مقامات الهوش في وسط الحوش ح2


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 7445 - 2022 / 11 / 27 - 02:06
المحور: الادب والفن     

4
يقال والعهدة على الراوي أن الملك العراقي القديم حمورابي المعظم الذي حكم العراق والعالم القديم من أطراف طويريج التي هي قريبا من بابل، قد تتلمذ على يد سيدنا ومولانا بديع الزمان المفوه وشيخ الرهبان المشوه وحكيم الفلتان المنضبط، والباز الأنزع والصقر الأقرع إبراهيم الجعفري، المعروف بالفيلسوف "البايع ومخلص" والأجر على الله.
وأن ما سطره حمورابي في مسلته المشهورة كان نتيجة الدروس الحوزوية التي كان يتلقاها من لدن علماء فطاحل غلبوا الناس بمراحل وتكلموا باسم حلال المشاكل، فأخترعوا للحسن بنات في كل بقاع الأرض وللكاظم أولاد أكثر مما يمكن لفرد أن ينجب، كان الدرس وقوفا وجلوسا وأنبطاحا وزحفا وفي كل الوضعيات التي عرفتها السيدة الجليلة مايا خليفة، مرة في حوزة البستان في العباسية الشرقية عبى يد آية الله الكلش تعبان إبمراهيموفتش جعفريوف كشمريان، ومرة على يد مختار العصر والزمان في جامعة جناجة للعلوم ما فوق الصخيلية والحرومستان، لذا فتاريخ العراق يشهد أن الحضارة بدأت وشعت منذ تأسيس حزب العاعة على يد رجال القناعة والإيمان والتقوى ماسونية الإسلام السياسي... أبشروا وتباشروا وباهوا العالم بأننا على الدرب سائرون ودمتم للنضال من أجل تحريم وفصل البامية عن الباذنجان.
5
أخبرنا بعض المؤمنين الثقات عن بعض أصحابهم في أرض الشتات أن نبيا من الزمن القديم قد رعى بمعزة وشاة وحمار صغير وكلب من فصيلة ساحبي الزحافات الجليدية في الأسكيمو القصية، وقد كان هذا النبي من أصحاب الهمة وعظيم المنة يأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع فخور بوحدته غير مبال بالقدر لأنه يعلم علم اليقين أن الدهر يومان، يوم لك فوق التراب وبوم عليك تحت الثرى، المهم أن هؤلاء المؤمنون يحسدون هذا النبي على قوة إيمانه وإخلاصه مع شدة زمانه وإفلاس جيبه وخلو جوزدانه.
يقول هؤلاء الثقات أن هذا النبي من حب الله له أنه أصيب بالجرب مرة وأصيب بالإيدز مرة وبالكرونا مرة، وأخيرا فقد النطق وأصابه العمى فلم يعد يسمع ولا يرى ولا يتكلم حتى بالإشارة، وبقي صابرا يشكر الله صباحا ومساء على نعمة البلاء وثواب المصابرة والأمل في جنة نعيم، ومن ألطف ما روي عن هذا النبي العظيم أنه قال مرة وقد عيره ملحدا بما أصابه وقال دعني أذهب بك إلى المستشفى الأمريكي حيث يعجز الطب أن يعجز عن معالجتك والحساب علي ولا تخف، قال له النبي أما العلاج فيكفيني دعاء أعود كما كنت شابا في ريعان الصبا وهو أمر علي سهل يسير، وأما المال فقادر عليه إن رددت سرا مع نفسي وردا يجلب لي المال من المشرق والمغرب دون حساب، ولكني أيها الملحد بالأسباب الخفية رضائي بحالي رضاء بقضاء الله وقدره، فأفهم السر مني أيها المفتون من كلام سري جدا وشخصي ومكنون...
وروي البعض زيادة على هذا الحديث ويقال أنه وجد في كتاب مطبوع على الألة الكاتبة يعود لخمسة ألاف سنه قبل ميلاد سيدنا آدم، أنه حلم ذلك النبي في تلك الليلة وكأنه طير ملون يرفرف بجناحية غي وسط جنة الله الكبرى، التي هي شبيه تماما بريف سويسرا الأخاذ، وفد برئ تماما من كل مرض وعرض، بينما هو فرح مستبشر بوعد الله له وشفاءه، سمع صوت ذئب يحاصره في كهفه المنعزل، ولم يستطيع أن يفعل شيئا لأنه تحول سريعا إلى وجبة غير لذيذة لذلك الذئب الجائع الذي لا يعرف الله ولا رسوله.
