيمانهم بعقيدة الله المصالح الرأسمالي ، مما جعلهم في موقف مخزي ، لغياب أسلوب الوعي في التعامل مع المشاكل الاجتماعية ، فتراهم يحلون المشكلة بمشكلة أخرى ، فمن مقاطعة القربى الى التعدي بالضرب ، فالعنجهية والتخلف والتقوقع العقلي حول عقيدة الشيطان ولي الله غيب الفطنة والنباهة ووجهات النظر والاعتبارات البعيدة ، فباتت الطبقة تعيش في ضل ولي غير واعي صنعته المصالح السياسية والاقتصادية ، قال الله ومن يضلل الله فماله من ولي من بعده ، وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل الى مرد من سبيل
وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ{44}
عرض التنزيل المصير الأخروي على طرفي النزاع الديني ، كمشهد أخير يضع الرأسمالية المكية أمام أمرين أمام انهيار اقتصادي صادم ، وإما عذاب أخروي قادم ، وتراهم أي الرأسماليين أولياء الشيطان ولي الله ، يعرضون عليها ، أي على النار، خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي ، وقال الذين امنوا ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، إلا ان الظالمين في عذاب مقيم ، انتقل التنزيل الى مشهد أخر لعرض حالة التشرذم الأخروي الذي ستواجهه الطبقة الرأسمالية أتباع الشيطان والي الله ، عندما يتغلب الحق على الباطل ، وهذا الحدث الأخروي يعكس دنيويا مدى التخلف العقلي للطبقة الرأسمالية ومدى تخلف الشيطان والي الله لعدم علميته الغيبية بالمصير الأخروي ، قال الله وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ، ومن يضلل الله فما له من سبيل
وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ{45} وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ{46}