الفرق بين المناضل نيلسون مانديلا واستسلام عبد الله أوجلان


احمد موكرياني
2025 / 2 / 28 - 21:32     

عُرض على نيلسون مانديلا الإفراج المشروط عدة مرات أثناء سجنه، لكنه رفض في كل مرة لعدم قبوله الشروط التي تتعارض مع مبادئه والنضال ضد الفصل العنصري.
أُطلق سراح مانديلا في 11 فبراير 1990 دون شروط، بعد مفاوضات سرية بين حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) وحكومة جنوب أفريقيا العنصرية.
لماذا وافق على الخروج؟
• جاء إطلاق سراحه كجزء من عملية إنهاء نظام الفصل العنصري (Apartheid) في جنوب أفريقيا.
• أدركت حكومة جنوب إفريقيا أن استمرار اعتقاله يغذي المقاومة والاحتجاجات، ولم يعد بإمكانها السيطرة على الوضع.
• قبل الإفراج عنه، دخل مانديلا في مفاوضات مع الحكومة لضمان إنهاء التمييز العنصري والإفراج عن السجناء السياسيين الآخرين.

رفضه الخروج المشروط من السجن:
• في عامي 1976 و1985، عرضت حكومة جنوب أفريقيا على مانديلا الإفراج عنه بشرط أن يتخلى عن النضال المسلح.
• رفض مانديلا هذه العروض قائلاً: "الرجل الحر فقط هو من يستطيع التفاوض. السجين لا يمكنه إبرام اتفاقيات."
• أصرّ على أنه لن يخرج من السجن إلا إذا تم تفكيك نظام الفصل العنصري بالكامل.

• بعد إطلاق سراحه، قاد مانديلا مفاوضات مع الحكومة أدت إلى إلغاء النظام العنصري في جنوب أفريقيا وإجراء أول انتخابات ديمقراطية عام 1994، حيث أصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا.

أما عبد الله أوجلان، فقد وافق على حل حزب العمال الكردستاني دون أي ضمانات، بل حتى دون تحريره من السجن الانفرادي، حيث لم يتمكن أهله من زيارته لأكثر من 43 شهرًا، أي لأكثر من ثلاث سنوات.
• تخلى عن رفاق حزبه والشهداء الذين ناضلوا من أجل القضاء على العنصرية التركية المغولية، وطلب من الحزب الذي أسسه حل نفسه، رغم أن أكثر من 40,000 مقاتل ضحوا بأرواحهم، وتعرض أكثر من 4 ملايين كردي للتهجير القسري من ديارهم، كما تم تغيير جغرافية كردستان ببناء سدود ضخمة لفرض التهجير على الشعب الكردي في كردستان الآناضول. وكان الأتراك يطلقون على الأكراد لقب "أتراك الجبل"، في إنكار لوجودهم.

أنا مع نزع السلاح، لأنني أؤمن بأن كل من يحمل السلاح قاتل مع سبق الإصرار، لكني أرفض التصالح مع القتلة الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، أيًّا كان الضحية.
• بعد أن أمرتَ، يا عبد الله أوجلان، بحل حزب العمال الكردستاني الذي أسسته، ماذا تبقى لك من تاريخ نضالي؟ وما هي الضمانات التي حصلت عليها من الحكومة التركية العنصرية التي تستعمر أرض كردستان؟ ألم تقرأ تاريخ المناضلين الكرد منذ 1925 ونضالهم من أجل حرية الشعب الكردي؟
• يا عبد الله أوجلان، كيف تثق بجزار الشعب الكردي الذي يحارب الأكراد في الأناضول وسوريا والعراق؟ ففي عام 2013، أعلن الطاغية أردوغان، الذي كان حينها رئيسًا للوزراء، عن بدء عملية سلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني لكسب أصوات الأكراد في الانتخابات الرئاسية في 2015، لكنه لم يتحمل السلام لأكثر من سنتين، فاستأنف القتال في 2015 بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية في 2015. واليوم، وهو يحارب الشعوب المستضعفة في أكثر من دولة، فقط للبقاء في السلطة والهروب من المحاكمة على جرائمه وفساد عائلته.
ألم تسمع القول الشائع: "المجرَّب لا يُجرَّب"؟

