أخبرني الخيميائيُّ: عن طيف التوحُّد Autism


فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن - العدد: 7448 - 2022 / 11 / 30 - 10:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

في الكلام عن "طيف التوحُّد"، هناك طريقان للحديث: حديث الأمّ، وحديث العِلم. أكتبُ هذا المقال أولا بقلم الأمّ: بصفتي أمًّا لصبيٍّ جميل متوحّد، هو هديةُ الله لي ولأسرتي. وثانيًا بقلم "العِلم": من زاوية "المعادن الثقيلة" التي تترسّب في جسم الطفل المتوحد Autistic فتتسبّب في تشويش تواصله الاجتماعي، وانعزاله.
هذا مقالي الثاني في سلسلة: “أخبرني الخيميائي" التي أنقلُ لكم فيها بعض ما أتعلمه من خبير الكيمياء الحيوية وتحليل المعادن د. “رامز سعد"، الذي ساعد ابني "عمر" بفضل الله تعالى، في الخروج إلى الحياة من "شرنقة الانعزال" التي تقوقع داخلها سنوات، وذلك بعد إجراء تحليل أنسجة الشعر لدى ابني واكتشاف وجود نسب عالية من المعادن السامّة مثل: "الزئبق، الرصاص، الألومنيوم"، وكذلك وجود نقص في نسب بعض المعادن الصحية مثل: “الزنك، النحاس، المنجنيز، الكالسيوم، السيلينيوم"، والعمل على ضبط الخلل بالطعام الصحي المضبوط.
في حديث "الأمّ" أقول لكم إنني أسعد الناس بابني "عمر" الذي أتعلمُ منه كل يوم درسًا جديدًا في: النظام والنظافة، الذائقة الفنية الرفيعة، التهذّب ورقّة التعامل، الزهد وعدم الأنانية، العدل واحترام حقوق الآخرين، الهدوء، التقشّف في الحديث، وغيرها من مئات الأشياء التي تحتاج إلى مجلدات لحصرها، وربما تظهر في كتاب قريب لي.
وأما حديث العِلم والمعادن، فسوف أحاول أن أقتطف بعض الأفكار القليلة، بقدر ما تسمح مساحةُ المقال، من خبرات أخصائي الكيمياء الحيوية والمعادن، المستشار العلمي لشركات الوقاية الصحية وتحليل الشعر بكندا: د. رامز سعد.
الاسم العلمي للمرض هو: “اضطراب طيف التوحد: Autistic Spectrum Disorder. وهو حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر سلبًا على قدرة الشخص على التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الناس. وهو "طيف" لأنه نسيج شاسع تتداخل فيه الأعراضُ، كما تتداخل أطيافُ الألوان في المنشور الزجاجي؛ فلا يتشابه طفلٌ متوحدٌ مع آخر. وللأسف تزدادُ نسبةُ الأطفال المتوحدين بشكل مخيف كل عام، حيث تقول الأبحاثُ إنه مع حلول ٢٠٣٠ ستكون نسبة الإصابة ٥٠٪ من أطفال أمريكا، وهذا أمر كارثي لا قّدره الله. تظهر أعراضُ "طيف التوحّد" في سنٍّ مبكرة (٣ سنوات) حيث تلاحظ الأمُّ أن الطفل يبدأ في الانطواء وتجنّب النظر في عيون الناس ولا يستجيب للنداء، وينفر من الصوت العالي والضوء المبهر، ومع الوقت يفقد المهاراتِ اللغويةَ التي اكتسبها بالفعل، وتبدأ صعوبات التعلم، وأحيانًا يكون عصبيًّا أو عدوانيًّا بسبب عدم قدرته على التعبير عن أفكاره بالكلام. يرفض الطفل المتوحد العناق، ويفضل اللعب بمفرده منسحبًا إلى عالمه الخاص. يعتمد كليًّا على نفسه ولا يبدأ الحديث إلا عند احتياجه لشيء ضروري ليس بوسعه فعله، ويتكلم بنبرة ميكانيكية آلية، ولا يفهم المجازات في التعبير، وغير قادر على التعبير عن مشاعره. "طيفُ التوحد" مرض مناعي بسبب التسمم بالمعادن الثقيلة ما يجعل الطفل غير قادر على هضم بعض العناصر مثل جلوتين القمح، وكازين الحليب، لهذا نستبدلها بخبز وحليب اللوز وجوز الهند. ولإدراك خطورة تسمم المعادن، دعوني أنقل لكم نتائج تجربة قام بها العلماءُ حين طعّموا بعض الخلايا بمادة الزئبق، وبعد مرور ٢٤ ساعة، وجدوا أن ثُلث الخلايا قد مات، ثم طعّموها بعنصر الألومنيوم، فمات نصفُ الخلايا خلال ٢٤ ساعة، ثم وضعوا هرمون "تستوستيرون" مع الزئبق والألمنيوم فماتت "جميع" الخلايا بعد ٢٤ ساعة. وهذا يفسرُ إصابة "الأولاد" بطيف التوحد بنسبة أعلى من إصابة "البنات"، لوجود هرمون الذكورة: "تستوستيرون". الزئبق السام يتسبب في ضبابية المخ؛ وموجود في أشياء كثيرة منها: أسماك التونة التي تتغذى على الأسماك الصغيرة التي تعتاش على المخلّفات البحرية، وكذلك بعض أدوات التجميل الرخيصة والوشم، وبعض حشوات الأسنان "الأمالجم" حيث تُذاب الفضة في الزئبق، وغيرها. وأخطر ما يصيبُ طفل التوحد هو النقص الشديد في مادة "الجلوتاثيون" Glutathione المضادة للأكسدة التي ينتجها الكبدُ والخلايا العصبية لبناء الأنسجة وإصلاح التالف منها والتخلص من السموم. ونقصها يسبب تدهور الجهاز المناعي. ويمكن تعويضها بتناول الخضروات والفاكهة واللحوم. كذلك الإصابة بفيروس "الروتا" الذي يسبب نقص المعادن المفيدة وضرب جزئيات ATP المسؤولة عن تخزين الطاقة، وانهيار عملية تصنيع إنزيمات المخ التي تساعد على الكلام. وللحديث بقية دائمًا.
هنا أعود للحديث كأمٍّ لصبيٍّ متوحد موهوب ورائع أتيهُ به فرحًا وفخرًا، وأقول لجميع الأمهات اللواتي رزقهن الله بهذه العصافير الجميلة: أنتن محظوظاتٌ بهدية الحياة لكنَّ، وأنصحكن بعمل تحليل أنسجة الشعر، لمعرفة نسب المعادن السامة والمعادن الطبيعية، ثم ضبط ميزانها بالتغذية السليمة لمساعدة أطفالكن على الحياة بشكل أفضل والخروج من شرنقة طيف التوحّد المنعزلة، بإذن الله.
***