انثروبولوجيا المجتمعات والحساب الأخروي - الزمر


طلعت خيري
2024 / 12 / 13 - 00:57     

ستكون أسبقية الحساب الأخروي للأمم والأقوام حسب الأقدمية بناءا على ما جاء في الكتاب ، وصولا الى القرن السادس الميلادي ، أما ما بعده ستكون وفقا للإيمان المكتسب إما من الكتاب وإما من الثقافة العامة للقران ، بما ان المجتمع المكي هو عبارة عن خليط من الديانات والاعتقادات والدين السياسي ، طرح عليه التنزيل آلية حساب جديد تتلاءم مع تطور انثروبولوجيا المجتمعات المختلطة الرافضة للانطوائية كالأممية والقومية ، آلية الزمر وتعني مجموعة أو مجاميع تتكون من عدد من الفئات المجتمعية تتفق سياسيا على إنكار البعث والنشور الأخروي ، إفرادها خليط من الديانات والاعتقادات والأديان السياسية ، وسيق لا تعني كسوق الحيوانات والمواشي إنما هو سوق طوعي إجباري الى المصير الأخروي ، وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا ، زمرا مجموعة أو مجاميع حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها ، وعلى أبوابها تتوقف المجاميع للاستجواب ، وقال لهم خزنتها الم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا ، قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ، الكافرين قصدوا بها أنفسهم لأنهم كفروا بالبعث والنشور

وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ{71}

اعتراف صريح وواضح اقر به منكري البعث والنشور أمام خازني النار ، يعكس مدى استيعابهم للتحذير الأخروي الذي جاء به الرسل والأنبياء والكتب المنزلة ، غير ان الاستكبار حال بينهم وبين الحق، كان لتكفير الخطيئة والشفاعة الدنيوية دور كبير في إنكار البعث والنشور ، فالأديان السياسية والوثنية والاعتقادية تنسب شعائرها وطقوسها ومعاصيها وموبقاتها الى الله ، فمن ناحية الحريات الشخصية أيهما أفضل ممارسة الأهواء الرغبوية أم التهديد والوعيد أكيد ممارسة حرية الأهواء ، إذن لابد من صناعة ند لله يكون قريب منه كالولد ليحمل الخطيئة عن البشرية ، كالملائكة بنات الله والمسيح ابن الله ، وهنا يلعب دور الشيطان في استغلال الخطيئة لتشكيل حزبه السياسي ، ان التقوقع الفكري ولاعتقادي حول دوغمائية حمل الخطيئة بلور سيكولوجية الاستكبار قال الله ، قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ{72}

مجاميع أخرى من نفس فئات المجتمع المكي أمنت بالله واليوم الأخر

وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ{73} وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{74} وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{75}