6
يقول أجدادنا البابليون العراقيون القدامى وبالمناسبة أن كلمة بابل لم اشتف من نحت كلمتي باب و إيل لتكون بوابة الإله كما هو شائع، بل هب كلمة مدمجة من باب وبل ملاك الحكمة والعدل والقانون والمعرفة في ديانة العراقيين القدماء، فبابل تعني باب الحكمة وليس بوابة الإله.
البابليون قدموا حكاية الخليقة كما عرفوها قبل غيرهم من شعوب العالم المتحضر والمتخلف المؤمنة المتدينة والكافرة الجاحدة، فقالوا أن الله لم يخلق آدم واحد ليستعمر الأرض بل خلق سبعة منهم كل له مواصفات وطبيعة وتكييف مختلف طبقا للرؤية الربانية التي أخبر الله بها ملائكته وعماله، بأني جاعل في الأرض خليفة، وأنزلهم الأرض ليكون في محل أختبار وأختيار وهم كل من (أداپا Adapa أو آدم (الإنسان الأول)، أُوّن دوگا Uan-dugga، و أن ـ مي ـ ديوگا En-me-duga، و أن ـ مي ـ گالانّا En-me-galanna، و أن ـ مي ـ بيلوگا En-me-buluga، و أن ـ إنليلدا An-enlilda، و يوتو ـ أبزو Utu-abzu) ومن هؤلاء أصطفى الله آدم بعد أن نجح في الأختبار الوارد في الحكاية البابلية (في أحد الأيام ذهب أداپا بقاربه إلى مياه البحر(الخليج) ليصطاد السمك، وعندما كانت الريح الجنوبية قد هبّت بعاصفة قوية، انقلب قارب أداپا فجأة وألقى به في البحر، غضب أداپا غضباً شديداً، فكسر جناح الريح الجنوبية وبسبب ذلك لم تستطع الريح الجنوبية من ان تهب لسبعة أيام متتالية) ، عندما سمع الإله الكبير أنا أو أنو بفعلة آدم غضب على أداپا بسبب فعلته الشنيعة تلك، فأرسل بطلبه للمثول أمامه وكان على أدابا ان يأخذ المشورة من إيا قبل لقائه "أنو" في مجلسه، السؤال من هو إيا؟ يقول المؤرخون وقراء الكتابات المسمارية ومؤرخو الدين القديم أنه إله الحكمة، الحقيقة ليس إيا إلا إبليس الذي شهد الخلق الأول للكائنات السبعة القديمة، فدبر أول مكيدة في الوجود بقناع ومبرر ديني وقدسي مخاطبا نوازع البشر الأولى وهي الخوف من الموت، فدلاه بغرور على حل (لكن إيا كان يخشى شيئاً واحداً، أن يقدّم " أنو" الطعام والشراب لأداپا، اللذان يمنحانه الحياة الأبدية (الخلود)، وكان عليه التأكد من ان أداپا سوف لا يقبل عرض ربّ السماء أبداً، و بشتّى السُبل) هذه أول خديعة مرت على الإنسان ومنها تناسلت كل الخدع وبشتى السبل) لينتهي الإنسان ضحية خدع الآلهة أو من ينتسبون لها، لم يخدعه حيوان ولم تخدعه الطبيعة ولم يخدعه أحد إلا رجال الآلهة، النهاية بدأت منذ البداية (الذي حصل مع أنو في مجلسه بحضور أداپا قد وضعه في حرج شديد، عندما رفض طعام وشراب الحياة الخالدة، بعد ذلك الموقف أعاد ربّ السماء أنو أداپا إلى الأرض، وفَرض عليه العيش حياته كبشر) .
الملاحظة الجميلة أن النص الديني الإبراهيمي يأت بفتات القصة ليرويها بجزئية دون أن يجرؤ أن يصارح الوجود أن البعض من ربع الله وجماعته مخادعين محتالين، بكنه ذكر بعضا مما روي عن أجدادنا البابليين (بيد ان إيا أوصاه أيضاً في ان يقبل الزيت المقدّس ليدهن جسده به، ويرتدي أي ملابس يمكن أن تُعرض عليه) وهي الصورة التي وردت مثلا في القرآن (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الأعراف (26) .