التوسع العسكري التركي في عهد أردوغان: وسّعت تركيا وجودها العسكري الخارجي عبر التدخلات المباشرة وإقامة القواعد العسكرية لتعزيز نفوذها الإقليمي. ومن أبرز الدول التي تتواجد فيها القوات التركية حاليًا:
1. سوريا: نفذت تركيا عدة عمليات عسكرية في شمال سوريا، مثل "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، بهدف قمع تطلعات الشعب الكردي للحرية، كما تدعم حكومة الجولاني في دمشق، وسيكون ثمن تدخلها الحالي في سوريا التوسع في حدودها البحرية للاستكشافات البترولية والغازية.
2. العراق: تحتل أجزاء من كردستان العراق حتى ضواحي الموصل، وتقوم بعمليات عسكرية يومية، بالإضافة إلى إقامة قواعد عسكرية.
3. ليبيا: قدمت تركيا دعمًا عسكريًا لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، بما في ذلك إرسال مستشارين عسكريين ومعدات عسكرية.
4. قطر: تمتلك تركيا قاعدة عسكرية في قطر، تأسست عام 2015.
5. الصومال: أقامت تركيا قاعدة عسكرية في مقديشو عام 2017.
6. أذربيجان: بعد حرب ناغورنو كاراباخ عام 2020، شاركت تركيا في قوات حفظ السلام.
7. قبرص الشمالية: تحتفظ تركيا بوجود عسكري منذ 1974 في جمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها دوليًا.
هذا التوسع العسكري يعكس استراتيجية تركيا الاستعمارية الموروثة من العثمانيين.

كلمة أخيرة:
• يا عبد الله أوجلان، لقد أضعت نضالك وتاجرت بتاريخك وبأرواح شهداء حزبك وأبناء شعبك، ورضيت بثمن بخس، وهو مجرد احتمال خروجك من معتقل الطاغية أردوغان.
• بعد خطفك في 15 فبراير 1999 في نيروبي، كينيا، خلال عملية استخباراتية نفذتها المخابرات التركية، وبعد إصدار حكم الإعدام بحقك، تواصلتُ شخصيًا مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون للتوسط من أجل عدم تنفيذ الحكم بحقك.
• خلال مؤتمر سراييفو لإعادة إعمار منطقة البلقان في يوليو/تموز 1999، حيث شارك الرئيس كلينتون والرئيس التركي سليمان ديميريل في المؤتمر، طلب الرئيس كلينتون من ديميريل إلغاء حكم الإعدام بحقك. وبالفعل، تم تعليق حكم الاعدام، وفي 2002، ألغت تركيا عقوبة الإعدام، مما أدى إلى تخفيف حكمك إلى السجن المؤبد.
o فبعد اجتماع الرئيس التركي سليمان ديميريل بالرئيس الأمريكي بيل كلنتون صرّح سليمان ديميريل بأن "تركيا تواجه قرارًا حساسًا بشأن تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، مشيرًا إلى الضغوط الدولية المتزايدة والنداءات الخارجية للعفو عنه".
o لست آسف على تدخلي لإنفاذك من حكم الإعدام، فقد توكلت على الله جل جلاله في محاولة انقاذ حياتك، فأنقذت حياة العشرات من مواطني دولة تركيا من حكم الإعدام منذ 2002، فلم ينج حتى الرئيس الوزراء التركي عدنان مندريس من الإعدام في سنة 1961، كان تدخلي من خلال إيماني بالله جل جلاله وكتابه القرآن الكريم "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" (المائدة، الآية: (32)).

كان الأفضل لك أن تُعدم، لتبقى رمزًا للنضال، بدلًا من أن تتحول إلى ورقة مساومة رخيصة في يد أعدائك.